حين يتقدم قاريء القرآن الكريم أو المبتهل للاختبار أمام لجنة اختبار قراء القرآن بالإذاعة والتليفزيون يفاجأ وقتها بوجود اثنين من الموسيقيين الكبار ومن أهم الأسماء اللامعة في هذا المجال في مصر ضمن اعضاء اللجنة وحين ينتهي من تلاوته أمام اللجنة يجد ان السادة الأعضاء قد منحوه مهلة لمدة ستة أشهر لدراسة المقامات الموسيقية وتعلم التلوين النغمي وهنا تدور في ذهنه علامة استفهام "؟" لماذ الإلمام بدراسة المقامات الموسيقية والتلوين النغمي رغم انه متقدم للإختبار لقارئ للقرآن وليس كموسيقي؟ الإجابة هنا علي هذا السؤال تؤكدها وتجيب عنها المواقف السابقة لمشاهير وكبار قراء القرآن في مصر نذكر منهم قراء الجمهورية الشيخ محمد محمود الطبلاوي الذي ظل يتقدم للاختبار أمام اللجنة قرابة العشر مرات نفس الشئ فعل مع الإذاعي الشيخ محمد الليثي الذي ظل يتقدم للاختبار لأكثر من عشر سنوات ولكن في هذه الحالة - حالة الليثي - كانت اللجنة لا تعتمده نظراً لتقليده الراحل العظيم الشيخ محمود محمد رمضان - استاذ مقام الكرد في التلاوة. وفي نهاية المطاف يلجأ قارئ القرآن مضطراً لمن يعلمه علم المقامات الصوتية - الموسيقية - ليتأكد له بعد ذلك ان اللجنة كانت علي حق وذلك بعدما يبدع في تلاوته بعلم ومهارة التنقل من مقام إلي مقام آخر ثم يكتشف الشئ الأهم وهو ان دراسته لهذا العلم تجعله يقرأ بإنسيابية دون نشاذ. وبمناسبة نجاحه في وضع سلم جديد للمقامات الصوتية وتكريمه في أمريكا والعديد من الدول العربية والخليجية وفي المملكة العربية السعودية حرصت "عقيدتي" علي تكريم خبير المقامات والمحكم الدولي طه محمد عبدالوهاب المولود في الأول من أكتوبر عام 1952م بمحلة مرحوم مركز طنطا غربية وكان قد بدأت رحلته مع القرآن وعمره ستة أعوام فحفظ القرآن الكريم كاملاً علي الشيخين حافظ جوهر ومحمد غنيم. وفي عمر الصبا إتجه لدراسة الموسيقي فتعلم علم المقامات علي يد الموسيقار الكبير حلمي أمين - رحمه الله - ثم تعلم التوزيعات الموسيقية والهارمونيات علي يد المايسترو العالمي ساري دويدار وتعلم العزف علي معظم الآلات الموسيقية وقراءة وكتابة النوتة الموسيقية.. وكان قد حصل علي المركز الأول علي الجمهورية في الإنشاد الديني أربعة أعوام متتالية 83. 84. 85. .86 وكان ل"عقيدتي" الحوار التالي مع طه محمد عبدالوهاب فقال: لم أقرر بل أراد الله لي أن يجعلني في أعظم مهنة ألا وهي خدمة القرآن الكريم فتفرغت تماماً تاركاً الموسيقي بعد حصولي علي شهادات من كبار أعلام الموسيقي الاساتذة محمد عبدالوهاب. محمد الموجي. حلمي بكر. حلمي أمين. ** ما سبب تكريمكم مؤخراً في العديد من الدول؟ بحمد الله تم تكريمي في أمريكا ولندن وإيران واليمن والمملكة العربية السعودية لأنني بحمد الله انفردت بأسلوب جديد - خاص بي - في تعليم المقامات الصوتية التي تخدم القرآن الكريم.. ويعد هذا الأسلوب أسلوباً فريداً من نوعه أهم ما فيه انني أقوم بفصل تام بين الموسيقي والمقامات من حيث تغيير أسماء المقامات وابتكار لغة جديدة لكتابة الأنغام لتكون بديلة عن النوتة الموسيقية.. تتلخص في استخدام الأشكال في كتابة النغم فأصبحت يا. را. في. عا. سا. ما. وات. يا - يا رافع السموات - بعدما كانت دو. دي. مي. فا. صول. لا. سي دو. ** وكيف جاءتكم فكرة تغيير الأسماء هذه؟ حتي لا يحدث خلط بين الموسيقي وبين الأداء القرآني فمثلاً هناك فرع من فروع النهاوند يسمي العساق المصري فهل يتنافي هذا المسمي مع جلال القرآن؟ هنا بدأت أفكر في عمل مصطلحات جديدة للمقامات وبدأ العالم ينتبه إلي هذا الأمر بصفة خاصة بينما قررت التمرد علي مؤلف السلم الموسيقي وهو دو ري مي فا صو لا سي دو واخترت مفرداتي وهي يا راضي عا سا ما وات يا. ** متي بدأت رحلتكم مع القرآن ولماذا تركتم الموسيقي؟ بدأت رحلتي مع القرآن وأنا في المرحلة الابتدائية حيث شاءت إرادة الله ان يتخلف المؤذن الذي كان يؤذن أذاناً شرعياً بمسجد قريتنا فدفعني خطيب المسجد لأرفع الأذان فقمت بحمد الله برفع الأذان بطريقة الشيخ المعجز علي محمود وهنا ارتجت القرية لسماعهم الأذان بطريقة جديدة غير طريقة الأذان الشرعي الذي كانوا قد اعتادوا عليه من المؤذن الغائب وحين خرجت من المسجد فوجئت بسيدة كبيرة تدعي الحاجة خضرة - مازالت علي قيد الحياة - تدعو لي بالتوفيق واعطتني مليما - وأقسم بالله أنها - الحاجة خضرة - أعطتني في العيد الماضي ربع جنيه. أما عن تركي للموسيقي فأقول أثناء عملي في هذا المجال ورغم انني كنت أبدع فيه إلا أنني كنت أفاجأ بالحضور في الاحتفالات يطلبون مني ان أختم الحفل بالابتهالات الدينية وهنا أدركت أن - الأصل يحن ويغلب علي طبعي - من أراد الله به خيراً يفقهه في الدين - فعلمت ان الله تعالي أراد لي أن أعود إلي أصلي فاتجهت بعد ذلك الي تدريب السادة القراء. ** من تذكرهم الآن من مشاهير القراء الذين تتلمذوا علي يديك؟ والله.. لا أرغب في ذكر الأسماء خشية ان أنسي أحدا منهم لكن يكفي ان تعرف ان تسعين في المائة من قراء القرآن درسوا عندي بدءاً من 30 عاماً الي آخر جيل وصل للإذاعة واسمح لي ان أذكر أهم الأسماء أمثال الشيخ عبدالفتاح الطاروطي والشيخ علي سليم رحمه الله والشيخ عبدالناصر حرك وأخيراً الشيخ عزت راشد. ** وماذا عن أهم المسابقات الدولية التي شاركتم فيها كمحكم؟ رغم انني شاركت في العديد من المسابقات داخليا وخارجياً وحصلت علي الأوسمة والتكريمات فيها إلا أنني أري ان أهم هذه المسابقات هي دورة اليمن وسبب أهميتها انها كانت للمتخصصين في هذا العلم وكانت مدة المحاضرات 120 ساعة ولاقت نجاحاً واقبالاً لا يوصف. ** وما الذي اغضبكم في هذا الشأن؟ ما اغضبني بشدة أقوله ليس من أجل مصلحة ما أو فشل مسابقة في قناة معينة حيث وجدت هجوماً شرساً علي علم هام جداً وهو علم المقامات ووالله أنا في حيرة من هذه التصرفات المشينة في حق هذا العلم وقلت مراراً وتكراراً انني مستعد لمناظرة اي أحد.. ولم أكتف بهذا فقط بل تقابلت شخضياً مع الدكتور أحمد عيسي المعصراوي في عزاء الشيخ محمد أحمد شبيب وسألته: لماذا كل هذا الهجوم - حيث كان ضمن حلقة تحدثت عن هذا العلم وهاجموه بإحدي القنوات الفضائية مع ضيوفها المشايخ محمد حسان ود.طارق سويدان والشيخ أبواسحاق الحويني - وأكملت للدكتور المعصراوي لماذا هذه الهجمة الشرسة رغم ان المقامات مأخوذة من القرآن الكريم وعندي الدليل؟ فابتسم الدكتور المعصراوي وقال لي بارك الله فيك وعندي سؤال هنا والكلام ل طه عبدالوهاب: من وراء طبع ملايين الكتب التي حرموا فيها هذا العلم وفيها كتبوا كل ما دار في الحلقة وتم توزيعها مجاناً. ** هذا ما اغضبكم فماذا عن الأشياء التي اسعدتكم؟ الأشياء التي اسعدتني كثيرة كان أولها يوم اعتمدت الإذاعة الشيخ علي سليم رحمه الله فيومها أحسست وكأن الله يقول لي: هذا طريقك ولهذا قررت ان أوقف العمل في المجالات الموسيقية الي الأبد وان اتفرغ لتعليم القراء علم المقامات الصوتية وكنت سابقاً أقولها مقامات موسيقية ولكن اكتشفت الحقيقة التي عارضني فيها الكثيرون وهي ان أصل المقامات الصوت وليس الموسيقي. أيضاً من الأشياء التي اسعدتني يوم ان شارك القارئ الطبيب أحمد نعينع في مسابقة بدولة إيران وتقدم له متسابق وقال للجنة أنه تعلم المقامات علي الدكتور طه عبدالوهاب.. أيضاً فوجيء الدكتور نعينع بمتسابق آخر يقول انه تلميذ طه عبدالوهاب هنا تساءل د.نعينع من يكون طه عبدالوهاب هذا؟ وشاءت الأيام ان نلتقي في عزاء مفتوح وكانت فتوحات الله تنهال علي نعينع فأسرعت بالجلوس أمامه وحينما لاحظ انني فاهم لما يقول من علم المقامات سر وسعد وأخذ يزداد في التألق آية بعد آية ولما فرغ من القراءة نزل من علي التخت وصافحني بحرارة فأسرع الينا الدكتور الطاروطي وهو يضحك فقال د.نعينع ما يضحكك يا شيخ؟ فقال له: لأن هذا هو طه عبدالوهاب اللي كنت دائم السؤال عنه فعانقني د.نعينع فائلاً هو أنت طه عبدالوهاب اللي بيقولوا عنه؟