نعم لا توجد سورة في القرآن الكريم باسم السيدة خديجة رضي الله عنها.. أو السيدة عائشة رضي الله عنها.. ولكن هناك سورة كاملة باسم السيدة البتول الطاهرة مريم أم المسيح عليه السلام. القرآن العظيم لا يذكر أسماء النساء عادة فحينما تحدث عن آسية امرأة فرعون في قوله تعالي: "وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة.." وحينما أشار القرآن إلي امرأة العزيز لم يذكر اسمها صراحة ولكنه قال: "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه". ولكن السيدة البتول الطاهرة مريم كانت استثناء من هذه القاعدة حيث ذكرها الله عز وجل في القرآن العظيم أكثر من مرة وخصص لها سورة كاملة باسمها في القرآن العظيم.. آخر إرسال السماء إلي الأرض. والحقيقة أننا عندما نتأمل سورة "مريم" نجد أنه ذكر فيها أسماء انبياء عظام.. حيث ذكر فيها زكريا عليه السلام ويحيي عليه السلام وكذلك ذكر فيها عيسي وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسي وهارون وإسماعيل وإدريس وآدم ونوح عليهم جميعاً السلام ومع ذلك لم تسم السورة باسم واحد من هؤلاء العظماء ولكنها سميت باسم "مريم". انني كلما قرأت في سورة مريم أجد سؤالاً يطرح نفسه وهو لماذا لم تسم سورة مريم باسم "زكريا" خاصة انه لا يوجد في القرآن الكريم سورة باسم "زكريا" عليه السلام. يقول العلماء: ان زكريا عليه السلام حينما طلب من الله عز وجل ان يرزقه الولد كما قال تعالي: "فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا" وحينما أكد له الحق عز وجل بنفسه أنه سينجب ولداً "يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميا" لم يصدق زكريا نفسه بل طلب من ربه عز وجل آية أو علامة فقال: "رب اجعل لي آية"! أما السيدة البتول الطاهرة مريم فبرغم كونها أنثي وضعيفة العائل عليها حَصانىى إلي يوم القيامة إلا أنها لم تطلب من الله عز وجل آية بل حينما أكد لها الحق عز وجل انها ستنجب من غير أب وستلد من غير زوج لم تطلب من الله عز وجل آية ولكنها صدقت وآمنت ورضيت وصدق الله العظيم إذ يقول في حقها: "ومريم ابنة عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين" ولهذا كان طبيعياً ان تكون السورة باسم "مريم" وليس زكريا لأن مريم كانت النموذج الرائع للعطاء بلا حدود فقد تحملت ما لم يتحمله بشر. كما ان المفسرين يذكرون ان مريم لم تطلب آية لأنها رأت أيام كفالة زكريا عليه السلام لها آيات عديدة.. حيث يقول تعالي: "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب".. كما انها اصطفاها الله علي العالمين واصطفاها علي نساء العالمين فقال تعالي: "يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين". إن مريم عليها السلام عندنا في الإسلام وفي القرآن صديقة. مطهرة. اصطفاها الله علي سائر خلقه. كما انها كانت قانتة ومطيعة لربها. أما ولدها المسيح عليه السلام فهو في القرآن العظيم "وجيهاً" في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين".. وهو ايضاً عبدالله.. آتاه الله الكتاب وجعله نبياً وجعله مباركاً اينما كان كما أنه كان باراً بوالدته ولم يجعله الله جباراً شقياً.. اللهم ارزقنا محبة كل انبيائك ورسلك واحشرنا في زمرتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.