* يقول سعيد ع: رجل كان في القوات المسلحة فقدم أوراقه لتسوية معاشه ونذر نذرا وقال: إن أكرمني الله تعالي وخرجت أن أذبح خروفا لله تعالي. فهل هذا النذر جائز؟ أم يوزع النذر كما توزع الأضحية ثلث للأهل وثلث للفقراء وثلث له أم لا؟ ** أولا: الذبيحة المنذورة لا يجوز أن يأكل منها أحد إلا الفقراء. فإن كان الناذر وأهله من الفقراء جاز لهم أن يأكلوا منها. فإن لم يكونوا من الفقراء فلا يجوز لهم الأكل منها. وعليه بإخراجها للفقراء والمساكين. ثانيا: النذر شرعا هو: "إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالي بالقول شيئاً غير لازم عليه بأصل الشرع" ولا خلاف بين الفقهاء في صحة النذر في الجملة. ووجوب الوفاء بما كان طاعة منه وعن السيدة عائشة - رضي الله عنها أن رسول الله - صلي الله عليه وآلة وسلم - قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه. ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" أخرجه البخاري. ويصح النذر في العبادات والمقصودة وهي التي شرعت للتقرب بها. وعلم من الشارع الاهتمام بتكليف الخلق إيقاعها عبادة. كالصوم والصلاة والصدقة والحج والإعتكاف والعتق والذبح. فهذه تلزم بالنذر بلا خلاف. أما الوجبات فلا يصح نذرها لأنها واجبة بإيجاب الشرع. فلا معني لالتزامها. وذلك كنذر الصلوات الخمس وصوم رمضان. واعتبر الفقهاء في صيغة النذر أن تكون باللفظ ممن يتأتي منهم التعبير به. وأن يكون هذا اللفظ مشعرا بالالتزام بالمنذور. وذلك لأن المعول عليه في النذر هو اللفظ. إذ هو السبب الشرعي الناقل لذلك المندوب المنذور الي الوجوب بالنذر. فلا يكفي في ذلك النية وحدها بدونه. ولا خلاف بين الفقهاء في أن من نذر فصرح في صيغته اللفظية أو الكتابية بلفظ "النذر" انه يعتقد نذره بهذه الصيغة. ويلزمه ما نذر. وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر إذا خلت من لفظ "النذر" كمن قال: لله علي كذا. ولم يقل نذرا وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة ويلزمه ما نذر أم لا علي اتجاهين: الاتجاه الأول: يري اصحابه أن النذر ينعقد ويلزم الناذر وان لم يصرح في صيغته والشافعية والحنابلة. وهو المعتمد في الفتوي. كقوله: إن شفي الله مريض. أو رزقني ولدا فلله علي إعتاق أو صوم أو صلاة. فإذا حصل المعلق عليه لزمه لاوفاء بما التزم. ولو قال: فعلي ولم يقل: فلله علي فالصحيح: انه كذلك وقيل: لابد من التصريح بذكر الله تعالي. ولو عقب النذر بالمشيئة. فقال: لله علي كذا ان شاء الله تعالي لم يلزمه شيء. الاتجاه الثاني: يري من ذهب اليه ان النذر لا ينعقد إلا إذا صرح في صيغته بلفظ النذر وهو قول آخر لسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد. يقوم مقام اللفظ الكتابة المقرونة بنية النذر. أو بإشارة الأخرس المفهمة الدالة أو المشعرة بالتزام كيفية العقود. إذا صح النذر. لزم الوفاء به. والمعتبر فيه مقتضي ألفاظ الالتزام. والله تعالي أعلي وأعلم.