يمكن أن يقال عن مصر في هذه الأيام أنها: في مفترق طرق. ومعني ذلك أنها تقف متأملة واعدة أي طريق تسلك. فكل الطرق لا تؤدي الي روما كما يقولون. ولكن الطرق مختلفة . فهذا طريق معبد وسهل. وذاك طريق مليء بالعثرات والعقبات. وخير الناس هو الذي يختار الطريق الأيسر المؤدي الي الغاية من غير عقبات ولا عثرات. والعقل الرشيد هو الذي يحسن الاختيار فينظر الي ماضي المرشح وحاضره ورؤيته للمستقبل. فإذا توفرت لديه الضمانات الطبية للاختيار فعليه الا يتردد وعليه كذلك ان يحفز غيره بسلوك طريقه حتي تكتمل الرؤية الواضحة لمن يتولي المسئولية الأولي في الدولة. وهي مسئولية عالية القدر تتوقف عليها أمور كثيرة تحسن من وضع الأمة مستقبلا ووحدة كلمتها حول الحق الذي لا تأثيم فيه. وهي اذا فعلت ذلك تكون قد حظيت بتوفيق الله لها في صواب رؤيتها الي المستقبل. وقد وضع الإسلام الضوابط الكثيرة لاختيار من يتولي أي مسئولية في الأمة. فما بالنا بالضوابط التي يراها هذا الدين القويم في شخصية المسئول الأول فيها وليس هناك في الإسلام من يجزم بأنه علي صواب دائما. وقد اعطانا الخليفة الأول لرسول الله صلي الله عليه وسلم أبوبكر الصديق رضي الله عنه. والذي ورد ان رسول الله قال فيه: "لو كان أبوبكر نبيا لتبعته" أبوبكر هذا عندما تولي الخلافة وخطب أول خطبة له قال فيها: أيها الناس. لقد وليت عليكم ولست بخيركم. فان أصبت فاعينوني. وان صدفت فقوموني. وبذلك أعطي أبوبكر المثال من نفسه علي أنه يخطيء ويصيب. وان علي الأمة ان تقومه وتصوب له أخطاءه. وعمر بن الخطاب نفسه قال في خطبته الأولي بعد توليه الخلافة: ان أصبت فاعينوني وان رأيتم في أعوجاجا فقوموني. فقال له واحد من الرعية والله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا. فقال عمر: الحمد لله الذي أوجد في أمة محمد من يقوم عمر بسيفه. قال عمر ذلك وهو علي يقين بأنه اذا اخطأ فانه يتقبل تصويب خطائه بنفس طيبة لأن الهدف العام هو صلاح أمر هذه الأمة الذي يجب ألا يفرط فيه واحد منها. وهذا هو الأسلوب الأمثل لمسيرة الأمة التي يشترك في مسئوليتها الحاكم والمحكوم علي السواء. والذين رشحوا أنفسهم في مصر لتولي المسئولية الأولي فيها كثيرون وليتهم جميعا يكونون علي مستوي المسئولية التي رشحوا أنفسهم لتوليها. وهذا لا يكون بحساب النفس فاذا حاسب كل مرشح نفسه قبل ان يتقدم للترشيح فان هذه الأعداد الكبيرة التي تقدمت بترشيح نفسها للمسئولية الأولي هذه الأعداد ستتناقص كثيرا لأن هذه المسئولية أمانة وقد وصفها رسول الله صلي الله عليه وسلم بأنها يوم القيامة خزي وندامة. الا من أخذها بحقها فليكن المرشحون لهذه المسئولية موضع حساب أنفسهم قبل ان يتقدموا لحساب الآخرين. والله من وراء القصد هو ولينا ونعم النصير.