* يسأل مهدي عبدالرحمن من القاهرة: هل الكافر نجس العين بحيث لو أدخل يده في الماء القليل ينجسه أو أخذ بيده الأشياء المطلوبة المائعات واللبن والسمن فهل يحل أكلها أم يحرم؟ ** يقول د.محمود إمبابي وكيل الأزهر الأسبق: لا شك أن هذا السؤال هام جدا فهناك من المسلمين من يعيش في دول غير إسلامية ويتعامل مع مشركين وكفار بحكم عمله وما تفرضه أمور حياته من بيع وشراء ومعاملات يومية. وأقول: الكافر ليس بنجس العين علي المذهب حيث ورد: أن النبي صلي الله عليه وسلم أنزل وفد ثقيف في المسجد مع وجود الأمر بتطهير المساجد فدل ذلك علي أن أعيان -أي: أبدان- الكفار ليست نجسة. وقال الشافعي "رحمه الله" سؤر الكافر نجس لقوله تعالي: "إنما المشركون نجس..." ولأن الكافر لا يخلو عن جنابة. ولنا ما روي أن النبي صلي الله عليه وسلم أنزل وفد ثقيف في مسجده وهم كفار. لأن الخبث في الاعتقاد. فلا يؤثر ولا يؤدي إلي تلويث المسجد. فهذا صريح في أن نجاسة الكافر في اعتقاده وليست في أعضائه لأن الكافر ليس بنجس العين عند الحنفية فلا ينجس الماء بإدخال يده فيه. وفي الفتاوي أجمعوا علي أن الجنب والحائض والمشرك إذا أغمس كل واحد منهم يده في الماء القليل أو الإناء. فإن الماء باق علي طهارته ويستفاد من قوله: "أجمعوا" أنه مجمع عليه في المذاهب الأربعة. أما ما نقل عن الشافعي "رحمه الله" فهو قول لا مذهب ويؤيده ما في الكشاف عن ابن عباس "رضي الله عنهما": "أعيانهم كالكلاب والخنازير". وعن الحسن: "من صافح مشركا توضأ" وأهل المذاهب علي خلاف هذين القولين. ومذهبنا يقول: الكافر ليس بنجس العين كالخنزير مثلا. وقال بعض الفقهاء: "سؤر الآدمي وما يؤكل لحمه طاهر" ويدخل في هذا الجواب الجنب والحائض والنفساء والكافر. وورد: الآدمي طاهر بالاتفاق سواء كان مسلما أو كافرا. وأما الأشياء التي تتناولها أيديهم كالأطعمة والمائعات فهي حلال أكلها لكونها طاهرة كيف وقد تناول أكابر الصحابة "رضي الله عنهم" من أطعمتهم؟! ففي الطريقة المحمدية" روي أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لما هجموا علي باب كسري وجدوا في مطبخه قدورا فيها ألوان الأطعمة فسألوا عنها. فقيل إنها مرقة فأطعموا منها وأكلوا. فتعجبوا من ذلك وبعثوا بشيء إلي عمر رضي الله عنه فتناول عمر وتناول أصحابه. أيضا توضأ رسول الله صلي الله عليه وسلم من إناء المشرك وتوضأ عمر رضي الله عنه في ضرف النصرانية كما صرح به في المكتوبات. وفي سنن أبي داود وغيره أن النبي صلي الله عليه وسلم أهديت له هدية بخيبر شاة يهودية سمي عليها فأكل منها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأكل رهط من أصحابه. وكذا في حياة الحيوان عن جابر رضي الله عنه قال: "كنا نغزو مع رسول الله صلي الله عليه وسلم" فنصيب من آنية المشركين واسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم". عن عمران بن حصين قال: "كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في سفر فدعا فلانا ودعا علي بن أبي طالب فقال: "اذهبا فابتغيا لنا الماء" فانطلقا فلقيا امرأة بين سطيحتين أو بين مزادتين علي بعير. فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عندي بالماء أمس هذه الساعة. ونفرنا خلوفا فقال لها: انطلقي. فقالت: أين؟ قالا لها: إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم قالت: هذا الذي يقال له الصابيء! قالا لها: هو الذي تعنين. فانطلقا فجاءا بها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وحدثاه الحديث. فقال: "استنزلوها من بعيرها" ودعا رسول الله صلي الله عليه وسلم بإناء فجعل فيه أفواه المزادتين أو السطيحتين قالا: ثم مضمض ثم أعاد في أفواه المزادتين أو السطيحتين ثم أطلق أفواههما".