"أدونيس" رائد الحداثة الذي وضع في واجهة الأدب الحداثي. وصارت له شهرة داوية علي صعيد العالم العربي. ودوائر الاستشراق الأوربي وخاصة الفرنسي. واسمه "علي أحمد سعيد" السوري النصيري. غير أسمه فأطلق عليه "أنطوان سعادة" زعيم القوميين السوريين. ثم اشتق اسم الإله البابلي القديم وجعله اسم له "أدونيس". خرج من سوريا هارباً وعاش في لبنان واستقر به الأمر بباريس. ويعد المروج الأول لمذهب الحداثة في البلاد العربية. لذا هُيئت له كل الأسباب التي تجعله في مركز الصدارة. واسند إليه رئاسة تحرير مجلة "شعر" ثم مجلة "مواقف". وقد حمل "أدونيس" كل أفكار ومفاهيم "أنطوان سعادة" في كراهيته للعروبة والإسلام واحتقار الواقع المعاصر. والدعوة لإحياء تراث الفينيقيين القديم. يقول الأديب المصري رجاء النقاش: "وقد أدرك الاستعمار قيمة هذه الفكرة فوقف وراءها وساندها. لأنها جزء من الثورة المضادة للعروبة". فتخرج "أدونيس" متشبع بوهم الروح الفينيقية كارهاً العرب واللغة العربية. فكان يتبني كل ما يحي بابتعاده عن العرب والعروبة. فسمي نفسه "أدونيس". وفي أحد قصائده سمي نفسه "مهيار الدمشقي" لأن مهيار من أصل فارسي. فقال رجاء النقاش: "لقد أصبح واضحاً بعد مرور أكثر من ربع قرن أن قيادات حزب القوميين السوريين كانت متصلة من ناحية التمويل والتوجيه بالسلطات الاستعمارية الأجنبية. وكان الهدف من قيامه تمزيق الأمة العربية. وإعاقة أي تطور مادي أو فكري لها. وهكذا نجد إجابة عن السؤال الحائر: لماذا يعمل العلمانيون علي زحزحة الناس عن القيم الأصلية. وينقلون الناس من مفاهيمهم التي صنعها لهم الإسلام منذ أربعة عشر قرناً؟". وقال رجاء النقاش أيضاً: "كان أدونيس مضطرب المواقف الفكرية السياسية بين الوطنية المحلية والشيوعية. وبين الارتباط بالقوميين السوريين ثم بجماعة مجلة "الشعر". وكان الذين يهاجمونه يرون فيه منافقاً عريقاً وانتهازياً كبيراً". وليعلم الجميع أن هذا الرجل المدعو "أدونيس" والذي يسبح بحمده الملاحدة الغربيين أنه دعا إلي محاربة الله تعالي علناً وجاهر بها في رسالة الدكتوراه التي تقدم بها لجامعة "القديس يوسف" في لبنان بعنوان: "الثابت والمتحول"؟! وفي بلادنا من يعشق هذا الرجل ويقوم بنشر فكره بكل ما أوتوا من قوة. وأتوا به من مرقده الباريسي ليعلم المصريين كيفية تجديد الخطاب الديني!! ونحن لا نفتري الكذب علي أحد فهذا كلام أدونيس في افتتاحية مجلة "مواقف" العدد رقم "6" يصرح بها ويؤكد مرجعيته الشيوعية المركسية فقال: "ما نطمح إليه ونعمل له كثوريين عرب هو تأسيس عصر عربي جديد. ونعرف أن تأسيس عصر جديد يفترض بادئ ذي بدء: الانفصال كلياً عن الماضي. ونعرف أن نقطة البداية في هذا الانفصال هي النقد: أي نقد الموروث ونقد ما هو سائد وشائع. ولما كانت بنية الثقافة والحياة العربية السائدة تقوم في جوهرها بالدين. فإننا نفهم أبعاد ماركس من أن "نقد الدين شرط لكل نقد". وإذا فهمنا بالتالي أن الفقد عند ماركس ليس عقلياً تجريدياً بل عملياً. أي لا يقتصر النقد هنا علي كشف أو تعرية ما يحول دون تأسيس عصر عربي جديد. وإنما يتجاوز إلي إزالته تماماً. من هنا نستطيع أن نقول: إن النقد الثوري للموروثات العربية شرط لكل عمل ثوري عربي". واضح لكل للناس ما المقصود من الموروثات العربية هو "الدين الإسلامي" وحده. لأن الأمة العربية لا تملك ديناً رئيسياً غيره» فحوالي 95% من أبنائها يؤمنون به. وبالطبع هو لا يقصد النصرانية ولا اليهودية. لأنه في مجلة "مواقف" تعاطف مع النصرانية وحدها ولم يهاجم اليهود. بل هاجم الإسلام تحت عناوين كثيرة منها: "الثورة والوحي. وهل للدين منطقه الخاص؟ وهل الدين قابل للنقد الفلسفي؟ ومعني موت الله عند نيتشه. والتناقض في الوحي الإلهي وغيره" وهذا معني تعبيره إزالته تماماً. كم أنه أتاح لعدد من رجال الدين المسيحي أن يكتب في المجلة بكل حرية عن "عقيدة النصاري". إنه نفي الدين بل أسقطه من معادلة الوجود العربي. وهذا هو الهدف الأوحد للحداثة العربية المعاصرة التي يتزعمها "أدونيس". وهذا ما عبر عنه بقوله: "بالانفصال كلياً عن الماضي". إنه مقتنع تماماً بالعقيدة الماركسية كما يراها صُناعها فالنقد عنده هو الهدم. وإن تعجب فعجب أن الماركسية انهزمت في بلادها وانهارت الإمبراطورية الشيوعية في العالم وندد بقادة ومفكري الماركسية إلا عند الحداثيين الأدونيسيين. وإذا كان العالم كله قد استوعب الدرس من سقوط الماركسية. فإن الماركسيين العرب "الحداثيين" لم يستوعبوا الدرس حتي الآن. وظلوا علي ولائهم للماركسية تحت مظلة "الحداثة". ولم يكن ذلك من أجل الفقراء والكادحين ومحدود الدخل كما يدعون. ولكنه من أجل إزالة مملكة الوهم والغيب والتي يقصدون بها الإسلام!. وما هو تفسير عودة شبح "أدونيس" في معرض الكتاب هذا العام "والذي لم يدخل مصر منذ عام 2003م عندما حضر مؤتمر مستقبل الثقافة العربية"؟ وكرر علي مسامعنا ما قاله منذ ما يقرب من خمسين عام في بلد الأزهر الشريف شئ يتندي له الجبين أين حضور علمائنا الأزهريون الأجلاء بمعرض الكتاب. ولما السكوت علي هذه الترهات التي تشتت عقول الشباب. فلا نلومن إلا أنفسنا عندما ينتشر الإلحاد والإباحية والفساد في البلاد وبين العباد؟! والشبه قريب بما فعله الإخوان المسلمين بدعوة الشيخ القرضاوي ليخطب في الناس يوم الجمعة بمدان التحرير. فقام وزير الثقافة برد فعل مماثل فأحضر "أدونيس" ليخطب في الناس في معرض الكتاب. فهل أحد من الشباب الذي حشد لسماع "أدونيس" قرأ كتابه "مقدمة للشعر العربي"؟ وما قاله عن شعر أبي نواس الماجن؟ قال: "شعر أبو نواس مصابيح ... لذلك لا يخاف العقاب بل كان يفعل ما يؤدي فعله إلي العقاب. أبو نواس شاعر الخطيئة لأنه شاعر الحرية. ثم قال: أبو نواس فصل الشعر عن الأخلاق والدين. إنه الإنسان الذي لا يواجه الله بدين الجماعة. وإنما يواجهه بدينه هو". ويحاب اللغة العربية ويشتد في حربه فيقول: "إن تحرر اللغة من مقاييس نظامها البراني. والاستسلام لمدها الجواني. يتضمنان الاستسلام بلا حدود إلي العالم". وهذا مطابق لما قاله في معرض الكتاب هذا العام عن اللغة العربية قال الأستاذ حازم عبده في مقاله باللواء الإسلامي العدد 150 الصادر في 12/2/2015م: "لم تسلم لغة العرب من أدونيس فمال عليها وقال: إن اللغة العربية الآن أوصلتنا إلي ما يسمي بالتكفير والعنف وأصبح الذي يعارض في موقع المدافع والمتطرف في موقع الهجوم. والإرهاب لم يتوقف منذ تأسيس الدولة الإسلامية عن العنف". أما تطاوله علي ذات الله فكان سافر وواضح في كتابه "مقدمة للشعر العربي" حيث قال: "الله في التصور الإسلامي التقليدي نقطة ثابتة متعالية. منفصلة عن الإنسان. التصوف ذوب ثبات الألوهية. جعل حركة النفس في أغوارها. فأزال الحاجز بينه وبين الإنسان. وبهذا المعني قتله "أي الله" وأعطي الإنسان طاقاته. المتصوف يحيا في سكر يسكر بدوره العالم. وهذا السكر نابع من قدرته الكامنة علي أن يكون هو والله واحداً. لذا صارت المعجزة تتحرك بين يديه". هذا كاتب واحد من كُتاب الحداثة فما بالك بغيره من الكُتاب. وإني أري أن استعراض كتاباتهم جميعها ضرورية حتي يتعرف عليهم الشباب المغرمين بهم ويعرفون حقيقتهم. ونتعرف كيف نحمي تراثنا من الحداثة والحداثيين. وكما قال الأستاذ حازم عبده: "ما جاء أدونيس مصر بلد الأزهر قلعة الإسلام لتجديد لها دينها. إلا لأنه ظن أن الأزهر يغط في نوم عميق وقد دب فيه الوهن من كثرة الطعن فيه. ولن يجرؤ أحد علي معارضته في شطحاته وطعناته في الإسلام ولغته وأهله وثقافته. لأن من يعترض عليه تهمته جاهزة .... فأين أنت أيها الأزهر الصامت صمت أرض أخذت بريح صرصر عاتية؟".