نواصل حديثنا في تفنيد الشبهات التي يطلقها أعداء الإسلام ضد آيات الكتاب الكريم. فنقول وبالله التوفيق: الشبهة الثالثة: قالوا في سورة النساء آية 162: "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر" والصواب المقيمون. ونحن نقول لهم: إن الصواب هو ذكر الآية الكريمة. وذلك لأن القرآن الكريم هو عمدتنا في اللغة وحجتنا في البيان العربي. وهو هنا يعلمنا أنه إذا وجدت متعاطفات وأراد المتكلم أن يعني بأحدها مزيد عناية. فينبغي له أن يغير أسلوب العطف ليدل علي غرضه بنصه علي المدح. فمعني قوله تعالي: "والمقيمين الصلاة" وأمدح المقيمين الصلاة. ذلك لأن الصلاة قد اشتملت علي عمل القلب وهو الخشوع لله تعالي. وعمل الجوارح من ركوع وسجود ونحوهما من أمارات الخضوع. وعمل اللسان من نطق بالشهادتين وتلاوة كلام الله تعالي. وهي إذا أقيمت في وقتها علي وجهها فإنها تنهي فاعلها عن الفحشاء والمنكر. فكل ذلك من الأسباب التي تجعل للمقيمين الصلاة ميزة يمتازون بها. فلهذا جاء القرآن الكريم بنصب المقيمين. الشبهة الرابعة: وقالوا: إنه ورد في سورة المائدة آية 69: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصاري من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" والصواب الصابئين. ونحن نقول: ما الحيلة في جماعة لا غرض لهم إلا تضليل العقول بالجهل المبين. وإلا فهل يعلم أن واضعي اللغة العربية أنفسهم يستدلون بهذه الآية علي أوجه مختلفة تزيد عن تسع؟ وهل يظن أن الذين نقلوا هذا الاعتراض لم يطلعوا علي ذلك؟ إنني لا أظن ذلك. بل أقول: إنهم إما أن يكون قد اطلعوا ولم يفهموا شيئاً. أو فهموا ولكنهم يريدون التضليل. وكلاهما معيب لا يليق أن يصدر عن الذين يكتبون في فلسفة الأديان. ولولا أن المقام ليس مقام نحو وإعراب لذكرت أوجه الإعراب في الآية جميعاً. وللحديث بقية