مكر الناس إلي سراب وبوار» لقوله تعالي: "وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ" "فاطر: 10". ومكر إله الناس إلي سداد واستقرار» لقوله تعالي: "وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" "آل عمران: 54". مكر الناس كما قال الله عز وجل: "وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ" "إبراهيم: 46". ومكر إله الناس "تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا" "مريم: 90". فالكون كله يئول إلي هلاك بكلمة منه سبحانه وتعالي. كما قال تعالي: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَيَ كُلِّ شَيْءي قَدِيرى" "آل عمران: 26". مكر الناس محدود زمانًا ومكانًا. ومكر إله الناس ممدود زمانًا ومكانًا. مكر الناس مقصور علي إمكانات وطاقات الماكرين. ومكر إله الناس لا حدود له حيث يتوازي مع قوة الملك التي لا تقهر. قال سبحانه: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" "الأنعام: 18". مكر الناس يكون في الفروع لا الجذور. ومكر إله الناس يكون في الجذور والقواعد. قال تعالي: "قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَي اللّهُ بُنْيَانَهُم مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ" "النحل: 26". مكر الناس يعلمه إله الناس. ومكر إله الناس من الغيب المكنون. قال تعالي: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَي غَيْبِهِ أَحَدًا" "الجن: 26". مكر الناس لا يغيّر من قدر الله شيئًا. ومكر رب الناس هو من القدر الرباني الذي قال عنه: "وَكُلُّ شَيْءي عِندَهُ بِمِقْدَاري * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ" "الرعد: 8. 9". ولا يجري في ملكه سبحانه شيء لا يريده. بل هو كما قال عن نفسه سبحانه: "ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالى لِّمَا يُرِيدُ" "البروج: 15. 16". وإذا ضاق بالإنسان صدره من كثرة مكر الناس. فلنذكر قوله تعالي: "وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ" "النمل: 50. 51". أقول للذين يرتعشون من مكر الناس في أمريكا وأوربا وإسرائيل وروسيا. وأذنابهم وأزلامهم وعملائهم من الأنظمة العربية في سوريا والسلطة الفلسطينية والمجلس العسكري في مصر الذي يسير بسيرة مبارك في قتل المتظاهرين والأبرياء في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد. وأخيرًا في العباسية. مع زيادة الإهانة للفتيات وضرب وبصق علي المحجبات. ونزع الحجاب وشد بعضهن من شعورهن. واقتحام مسجد النور بالأحذية. تمامًا كما يفعل الصهاينة في المسجد الأقصي والحرم الإبراهيمي. ومساجد عدة في القدس والضفة. ويؤسفني أن أقول: إن آخر ما أعلم من دخول قوات الجيش بالأحذية وهتك حرمة المساجد في مصر كان من جيش نابليون بونابرت الغازي الفرنسي. وقد قام المجلس العسكري من خلال الشرطة العسكرية بترويع المصلين. واعتقال المئات من الإخوة والأخوات. والضرب علي القفا وبالعصيّ وتوجيه أقذع الشتائم. بل اعتقال غير المصريين من طلاب العلم بالأزهر السودانيين والماليزيين. وغيرهم ممن جاءوا إلي المسجد مصلين! لكن مكر الماكرين وغدر الظالمين وبقايا فلول المجرمين الذين يحكمون مصر بالمنهجية الرديئة نفسها في احتقار الأبرياء وامتهانهم وظلمهم وضربهم واعتقالهم وجرحهم وقتلهم. كل هذا من المكر السيئ الذي خطط له. كما قال تعالي: "شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلي بَعْضي زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا" "الأنعام: 112". فليس من أخلاق جيشنا العظيم أن يهين أبناء بلده إلي هذا الحد. وأن يعتقل الفتيات. وأن يقبض علي الصحفيين والإعلاميين. وأن يكيل هذا الكيل الرديء من مخزون الشتائم الفاحشة. وأذكّر أمتي أولاً. وإخواننا المنكوبين في مصر وسوريا. بأن مكر إله الناس سوف يسحق ويمحق مكر الناس. كما أخبرنا الله تعالي عن مكر قوم نوح وقوم إبراهيم. وإخوة يوسف ونساء القصر وفرعون موسي. واليهود الذين أرادوا قتل سيدنا عيسي. وأبرهة مع أصحاب الفيل الذين جعل الله كيدهم ومكرهم في تضليل. وكفار قريش الذين قال الله فيهم: "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" "الأنفال: 30". وزاد المكر من كفار قريش مع يهود بني قريظة وبني النضير وقينقاع وخيبر وكفار العرب. لكن الله تعالي قال: "وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْءي قَدِيرًا" "الأحزاب: 25-27". ورد الله مكر الصليبيين بقيادة أوربان الثاني فارتدوا خائبين علي يد صلاح الدين. كما ردّ الله تعالي القوة الهائلة لهولاكو قائد المغول. فبعد أن قتل بالسيف والحَجَر مليونين في العراق والشام. أهلكه الله تبارك وتعالي. وقُتل في موقعة عين جالوت. واليوم لم يُغنِ مكر شاوشيسكو وحزبه شيئًا فقُتل علي أيدي الثوار. وانهار الاتحاد السوفيتي بشكل مفاجئ في 26/12/1996م. وعادت روسيا وبلاد القوقاز بعد قتل 20 مليونًا من الناس وهدم 150 ألف مسجد وكنيسة. ورفعوا شعار: ¢لا إله والحياة مادة¢. و¢الدين أفيون الشعوب¢ وقَتْل كل من يحفظ أو يحفِّظ القرآن. وها هي اليوم تعود روسيا إلي الإسلام. لكن القرآن يعود الآن في مسابقات للقرآن الكريم دولية دُعيتُ لها مرات. وها هي أمريكا تزداد فيها المراكز الإسلامية من ثمانية مراكز سنة 1950م. والآن فيها أكثر من 3 آلاف مركز إسلامي. رغم الحملة الإعلامية الرهيبة التي تتحدث عن ¢إسلاموفوبيا¢. والمكر الرهيب علي الإسلام والمسلمين. ها هو الخوف يدب في مفاصل بني صهيون رغم كل المكر والدهاء الرهيب في القتل والترويع والأسر. لكن الله تعالي لهم بالمرصاد. ولولا مكر الله تعالي ما هرب ¢بن علي¢. وما سُجن مبارك. وما قُتل القذافي. وما أزيح علي عبد الله فاسد عن منصبه. والبقية تأتي وأوَّلهم بإذن الله بشار والفجار من المجلس العسكري. قال تعالي: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبي يَنقَلِبُونَ" "الشعراء: 227". أقول لكل ذي قلب: لا تخشوا مكر الناس وثقوا في مكر إله الناس. بشرط واحد أن نكون أهلاً أن يمكر الله لنا لا أن يمكر بنا.