شهدت مدينة العاشر من رمضان خلال الأيام القليلة الماضية، حفل ختام أسبوع السلامة والصحة المهنية فى قطاع المواد الغذائية والمنسوجات والملابس الجاهزة، حيث تعد هذه المدينة قلعة صناعية تضم أكثر من 3000 مصنع، يعمل بها أكثر من نصف مليون عامل، و تأتى هذه الاحتفالات فى ظل موجة إضرابات تشهدها المدينة. «الأهالى» تجولت فى هذه القلعة الصناعية الضخمة، واخترقت أحد المصانع التى يعانى العمال بها من عدم تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية، وذلك فى نفس الأسبوع الذى خصصته الوزارة للاحتفال بهذا الصدد، وتحاورنا مع العمال الذين أكدوا لنا أنه لا يوجد لديهم شيء يسمى تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية. شو إعلامى أشار محمد سعفان وزير القوي العاملة خلال احتفالية ختام أسبوع الصحة والسلامة والمهنية بمنطقة العاشر من رمضان الصناعية، على أهمية قطاع السلامة والصحة المهنية، والدور الذي تلعبه من أجل توفير بيئة عمل آمنة وخالية من المخاطر لكل عامل، مشيرًا إلى أن نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية يتطلب تكاتف كل الأطراف للوصول للهدف المنشود لدعم الاقتصاد المصري، مؤكدًا الدور الرئيسي والمحوري لإتحاد المستثمرين واتحادات أصحاب الأعمال الذين يمثلون الداعم الرئيسي للاقتصاد المصري وخاصة فى الظروف الراهنة. وأعرب وزير القوى العاملة، عن تطلعه إلى مزيد من التعاون فى نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية للمجتمع بكل طوائفه، مشيرًا إلى أن ذلك لا يتحقق ذلك إلا من خلال إثبات قدر عال من الشعور بالمسئولية والجدية والرؤية الطموح بما يحقق الآمال الكبيرة التي نعلقها على مثل هذه الأسابيع والندوات باعتبارها مساهمة قيمة فى التعاون المثمر من أجل مستقبل أفضل. وتابع الوزير، إننا لا يمكن أن ننسى أو نتناسى الدور الذي تلعبه السلامة والصحة المهنية فى زيادة الإنتاجية وتأثيرها المباشر على الناتج القومي، فكلنا شركاء فى المسئولية من أجل تطبيق معايير واشتراطات السلامة والصحة المهنية بكل مكان وكل منشأة من أجل خفض معدلات الإصابة بالأمراض المهنية وإصابات العمل، وخاصة فى المهن ذات الخطورة العالية،والذي يتولد عنها أخطار جسيمة،وهو ما يتطلب ضرورة إدخال تحسينات فى الأداء فى نظم السلامة والصحة المهنية بها، مؤكدًا حرص الوزارة على توافر بيئة عمل آمنة خالية من المخاطر المختلفة. وأضاف أن الوزارة تسعى إلى تحسين أداء خدمات الصحة المهنية، وتعميمها، وخفض معدلات الإصابات والأمراض المهنية المرتبطة بالعمل، حيث تعمل الوزارة على نشر وتعزيز وتعميق ثقافة السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل،وتضمين خدمات السلامة والصحة المهنية فى إدارة المشروعات التنموية والأنشطة الاقتصادية الجديدة. وأكد وزير القوى العاملة، أن دورنا ليس رقابيًا فقط لاكتشاف المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المنشآت المخالفة، ولكن دورنا أيضا هو رفع الوعي الوقائي بمقتضيات السلامة والصحة المهنية للعمال من خلال الندوات والملتقيات وأسابيع السلامة والصحة المهنية. حقيقة مؤلمة ولكن هذه التصريحات والاحتفاليات كان يقابلها على الجانب الأخر فى نفس المدينة عدة احتجاجات عمالية بمصانع مختلفة للمطالبة بمستحقات مالية متاخرة، وتطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية وزيادة بدل العدوى والمخاطر للعمال. فقد ذهبنا إلى أحد المصانع المضربة عن العمل وهو مصنع «فارسينا» للسراميك، وتمكنا من الدخول إليه والتجول بالمصنع لرؤية الأوضاع المؤسفة وبيئة العمل التى لا تصلح مطلقًا للعمل بها وتحاورنا مع العمال. بداية.. كانت الأتربة الناتجة من المواد الخام المستخدمة فى تصنيع السراميك تملأ جنبات المصنع حيث إنها تُشكل صورة ضبابية للموقع أكمل، وكانت الصدمة فى ذلك أن العمال يعملون وسط هذه الأتربة دون أن تصرف لهم الشركة "كمامات" لمنع استنشاق هذا الغبار أو سوائل تخفف من أضرارها والمتعارف عليها فى بيئة العمل هذه أنه يجب تناولها مثل "الحليب"، وهذا ما وضحه لنا العمال والذى أكد لنا أحدهم أنه أصيب بالتحجر الرئوى بسبب ذلك الإهمال. وتحدث العمال عن إصابات العمل المتكررة بسبب التعامل المباشر مع الآلات، حيث شاهدنا العديد من الإصابات بينهم، وأكدوا لنا أن الطبيب الذى تعاقدت إدارة المصنع معه لا يأتى إلا يوما واحدًا كل أسبوع، والعمال لا يعتمدون عليه إلا للحصول على الإجازات الطبية فقط، وأثناء تجولنا بالمصنع تم مشاهدة خزان مياه صغير مخصص لكى يشرب العمال منه، وعند سؤالنا عن مصدر هذه المياه، كانت كارئة أخرى حيث يتم ملء هذا الخزان من حوض ملئ بالشوائب مخصص للاستخدام كمرحلة فى تصنيع السيراميك، وذلك نظرًا لأن فلتر المياه المخصص لكى يشرب منه العمال معطل ولم تقم الإدارة بإصلاحه. وحالة أخرى أشتكى منها العمال ل "الأهالى" هو عدم وجود أوناش لنقل السيراميك الذى تم تصنيعه بالفعل ولكن وفرت لهم إدارة المصنع آلة للجر يدويًا، وقال لنا العمال إن الوحدة التى يجرها العامل تتعدى وزنها "الطن"، الأمر الذى أدى إلى اصابات عديدة للعمال بالانزلاق الغضروفى وجروح بالقدم. قصور بالمفتشين وقال أشرف الدوكار، رئيس اتحاد عمال العاشر من رمضان، أن هذه المنطقة الصناعية الكبرى تشهد قصورًا كبيرًا فيما يخص الصحة والسلامة المهنية، موضحًا أن عدد الموظفين المكلفين بالتفتيش على المصانع قليل جدًا ولا يكفى لمدينة بحجم العاشر من رمضان، وأنه على الرغم من الاحتفالية التى اقيمت مؤخرًا للاحتفال بأسبوع الصحة والسلامة المهنية إلا أن هذا الملف الحيوى ليس على رأس اهتمامات وزارة القوى العاملة "على حد قوله"، مشيرًا إلى أن 4 مفتشين فقط هو عدد قليل جدًا لمدينة تحتوى على أكثر من 3000 مصنع، قائلا إنه يجب إعادة النظر فى هذه القضية مرة أخرى والعمل على تدعيمها، لحماية العمال من المخاطر. وأكد الدوكار، أنه حريص على التواصل مع كل عمال الشركات واللجان النقابية والوقوف بجانبهم للحصول على حقوقهم دون المتاجرة بها، أو الاستفادة من ورائها، لأن أبسط حق للعامل هو أن يجد جهة تقف بجواره وتدعمه بقوه للحصول على حقوقه المشروعة طبقا للقانون، وأن هناك الكثير من أصحاب الأعمال والشركات تتفهم الوضع ولا تؤجل الحلول. ولفت رئيس اتحاد عمال العاشر، إلى أن هناك أيادى خفية تقوم بتحريض العمال على الأضراب فى الفترة الحالية منتهزين الظروف الحالية التى تمر بها البلاد من زيادة أسعار السلع والخدمات. الإجور كانت السبب الرئيسي فى ارتفاع وتيرة الاضرابات بالمدينة فى الأيام القليلة الماضية هو تأخر الشركات فى صرف أجور العاملين، ونجحت المفاوضة الجماعية التى يقوم بها مكتب العمل بالمدينة الصناعية الكبرى فى التوصل لاتفاق بين العمال وإدارة المصانع حيث تم فض إضراب 630 عاملا "سيراميكا فارسينا" والتى قامت "الأهالى" بدخولها والتحدث مع العمال، وانتظم العاملون فى العمل، بعد التفاوض على مطالب العاملين مع الإدارة وديا، وقد تم الاتفاق مع إدارة الشركة على صرف 300 منحة لرمضان وعيد الفطر، وصرف 1400 جنيه كأرباح لكل عامل على دفعتين الأولي فى 15 أكتوبر، و15 نوفمبر القادمين، فضلا عن صرف منحة المدارس وعيد الأضحي بواقع 300 جنيه، وذلك بتوجيهات من وزير القوى العاملة لمديرية القوى العاملة بالتفاوض وحل أزمة العمال. وتم ايضًا، فض إضراب 550 عاملا بشركة إسبريا مصر للكيماويات بمدينة العاشر من رمضان، وانتظم العمال فى العمل بعد توقف دام يومين، بعد التفاوض وديا بين إدارة الشركة وممثلين عن العمال، وكذلك تم الاتفاق على تحقيق المطالب المشروعة للعاملين، وضم علاوة 2011 على المرتب الأساسي مما يترتب عليه زيادة الحافز والإنتاج، فضلا عن الانتهاء من إعداد دراسة زيادة مكافأة نهاية الخدمة من خلال وثيقة التأمين التى تقدر ب 50 ألف جنيه لكل عامل، على أن تتم زيادتها من أول يناير القادم. كما الاتفاق على زيادة شريحة علاج العاملين من 4000 إلى 5000 جنيه، تصفية رصيد الإجازات كل ثلاث سنوات، وإنشاء نقابة للعاملين، وصرف قيمة ما يتحمله المرضى من علاج من الشركة، لحين تسويته من التأمينات، وذلك بخلاف 120 جنيها تصرف كل عامل شهريا كبدل وجبة، وحليب وجارٍ التفاوض على زيادتها.