بين الحين والحين تخرج علينا بعض الشخصيات التي تنادي بالغريب من الأقوال. والشاذ من الأفعال. ومن ذلك علي سبيل المثال: الدعوي من إحدي الكاتبات المصريات إلي انتساب الولد. ذكرا كان أم أنثي. إلي أمه أولا ثم إلي أبيه. مدعية أن ذلك من قبيل العرفان بالجميل للأم. والشكر علي صنيعها تجاه الابن أو الابنة وتكون النسبة هكذا- كما تدعي نوال السعداوي- صاحبة الفكرة: من اسمه محمد علي إبراهيم وأمه تسمي : زينب. علي سبيل المثال. يكون اسمه في شهادة الميلاد هو: محمد زينب علي إبراهيم! ولا شك أن هذا من قبيل الجنوح في الفكر والتطرف في الرأي والشذوذ في الثقافة الدينية .فانتساب الولد ذكرا كان أم أنثي يكون إلي أبيه لا إلي أمه. كما يقول بذلك صحيح الدين الإسلامي. والأدلة علي ذلك هي: 1- نسب الأسرة شرف لها ولابد أن يكون هذا الشرف لمن يملك زمام الأمور بها وبيده مقاليد أمورها. ولا شك أن الأب أولي وأحق بذلك من الأم لكونه يملك القوامة علي الزوجة وبالتالي علي الأولاد. فهو ربان سفينة الأسرة وصمام الأمان فيها. 2- النسب إلي الأم ليس من خصال البر التي فرضها الله علي عباده. ولا من سنن الخير التي سنها الرسول -صلي الله عليه وسلم- وهناك من خصال البر المشروعة الكثير والكثير وفيها من خصال البر بالأم ما فيها. 3- حينما جعل الإسلام نسبة الولد إلي الأب ولم يجعلها إلي الأم . لم يكن ذلك إجحافا بحقوق الأم في الأولاد. وإنما كان لأن أمور النساء في الإسلام مبنية علي الستر. ومعلوم أن اسم الإنسان يتداول في المحافل وفي المجالس فصان الإسلام اسم المرأة من أن يتداول بين الناس في محافلهم ومجالسهم. 4- البشرية كلها من آدم وحواء- عليهما السلام- ومع ذلك فإنه حينما يخاطب الله تعالي البشر فإنه يناديهم ب ¢يا بني آدم¢ وليس يا بني حواء. قال تعالي:¢يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد¢ آية 31 من سورة الأعراف. 5- لما جاء تحريم التبني في الإسلام قال تعالي:¢ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله¢ آية 5 من سورة الأحزاب. ولم يقل سبحانه : ادعوهم لأمهاتهم. 6- الإنسان يُدعي يوم القيامة باسمه واسم أبيه كما هو ثابت في السنة المطهرة. روي الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم: ¢إنكم تُدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم¢. وروي البخاري من حديث عبد الله بن عُمَر -رضي الله عنه-: أن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال: هذه غَدْرة فُلان ابن فلان. ولم يقل : فلان ابن فلانة. 7- حينما ينادي الله عيسي ابن مريم -عليه السلام- ب ¢يا عيسي ابن مريم¢ كما في قوله تعالي : ¢إذ قال الله يا عيسي ابن مريم اذكر نعمتي عليك¢آية 110 من سورة المائدة. إلي أمه ليكون ذلك إشارة إلي المعجزة المصاحبة لمولده- عليه السلام- لأنه ولد من أم بلا أب. 8- صحابة رسول الله-صلي الله عليه وسلم- زادوا علي المائة ألف صحابي. كما ذكر ذلك ابنُ كثير وأبُو زُرعة الرازي. وقد دَونت كتب التراجم مثل: أسد الغابة لابن الأثير . والاستيعاب لابن عبد البر. والإصابة لابن حجر العسقلاني لأكثر من عشرة آلاف منهم ومع ذلك لم يعرف من هؤلاء باسم أمه إلا قرابة العشرين ومنهم علي سبيل المثال: عبد الله ابن أم مكتوم : وأبوه عَمْر بِشر ابن الخصاصة : وأبوه معبد الحارث ابن الرضا: وأبوه مالك شَرْحَبيل ابن حَسَنة : وأبوه عبدالله يَعْلي ابن منبه : وأبوه أميّة. مع ملاحظة: أن هذه التسميات كانت في الجاهلية قبل الإسلام . ولكن أصحابها اشتهروا بها. وأن اعتراف الإسلام بها كان لشهرتها وليس علي حقيقة أنها نسب إلي الأم. وعلي ذلك يتضح جليا أن انتساب الولد : ذكرا كان أم أنثي هو في الإسلام إلي أبيه وليس إلي أمه. وأن دعوي انتساب الولد إلي أمه أولا ثم إلي أبيه وأن ذلك من باب البر بالأم ومعرفة جميلها دعوي باطلة لا سند لها من كتاب ولا سنة.