قبل إعلان المشير عبدالفتاح السيسي رسميا خوضه الإنتخابات الرئاسية المقبلة خرج منافسه الرئيسي حمدين صباحي لي الرأي العام بتصريحات حملت صدمة شديدة لمؤيدي المشير حيث قال إنه يحمل السيسي المسئولية السياسية عن مقتل المئات من المصريين وجرح الآلاف منهم منذ عزل الرئيس مرسي وفض اعتصامي رابعة والنهضة. ليس فقط بحكم منصبه كقائد عام للجيش الذي يدفع بعدد من وحداته للشوارع والميادين بهدف التأمين. ولكن بالأساس لأنه كان يشغل كذلك منصب النائب الأول لرئيس الوزراء لشئون الأمن. التصريحات كانت بمثابة قذائف المدفعية الثقيلة التي مهدت الأرض لهجوم ضار تمارسه الحملة الانتخابية لصباحي والتي تحمل اسم ¢مرشح الثورة¢ ضد المشير بمجرد إعلانه الاستقالة والترشح. فتصريحات مسئولي الحملة. ومعظمهم من الشباب الذي ينتمي إلي مرحلة عمرية تتسم بالحماس والاندفاع. بدأت ما يمكن تسميته ب ¢الضرب تحت الحزام¢ الذي يعني في القاموس السياسي المصري اللجوء إلي كل الأساليب لإحراج الخصم والنيل من صورته أمام الجماهير. وعلي سبيل المثال. أعادت الحملة فتح ملف ما تسميه ¢مسئولية السيسي حول الانتهاكات التي وقعت بحق نشطاء ثورة يناير علي يد المجلس العسكري¢ باعتباره كان مسئولا عن هذا المجلس الذي تولي الحكم برئاسة المشير طنطاوي عقب تنحي مبارك ليس هذا فحسب بل بدأ مؤيدو صباحي في التنقيب في الملفات القديمة للسيسي حيث أخرجوا له كلمة ألقاها خلال احتفال إقيم في عهد المخلوع الأول حسني مبارك مجد فيه في الأخير واعتبره الزعيم الأوحد لمصر. من جانبهم فإن مؤيدي السيسي لم يصمتوا طويلا ونقبوا في ملفات صباحي وأخرجوا له ملف اتهام ابنته بالنصب وكذلك نشروا له عشرات الصور التي تجمعه بقيادات جماعة الإخوان الإرهابية - وفق القانون - وهو ما جعل حملة حمدين تنتفض خوفا من ربط اسم مرشحها بالإخوان في وقت وصلت فيه شعبية الإخوان بين المصريين إلي أدني مستوياتها. ما سبق يؤكد أن ماكينة دعاية الانتخابات الرئاسية ستحمل الكثير من السواد وستحتوي علي قذائف غير تقليدية بهدف تشويه كل طرف للأطراف الأخري باختصار سيكون الضرب تحت الحزام بالتعبير المصري الدارج وهذا ما جعل بعض الائتلافات غير السياسية تتبني حملة لاعلان ميثاق شرف انتخابي يلتزم به الجميع سواء المرشحين أو الهيئات والمؤسسات الحكومية وكذلك الصحف ووسائل الإعلام وحتي المواطن العادي حتي لا تخرج مصر من معركة الرئاسة وسخنة بالجراح والأزمات التي تعوق أي رئيس عن لم شمل المجتمع المصري. ولأن الحركات الشبابية توجهت في البداية لمشيخة الأزهر مطالبين بلقاء الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لعرض الوثيقة عليه تخيل الكثيرون أن الأزهر هو من سيطلق الوثيقة ويدعو كل الأطراف للتوقيع عليها ولكن الحقيقة التي كشفتها كواليس زيارة النشطاء للمشيخة كشفت حقيقة مهمة وهي أنهم - النشطاء - لا يريدون سوي توقيع الطيب عليها حيث قال أحد المصادر قريبة الصلة من شيخ الأزهر أن الشباب الذين التقوا الإمام الأكبر طالبوه بالتوقيع مؤكدين له أنهم يسعون لجمع توقيعات وموافقات كل قيادات الدولة بدءا من الرئيس عدلي منصور ومرورا بشيخ الأزهر والبابا تاوضروس ورئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب إضافة إلي رؤساء الأحزاب والقوي السياسية وغيرها من الحركات الثورية وقيادات نقابة الصحفيين وغيرها من النقابات وهو ما جعل الإمام الأكبر يعيد النظر في التوقيع علي الوثيقة خاصة وأنها احتوت علي بعض الأخطاء. وأضاف المصدر أن هناك اتجاه لدي الأزهر بإصدار بين موقع من الإمام الأكبر مع بدء الحملة الإنتخابية لمطالبة المصريين بأن تكون تلك الانتخابات بمثابة عرس ديموقراطي يجمع المصريين ولا يزيد تشتتهم او انقسامهم وهذا ما دعا الطيب لتأجيل التوقيع علي وثيقة النشطاء. من جانبه قال الناشط عصام الشريف منسق الجبهة الحرة للتغير السلمي أن ميثاق شرف الدعاية والانتخابات الرئاسية التي طرحوها تنص علي أن يكون أعضاء الحملات الانتخابية نموذجاً يُحتذي به في الاختلاف. وتقبل الآخر. ومواجهة التشويه بالحقائق أو القانون. والامتناع عن التعرض للحملات الانتخابية للمرشحين المنافسين. سواء كان ذلك بتمزيق اللافتات. أو إلصاق الصور والشعارات فوق صور وشعارات المنافسين. أو نشر الشائعات. وعدم ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو التخويف أو التخوين أو العنف ضد أي من المرشحين وحملاتهم ومؤيديهم. ويضيف: كما ينص الميثاق علي عدم وضع الملصقات والصور الدعائية في الأماكن الخاصة. إلا بعد الحصول علي موافقة أصحابها. وضرورة الحفاظ علي بيئة نظيفة أثناء الحملة الانتخابية. والاهتمام بمظهر الأماكن العامة وتنظيفها بعد الانتهاء من المسيرات والمؤتمرات الانتخابية. وإزالة جميع الملصقات والدعاية بعد انتهاء الانتخابات. وطالب أيضا بحيادية وسائل الإعلام الحكومية والخاصة. بشكل حقيقي وكامل. وإعطاء فرص متساوية لكل المرشحين خلال فترة الدعاية الانتخابية. وعدم الانحياز لمرشح دون آخر. وعدم تناول الحياة الشخصية للمرشحين. وعرض وانتقاد برامجهم. وليس أشخاصهم. بعيداً عن التجريح والإهانة. من جانبهم رحب علماء الدين بإصدار ميثاق شرف يلتزم به الجميع من أجل الخروج بانتخابات رئاسية نزيهة وخالية من التجاوزات غير الأخلاقية حيث يقول الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء أن الإسلام حرم التجريح وإذا كان المسلم العادي محرم عليه تجريح الناس فما بالنا بالشخص الذي من الممكن ان يكون ولي الأمر في المجتمع ولابد أن يعي كل مرشح والعاملون في حملته والمؤيدون له أسس المنافسة المشروعة في الإسلام فيلتزموا بالأخلاق الحسنة وعدم الإضرار بالغير كما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالي: "وقولوا للناس حسنا" وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" ولابد من التوقف عن المزايدات الدعائية للمرشحين التي تستهدف كسب الأصوات علي حساب الإساءة للدين أو مصلحة الوطن وألا يلجأ المرشح إلي تضليل الجماهير وبث الشائعات المغرضة والأقوال الكاذبة طمعا في الحصول علي أكبر تأييد ممكن ولابد أن يتذكر كل مرشح قوله صلي الله عليه وسلم : "أيما امرئ أشاع علي أخيه كلمة هو منها برئ حبسه الله في النار" فإطلاق الشائعات الكاذبة والمغرضة التي تنال من الخصم جزاؤه النار. وعلي المرشحين أن يتقوا الله في كل تصرفاتهم فالإسلام يأمر بالرأي والرأي الآخر. ويجب أن يلتزموا بكل الضوابط والمعايير الخاصة بالعملية الانتخابية بداية من وضع اللافتات والشعارات والشفافية وتناول الآخرين لأن كل إنسان لابد أن يحب للآخر ما يحب لنفسه. فنحن نري بعض المنتخبين يكيلون التهم للآخرين ويلقون الأيمان الباطلة. وتلك هي لعنة الانتخابات التي ربما تصيب معظم الناس ويجب أن نكون علي المستوي الأخلاقي والديني. وان يدرك الإنسان أن ماله سوف يأتيه وان ما يتحقق عن طريق الكذب يتحقق عن طريق الصدق فالصدق منجي. وليس المراد الحصول علي المنصب وتحقيق مآرب ومكاسب شخصية. وإنما يجب أن يكون المراد وجه الله وخدمة الناس والمجتمع حتي تتحقق العملية الانتخابية المرجوة وحتي نستطيع أن نقدم للناس والمجتمع شيئا وإذا كان غير ذلك فان هذا يتنافي مع تعاليم الإسلام. أما الدكتور عبدالمقصود باشا الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر فيقول أن اصدار ميثاق شرف للانتخابات أصبح أمرا حتميا حتي لا نترك الساحة نهبا للقيل والقال وتشويه الناس بالباطل ولابد أن يلتزم كل المرشحين بأخلاقيات الإسلام ويدركون أن تجريح المنافسين أمر محرم شرعا لأنها تلحق الضرر بالناس وتزيف الحقائق وتجعل عامة الناس ينخدعون فيمن يقدمها فيحصل علي حق لا يستحقه وليس أهلا له. ومثل هذه التصرفات كانت تحدث في الماضي وقبل قيام ثورة 25يناير لكنها وللأسف أصبحت تحدث اليوم وكأن تلك الثورة لم تغيير شيئا. ولم يتعظ البعض من النظام السابق الذي عجلت مثل هذه التصرفات بسقوطه. مطالبا المرشحين لانتخابات الرئاسة بالصدق وعدم خداع الناس وأن يقدم كل منهم الحقيقة للناس ولا يخدعهم بوعود كاذبة. وأن يراعي الله عز وجل ويعلم أنها مسئولية كبيرة سيحاسب عليها لأنه إذا لم ينفذ ما وعد به فإن ذلك يعد تغريرا بالناخبين ويجعلهم يفقدون الثقة في كل المرشحين في أية انتخابات قادمة.