* يسأل وائل الكرداسي من شبين القناطر: هل تجيز الشريعة الإسلامية عقوبة الإعدام علي جرائم خطف الأطفال والسيدات. والاعتداء علي أعراضهن؟ ** يجيب الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق: إن من مقاصد التشريع الإسلامي ما سماه الفقهاء بالضروريات الخمس وجرت عبارتهم بأنها حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ النسل وحفظ المال وحفظ العقل. وقالوا: إنه بالاستقراء وجد أن هذه الضروريات الخمس مراعاة في كل ملة. وفي سبيل حفظ هذه الضروريات شرعت العقوبات وهي كما جاءت في استنباط الفقهاء من مصادر الشريعة تتنوع إلي ما يأتي: الحدود: والحد من العقوبة المقدرة بنص الشارع. وهي حق الله تعالي. وجرائم الجناية علي النفس وما دون النفس وما يتبعها من الدية والأرش وجرائم التعازير. وإذا كانت الجرائم المسئول عنها لا تدخل في نطاق الحدود بمعناها الشرعي. كما لا تندرج تحت عقوبات الاعتداء علي النفس وما دون النفس فهل تدخل في نطاق التعازير؟ وإذا انطوت تحت هذا العنوان فما عقوبتها التي يشير إليها فقه الشريعة؟ من المناسب قبل الإجابة علي هذا: النظر في أقوال فقهاء المذاهب في أمثال هذه الجريمة. يقرر فقهاء الحنفية عقوبة القتل سياسة في الجرائم التي تمس أمن المجتمع وتهدد مصالح الناس. سيما إذا وقعت من معتاد الإجرام فقالوا: إن السارق إذا تكرر منه فعل السرقة قتل سياسة والجاسوس الذي ينقل أسرار الدولة للأعداء يقتل سياسة. وذلك لسعيه بالفساد في الأرض. واتفق فقهاء المالكية علي أن أقل عقوبة التعزير غير مقدرة - واختلفوا في أقصاها. والمشهور عن مالك أنه يجيز التعزير بما فوق الحد. وذهب بعض فقهاء الشافعية إلي جواز قتل صاحب البدعة المخالف للكتاب والسنة. والقتل في اللواط للفاعل والمفعول به قتلاً بالسيف - كما قالوا: إن قطع الطريق كما يكون في الصحراء أو الخلاء يكون في المصر. وأنه إذا علم الإمام بقوم يخيفون الطريق ولم يأخذوا مالاً ولا قتلوا نفساً عزرهم وجوباً. وفي كتاب "قواعد الأحكام" للعز بن عبدالسلام الشافعي: الإتلاف وهو أضرب: الضرب الثاني: إتلاف الدفع وهو أنواع. أحدها: القتل والقطع والجرح لدفع ضرر الصيال علي الأرواح والإبضاع والأموال - إلي أن قال: الخامس: إتلاف لدفع المعصية كقتال الظلمة دفعاً لظلمهم وعصيانهم. وكذلك تخريب ديارهم وقطع أشجارهم وقتل دوابهم إذا لم يمكن دفعهم إلا بذلك. ويستفاد من عبارة العز بن عبدالسلام أن الإتلاف أي: القتل لدفع المعصية من حق ولي الأمر» لأن قتال الظلمة يقتضي قتلهم. وذهب بعض فقهاء المذهب الحنبلي إلي جواز التعزير بقتل الجاسوس وقتل المبتدع في الدين. وكل من لم يندفع فساده إلا بالقتل ومن تكرر منه الفساد ولم تردعه الحدود - وقالوا: إن قطع الطريق كما يكون في الصحراء يكون في المصر. في الفقه المالكي. كما جاء في قتل الجاسوس والمفسد في الأرض. وجري بذلك قول بعض الشافعية سيما في أحكام دفع الصائل. ولعل في قول عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه: تحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من فجور. ما يشير إلي ضرورة الأخذ بقول جمهور فقهاء المذاهب - علي نحو ما سبق بيانه - من جواز القتل تعزيراً سياسة سيما هؤلاء المجرمين الذي يثبت احترافهم للقتل والسطو علي الناس في الشوارع والسيارات والقطارات بل وفي المنازل. وهؤلاء الذين يخطفون الأطفال والإناث متي ثبت عليهم هذا الجرم يجوز عقابهم بالقتل. باعتبارهم خطراً علي المجتمع ولا يرجي صلاحهم. وباعتبار أن فعلهم مناف لمقاصد الشريعة التي تدعو لحفظ النفس والدين والعرض. وفي أقوال أبن جرير الطبري - سالفة الذكر - في تفسير آية الحرابة تأييد واضح لأقوال الفقهاء الذين أجازوا عقوبة القتل تعزيراً وسياسة. هذا: ولما كانت الجرائم المسئول عنها تمس أمن المجتمع وسلامته» إذ فيها ما يهز الأمن. وفيها ترويع الأطفال والنساء والاعتداء علي الأعراض التي صانها الإسلام. بل إنه حرم مجرد النظر إلي النساء الأجنبيات. وفيها إشاعة الفوضي والاضطراب في البلاد. وإضاعة الثقة في قدرة الحكام علي ضمان الأمن العام. فإن المجرمين الذين اعتادوا الإجرام ولا يرجي منهم التوبة. والإقلاع عن القتل والخطف والسرقة والزنا. كل هؤلاء يجوز أن تشرع لهم عقوبة القتل سياسة. علي أن توضح الضوابط الكفيلة بالتطبيق العادل حماية للإنسان الذي حرم الله قتله إلا بحق. فلا يؤخذ في مثل هذه العقوبة بالظنة والشبهة. بحيث يكون ملحوظاً في التشريع الحيطة في الاثبات سيما إذا لم يتم القبض علي الجاني متلبساً بجرمه.