* في سؤال من إحدي الجمعيات الخيرية: هل يجوز أن تتكفل أسرة من الأسر بكفالة مجهولي النسب مثلما يجوز لها كفالة الأيتام معلومي النسب؟ وهل يكون ثوابها مثل ثواب كفالة الطفل اليتيم؟ ** يجيب د.علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: إذا تكفلت أسرة بتربية طفل يتيم معلوم النسب لا وصي له أو طفل مجهول النسب؟ لينشأ بين أفرادها. ويتمتع برعايتها وإنفاق عائلها عليه كفرد من أفرادها» عوضاً عما فقده من جو أسري فإن هذا يعد عملاً خيرياً عظيماً يهدف إلي توفير بيئة صالحة للأطفال الذين فقدوا عوائلهم. صيانة لهم من الضياع. وعملاً علي أن يكونوا أفراداً صالحين في مجتمعاتهم نافعين لها. وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه والترمذي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: "كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة" وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي. واليتيم هو الذي مات أبوه ولم يبلغ الحلم. فهو يتيم حتي يبلغ. فإذا بلغ زال عنها اسم اليتم. والعلة في الحض علي كفالة اليتيم كونه محروماً من أبيه» وقد ذكر الأصوليون عند كلامهم علي مسلك الإيماء من مسالك العلة أن من أنواع الإيماء اقتران الحكم بوصف مناسب» ك "أكرم العلماء وأهن الجهال" فإن الإكرام مناسب للعلم والإهانة مناسبة للجهل. والمعلوم من تصرفات العقلاء ترتيب الأحكام علي الأمور المناسبة. والشرع لا يخرج عن تصرفات العقلاء. ولأنه قد ألف من الشارع اعتبار المناسبات دون إلغائها. فإذا قرن بالحكم في لفظه وصفاً مناسباً غلب علي الظن اعتباره. أنظر شرح الكوكب المنير للفتوحي ص 515 ط مطبعة السنة المحمدية إذا تقرر هذا فنقول: إذا كانت العلة في فضيلة كفالة اليتيم حرمانه من أبيه فهذه العلة متحققة في مجهول النسب بصورة أشد تأثيراً في النفس وفي أمور الحياة التي تحتاج إلي مزيد من العناية» لكون اليتيم معلوم الأب. لا يلحقه عار بموت أبيه. كما أن له عائلة ينتمي إليها. وأقارب قد يصلونه في يوم من الأيام. أما هذا فبسبب جهالة نسبه فإنه عرضة لأن ينبذه المجتمع. مع كونه لا أب له ولا أقارب ينتظر وصلهم له أو سؤالهم عنه. وليست له عائلة ينتمي إليها. فقد تحقق فيه أصل معني اليتم اللغوي الأعم وهو التفرد الشامل للمعني الخاص المنقول لليتم في الإنسان وهو الحرمان من الأب والزائد عليه بالحرمان من الأهل والأقارب والعائلة. فصدق عليه أنه يتيم بالمعني الوضعي المعني في الشرع بفضيلة كفالته نظراً لحرمانه من أبيه. وزيادة. فلما تحققت فيه علة الحكم وزادت في وصفها شمله الحكم من باب أولي. وتأكدت في حقه فضيلة الكفالة التي رغب فيها النبي صلي الله عليه وآله وسلم ورتب عليها الأجر العظيم. وعليه: فإن كفالة مجهولي النسب مرغب فيها شرعاً. ومن فعلها يرجي له ثواب كافل اليتيم. بل إن زيادة حرمانه من أقارب ادعي لزيادة ثواب كافله.