توجيهات مهمة من وزير التعليم العالي للجامعات بشأن امتحانات نهاية العام    الدكتور خالد عامر نقيباً لأطباء أسنان الشرقية    وزارة التموين: خفض أسعار زيت الطعام 36% والألبان 20%    صندوق النقد الدولي: مصر ملتزمة باستكمال رفع الدعم عن الطاقة    توريد 14 ألف طن قمح لشون وصوامع بني سويف حتى الآن    باحث في الشئون الروسية: التصعيد العسكري الأوكراني سيقابل برد كبير    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    تشكيل فرانكفورت أمام بايرن ميونيخ.. عمر مرموش يقود الهجوم    نجما جنوب أفريقيا على أعتاب نادي الزمالك خلال الانتقالات الصيفية    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرض مخرجات ونواتج التعلم    ال دارك ويب أداة قتل طفل شبرا الخيمة.. أكبر سوق إجرامي يستهدف المراهقين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بعد 24 عاما على إصدارها.. مجلة rollingstone الأمريكية: "تملي معاك" ل عمرو دياب أفضل أغنية بالقرن ال21    ما حكم الحج عن الغير تبرعًا؟ .. الإفتاء تجيب    قافلة طبية مجانية لمدة يومين في مركز يوسف الصديق بالفيوم    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    وزيرة التضامن: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    وزير الري يشارك فى فعاليات "مؤتمر بغداد الدولى الرابع للمياه"    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عباس شومان: المنهج الأزهري كفيل بمواجهة التكفير بالفكر الوسطي
نشر في عقيدتي يوم 16 - 12 - 2014

طالب العلماء بتوحيد جهود المؤسسات والأفراد في المواجهة الفكرية للأفكار التكفيرية والمتطرفة. مشيرين إلي أن العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل والعلم والقضاء علي الفساد والاستبداد السياسي من اهم عناصر وأسس العلاج.
جاء ذلك في الجلسة المسائية الثانية من المحور الديني حيث وصف د. عباس شومان- وكيل الأزهر- المؤتمر بأنه يأتي في مرحلة بالغة الدقة وغاية الأهمية. ومن الجميل اهتمام المؤسسات المختلفة بالقضايا التي تهم الجميع. وألا يقتصر فقط علي جهات بعينها. فلاشك أن التطرف والإرهاب يشارك في همه الجميع وليس أحدا في مأمن من شره وخطره. لذا فالاهتمام بمواجهته يشغل بال العاملين في مجال الدعوة كما الصحافة والفن والرياضة. فالجميع يتأثر بالإرهاب. بل إن عجلة التنمية والإنتاج لن تتمكن من الدوران في ظل أجواء متوترة وليست آمنة.
واقع ملموس
أضاف د. شومان: نحن كأزهريين نلمس هذا جيدا. وخصوصا من خلال القوافل التي يُسيرها الأزهر إلي كافة بقاع الجمهورية. وكذا بيت العائلة المصرية تلك التجربة التي نباهي بها وتجمع علماء الأزهر والكنيسة. ورئاستها بالتناوب كل 6اشهر بين شيخ الأزهر والبابا. ومقره في المشيخة. بما يبين أهميته وتلاحم الأمة المصرية بنسيجها الواحد الذي يضم المسلم والمسيحي.
بل حتي في مجال النزاعات البسيطة مثل الثأر وغيرها نجدها تؤثر سلبا علي مجريات الحياة. فحادث بسيط كمقتل شخص- وإن كان هذا شرعا كمقتل أمة وهذه قضية أخري- يوقف الحياة في المنطقة بأسرها. فلا التلاميذ يذهبون إلي مدارسهم ولا العمال والفلاحون إلي أعمالهم وحقولهم. فما بالنا بهذه العمليات المجرمة الآثمة التي لا يقرها شرع ولا عقل ولا منطق ولا أصل لها في أي دين من الأديان السماوية ولا الوضعية؟!
لذا فإن ما نطلبه ليس بيان حكم الشرع من الإرهاب. ولم يكن من أهداف هذا المؤتمر ولا مؤتمر الأزهر الذي عقد مؤخرا فعل ذلك. وإنما المراد هو رفع الغطاء الديني عن الجماعات التي تمارس العنف. والكف عن إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام أو الأديان عموما. فهي من ذلك الإرهاب براء. وخاصة الإسلام الذي هو دين السلام الذي ينظر لأمثال هؤلاء علي انهم البُغاة والمفسدون في الأرض. وهذا ما ينطبق علي الإرهاب المعاصر. وقد وردت عقوبات لم ترد إلا في القرآن لأمثالهم في سورة المائدة قوله تعالي:¢ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يُقتلوا أو يُلصّبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض. ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم¢ المائدة 33. فهذه 4 عقوبات من أشد العقوبات خاصة الصلب التي لم ترد إلا في الإرهاب وكلنا رأيناه وأثره علي أرض الواقع. لذا وجب علي الجميع. أفراد ومؤسسات. مواجهته.
أشار د. شومان إلي أن الإرهاب نوعان. مُسلّح وهذا من السهل القضاء عليه أمنيا وبتعاون الناس. ولكن الثاني: الفكري وهو الأخطر والمتجذر والمتشعب ويتمدد في جسد الأمة كالسرطان.
وأن الأزهر وجامعته مظلومين إعلاميا. فالجامعة تصور علي ان الاقتراب منها يفضي الي التهلكة ولا يوجد بها إلا الإرهاب!. مع أن جسدها الأساسي صحيح والمحاضرات لم تتوقف يوما حتي يوم اشتعالها. كنت موجودا بها- والكلام علي لسان د. شومان- طوال اليوم والطلاب الحقيقيون تحملوا ما لم يتحمله غيرهم من البشر. أما ما يحدث من أفعال إجرامية فهو من أناس لا يقدرون مصلحة الوطن وممتلكاته.
الأزهر بخير
وأكد د. شومان أن الأزهر بخير وسيظل. وجامعته ومناهجه لا تخرج إرهابا ولا إرهابيين. واتهامه بذلك مقولات ظالمة وباطلة وللأسف الشديد تصدر أحيانا من بعض أبنائه. فالأزهر يُدرّس الإسلام الصحيح بوسطيته. وجهوده وقوافله تنشر الفكر الصحيح وتبصير الناس ويكشفون لهم أن هذه الأفعال الإرهابية لا تمت للإسلام بصلة. بل الأزهر يقاوم التطرف والإرهاب فيتطاول البعض ويصفه ب¢داعش¢! وهذا بسبب بيان للأزهر برفض فتوي أحد الضيوف الذي طالب الأزهر بموافقته رأيه في تكفير داعش. لأننا لا نملك إدخال أحد الإسلام أو إخراجه منه. فاتخذته إحدي الوسائل الإعلامية وعكسته بقولها: طالما أن الأزهر يرفض تكفير داعش إذن فالأزهر ¢داعشي¢! وهذا لا يصح أبدا.
وطالب د. شومان بالانشغال فيما يفيد الأمة. فما فائدة تكفير أحد أو أسلمته. في حين أن المطلوب حاليا هو التصدي للتطرف والإرهاب الوقوف مع الجيش والشرطة والدولة لاستئصال هذه الفئة الضالة حتي لو اضطررت لاستخدام القوة شريطة أن يكون غيرها غير كاف. فنحن نتفق مع أن كل من يمارس العنف المسلح يجب ردعه ولو أدي ذلك لقتله. فما الذي يعوزنا من تكفيره؟! إنهم خوارج العصر ويجب ردعهم واستئصال شأفتهم ولو أدي لقتلهم جميعا. ولا يقتصر هذا علي داعش وحدها بل كل تنظيم إجرامي يعتدي علي الناس.
وقدم د. شومان الشكر للدول الصديقة التي وقفت بجانب الإرادة المصرية في تقرير مصيرها. وخصوصا السعودية والإمارات والبحرين والأردن والكويت. ودعا الإعلام للانتقاد البناء للسلبيات الموجودة في الأزهر وإلقاء الضوء علي النقاط المضيئة ونشر الثقافة المفيدة للمجتمع.
خطيئة التنظيمات
وتحدث د. ناجح إبراهيم- المفكر السياسي مؤسس الجماعة الإسلامية- عن ¢ خطيئة التنظيمات والجماعات التكفيرية¢ مؤكدا أن التكفير والتفجير وجهان لعملة واحدة. فالتكفير يبدأ بالفكرة في تكفير الإنسان وهذا قتل معنوي للمسلم ولابد أن يستتبعه قتل مادي. فالخوارج مثلا لم تفكر فيما قدمه الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- للإسلام وكله يُكفر أعظم الذنوب. وقتلته بدم بارد.
واصفا التكفير بأنه اكبر لوثة عقلية أصابت العالم الإسلامي. مشيرا الي ان علاج الإرهاب والتكفير لابد ان يبدأ أولا من علاج التفكير. فلم يعرف الفقه تعميم التكفير لأنه حكم يخص شخصا. وكما ان الإنسان يدخل في الإسلام باختياره يخرج أيضا باختياره. وكما قال الصالحون: إن الله لم يتعبدنا بتكفير الخلائق بل بهدايتهم. ففكر التكفير والتعميم ينشأ عنه تكفير النظام والجيش والمجتمع كله. وهذا تفكير بغيض. فكيف يجمع الكل في حكم واحد؟ والله تعالي يقول:¢ ليسوا سواء...¢ كيف تجتمع أسرة واحدة في حكم واحد؟!إذن فالتعميم بدعة لم يقل بها أحد من السلف أو الخلف. فكيف أقول: الجيش أو الشرطة أو المجتمع كله كافر؟!
ألقي د. ناجح باللوم علي الدولة التي لم تهتم بمعالجة الفكرة في حربها ومواجهتها للإرهاب والتطرف. فهناك أناس دخلوا السجون ولا يعرفون شيئا عن التكفير. فتعلموه داخل أسوار السجن. فمن يخر ساجدا أو يهلل ويكبر لمجرد سماعه إحراق مدرعة شرطة فهذا بداية للتكفير.
وفجّر د. ناجح مفاجأة من العيار الثقيل حينما قال: كاد فكر التكفير يموت إلا أن الصراعات السياسية التي تولدت مع ثورة 25 يناير جعلت منه عملاقا. فالأحقاد تولد التكفير. حيث لا يري المكفر خيرا في الناس. ومن قال:¢ هلك الناس¢ فهو أهلكهم. لأنه يري أي خلاف في الرأي كفرا وإيمانا. حزب الله وحزب الشيطان. مع أن السلف كانوا يقولون: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. لذا فالجماعة التكفيرية نجدها انشطارية. بمعني ان كل مرحلة تجدها تنقسم علي نفسها وتنشطر بين الكفر والإيمان والأشد كفرا وهكذا.
وإذا قلت لأمثال هؤلاء التكفيريين: الحديث النبوي الشريف يدل علي دخول الرجل الجنة لسقيه كلبا. قالوا: حتي ولو سقي ألف كلب أو إنسان فهو كافر لأنه يتخذ ذلك تقية!! وهذا لا يعلم سعة الله ورحمته بعباده. فقلبه لا يتسع لذلك.
التصوف العملي
وأشار د. ناجح إلي ان أحسن معالجة لهذا الفكر هي نشر فكر التصوف العلمي بحب العصر لا بغضه. فنحن لا نبغض العصر أو الكافر بل نبغض التصرف والكفر ذاته. فها هو الصحابي خالد بن الوليد- قبل إسلامه- كان سببا في مقتل كبار الصحابة ومنهم سيدنا حمزة عم الرسول. ومع ذلك بعث له رسول الله رسالة يرغبه في الإسلام. ولم يتوعده أو يهدده بالثأر.
وربط د. ناجح بين فكر التكفير وحياة البداوة لما فيها من قسوة وغلظة. لذلك نجده ينتشر في سيناء أكثر. وقد انقشع عنها عام 2005 مع بدء المراجعات لكنها لم تُعمّر فعاد إليها وللأسف لم نقدم شيئا للإنسان السيناوي الذي خُيّر بين أن يكون تاجر مخدرات أو- في احسن الأحوال- تكفيري! في حين أن إسرائيل حينما كانت تحتل سيناء حولتها إلي مصدر للمنتجات والفواكه!
ويشير د. ناجح إلي أن من بدع التكفيريين أيضا قولهم: هذا عالم سلطان وخلافه. في حين أننا مأمورون باتباع من يقول الحق ولو كان علي غير ملتنا أو ظالما. وعلماؤنا السابقون طوال التاريخ لم يكن بينهم والحكام صدام أو صراع سياسي لذلك نجد علم عبد الله بن عباس بقي في ظل العهد الأموي. لأنه كلما كان هناك صراع سياسي ضاع الدين. وكلما أرادت الدولة أو الجماعة جمع الدعوة مع السياسة أضاعت الدين. وقد نظرت منذ 10 سنوات لهذه النتيجة في تاريخنا. فالله لم يجمع النبوة والخلافة لأحد بعد رسول الله. وظل العلويون يصارعون لاقتناص الحكم والعباسيون يهزموهم. وكما رُفعت شعارات "يا لا ثارات الحسين" تكررت "يا لا ثارات رابعة"!
وخلص د. ناجح إبراهيم إلي نتيجة مفادها: أن الحركات الإسلامية لن يجمع لها الله السلطة مع الدعوة. وأن الدعوة أعظم من السلطة. متسائلا: هل يذكر أحد من الخلفاء كما يذكر مالك أو أبو حنيفة؟! للأسف نطوق إلي الكرسي وهو لا يغير شيئا بينما الداعية هو الذي يُغير. نريد تعظيم قيمة الدعوة. لأنه كلما أرادت الحركات الإسلامية السلطة مع الدعوة ضاعت الدعوة. وأن هناك محاور أساسية في العلاج تتمثل في أن المواجهة لا تكون الفكر بالفكر وإنما بإقرار العدالة الاجتماعية ومحاربة التوريث والفساد والرشوة. فقمة العدل السياسي والاجتماعي في عهد عمر بن عبد العزيز أدي إلي المواجهة والعلاج بدون سلاح.
كذلك من النتائج التي توصل إليها د. ناجح: ضرورة التخلق بعدم السماح لوجود شتائم وسباب للبخاري وأبي حنيفة وغيرهما. مشيرا الي أن البخاري بالذات لا يفلح من يتطاول عليه. وهم يقصدونه تحديدا للطعن فيما بعد علي السنة النبوية والنيل من النبي بطرق ملتوية. وما أراد احد ذلك إلا هلك في الدنيا قبل الآخرة.
مؤكدا أن مواجهة التكفير لن تكون ب¢جَرِّة¢ قلم بل بالاستقامة علي أمر الله حكاما ومحكومين. وستتوقف كل الجرائم حينما يتصالح الفرقاء السياسيون ويجلسون معا. فحين يتحقق الهدوء والاستقرار والعدل ووصول الحق لأصحابه في المجتمع سينقشع الفكر التكفيري. ونحن أمامنا فرصة للإصلاح في كل شئ. وكل يكمل بعضه.
أزمة فكر
واستعرض د. محمد الشحات الجندي- عضو مجمع البحوث. الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية- سبل ¢المواجهة الفكرية للإرهاب¢ مشيرا الي أنه حتي الآن لم تأخذ المواجهة الفكرية حقها مع أن الأفكار دائما تسبق الأفعال. مما يجعلنا أمام أزمة فكر وممارسة فكر جاهلي وبداوة وقسوة وغلظة تسيطر علي المشهد العام الذي يجعل الأعداء- بكل المقاييس- سعداء بما نعانيه من خلل وتوترات وبأيدينا وهو المطلوب عندهم. مشيرا الي ان التنظيمات المسلحة ينطبق عليها الحق عن بني اليهود¢ يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين¢. متسائلا في استنكار: هل نجاهد بعضنا بعضا؟ ونخرب الأوطان ونقتل أهلنا ونسبي النساء وتهجير الأبناء؟! ونصف بعضن بالكفر الذي لم يقل به أحد إلا من خرج عن الأمة. والإسلام منها براء. بل يصدرون إلينا إسلاما جديدا لم نعهده من قبل.
وحذر د. الجندي من أن استمرار الخلل ينذر بحرب عالمية ثالثة بيد المسلمين لمواجهة الإسلام! مشيرا الي أن فكر التطرف هو السبب الرئيسي الذي أدي بنا الي كل هذه المظاهر السلبية التي نعانيها نتيجة الخصومة مع المخالفين وعدم قبول الحوار ناهيك عن غياب مراعاة أدب الحوار ذاته واحتكار تفسير النصوص علي هذه الفئة وكأنهم رسول الله بعد خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام! وبالتالي سيكون إعلان الحرب علي الأمة والعالم الإسلامي.
أرجع د. الجندي ظهور التطرف والإرهاب الي أسباب دينية. فلا شك أن فوضي الفتاوي من غير المؤهلين والمتخصصين. والتي ينبغي أن تصدر من عالم فقيه تتوافر فيه شروط المجتهد أو المفتي المبلغ عن الله. وقد فوجئنا بمن يقرأ كتابا أو تزعم مجموعة أو جماعة أصبح يقدم فكره لهم وما عليهم إلا السمع والطاعة بلا مناقشة. فهي من شيخ التنظيم. وهذه كارثة. فكيف أقدم علم الإسلام والقرآن وأستبد فيه وبه فكريا وإفتائيا ونقول: هذا حكم الشرع أو الإسلام. مع ان الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- قال: القرآن حمّال أوجه؟!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد. بل من يرفض فكري أقتله بدعوي الجهاد في سبيل الله! إنها أفكار عدوانية شيطانية. في حين أن الله تعالي وصف نبيه صلي الله عليه وسلم بقوله:¢ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين¢ وهو نفسه عليه الصلاة والسلام يقول:¢ إما بعتث لأتمم مكارم الأخلاق¢.. فمن يقول غير ذلك من المتطرفين إنما يعني وجود خطاب ديني متطرف. فهم دعاة الفتنة وإن حملت أسماء إسلامية. فداعش بكل سوءاتها هي نتيجة الفكر الهدام.
كذلك من اسباب التطرف. الاستبداد السياسي الذي عاشته المنطقة العربية. فلم يخرج هذا التطرف فجأة أو لأن المؤسسة الدينية لم تقم بدورها. وعلينا أن نسأل أنفسنا: هل حصلت المؤسسة الدينية علي كل متطلباتها وما تريد للقيام بدورها؟ الإجابة بالتأكيد لا. فالاستبداد السياسي الذي استمر عقودا طويلة وما نتج عنه من زبانية السجون وكيف كانوا يعاملون المساجين. فهذا مما لا يقبله أحد من ممارسة أنواع العذاب المهين والطرق الوحشية. فخرج هؤلاء ولديهم ثأر مع الأنظمة فكفروها وشعوبها.
وكذلك هناك أسباب اقتصادية. فلا نستطيع أن نلوم الشباب ونتهمهم بأنهم ليسوا علي مستوي فهم مصلحة الوطن. وهم يعانون البؤس والشقاء من الواسطة والمحسوبية والرشوة والتوريث والبطالة. فإذا ما استطعنا توفير الحاجات الضرورية والأعمال للناس نجفف منابع الإرهاب لأن الناس لا يطلبون غير ¢الستر¢. وأيضا علينا معالجة ثقافة القعود عن العمل والإنتاج والتوسل بالانتهازية والنصب حتي يصل الي قمة السلم الاجتماعي في حين يظل الآخر في مكانه فلا يجد عملا ولا يسد جوعه وحاجته مما ادي إلي غياب العدالة الاجتماعية.
أضف إلي ذلك دور وسائل الإعلام. فللأسف الشديد نجد إعلام المتطرفين أكثر تأثيرا وأقوي في استقطاب الشباب بما يقدمه لهم من الوعد بالجنة والفردوس والحور العين حتي أن 25 ألفا منهم انضموا لهم! فأين إعلامنا؟ لماذا نتحاور مع أنفسنا ولا نتواصل مع الآخر لتقديم الصورة الصحيحة؟ فيجب أن نواجه الفكر بالفكر مع الرد وتفنيد مزاعمه.
وهناك أيضا الخلل الاجتماعي والمتمثل في فئة¢ المعذبون في الأرض¢ وهذا ينطبق علي شعوبنا العربية- باستثناء دول الخليج- التي تتضور جوعا ولا تحصل علي حاجاتها الضرورية ويأكلون من صناديق القمامة.
تعاون السلطات
من جانبه أشاد د. حذيفة المسير- الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- بتعاون السلطة التنفيذية والإعلامية في مواجهة مثل هذه القضايا. مشيرا الي ان التطرف والإرهاب ليس لصيقا بالإسلام بل هو وليد التعصب الأعمي أيا كان جنسه أو عقيدته أو موطنه. فالتاريخ يشير الي الحملات الصليبية ومحاكم التفتيش والحروب العنصرية في الهوتو والتوستي وإيتا الانفصالية. وبالتالي فهو ليس ابنا ولا مرادفا للإسلام. ولسنا مطالبين بأن نضع أنفسنا في حيز الدفاع. ولا يصح أن يستخدم الحق للوصول للباطل. ومن هنا نجد الهجمة علي الأزهر والتعليم الديني والزعم بأن الجهاد الإسلامي إرهاب. فالأزهر هو حصن الأمة ضد أي تطرف وما كان يوما سببا للتطرف وإنما بُعد الناس عن الدين هو السبب.
يستدرك د. المسير: يجب عدم التهويل في عدد المتطرفين والتنظيمات الإرهابية. فمهما وصل عددهم فلا يُذكرون في أمة تتجاوز المليار والثلث. صحيح أن تأثيرهم خطير في الأمة لكن لا يقاس بعدد وتأثير الأغلبية الصالحة. فالإمام علي- كرم الله وجهه- حارب الخوارج في نهاوند وكان معه 60 ألفا وأولئك 4 آلاف.
أكد د. المسير أن مهمة العلماء ليست إصلاح الأمة بل إرشادها الي طريق الصواب. فالإصلاح إرادة أمة ومجتمع وليس إرادة عالم. وكذا الوصول الي الحق هو إرادة أمة ومجتمع. وكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما معناه: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا بل بقبض العلماء. فما الذي يترتب علي ذلك؟ أن يتخذ الناس رؤوسا جُهّالا فيسألوهم فضلوا وأضلوا.
أشار الي ان محاربة الإرهاب والتطرف يحاج لطريقين. الأول: جانب وقائي. وهو قبل أن يقع التطرف والإرهاب. فالأمة أهملت التعلم وقت الرخاء ففقدت المصباح وقت الشدة. فالأمة تحتاج تربية مجتمعية تقوم علي توقير العلماء وتلقي العلم من أصحابه. فالأمور القيمية لا يصح مطالبة المجتمع بها وقت الشدة طالما انه غفل عنها وقت الرخاء. فنحن نحتاج تنشئة المجتمع تنشئة صحيحة.
أما الجانب الثاني فهو العلاجي ويتمثل في حماية الشباب من الوقوع في الانحراف. فلا يصح أن يكون إعلام الأمة مفتوحا لك من هب ودب دون رقيب أو حسيب أو معاقبة للمخطئ. عليه أن يبين للشباب شبهات أصحاب الفكر التكفيري والتطرف. والتفرقة بين البطولة الحقيقية والزائفة. وتكاتف المجتمع كله لصده. وتضييق السبل عليهم. مع توفير البديل المناسب. وفهم حقيقة الرأي الآخر وليس تسفيهه فهذا لا يؤدي لنتيجة. فلابد من معرفة مفاتيح الوصول الي أولئك كما حدث في تجربة المراجعات الفكرية في التسعينيات. مع عدم المسامحة إذا استمر الانحراف والتطرف. وفتح الباب لمن أراد الرجوع كما في آية المحاربة 33 المائدة فالآية التي تليها يقول تعالي: "إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم. فاعلموا أن الله غفور رحيم" المائدة 34.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.