نواصل حديثنا عن الناسخ والمنسوخ. فنقول وبالله التوفيق: هناك النسخ ببدل أو بدون بدل: اختلف العلماء في النسخ. هل لابد فيه من بدل. أو يجوز نسخه بلا بدل. والخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي. مرجعه الخلاف في المراد بالبدل. فالجمهور يفسرون البدل بالحكم الشرعي الناسخ للدليل السابق. والمخالفون لعلهم يقصدون بالبدل مطلق البدل. وهو يشمل البراءة الأصلية. وهو بدل أيضا. لأنه حاش لله تعالي أن يترك عباده سدي من غير تشريع حكيم. علي أن الناظر في أدلة الطرفين يجد أن المانع للنسخ بلا بدل قد استدل بأدلة شرعية. والمجوز لذلك قد استدل بالدليل العقلي. وهذا يجعلنا نحكم بأن المانع مراده أنه لم يقع شرعا النسخ بلا بدل. والمجوِّز يري أن ذلك جائز عقلا وإن كان غير واقع. وبذلك يكون النفي والإثبات لم يتواردا علي محل واحد. فارتفع النزاع بين الطرفين في هذه المسألة. نسخ الحكم ببدل أخف أو مساو أو أثقل النسخ يتنوع إلي ثلاثة أنواع: 1- النسخ إلي بدل أخف من المنسوخ. 2- النسخ إلي بدل مساو للمنسوخ. 3- النسخ إلي حكم أثقل من الحكم المنسوخ. مثال الأول: نسخ تحريم الأكل والشرب والجماع بعد النوم في ليل رمضان بإباحة ذلك. إذ قال سبحانه: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَي نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسى لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسى لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ" البقرة 187 وللحديث بقية.