نعيش اليوم أحداثا أقل ما يمكن أن توصف به بأنها فتنة كبري. وفي عهد الفتن يختلط الحق بالباطل ونعجز عن التفريق بينهما. ويكون التزام البيت بمعني الابتعاد عن الطرفين المتصارعين هو الأولي.. ما هو تعريف الفتنة؟ . وكيف تنشأ؟. وكيف يتم التعامل معها؟ وما هو سبيل النجاة منها؟. هذه الأسئلة كلها يطرحها ويجيب عنها الداعية الاسلامي الكبير الشيخ محمد حسان في كتابه ¢ الفتنة¢ الذي نستعرض جانبا منه في هذه السطور عسي أن نجد إجابات لهذه الأسئلة المطروحة. بداية يعرف الشيخ حسان الفتن فيقول: اختلف العلماء في تعريفها أشهرها ما أورده ابن منظور في لسان العرب حيث قال الأزهري وغيره في جماع معني الفتنة هي: الابتلاء والامتحان والاختبار. وأصلها مأخوذ من قولك :فتنت الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد. وقال ابن الأعرابي: الفتنة: الاختبار. والفتنة: المحنة . والفتنة: المال والأولاد والكفر واختلاف الناس بالآراء . والفتنة: الإحراق بالنار.وقيل الفتنة : الظلم والضلال والإثم وهي الفضيحة¢ ومن يرد الله فتنته¢ قيل معناه فضيحته وقيل كفره. والفتنة ما يقع بين الناس من القتال والفتنة القتل. وأما قول النبي صلي الله عليه وسلم ¢إني لأري الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر¢فإنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين اذا تحزبوا ويكون مايبلون به من زينة الدنيا وشهواتها فيفتنون بذلك عن الآخرة والعمل لها. أشراط الساعة أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل فتزلزل هذه الفتن الإيمان في القلوب حتي يصبح الرجل مؤمنا ويسمي كافرا ويمسي كافرا ويصبح كافرا . وكلما ظهرت فتنة من الفتن فيقول المؤمن هذه مهلكتي هذه مهلكتي ثم تنكشف فتظهر فتنة أخري وهكذا لا تزال الفتن تظهر الي قيام الساعة. وقال الشيخ محمد حسان : هانحن نري مصداق قول الني صلي الله عليه وسلم :¢ فكم من أناس يبيعون دينهم ببعض من متاع الدنيا كالكرسي الزائل أو المنصب الفاني أو وظيفة من الوظائف أو شهوة رخيصة أو شبهة حقيرة . وربما لا يتروع الرجل أن يكذب أو ينافق أو يخادع للوصول إلي هذه الغاية فإذا ما وصل إلي الغاية التي أراد تنصل لكل وعوده وعهوده لذا حذر النبي صلي الله عليه وسلم من فتنة الدنيا فقال¢ والله ما الفقر اخشي عليكم ولكني اخشي أن تنبسط عليكم الدنيا كما بسطت علي من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم¢. معني ذلك انه قد تقع الفتنة العظيمة التي تخلع القلوب وتصيب المؤمن بالذهول ثم سرعان ما تقع فتنة أخري أعصف فتنسي الفتنة الثانية الفتنة الأولي¢فيرقق بعضها بعضا ¢ فينظر المسلم الي الفتنة الجديدة الي هولها وفظاعتها وبشاعتها فيري أن الفتنة الأولي لا شئ إلي جوار تلك الفتنة الجديدة. تجنب الفتنة يكمل الشيخ محمد حسان فيقول: يقول الله عز وجل¢يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون¢ أي في ظل هذه الفتن يجب عليك أن تجدد إيمانك فإن الإيمان يخلق ويضعف ويزيد وينقص. ورسول الله صلي الله عليه وسلم عدد الفتن وقوتها فقال¢ منهن ثلاث لا يكدن شيئا - أي لا يتركن شيئا ومنهن فتن كرياح الصيف ومنها صغار ومنها كبار¢ يعني أن الفتن متفاوتة في قوتها كرياح الصيف فمنها ما هو شديد ومنها ما هو صغير ولذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن الفتن قد تشتد وأن البلاء قد يزيد لدرجة ما يتمني العبد المسلم اذا مر علي قبر الرجل أن لو كان مكانه. مصدر الفتن بين الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم أن معظم الفتن التي ستقع ستخرج من جهة المشرق فقال ¢ألا إن الفتنة هاهنا ¢. ويشير النبي الي جهة المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان¢. وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال¢من هنا جاءت الفتن نحو المشرق¢ هذا بالنسبة لفتنة الشرق أما فتنة المغرب فهي أعظم وأطم . فعن النبي صلي الله عليه وسلم انه كان يتعوذ بالله من فتنة المشرق فقيل له فكيف فتنة المغرب قال تلك أعظم وأطم. وقد روي عن ابن مسعود انه قال¢ أخاف عليكم فتنا كأنها الليل يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه¢ ويقول أيضا ¢ أخاف عليكم فتنا كانها الليل من سوادها وظلامها يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه تنكت الفتنة في القلب إن أشربها نكتة سوداء فإن لم يتب العبد الي الله وأشرب قلبه فتنة أخري تزيد بقعة سوداء في القلب فإن لم يرجع الي الله عز وجل بالتوبة والأوبة وعرضت علي قلبه فتنة ثالثة تزيد بقعة السواد وهكذا حتي يحجب سواد الفتن نور الإيمان في القلوب. والسؤال الآن: كيف يعرف المرء هل أصابته الفتنة أم لا؟ فأوضح الشيخ حسان ما جاء في الحديث النبوي إلي رواه حذيفة بين اليمان حيث يقول ¢ إذا أحب أحدكم أن يعلم هل أصابته الفتنة أم لا فلينظر فإن كان رأي حلالا كان يراه حراما فقد أصبته الفتنة.