نواصل حديثنا فنقول وبالله التوفيق: لقد دخل الصحابة في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي مصر وكانوا حكاماً ولم يكونوا مستضعفين وتجولوا في عرض البلاد وطولها وشمالها وجنوبها ورأوا معابد الفراعنة وتماثيلهم من مختلف الأشكال والأحجام ولكن ما سمعنا أن صحابياً من الصحابة الأجلاء كسر تمثالاً. لأنهم كانوا يعرفون أنها ترجمة لحضارة لا يجوز تحطيمها. وتمثال رمسيس شاهد علي ذلك من عشرات القرون. فلم نجد أحداً يلقي إليه بقربان. أو يتقرب إليه بشئ. هل نحن أدري من صحابة رسول الله الذين تعلموا منه ؟ كان الرسول قبل الهجرة إلي المدينة يطوف بالبيت الحرام والأصنام من حول الكعبة. كانت بالنسبة إلي غيره معبودة لكن لم تكن بالنسبة إليه ذات قيمة. ولم يمنع ذلك أنه رسول الله. وعندما هاجر إلي المدينة وبعد تغيير القبلة كان يصلي في اتجاه البيت الحرام والأصنام لا تزال حول الكعبة .. لماذا لم يكسرها الرسول كما كسرها أبوه إبراهيم عليه السلام. لقد كسر إبراهيم عليه السلام بعضها وترك بعضها فكان أن نتج عن ذلك أن عبدة الأصنام والأوثان قد استدركوا واستوعبوا أنها كانت هشة .. تصنع من طين. فكان أن جددوها ونحتوها من حجارة صلبة يصعب كسرها. لقد حسنوها وزينوها وراجت تجارتها . لقد جاء الرسول عليه الصلاة والسلام لينزع العلاقة الداخلية بين قلب المؤمن وهذه التماثيل فعلّم المسلمين أنه لا إله إلا الله فأدركوا أنها ليست آلهة فانتزعت هيبتها من قلوب المسلمين فماتت واقفة دون أن يمد الرسول يده الكريمة ليكسرها .. وعندما فتح الله عليه مكة دخل البيت الحرام وليس في يده فأس أو بلطة. بل قضيب صغير. دخل البيت الحرام ليتلو قول الحق سبحانه وتعالي : ¢وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ¢ وكان كلما أشار إلي تمثال انكفأ علي وجهه أو انقلب علي قفاه فلا يجد مسعفاً ولا منقذاً من أولئك الذين كانوا مع رسول الله. فكانوا يدحرجونه بأرجلهم حتي يخرجوه. كل هذا لأن الإسلام نزع العلاقة القلبية بين الإنسان والحجر.