حالة من الجدل تحاول إيرانوتركيا إثارتها في تلك الأيام بسبب حادث مني الذي جرت أحداثه أول أيام عيد الأضحي المبارك وأسفر عن استشهاد مئات الحجاج إضافة إلي عدد كبير من المصابين وما سبقه من حادث سقوط الرافعة التي أودت بما يزيد علي المائة قتيل إضافة إلي عشرات الجرحي وهما الحادثتان اللتان جعلتا الإعلام الإيراني والتركي يسارع بإيعاز من مسئولي البلدين لمطالبة المملكة بالتنازل عن الإشراف علي المشاعر المقدسة بحيث تكون مسئولية الإشراف علي تلك الأماكن مسئولية منظمة التعاون الإسلامي أو باختصار كما يقول أذناب الإيرانيين والأتراك هنا وهناك أسلمة الحرمين الشريفين حيث يري هؤلاء أن المشاعر المقدسة في مكة والمدينة مسعودة الآن . والأمر الذي قد لا يعلمه الكثيرون أن رغبة إيران لوضع الإشراف علي الحرمين الشريفين في مكة والمدينة لمنظمة التعاون الإسلامي ليس هدفه حماية الحجيج والمعتمرين كما يزعمون والدليل أن المناطق التي يحج لها الشيعة في عدد من المدن الإيرانية والعراقية في قم وكربلاء وغيرها تتعرض سنويا لأحداث جسام ومن النادر أن يفوت موسم من مواسم الاحتفالات الشيعية دون سقوط مئات القتلي والاف الجرحي نتيجة عمليات عنف ورغم كل الإحتراز الذي توليه السلطات الإيرانية إلا أنها تعجز عن حماية الزوار الشيعة لتلك الأماكن في حين أننا لو عقدنا مقارنة بسيطة بين عدد ضحايا موسمي الحج والعمرة سنويا فلن تقارن بأعداد ضحايا من يحجون لقم التي يصفونها بالمقدسة وكربلاء المكان الذي قتل فيه الإمام الحسين - رضي الله عنه - ولا ننسي العملية التي شهدتها مدينة كربلاء ومن بعدها مدينة قم الإيرانية وأسفرت عن سقوط مئات القتلي والجرحي . الأمر الآخر الذي تسعي إيران بسببه لوضع مكة والمدينة تحت اشراف اسلامي دولي هو قيام المملكة العربية السعودية بمنع الحجاج الإيرانيين بشكل خاص والشيعة بشكل عام من القيام بطقوس مشابهة لما يقومون به في كربلاء من اللطم ورفع راية لبيك يا علي بدلا من لبيك اللهم لبيك وكذلك منعهم من الطقوس الجنائزية المرفوضة شرعا عند البقيع وعند الروضة النبوية المشرفة وهي طقوس يحاول شيعة إيران إحياءها في كل عام وتتصدي السلطات السعودية للامر بكل حسم ولهذا انتهز الإيرانيون علي ما يبدو حادث مني ومن قبله حادث الرافعة لوضع المملكة العربية السعودية في موقف حرج إما السماح لحجاج إيران بالإتيان بما يريدون من أفعال أو شن حملة إعلامية شرسة علي السلطات السعودية يساعدها في ذلك الإعلاميون العرب الذين تعودوا علي أن يحجوا لإيران بين الحين والآخر حيث تغدق عليهم بالعطايا في انتظار مثل تلك الفرصة لتوجيه نصلهم المسموم في قلب الأمة العربية لدرجة أن أحد هؤلاء كتب مقالا في صحيفة قومية عنونه بمرحلة أسلمة المقدسات في مكة والمدينة مطالبا المسلمين بالثورة ضد السعودية متهما إياها بمحو كل الآثار التاريخية التي يرغب الحجاج في زيارتها في مكة والمدينة في إشارة واضحة إلي الرغبة الشيعية لتقديس الأماكن علي حساب الدين . من جانبهم انتقد علماء الدين الدعوة التي يتبناها الإعلام الإيراني ومن وراءه القيادات الإيرانية وللأسف دخلت تركيا وبعض الكتاب المصريين علي الخط مؤخرا والهدف كما يقولون أسلمة الحرمين الشريفين ووضع الحرمين الشريفين في مكة والمدينة تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي وقال العلماء إن التاريخ الطويل لخدمة المملكة علي مر الزمان للحرمين الشريفين ولضيوف الرحمن يؤكد أنه لا توجد جهة في العالم مع احترامنا لها تستطيع أن تلبي خدمات الحجيج والمعتمرين كما تفعل المملكة العربية السعودية كما أن الدعوة الإيرانية هدفها سياسي وليس دينياً والهدف هو شق صف الأمة . شيخ الازهر من جانبه كان قد اجري منتصف الأسبوع الماضي اتصالًا هاتفيًا مع خادم الحرمين الشريفين ملك السعودية "سلمان بن عبد العزيز" لتأكيد رؤية الازهر في الدور الكبير الذي تلعبه المملكة في خدمة الحجاج حيث قال شيخ الأزهر إن "جهود المملكة في خدمة الحجيج لا تقبل المزايدة ولا ينكرها سوي جاحد". مضيفًا أن المغرضين يحاولون استغلال الحادث لإشعال الصراع الطائفي البغيض في إشارة للدعوات التي انطلقت من إيرانوتركيا خلال الأيام القليلة الماضية . من جانبه قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر أن المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا تبذل قصاري جهدها لإنجاح موسم الحج والتوسعات التي تشهدها المناطق المقدسة في مكة والمدينة خير شاهد علي ذلك . وأكد شومان رفض مؤسسة الأزهر للاتهامات المتسرعة. لافتا إلي أن "السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين تبذل سنويا قصاري جهدها. لإنجاح موسم الحج. وأي اتهام لها بالتقصير كلام غير مقبول. ويتنافي مع الحقيقة والواقع الذي يراه ملايين الحجاج كل عام والادعاء بالتقصير كلام غير مقبول ويتنافي مع الواقع الذي يراه الملايين في موسم الحج كل عام.. وغير جائز توجيه الاتهام للسعودية مطالبا الجميع بعدم التسرع في إصدار الأحكام قبل انتهاء التحقيقات. مؤكدا عدم جواز توجيه الاتهام للسعودية بأي حال من الأحوال و الأزهر يقف بجانب السعودية في هذا الاختبار الذي وقع أخيرا.. ويدعو جميع المسلمين ألا ينصتوا لأصحاب الأصوات الهدامة التي تتحين الفرص لاستغلال بعض الأحداث في غير صالح الأمة . وحرصت مشيخة الأزهر علي تسريب معلومات تؤكد رفض كل أعضاء هيئة كبار العلماء للدعوات التركية الإيرانية لتدويل الإشراف علي مناسك الحج وأضاف التقرير الذي سربه الأزهر أن أعضاء هيئة كبار العلماء شنوا هجوما شديدا علي الادعاءات الإيرانية في هذا الصدد. دعوات شيطانية الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر يؤكد أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يقدرون الدور المهم الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في خدمة المشاعر الإسلامية المقدسة وفي مقدمتها الحرمان الشريفان المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر المقدسة فما قدمته وتقدمه المملكة لخدمة الحرمين الشريفين والتيسير علي الحجيج والمعتمرين والزائرين لا يسع المنصف إنكاره أو التقليل منه ولقد كانت توسعة المسعي في المرحلة السابقة. وكذلك جسر الجمرات سبباً رئيسياً في التيسير علي الزائرين وكلهم يشهد لهذه الدولة بالفضل بعد الله في العمل علي راحة زوار بيت الله الحرام . وأشار باشا إلي أن الدعوات الإيرانية التركية هي دعوات شيطانية تكشف عن حجم المؤامرة التي يقودها هؤلاء ضد الإسلام والمسلمين فاليوم يطالبون بإشراف إسلامي وغدا يطالبون بإشراف دولي والغريب أنهم لم يتحركوا ويطالبوا بمثل هذا الإشراف علي القدس والمسجد الأقصي مقدساتنا التي تستباح ليل نهار ويغضون الطرف عن ذلك ويشنون هجومهم علي الدولة التي تقدم كل رعاية ممكنة للحجيج والمعتمرين وكل من يذهب للأراضي المقدسة ينبهر من حجم الإنجاز ومن حجم العطاء السعودي في خدمة مشاعرنا المقدسة . غرض سياسي من جانبه انتقد الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء پدعوة الإعلام الإيراني قائلا انها دعوة غرضها سياسي وهي دعوة مرفوضة جملة وتفصيلا والواضح أن العبث الإيراني مستمر هذه المرة يطال المقدسات الإسلامية التي من المفروض أن تظل بعيدا عن الخلافات والاطماع السياسية فلا يجب إدخالها طرفا في أي علاقات سياسية والمملكة حرصت منذ البداية علي تحييد المشاعر المقدسة فلا هي رفضت حج شخص أو عمرته لسبب سياسي والتاريخ يشهد بذلك فكثيرا ما كانت العلاقات السياسية متوترة بين المملكة ودولة هنا أو هناك ولم يحدث أن تم منع حجيج أو معتمري تلك الدولة وهو ما يؤكد أن المملكة تقدم الرعاية الكاملة للحجيج والمعتمرين ومن يخالف ذلك يكون ظالما للدور الكبير الذي تقوم به المملكة في هذا الإطار. وينهي واصل حديثه قائلا : التاريخ يؤكد لنا أن رعاية المملكة لم تكن مجرد رعاية بحكم ولايتها الشرعية عليها فقط. ولكنها رعاية من منطلق حب وعشق لهذا المكان. ويظهر ذلك واضحاً وجلياً في حجم هذه التوسعات من جانب. وكثرتها وسعي المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين وتلمس احتياجاتهم يؤكد ذلك دأبها الذي لا ينتهي لخدمة كل ما هو إسلامي .