* يسأل م.ع من الدقهلية: رجل محصن زني بامرأة محصنة في بلد لا يقيم حد الزني. فكيف يتوب؟ وهل يجب عليه حتي يتوب أن يقام عليه حد الزني؟ ** يجيبه د.علي جمعة مفتي الجمهورية: من وقع منه هذا الذنب وستره الله فهو إلي الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه. روي الإمام البخاري أن عبادة بن الصامت "رضي الله عنه" وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال. وحوله عصابة من أصحابي: بايعوني علي ألا تشركوا بالله شيئا. ولا تسرقوا. ولا تزنوا. ولا تقتلوا أولادكم. ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم. ولا تعصوا في معروف. فمن وفي منكم فأجره علي الله. ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له. ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلي الله. إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه "فبايعناه علي ذلك" فقد بين الحديث أن من أصاب ذنبا ثم ستره الله تعالي فهو إلي الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه. وفي هذه الحالة وجب عليه الاستغفار عن هذا الفعل والاستغفار في الشريعة الإسلامية عبادة عظيمة يستقل فضلها كثير من الناس. وهي من أرجي العبادات عند الله تعالي. فعن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار. جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا. ورزقه من حيث لا يحتسب. والحدود في الإسلام عقوبة ثابته مقررة يجب تطبيقها علي من ارتكب المخالفات المنوطة بها. ولكن للحدود احكاما وشروطا ينبغي أن تفهم حتي يكتمل فهم الأحكام الإسلامية. فينبغي أن تفهم حدود الإسلام في ظل نظامه المتكامل الذي يتخذ أسباب الوقاية قبل أن يتخذ أسباب العقوبة والشروط التي وضعها الإسلام لإثبات الحدود في غاية التشديد. ومن أشدها ما يكون في إثبات جريمة الزني. بحيث إنها لا تثبت إلا علي مجاهر. والدارس للإسلام وأحكامه يدرك حقائق أساسية لتشريع الحدود في الإسلام. نشير إلي بعضها بإيجاز: أولاً: الحدود في الإسلام إنما هي زواجر تمنع الإنسان المذنب أن يعود إلي هذه الجريمة مرة أخري. وهي كذلك تزجر غيره عن التفكير في مثل هذه الفعلة وتمنع من يفكر أن يقارف الذنب. وهي أيضا نكال "مانع" من الجريمة علي مستوي الفرد وعلي مستوي الجماعة. ثانيا: إن من المقرر لدي علماء الإسلام قاعدة "درء الحدود بالشبهات" أي جعل الظن والشك في صالح المتهم. ثالثا: من القواعد المهمة قاعدة "وجوب الستر" فالإسلام يأمر بالستر قبل الوصول إلي الحاكم. فعن زيد بن اسلم عن يزيد بن نعيم عن أبيه أن ماعزا أتي النبي صلي الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه وقال لهزال "لو سترته بثوبك كان خيرا لك". ولذلك فقد كان صلي الله عليه وسلم يحزن علي من طبق عليه الحد. فعن شعبه. قال: سمعت يحيي الجابر. يقول: سمعت أبا ماجدة. يقول: كنت قاعدا مع عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. فقال: إني لأذكر أول رجل قطعه رسول الله صلي الله عليه وسلم. أتي بسارق فأمر بقطعه. فكأنما أسف وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا: يارسول الله كأنك كرهت قطعه. قال: "وما يمنعني. لا تكونوا أعوانا للشيطان علي أخيكم أنه لا ينبغي للإمام إذا انتهي إليه حد إلا أن يقيمه. إن الله عفو يحب العفو وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم.