استفزتني إحدي مذيعات الفضائيات لإصرارها الشديد وغير المبرر علي تخصيص ملفات لا حصر للحديث عن الجن وكيف أنه يلبس الإنسان ويضره رغم عدم صحة هذا الكلام وتعارضه التام وما جاءت به الشريعة الإسلامية. ومما زاد غرابتي واستفزازي هو قيام هذه المذيعة باستضافة أحد نجوم الفضائيات الدينية والذي راح بدوره يسترسل في الحديث عن كيفية دخول الجن لجسم الإنسان ومعاشرته له.. لذا حاولت خلال "عقيدتي" الرد علي هذا الشيخ وأبدأ حديثي له بقول: "اتق الله فينا" ثم وجب علي أن أوضح حقيقة الجن وعلاقته بالإنسان لأبصر الناس بما يراد بهم ولا ينجرفوا وراء هذه البرامج التي تدفعهم لطريق الدجل والشعوذة فبداية الجن مخلوق لقوله تعالي: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" كما أن هناك صورة كاملة بالقرآن الكريم تتحدث عن الجن والجن بالنسبة لنا غيب لا نعلمه ولا نعلم طرق التواصل معه.. كما أنه لا يوجد دليل مادي في القرآن الكريم يثبت حقيقة سماع الجن قبل البشر في حين توجد آيتان تفيدان بأن الجن يسمعون حديث الإنسان لقوله تعالي: "قل أوحي إلي أنه استمع نفراً من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآن عجبا" وكذلك قوله تعالي: "وإذ صرفنا إليك نفر من الجن يستمعون القرآن". أما موضوع الاستشفاء بالجن كما يردد بعض الجهلة والمشعوذين فهذا قول عار تماما من الصحة وتجرؤ علي الله - عز وجل - لأن الشفاء بيد الله وحده لقوله تعالي: "وإذا مرضت فهو يشفين". وليس هذا فحسب فلا يوجد دليل ولا آية تشير إلي إمكانية تسخير الجن من قبل البشر فالجن لم يسخر إلا لسليمان - عليه السلام - وهي معجزة خاصة به كمعجزة إحياء الموتي وإبراء الأكمه والأبرص لعيسي - عليه السلام - وهي كانت دعوة لسليمان. ومن المغالطات التي يرددها هؤلاء المشعوذون علي شاشات الفضائيات فيما يتعلق بتلبس الجن للإنسان هو الاستناد زورا وبهتانا للآية الكريمة التي تقول: "كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" "البقرة - 275" فهم للأسف الشديد لا يقرأون الآية كاملة فهي تتكلم عن الربا وحال آكل الربا لكنهم لا يقولون ذلك فهي يعني أن من يأكل الربا يدخل فيه الجن.. لكن حقيقة الأمر تؤكد أن علاقة الجن بالإنسان هي علاقة وسوسة والجن لا يمكنه ضر الإنسان لأن ذلك يتعارض مع عدل الله وحاشا لله الا يكون عادلا بأن يحكم فينا مخلوقات لا نراها.