عرض موقع دار الإفتاء المصرية لتاريخ الدار منذ نشأتها حتي الآن وما مرت به من تطوير شامل واستقلالها وكانت البداية بنص المادة العاشرة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها الصادرة بأمر عال في 27 مايو سنة 1897م بما يلي: انتخاب قاضي مصر يكون منوطا بنا وتعيينه يكون حسب القواعد المتبعة وانتخاب وتعيين مفتي الديار المصرية يكون منوطا بنا وبأمر منا بالطرق المتبعة. وقد ألغيت هذه المادة بمقتضي القانون رقم 12 لسنة 1914م بإلغاء وتعديل بعض مواد هذه اللائحة. وجاء في المذكرة الإيضاحية في صدد إلغاء المادة العاشرة من لائحة سنة 1897م ما يلي: وألغيت المادة 10 بفقرتيها وكانت الأولي منهما تنص علي الإجراءات الخاصة بتعيين قاضي مصر. أما الفقرة الثانية فإنها تنص علي ما يتعلق بتعيين مفتي الديار المصرية. وانه وإن كان مفتي الديار المصرية موظفا تابعا لوزارة الحقانية إلا أنها تري أنه لائحة المحاكم الشرعية ليست محلا للنص علي إجراءات تعيينه. لأن هذه الوظيفة لا علاقة لها بأعمال المحاكم الشرعية. وهذا الذي قالته المذكرة الإيضاحية سائغ بعد إذ لم يعد مفتي الديار المصرية عضوا في المحكمة العليا الشرعية بمقتضي تشكيلها الذي نص عليه القانون رقم 12 لسنة 1914 وجرت عليه لائحة المحاكم الشرعية الصادرة في 1931م. وجري العمل بعد هذا علي ما كان مقررا في المادة الملغاة. فيتعين مفتي الديار المصرية بقرار من رئيس الدولة باختياره وبالطرق المتبعة. علي أنه قد نص في قانون الإجراءات الجنائية علي انه في حال خلو وظيفة المفتي أو غيابه أو قيام مانع لديه يندب وزير العدل بقرار منه من يقوم مقامه "المادة 381/3 من قانون الإجراءات الجنائية". كان لكل مديرية أو ولاية مفتي ولوزارة الحقانية مفتي ولوزارة الأوقاف مفتي وفوق كل هؤلاء مفتي السادة الحنفية أو مفتي الديار المصرية. ودار الإفتاء نشأت مستقلة عن الأزهر منذ 700 سنة. في عهد محمد عبده جمع بين إفتاء الحقانية والديار المصرية وظل هذا الوضع سنة 2007 استقلت دار الإفتاء مرة أخري وظهرت موازنتها في ميزانية الدولة شأنها شأن الأزهر. وأن الفتوي في القضايا كانت ملزمة للقضاة حسب لوائح 1856م. 1880. ثم لم تعد ملزمة للقضاة في المحاكم الشرعية في لائحة 1897م وتعديلاتها بالقوانين أرقام 25 لسنة 1909م و31 لسنة 1910م و12 سنة 1914م ثم الاستعاضة عن كل هذه القوانين باللائحة الأخيرة بالمرسوم 78 لسنة 1931م. هذا وبإلغاء المحاكم الشرعية القانون رقم 462 لسنة 1955 لم يعد في المحاكم الابتدائية إفتاء. وصارت أعمال الفتوي سواء للحكومة أو للأفراد وللهيئات مقصورة علي مفتي الديار المصرية في القاهرة. ومما يجدر التنويه عنه انه منذ أول يناير 1956 تاريخ العمل بقانون إلغاء المحاكم الشرعية آلت إلي دار الإفتاء الشهادات التي كانت من اختصاص رئيس المحكمة العليا الشرعية. وهي إشهاد خروج المحمل بكسوة الكعبة الشريعة وبكسوة مقام الرسول صلي الله عليه وسلم. وبمقدار المبلغ النقدي المهدي من الأوقاف إلي قراء الحرمين الشريفين "الصرة" وإشهاد وفاء النيل. الذي بمقتضاه يحق شرعا للدولة جباية ضرائب الأراضي الزراعية. وقد توقف هذان الاشهادان حيث كان آخر إشهاد بخروج المحمل في 26 من شهر ذي القعدة سنة 1381 هجرية أول مايو سنة 1962م بسبب خلافات سياسية بين جمهورية مصر والمملكة العربية السعودية في ذلك الوقت امتنعت السعودية بسببه عن التصريح بدخول الكسوة من مصر. وكان آخر إشهاد بوفاة النيل في 12 من شهر رجب الفرد سنة 1392 هجرية 21 أغسطس سنة 1972م بسبب حجز مياه فيضان النيل بالسد العالي فوق أسوان بعد هذا التاريخ. كما كان من اختصاص رئيس المحكمة العليا الشرعية استطلاع أهلة الشهور القمرية التي فيها مواسم دينية وهي أشهر المحرم وربيع أول ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذوالحجة وصار هذا من اختصاص دار الإفتاء منذ إلغاء المحاكم الشرعية تقوم به الآن. وقد ردد البعض أن الاحتلال البريطاني هو الذي أنشأ دار الإفتاء المصرية لكي تقوم بإعطاء الشرعية للاحتلال. وهذا القول يجافي الحقيقة جملة وتفصيلا للأسباب الآتية: أولاً لم يحدث أن أفتت دار الإفتاء بشرعية الاحتلال أو قانونيته. وظيفة الإفتاء كما عرض موقع دار الإفتاء لواقع الإفتاء قبل إنشاء دار الإفتاء فأوضح أن وظيفة الإففتاء هي وظيفة قديمة في مصر ترجع إلي بداية الفتح الإسلامي لمصر. ومارسها بشكل تطوعي بعض الصحابة في مصر مثل عقبة بن عامر وعبدالله بن عمرو بن العاص. وتحولت وظيفة الإفتاء إلي وظيفة رسمية في العصر المملوكي وارتبطت بالنظام القضائي حيث كانت هناك أربع وظائف للإفتاء في دار العدل هي: مفتي دار العدل الشافعي. ومفتي دار العدل المالكي. ومفتي دار العدل الحنفي. ومفتي دار العدل الحنبلي. وكان قاضي قضاة كل مذهب هو الذي يختار مفتي المذهب ويعرضه علي السلطان ليقوم السلطان بتعيينه في المنصب. ثالثاً عندما دخل العثمانيون مصر غيروا النظام القضائي وتغير بذلك نظام الفتوي فأصبحت هناك وظيفة واحدة للإفتاء هي وظيفة "مفتي السلطنة الشريفة بمصر" وكان يعين بمعرفة مفتي استنبول وكان مفتي مصر شافعيا في أغلب الأحوال بالرغم من أن الدولة العثمانية كانت حنفية المذهب. رابعا في عصر محمد علي أصبح هناك أربعة مفتين للمذاهب الأربعة. ولكن الزعامة عليهم كانت للمفتي الحنفي الذي كان يسمي "مفتي أفندي مصر" وكان الباشا والي مصر هو الذي يعين المفتي بعد ترشيح العلماء له. خامسا تولي الشيخ محمد المهدي العباسي منصب "مفتي أفندي مصر" سنة 1848م في عصر إبراهيم باشا بن محمد علي واستمر مفتياً إلي عصر إسماعيل حيث تغير لقبه إلي "مفتي الديار المصرية". وزاد نفوذه بعد أن أضيفت إليه مشيخة الأزهر سنة 1870 في سنة 1881 تم عزل الشيخ محمد المهدي العباسي من مشيخة الأزهر نتيجة لاختلاف علماء الأزهر معه في نظام الجرايات الخاص بالطلبة ونظام اجازة العلماء بالتدريس. وتشكلت لجنة للتحقيق وجاء في قرار لجنة التقصي والتحقيق ان الشيخ العباسي كان مفتيا حنفيا ومشيخة الأزهر كانت معهودة دائما إلي علماء الشافعية وبناء علي هذا أصدر الخديوي توفيق في 5 ديسمبر 1881 قرارا بفصل الشيخ العباسي من مشيخة الأزهر. وأمر الخديوي بإسناد مشيخة الأزهر إلي الشيخ محمد الإنبابي في 11 ديسمبر 1881 وهو من كبار علماء الشافعية. وبعد فشل ثورة عرابي أعيد الشيخ محمد العباسي المهدي إلي مشيخة الأزهر وذلك في 12 أكتوبر 1882 وأعفي الشيخ الإنبابي منها وجمع الشيخ العباسي بين الإفتاء ومشيخة الأزهر مرة ثانية. واستمر يشغل المنصبين إلي سنة 1885 حيث عاد الشيخ الإنبابي إلي مشيخة الأزهر بينما استمر الشيخ المهدي في وظيفة الإفتاء حتي وفاته سنة .1895 بعد وفاة الشيخ الإنبابي سنة 1895 تولي الشيخ حسونة النواوي منصب مشيخة الأزهر وبعد قليل توفي الشيخ المهدي مفتي الديار المصرية فأضيفت وظيفة الإفتاء إلي الشيخ حسونة النواوي وأصبح يشغل وظيفتي الإفتاء ومشيخة الأزهر. واستمر يشغل منصب الإفتاء حتي سنة 1899 حيث خلفه الشيخ محمد عبده ومن هذا العرض يتضح أن وظيفة الإفتاء كانت وظيفة ثابتة الأركان قبل الاحتلال البريطانِي ولم يؤثر وجود الاحتلال عليها بأي حال من الأحوال لا من حيث التنظيم ولا المرتبات والتبعية للنظام القضائي. بل ان المفتي الذي كان معينا قبل الاحتلال الشيخ المهدي العباسي هو الذي استمر مفتياً بعد الاحتلال. الاستقلال والتطور أشار الموقع إلي أن دار الإفتاء في عهد الدكتور علي جمعة استقلت بالفعل ماليا وإداريا عن وزارة العدل بتاريخ 1/11/2007م وأصبح لها لائحة داخلية ومالية تم اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية وهذا الإنجاز العظيم لا ينفي أن دار الإفتاء تتبع وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط دون أن يكون لوزارة العدل أي سلطة علي الدار وسبب هذه التبعية هو ما بين المؤسستين من جانب مشترك يتمثل فيما تقوم به دار الإفتاء من نظر في قضايا الإعدام وشأن دار الإفتاء في هذا الاستقلال عن وزارة العدل كشأن كثير من الهيئات القضائية الأخري التي استقلت عن وزارة العدل مع بقاء تبعيتها السياسية لوزارة العدل كمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وهيئة قضايا الدولة. وتم إنشاء العديد من الإدارات الحديثة وتطوير القديم حتي أصبحت للدار صفة عالمية وتستفيد من أحدث ما توصل إليه العلم الحديث في مجال الاتصال والتواصل مع الآخرين سواء من المسلمين أو غير المسلمين.