يبدو أن مجتمعنا سيدخل معركة جديدة يمكن أن نطلق عليها "معركة النقاب" بعد قرار مجلس جامعة القاهرة برئاسة د. جابر نصَّار بمنع ارتداء النقاب أثناء إلقاء المحاضرات أو الدروس بقاعات ومعامل كليات الجامعة من قبل أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة. اتساقا مع قوانين تنظيم عمل الجامعات وما يراه مسئولوها لصالح التواصل بين طرفي العملية التعليمية وبما ينعكس بالفائدة والمصلحة لتنمية المنظومة التعليمية كاملة. فما كاد القرار يصدر للعمل به بداية من الشهر الجاري. حتي انطلقت الدعاوي القضائية سواء من بعض عضوات هيئة التدريس أو من رموز وقادة الدعوة السلفية الذين سارعوا بانتقاد بل الهجوم علي القرار. ولم يقف الأمر عند دعاة السلفية بل تعداه لأبنائهم حينما فوجئنا بأحد أبناء أولئك الدعاة يُهاجم القرار ومُصْدرِيه! وبعيدا عما تسبب فيه القرار من تداعيات ومهاترات. يبدو أنها مُرشَّحة للتزايد والاشتعال أكثر وأكثر ولن تُخمَد نارها في الوقت القريب. فأعتقد أن هذا القرار شأن داخلي خاص بتنظيم العمل الجامعي. فضلا عن كونه لا يدعو إلي رذيلة أو مخالفة شرعية حتي "تقوم الدنيا بسببه ولا تقعد". لأنه لم يتعرّض للحجاب مثلا أو الصلاة أو غيرهما من أركان الإسلام. والمفترض أننا نمر بمرحلة حرجة وظروف استثنائية تتطلب اتخاذ كل ما من شأنه إقرار الأمن والسلام وتجنّب تلك العناصر المُخَرِّبَة التي تريد للخراب والدمار وتعطيل المصالح أن يتفَشّوا في المجتمع لعرقلة مسيرته وخروجه من كبوته التي مازلنا نعانيها منذ عدة سنوات. وكأنها السنوات العجاف! وأعتقد أن بعض ضعاف الحُجَّة والبرهان سيتّخذون من هذا القرار سلاحا يدخلون به البرلمان المقبل. بادِّعاء أنهم المدافعون عن الدين وحماة مقدّساته ومظاهره. وسنجد حربا واضحة علي لافتات ومؤتمرات الدعاية الانتخابية. لكن الأمر لا يستدعي أيّا من هذه الدعايات الرخيصة. لأن مجتمعنا المصري مُتَديّن بطبعه ولا يقبل من يزايد عليه في تديّنه أو عقيدته وتمسّكه بدينه. والأهم أن أصحاب هذا القرار أو غيره من القرارات التي يسعي المُغْرِضون لتطويعها تبعا لأهوائهم. ليسوا بأقل تدينا أو وطنية ممن يتهجّمون عليهم. بل ربما يكونوا أكثر انتماء ووطنية وتديّنا علاوة علي المسئولية الملقاة علي عاتقهم واطّلاعهم علي الأمر من مختلف جوانبه. بخلاف من ينتقد أو يتصيّد وهو بعيد وغير مُطَّلِع ولا مسئول. فآفتنا التي اُبتلينا بها أننا أصبحنا جميعا خبراء في كل شئ. عالمين ببواطن الأمور أكثر من المسئول ذاته! وعودة إلي قرار منع الحجاب. فقد دار بيني وبين إحدي الزميلات حوار عن كيفية تعرّفها علي صديقتها المُنقّبة. فأجابتني: هي التي تتعرّف عليّ لأنهن عندما يكُنّ كثيرات يختلط عليها الأمر ولا تعرفهن من بعضهن! فإذا جاء المسئول عن عمل وأراد تنظمه بما يضمن سهولة ويُسر مُنشأته التي يديرها فلا أقل من مساعدته وليس وضعه تحت مقصلة الهجوم والانتقاد غير المُبرّر.. لعلَّ الرسالة تكون قد وصلت!