الهداية في الآخرة هي رابع انواع الهداية العامة وهداية الدلالة والبيان. وهداية التوفيق. والهداية في الآخرة. أقسام الهداية وآخر مراتب الهداية. فمن هدي في الدنيا إلي الصراط المستقيم هدي في الآخرة للسير علي قَدْر هداه في الدنيا علي الصراط المضروب علي متن جهنم. علي قدر سيرك هنا يكون سيرك هنالك. وعلي قدر وجود الشهوات والشبهات. التي تعيق سيرك علي الصراط المستقيم في الدنيا. ستكون قوة الخطاطيف والكلاليب. التي تعيق سيرك إلي جنات النعيم. كلما قويت الشهوات والشبهات التي تعوق سيرك علي الصراط المستقيم. قويت هنالك علي الصراط الخطاطيف والكلاليب التي تعيق سيرك علي الصراط. لتصل إلي جنات النعيم. فإذا كانت الشهوات والشبهات ضعيفة. كانت الخطاطيف والكلاليب هنالك ضعيفة وإذا كانت هنا قوية كانت هنالك قوية. فمن الناس من يمشي علي هذا الصراط في الدنيا بثبات. اللهم اجعلنا منهم بمنك وكرمك. لا يلتفت إلي الوراء لنداء الشيطان. والنفس الأمَارة بالسوء والهوي وصحبة السوء. إنما هو عرف طريقه. عرف ربه. وسار علي درب الحبيب.صلي الله عليه وسلم. لا يلتفت إلي الوراء. بل إذا وقعت قدمه في بؤرة معصية. وتأثرت ثيابه بشوك المعاصي. سرعان ما يجذب ثيابه ليطهرها بدموع التوبة. ليواصل سيره ومسراه إلي ربه وسيده ومولاه خلف حبيبه سيدنا رسول الله.صلي الله عليه وسلم. عرف الدرب. هذا يمر علي الصراط المضروب علي متن جهنم يوم القيامة كالبرق بمجرد أن يعبر. أو أن يضع قدمه اليمني علي الصراط. يري نفسه كالبرق في جنات النعيم. ومنهم من يمر عليه كالطرف كالريح. كأجاويد الخيل والركاب. ومنهم من يمر عليه يجري. ومنهم من يمر علي الصراط يمشي. ومنهم من يمر علي الصراط يحبو علي يديه ورجليه. ومنهم من يمر فتسفعه النار مرة. وتخدشه النار مرة وينجيه الله. ومنهم من تخطفه الكلاليب إلي نار جهنم. أهل الإيمان يعبرون الصراط إلي الجنة وتدبروا قول ربي :"إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتي تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبي وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرى"23" وَهُدُوا إِلَي الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ " أي في الدنيا. وفي الآخرة "وَهُدُوا إِلَي صِرَاطِ الْحَمِيدِ " "الحج /2324". اللهم اجعلنا منهم وهدوا إلي الطيب من الأقوال في هذه الحياة. لا يتكلم إلا خيرا. لا يأمر إلا بمعروف. لا ينهي إلا عن منكر. لسانه رطب بذكر الله. لا يخرج العيب. لا يعرف الغيبة. لا يعرف النميمة. لا يعرف الكذب. لا يعرف شهادة الزور. هذا يهديه ربه يوم القيامة إلي صراط الحميد. وهدوا إلي صراط الحميد. قال الحبيب - صلي الله عليه وسلم - وتدبروا هذا الحديث الرقراق الجميل الذي رواه البخاري وغيره من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : "إذا خلص المؤمنون من النار". أي إذا عبروا الصراط ونجاهم العزيز الغفار من النار وأرجو أن تتصوروا معي هذا المشهد الذي يخلع القلب قال تعالي:"وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَي رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً "71" ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً" مريم 71.72 اللهم اجعلنا من المتقين. تدبر معي المشهد قال : " إذا خلص المؤمنون من النار. آخر رجل يدخل الجنة يعبر علي الصراط تسفعه النار مرة ويكبو مرة. فإذا نجاه الله التفت إلي النار خلفه "نجا عبر" يلتفت للنار من خلفه تحت الصراط ويقول : تبارك الذي نجاني منك. الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحدا من الأولين والآخرين من خلقه ". وهو آخر رجل يدخل الجنة. فالأمر ليس يسيرا يقول النبي.صلي الله عليه وسلم. " إذا خلص المؤمنون من النار " انطلقوا إلي الجنة ؟ لا. انتظر لا. ماذا بعد؟ وهل هناك أمر بعد الصراط؟ نعم بعد الحساب؟ نعم بعد الميزان؟ نعم ماذا بعد؟ "يحبس المؤمنون بعد عبورهم للصراط علي قنطرة أخري بين الجنة والنار" لماذا؟ "للقصاص". للقصاص. هل تتصور أن ظلمك لأخيك سيضيع سدي ؟ لا. هل تتصور أنك يوم أن اغتبت فلانا. أو مشيت بالنميمة. وأفسدت القلوب بين الناس أو ظلمت فلانا. أو ضربت فلانا. أو شتمت فلانا أو قذفت فلانة. هل تظن أن هذا يضيع سدي؟ لا. مع أنك من المؤمنين وعبرت الصراط. تُحبس مرة أخري للقصاص. اسمع ماذا قال سيد الناس : "إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا علي قنطرة بين الجنة والنار يتاقصون مظالم كانت بينهم".. آه من الظلم! آه من الظلم ! ولو بكلمة "يتقاصون مظالم كانت بينهم حتي إذا هذبوا ونقوا انطلقوا إلي الجنة". اسمع ماذا يقول رسول الله قال "فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدي " أي : أعرف وأدل " لأحدهم أهدي بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" " وَهُدُوا إِلَي صِرَاطِ الْحَمِيدِ" الحج 23/24 ما تدبر كثيرا من هذه الكلمات النبوية. أقول : ينطلق كل واحد منا إلي بيته ومنزله. دون أن يسأل أحداً. ليدله علي هذا المنزل كذلك في الآخرة بعد هذا القصاص والتطهير والتهذيب. ينطلق كل مؤمن إلي منزله علي قدر مكانته وعمله في الجنة يقول النبي : "هو أعرف بمنزله في الجنة من معرفته بمنزله كان في الدنيا " " وَهُدُوا إِلَي صِرَاطِ الْحَمِيدِ". قال جل وعلا في سورة محمد : "وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ " "محمد 6" فكل يعرف منزله وكل ينطلق إلي مكانته. نسأل الله أن يرزقنا الفردوس الأعلي. إنه ولي ذلك والقادر عليه. هذه هي مراتب الهداية. وأقسام الهداية. هداية عامة. وهداية الدلالة والإرشاد والتعريف والبيان وهداية التوفيق. والهداية في الآخرة. يهدي الله أهل الجنة إلي الجنة. ويهدي الله أهل النار إلي النار. فكما أن الجنة درجات. فأن النار دركات. اللهم نجنا من النار كل له منزلة. كل له مكانة في النار. فالجنة درجات. والنار دركات قال جل وعلا "احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ "22" مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَي صِرَاطِ الْجَحِيمِ"الصافات 22/.23 وللحديث بقيه العدد القادم ان شاء الله