انطلاق فعاليات الملتقي التوظيفي السنوى لكلية الزراعة بجامعة عين شمس    التنظيم والإدارة: 59901 متقدم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    محافظ القاهرة يؤدي صلاة الجمعة بمسجد السيدة زينب    إزالة 30 حالة تعدي بأسيوط حفاظا على الرقعة الزراعية وأملاك الدولة    إطلاق مراجعات الثانوية العامة لمبادرة «تقدر في 10 أيام» بمطروح.. 29 مايو الحالي    توريد 572588 طنًا من القمح لمراكز التجميع بالشرقية    محافظ المنوفية استمرار تلقى طلبات التصالح على مخالفات البناء أيام العطلات الرسمية    تراجع اسعار الحديد بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 17 مايو 2024    تيسير إجراءات استيراد المكونات الإلكترونية للشركات الناشئة بمجال التصميم الإلكتروني    وفد جنوب إفريقيا: نأمل أن تتخذ «العدل الدولية» قرارًا بمنع تفاقم الأوضاع في غزة    إذا هوجمت رفح.. ماذا سيفعل نتنياهو بعد ذلك في الحرب؟    متحدث "فتح": نخشى أن يكون الميناء العائم الأمريكي ممرا للتهجير القسري للفلسطينيين    إصابات إسرائيلية إثر إطلاق 80 صاروخا من لبنان تجاه الجليل الأعلى والجولان    من بوابة «طلاب الجامعات».. بايدن يسعى لأصوات الأمريكيين الأفارقة بانتخابات 2024    كولر: لا نمتلك الأفضلية على الترجي.. ومباراة الغد تختلف عن لقاء الموسم الماضي    وفاة المراسل أحمد نوير.. ماذا كتب قبل رحيله عن عالمنا؟    فرق الصحة المدرسية بالقليوبية تستعد لامتحانات الشهادة الإعدادية    جمارك الطرود البريدية بقرية البضائع تضبط 3995 قرص ترامادول داخل كمبروسر    متحف الطفل يحتفي باليوم العالمي للمتاحف.. غدا    حفل ختام مهرجان المسرح وإعلان الجوائز بجامعة قناة السويس    منهم يسرا وعدوية.. مواقف إنسانية لا تنسى للزعيم عادل إمام يكشفها النجوم    «الصحة» توجه عددًا من النصائح لحماية المواطنين من مضاعفات موجة الطقس الحار    لأطفالك.. طريقة عمل ميني الكرواسون بالشوكولاتة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    كوريا الجنوبية: بيونج يانج أطلقت صاروخًا باليستيًا تجاه البحر الشرقي    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    أستاذ تمويل يكشف توقعاته بشأن ارتفاع سعري الذهب والفائدة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد عبور الأزمة وتحقيق المصالحة.. د. القصبي شيخ مشايخ الصوفية:
الطرق الصوفية مدارس علمية تربوية.. وليست سياسية
نشر في عقيدتي يوم 06 - 03 - 2012

شهدت مشيخة الطرق الصوفية مصالحة تاريخية بين أبنائها بعد أربع سنوات عجاف من الخلاف والشقاق والصراع علي منصب شيخ المشايخ.. تجمدت خلالها مسيرة العمل الصوفي وتعرض البيت الصوفي للانهيار وكان هدفا سهلا لكثير من الحملات العدائية التي سكبت مزيداً من البنزين علي النار لتشعل الخلافات أكثر وأكثر وتزيد الانشقاقات.
وقد باءت عدة محاولات للصلح بالفشل خاصة بعد أن وصلت الأمور إلي القضاء.. لكن التحديات الخطيرة التي تكالبت علي التصوف.. فضلا عن روح ثورة 25 يناير التي أعادت ثقة المواطن المصري في نفسه وإدراكه لوجوب انهاء الخلافات وتعميق الروابط الأخوية بهدف المصلحة العليا للبلاد والعباد.. دفعت حكماء الصوفية للاستماع لصوت العقل والحكمة وضرورة انهاء الخلاف والشقاق لتوحيد الصف وإعادة الاستقرار للبيت الصوفي من جديد.. فكان اجماع أعضاء الجمعية العمومية الاسبوع الماضي علي الدكتور عبدالهادي القصبي شيخاً للمشايخ وطي صفحة الماضي والانطلاق نحو المستقبل بمواكبة متطلبات العصر والظروف الراهنة في ضوء ثورة يناير العظيمة.
لذلك حرصت "عقيدتي" علي لقاء د. القصبي للتعرف منه علي استراتيجية ومنهج العمل الصوفي خلال المرحلة المقبلة.. فكانت هذه هي المحصلة.
* عقيدتي: دون الخوض في ملابسات أسباب الخلاف التي أدت إلي الفرقة الصوفية.. كيف نتجنب مستقبلا الوقوع في مثل هذا الخلاف ثانية؟
** د. القصبي: نعترف بأن الفترة السابقة كانت قاسية للغاية وكنا نسعي بقدر المستطاع لنعبر الأزمة فقد كان من العجيب والغريب أن يحدث ذلك في البيت الصوفي وقد أجرت عقيدتي أكثر من لقاء وتحقيق حول هذه المشكلة التي لا أساس لها وهي مفتعلة ونعترف بوجود أطراف عدة تدخلت لزيادة حجم الخلاف والنفخ فيه وكنا دائما نسعي للقضاء علي هذا الخلاف ونمد أيدينا ولكن قدر الله وما شاء الله فعل ولعل هناك حكمة إلهية في ذلك والأهم اننا الآن أتفقنا وعقدنا جمعية عمومية بوجود جميع السادة مشايخ الطرق الصوفية وتعاهدنا أن نخلص لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم وللمؤمنين ولأبناء شعب مصر بالكامل فهذا هو العهد الذي تعاهدنا عليه كما تعاهدنا بألا نسمح لأي شخص مهما كان بالتدخل ثانية بيننا حتي لا يشق الصف الصوفي وأدعو الله تعالي أن يوفقنا لذلك.
الخطة المستقبلية
* عقيدتي: انطلاقا من هذا العهد والمصالحة.. فما خطتكم المستقبلية للنهوض بالمشيخة في المرحلة القادمة لتعويض ما فات في السنوات الأربع الماضية؟
** د. القصبي: المشيخة العامة قديمة وموجودة قبل وجود مشيخة الأزهر الشريف وبالتالي هناك مهمة أساسية للمشيخة الصوفية وهي المهمة التي اضطلع بها أهل التصوف منذ القدم وتتمثل في المهام الدعوية والأخلاقية والوطنية ولدينا خطة كبيرة جدا وسنبدأ في تحقيقها جاهدين بمشيئة الله تعالي. كما أعلنا مرارا وتكرارا ان المشيخة لم تكن أبدا تيارا سياسيا ولن تكون فهي مدارس علمية وتربوية وأخلاقية ونستمد المنهج من الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم.
وكانت هناك ميزة لأهل التصوف انهم أهل حب وتسامح ووسطية ونحن نتابع الأحداث الوطنية من جانب آخر بمزيد من الاهتمام ونلاحظ الانفلات الأمني الموجود في الشارع وأعتقد انه انفلات أخلاقي قبل أن يكون أمنيا. ولذلك فقضية الأخلاق هي إحدي الركائز الأساسية في العلوم الصوفية حتي ان لدينا قولا شهيرا مفاده "من زاد عليك خلقا زاد عليك تصوفا" وأهل التصوف يقتدون بحضرة النبي صلي الله عليه وسلم القائل: "أدبني ربي فأحسن تأديبي" وعندما أراد الله تبارك وتعالي أن يزكي رسوله الكريم وصفه بقوله "وإنك لعلي خلق عظيم".
فنحن في أمس الحاجة لأن تنضبط القاعدة الأخلاقية بعد الثورة وظهور أشياء وسلوكيات دخيلة وغريبة علي الشعب المصري لا تجد لها طعما ولا معني من انتهاك حريات وتعد علي النساء والأطفال والآمنين واقتحام مصالح عامة مسائل مخيفة جدا مما تجعلنا بحاجة ماسة للعودة إلي القاعدة الأخلاقية والأخلاق الصوفية التي هي طبيعة الشعب المصري فقد كان الزائر لبلدنا يتعجب كيف ان الشارع المصري آمن طوال 24 ساعة في المقابل نجد في الولايات المتحدة الأمريكية لا يستطيع الشخص المرور في شوارع معينة أو ولايات محددة بعد ساعة محددة وإلا تعرض للاعتداء أو ضرورة الحصول علي تصريح.
فقد كان الشارع المصري متميزا بحالة الأمن والأمان والاطمئنان والسكينة والضيافة والحب وهذه هي الأخلاق الصوفية المصرية.
ولأن مهمتنا دعوية وإسلامنا يدعو إلي الوسطية والسماحة فنحن نقوم بهذا الواجب خاصة بعد ظهور بعض النظريات المتشددة التي أعطت فكرة سلبية عن الاسلام في العالم ونظرا لأن تواجدنا كصوفية في العالم كله إذن فلابد أن نعيد شكل وجوهر الاسلام الحقيقي الذي جاء بالحب والتسامح ولا يوجد فيه بغض ولا إرهاب ولا قتل ولا عنف.
وتتركز مهمة أهل التصوف علي هذا الجانب باعتبارهم أهل وسطية وسماحة وحب وقبول للآخرين سواء في الداخل أو الخارج.
أما من الناحية الوطنية فالمشيخة هي هيئة دينية عليا وطنية ومن يراجع التاريخ الصوفي يجد ان أهل التصوف لهم العديد من المواقف الوطنية خاصة في الأزمات فهم الذين تصدوا للاستعمار والصهيونية وكم خرج علماء ومشايخ التصوف ومعهم الأحباب والأتباع لصد الهجمات العدوانية والاستعمارية ضد الوطن.
"هزة" عنيفة
ونحن الآن نمر بأزمات عديدة يستشعرها كل مواطن مصري وقضايا أخلاقية واقتصادية وسياسية واجتماعية أي ان المجتمع الآن في حالة معاناة وكأن المجتمع فقد الثقة في القدوة وكيف يكون هذا ولنا في سيدنا رسول الله الأسوة الحسنة؟ ولنا نماذج عظيمة علي مر التاريخ؟!
لقد حدثت "هزة" عنيفة في المجتمع أفقدته الثقة في رجالة مع ان مصرنا الحبيبة غنية برجالها وعلمائها في مختلف المجالات العلمية والدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية.. فيجب علي شعبنا العريق ألا يهتز أبدا مهما حدث لأننا نستطيع التغلب علي هذه الأزمات والتاريخ يثبت لنا ان شعبنا استطاع أن يتجاوز كل الأزمات.
في المقابل كم كان جميلا أن يبرز أصحاب الحكمة أيضا في كل المجالات وهم يتمتعون بالحس الوطني ويراعون الله في كل أقوالهم وأفعالهم.. في الوقت الذي كان الجميع يتصارع ويلقي بنفسه في السفينة الجديدة وكانت هذه التصرفات خطيرة جدا. لكن في لحظة من اللحظات خرج علينا توجيه فضيلة الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي وكيف كان يصف "الثائر الحق" ومما لاشك فيه ان الذي أذاع هذا هو وطني حريص علي أن نستعيد زمام الأمور ونحتكم للعقل وقد حققنا طموحات كثيرة وكان لابد أن نعود لنبدأ في إعادة ترتيب مصالح البلاد والعباد.
إذن فالمشيخة الصوفية أمامها مهمة دينية ودعوية ووطنية ضخمة وقد تعاهدنا فيما بيننا كمشايخ صوفية بألا نبخل بأي جهد أو أي شيء من أجل تحقيق مصالح كل المصريين مسيحيين ومسلمين. سلفيين وإخوان.
ومن خلال "عقيدتي" أوجه دعوة إلي جميع أبناء مصر ان استمعوا جيدا إلي نداء حضرة النبي صلي الله عليه وسلم عندما أسس الدولة الاسلامية ووقف يصلي بالمسلمين فإذا بالتوجيه النبوي ان "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة".
أعتقد ان النبي أراد بهذا التوجيه أن يعلمنا: انه لا فلاح ولا صلاح ولا اقتصاد ولا سياسة تنجح إلا بتسوية الصف هذه دعوة موجهة إلي جميع أبناء مصر بمختلف طوائفهم وأفكارهم وانتماءاتهم. آن الأوان لأن يحترم كل مصري فكر الآخر بلا تجاوز الإسلام السياسي
* عقيدتي: صعود التيار الإخواني والسلفي سياسياً.. هل يمثل تخوفاً عند الصوفية خاصة مع التخوف من إلغاء المادة القانونية المتعلقة بالصوفية وبالتالي نزع السند الدستوري للوجود الصوفي؟
** د. القصبي: أولاً دعني أصف هذا بأنه نوع من أنواع الإرهاب. وأنبه إخواني الصوفيين والسلفيين وكافة أبناء المسلمين أي كل من يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" احذركم من الفتنة. لا تختلفوا. أدعوكم إلي الوحدة. سووا خلافاتكم القديمة. فلا يوجد خلاف بين مسلم ومسلم في قواعد أصولية والخلافات كلها فرعية ولا يصح ولا يجوز أن نطلق عليها خلافات بل يجب علينا أن نجلس ونتناقش ونتفاهم ونزداد تمسكاً لصالح الأمة المصرية.
وقد خبر الأعداء الخريطة بالكامل واستطاعوا أن يضخموا الخلاف من أجل إعلاء مصالحهم. فعلينا أن ننتبه إلي هذا فلا يجوز ولا يصح أن يختلف مسلم مع مسلم. بل أكثر من هذا فالنداء موجه إلي جميع المصريين: نحن إخوة مصريين.. مسلمين ومسيحيين. ولا يجوز ولا يصح أن نسمح لأحد من الخارج أو الداخل أن يتدخل في شئوننا الداخلية. احذروا من هذا ولا تعطوا لأعدائكم السلاح الذي يحاربكم به. نحن شعب واحد. وضمير الأمة يجب أن ينتبه إلي المخططات التي تحاك بالبلاد. وقد استمعت في وقت من الأوقات إلي من يشكك في أن هناك مخططات خارجية ليؤكد علي الخلافات الداخلية وأن أسباب التخلف إنما هي من الداخل.. صحيح أن هناك أسباباً داخلية ولكن هناك من يغذي نظرية الفتنة والتخلف من أجل أن يكون ضد مصر والمصريين.
شعب مصر الذي يتجلي معدنه الأصيل مع الأزمات يجب أن يستقر. ولا نسمح لأحد أن يدعي وجود عداء بين الصوفية والسلفية. أو الإخوان والسلفية. ولا يصح أن يكون هناك عداء بين مسلم ومسيحي فهذه الدعاوي محسوبة ومدفوعة في اتجاه واحد فقط وهو إسقاط مصر والمصريين.
فالمسلم الحقيقي ينبغي أن ينعكس شخصه وسلوكه خيراً وأمناً وأماناً علي المجتمع. وهذه قضية مهمة جداً. والآن بعد أن أصبح الحكم للإسلاميين عليهم مسئولية كبري بأن يثبتوا للعالم أن الإسلام عندما يحكم إنما هو تطبيق نطرية الأمن والأمان والعطاء والتكافل وتمهيد الأرض للعباد. وإماطة الأذي عن الطريق صدقة. والتبسم في وجه أخيك صدقة. فنحن لا نعلم أن الإسلام تشدد وقسوة. وإرهاب فهذه المفاهيم المغلوطة أوجدها أعداء الدين.
فيا معشر المسلمين. تنبهوا.. واستعيدوا الريادة للإسلام والمسلمين ولا تعطوا الفرصة لأحد أن يقول بأنه عندما حكم الإسلاميون كان هناك التشدد والقسوة والعنف. ولنرجع إلي سيدنا رسول الله حينما وقع صحيفة المعاهدة مع اليهود كيف أنهم أمنوا واطمأنوا كما لم يطمئنوا من قبل ولا بعد. هكذا كان النبي لديه الدبلوماسية العالية وهذا هو التحدي الأخطر. وأتعشم ألا أسمع الخوف من الإسلاميين. فكلمة الخوف لا توضع بجانب الإسلام بل نضع بجانبه الأمن والحب والتسامح والعطاء والثقة والاطمئنان في الدنيا والآخرة. فهذه هي المعاني التي يجب أن تكون مرادفة للإسلام والمسلمين.
هدم الأضرحة
* عقيدتي: ولكن كيف تنظرون إلي بعض حوادث الاعتداء علي عدد من الأضرحة وهدمها في بعض المحافظات؟
** د. القصبي: لقد صدرت فتاوي عديدة من مشيخة الأزهر ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية والمشيخة الصوفية بتحريم التعدي علي الأضرحة ونبش القبور وأن هذه مسألة لا يقبلها الدين ولا الإنسانية. وأعتقد أن من يغذي هذه المسألة يستهدف إحداث فتنة بين الصوفيين والسلفيين. وأقول لهذا صراحة: لم ولن نعادي شخصاً يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله. وأن هذه الخطط ستبوء بالفشل. ونحن نفتح قلوبنا ونمد أيدينا إلي كل مسلم ينطق بالشهادتين ولن نقبل أن تكون بيننا وبينهم أي فتنة بل نقبل أن نصطف صفاً واحداً وأن نكون جميعاً فداء لهذا الوطن وأن نعمل جميعاً لصالح المواطنين ولإعلاء كلمة الحق وإبطال الباطل.
علي كل طرف من الأطراف ألا يستجيب لمثل هذه المخططات التي أصبحت مكشوفة. وقد كشفت النقاب عن هذه المخططات في بعض الأحاديث واللقاءات وقلت: علي الناس أن تصحح المفاهيم من السلف. فإذا كنا نتحدث عن السلف الصالح فهم أصحاب حضرة النبي مثل أبوبكر وعمر وعلي وعثمان وغيرهم. وهم ملك لجميع الأمة علي السواء وهم الذين قال فيهم النبي صلي الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".
بالتالي فإذا كنا نتحدث عن السلف كهذه النماذج والقيادات الرائعة التي ملأت العالم كله حباً وتسامحاً وعطاً فيجب علينا أن نتمسك جميعاً بالقيم السلفية. أما إذا كنا نتحدث عن المتمسلفة الذين يدَّعون أنهم سلفية. فهؤلاء المتشددون لا يستوعبون حقيقة حلاوة الإسلام في مبادئه السمحة والوسطية ولا نعاديهم ولكن نجلس معهم ونسمع منهم ويستمعون إلينا وهكذا نتبادل الرأي حتي نكون مجتمعاً لا توجد فينا عدواة أو بغضاء وتقسيم. وهذا أرفضه تماماً.
طلاب آخرة لا دنيا
* عقيدتي: صراحة.. أين هم الصوفية سواء في البرلمان أو المجتمع عامة؟
** د. القصبي: كما أعلنا دائماً وكما هو معلوم أن أهل التصوف لا يسعون إلي الحكم ولم يكن في ذهنهم أن يحصلوا في لحظة من اللحظات علي الحكم. وهناك مساحة كبيرة ما بين أن أهل التصوف يعشقون تراب هذا الوطن وينتمون إليه والوطنية التي يتميزون بها ومواقفهم التاريخية في رد الهجمات الاستعمارية عن البلاد وبين من يتطلع للحصول علي موقع سياسي. فهذه الأشياء لا تؤثر في أهل التصوف ولن تكون في أجندتهم في أي لحظة فهذه قضية معلومة بأننا لا نتصارع للوصول إلي الحكم أو الحصول علي عدد من المقاعد في المجالس النيابية أو البرلمانية فهذا ليس طموحهم.
الصوفية السياسية
* عقيدتي: هل هذا هو مبرر عدم ظهور الصوفية خلال وبعد ثورة يناير؟
** د. القصبي: لا أبداً.. فالبعض تحدث والمواقف أثرت في التغيير سواء إيجابياً أو سلبياً في السلوك المصري بعد الثورة. فنجد معظم الناس اندفعت لإنشاء أحزاب سياسية حتي بعض الصوفية. وكان هناك حديث طويل عن: لماذا لم تنشيء المشيخة الصوفية حزباً سياسياً؟ وكانت الإجابة واضحة: إننا لسنا ضد من ينتمي لأي حزب سياسي فهذا أمر كفله الدستور والقانون لكل مواطن بل أكثر من هذا فأنا ألزم وأطلب من كل شخص لديه مؤهلات للعمل العام أقول له صراحة: يجب عليك أن تتقدم لأداء هذه المهمة وإلا تأثم لأنك لديك إمكانية بأن تفيد البلاد والعباد فلما لا تتقدم لتحمل هذه المسئولية؟
إذن الخيط الرفيع بين الانتماء للأحزاب وإنشائها لا نرفضه ولكن المشيخة العامة للطرق الصوفية لابد أن تبقي كمظلة لجميع أبناء مصر بمختلف انتماءاتهم السياسية.
وعندما نتحدث عن أن التصوف يتبني القيم الاخلاقية المحمدية يتبني علم الصفاء والقيم ولا يوجد شخص في مصر يختلف حولها ولكن تبقي المشيخة مظلة عامة للجميع. أما إذا أنشأنا حزباً سياسياً ونحن الآن بصدد وضع الدستور فقد يكون للحزب رأي يخالفه فيه حزب آخر ويتفق معه غيره وقد تصل المسألة إلي المشاجرة والاختلاف علي مبادئ معينة فهناك علماني ومتدين ويساري وناصري ووفدي وهكذا.. فهذه مسائل دنيوية وكل حزب يجتهد في أخذ منهج معين يعتقد أنه الأصوب سياسياً.. وليست هذه هي مهمة أهل التصوف وإنما مهمتهم هي نشر القيم والاخلاقيات المحمدية. ونشر الحب والتسامح بين كل أفراد المجتمع بمختلف طوائفه. والدعوة إلي سبيل المولي عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة.
وعلي رأس مهام الصوفية إطعام الطعام وهي ما تعرف وتشتهر به بين العامة وهي نوع من التكافل الاجتماعي.. وإن كان البعض ينتقد هذه المهمة ويتخذها وسيلة للتطاول ولكننا في أمس الحاجة لهذه المهمة التي ذكرها الحق في قوله تعالي: "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" فالمواطن في حاجة ماسة لتوفير الطعام والأمن..
الدستور الجديد
* عقيدتي: تمر بلدنا حالياً بوضع دستور جديد.. فهل سعي الصوفية للمشاركة في وضعه أو أن تراعي مصالحهم في نصوصه؟
** د. القصبي: أحب أن أنوه إلي أن الجمعية العمومية الأخيرة للمشيخة الصوفية طالبت بوجود ممثل للطرق الصوفية في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور نظراً للكم الكبير من أهل التصوف. وقد بادرت برفع هذا الأمر إلي المشير طنطاوي مطالباً بالاستجابة لرغبة الجمعية العمومية بتمثيل الصوفية في اللجنة التأسيسية.
الرئيس القادم
* عقيدتي: وما الشخصية الرئاسية التي ستحظي بدعم الصوفية؟
** د. القصبي: أطالب كل مصري بأن يبدأ من الآن ويسأل نفسه: من هو رئيس مصر القادم؟ يجب أن نأخذ هذه المسألة بجدية لأن هذا الأمر جد خطير. فهذا الموقع يتطلب مواصفات خاصة ويجب ألا تكون هناك عشوائية أو تفريط في هذا الأمر الذي ينعكس سلباً أو إيجاباً علي جموع المصريين. وبالتالي فهي قضية إيمانية ووطنية أن تجتهد ويتساءل كل منا: من هو رئيس مصر القادم؟ وكيف لي أن اختاره؟ وعلي أي أساس سأرجح شخصاً علي الآخر؟ فيجب أن تكون هناك معايير واضحة. فالأمر ليس مسألة عاطفة أو تفضيل اسم علي الآخر.. وبطبيعة الحال هذه المهمة ثقيلة ويجب أن ننسي تماماً الاسماء ونتحدث عن المعايير والمؤهلات والصفات التي يجب أن تتوافر في رئيس الدولة بعظمة مصر.
ودعني أنبه كل مرشحي الرئاسة وأقول لهم: هذه مسئولية ضخمة وعلي كل مرشح أن يراجع نفسه قبل أن يتقدم لحمل هذه الأمانة لأنها مسئولية أمام المولي عز وجل أولاً.
وأقول للرئيس القادم: الطريق ليس سهلاً وليس ممهداً. فهناك قضايا شائكة كبيرة. أمامك ملفات الأمن الداخلي والقومي الخارجي والبطالة ونسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر تجاوزت المقبول والمعقول. أمامك تحديات اجتماعية واقتصادية ومجتمع ضخم توجد به طوائف عديدة. عليك أن تكون مؤهلاً لاستيعاب الجميع بصرف النظر عن انتمائك أنت الشخصي. وأن يكون لديك القدرة علي جمع شمل المصريين حتي نعود بحق ونستحق أن يطلق علينا أننا شعب مصر. وأن تنزع فتيل الفتنة الذي أصبح مغموساً في وقود ولهب من أجل أن يبدد الشعب المصري ويفتته.
انتبه يا رئيس مصر القادم وراجع نفسك وأعلم حجم المسئولية أمام المولي ثم فإن الشعب المصري الآن لديه طموحات وآمال كبيرة عريضة. وأطلب من الشعب المصري وأقول له: إن رئيس الدولة لن يستطيع بمفرده أن يحقق آمالنا وطموحاتنا ما لم نقف خلفه ويؤدي كل منا عمله في موقعه بإخلاص. فالأمر ليس هيناً.. فهناك محددات اقتصادية وعلاقات خارجية وإقليمية فنحن لن نعيش في معزل عن العالم. هناك قضايا تؤثر وتتأثر بالشعب المصري.
ويجب أن تعمل بحق ونترك الوهم. ونعلم أننا لن نتقدم إلا إذا بدأنا في عملنا بجدية ومواصفات هذا العمل أن يكون لمرضاة الله تعالي وأن نتعاون علي البر والتقوي ونبتعد تماماً عن أن نفقد الثقة في شعب مصر الذي يمتلك طاقات لا تهتز ولا تتراجع. ولنكن علي ثقة بالمولي سبحانه وتعالي بأن لدينا إمكانيات نستطيع بها أن نتطلع إلي غد أفضل إن شاء الله. بعد أن ننظم أنفسنا وأن يتقي القوي الله في الضعيف. ويحنو الغني علي الفقير.. وهكذا نستطيع أن نخرج من الأزمة أما قضية "الأنا" والصراعات لاثبات الذات بعيداً عن المصلحة العامة فهذه ستؤدي بنا إلي أمور لا تحمد عقباها.
* عقيدتي: معني هذا أن المشيخة الصوفية لن يكون لها موقف موحد لدعم مرشح بعينه. وسيترك الأمر لكل فرد أن يختار من يريد؟
** د. القصبي: حقيقة انتخابات الرئاسة بخلاف البرلمانية سيكون لنا اتفاق بأن نكون جميعاً في اتجاه واحد. واتفقنا بعد غلق باب الترشيح سنجلس كمشايخ وكصوفية لنري المرشح المناسب. وهناك بعض المرشحين طلبوا أن يعرضوا برامجهم وأفكارهم علينا ونحن نرحب .
* عقيدتي: البعض يتهم رجال الصوفية بالانشغال بما تدره عليهم صناديق النذور.. فما حقيقي ذلك؟
** د. القصبي: المشايخ ليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بصناديق النذور في المساجد وهي تابعة لوزارة الأوقاف وليس مشيخة الصوفية التي تحصل فقط علي نسبة 10% منها وتتراوح بين 500 - 600 ألف جنيه في العام.. وهذا مبلغ زهيد جداً ولا يغطي التكاليف الإدارية للجهاز الإداري ولا تكاليف الدعوة التي يجب أن نقوم بها وننهض بمستواها ونضيف إليها البعد العلمي والشرعي لنعود بالتصوف إلي سابق عهده نقياً تقياً متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله الكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.