قد تضيع حقائق وتتشابه أخلاط. وتغيب نفائس. ويكون الاجتراء والإفتراء هو الأصل! وغيرهما من الموضوعية هو الاستثناء. ويساء فهم الدين الحق وبالتالي يساء عرضه. فيكون الشغب والصخب وعرض صور مشوهة. ضد المصلحة العليا للدين الحق من بعض منسوبيه تحت شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب!! التاريخ التشريعي بصفة عامة مر بعهدين: عهد السلف الصالح - رضي الله عنهم:- عصر النبوة الخاتمة. والصحابة. رضي الله عنهم - وتابعيهم - رضي الله عنهم - هؤلاء "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وذلك الفوز العظيم" الآية "100 من سورة التوبة". عهود الخلف - رحمهم الله تعالي:- كل من جاء بعد عصر السلف الصالح - رضي الله عنهم - إلي يوم القيامة. هؤلاء من سابقيهم "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم" "الآية 71 من سورة التوبة". السلف والخلف كلهم يجمعهم "كنتم خير أمة أخرجت للناس" الآية "110 من سورة آل عمران". "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير" "الآية 32 من سورة فاطر. وسماهم "هو سماكم المسلمين". لا خلاف بين العهدين في الأصول العامة للدين الحق. وتوجد خلافيات فروعية فقهية لأسباب علمية. دون تخطئة ودون تفسيق أو تجهيل أو تشريك أو تبديع. وجد هذا لدي علماء وحكماء وعقلاء في عهد التشريع الإسلامي. الذين تحلوا بالإعذار للغير وإحسان الظن به. ومراعاة حرمته وحقوقه. وآداب الخلاف. وجاء علي الناس حين من الدهر هذا أوانه اتخذ من اتخذ مسمي.. مجرد مسمي "السلف" شعاراً ودثاراً يحتكر به الإسلام التزاماً وعلماً وفهماً و"فرقة ناجية أنها "السنة" ومنهج "السلف الصالح" وفي المقابل رموا غيرهم "بالبدعة" ومنهج يحمل ألقاباً ونعوتاً تخرج أهل القبلة من الملة وأنهم أتباع اثنين وسبعين فرقة في النار!! ومع المال البترولي وحب الظهور والنزعات الإقليمية لريادة وقيادة. يجري نشر مذهب عقائدي "محمد بن عبدالوهاب وابن تيمية وابن القيم - رحمهم الله جميعا". ومذهب فقهي "الإمام احمد بن حنبل - رضي الله عنه" علي أنه الإسلام فقط. وظهرت مجادلات عديدة في العقيدة "وهي علم ركن الإيمان" والفقه "وهو علم ركن الشريعة من عينه. 1 - تقسيم التوحيد إلي توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية وأسماء وصفات "خلافاً لوحدة التوحيد في القرآن الكريم والسنة النبوية وعدم التجزئة" وأدي التقسيم الدخيل لا الأصيل إلي الحكم علي أبي جهل وأبي لهب ونظرائهم بأنهم وحدوا في قسم وأشركوا في قسم!! أما المخالفين للمنهج السلفي المدعي المعاصر من المسلمين فهم في عقيدتهم زيغ أي أسوأ من المشركين الذين حكم عليهم القرآن الكريم بالشرك مطلقاً!! وهذا التقسيم الذي اخترعه الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالي - بعد عصر الرسالة بأكثر من سبعة من قرون صار "سنة" ومنهجا "للسلف الصالح" علي خلاف كل القواعد العلمية! 2 - جعل مكان لله - عزوجل - في السماء فقط أخذ ببعض ظواهر نصوص وإهمال نصوص أخري مما أدي إلي إشاعة وجوده في السماء فقط كعقيدة بعض أهل الكتاب "ربنا الذي في السماء!" مع الإبهام أي سماء؟! وماذا عن حوادث تسكن السماء كالملائكة وبعض الأنبياء وأرواح وما لا يعلمه إلا الله - تعالي. 3 - تخطئة أئمة تراثيين مثل أبي حنيفة والغزالي والرازي والزمخشري رحمهم الله وكل من قال بالتأويل فراراً من التجسيم! والمعاصرين خاصة علماء أكبر وأقدم مرجعية إسلامية في العالم الإسلامي الأزهر الشريف. 4 - التعصب لمسائل فروعية أشهرها: أ" الحكم في صلاة الصبح. ورفع اليدين في الدعاء. والدعاء نهاية خطبة الجمعة....الخ. ب" الحكم بالبطلان في فروع عبادات مثل: الصلاة في مساجد بها قبو "خلت كل المصنفات الفقهية من هذه المسألة فما ذكر الصلاة في المقبرة فقط". إخراج القيمة في صدقة الفطر والكفارات وصلاة طويل الثياب من أسفل.....الخ. ج" إيجاب ما ليس بواجب كالنقاب والختان للنساء واللحي للرجال! د" تحريم ما فيه خلاف كالغناء والموسيقي والتصوير الساكن "لا يتكلمون في التصوير المتحرك" والمواسم الوطنية والاجتماعية....الخ. ه" تحليل عادات وتحريم أخري من أنها من مباحات أصلا مثل: إيجاب الملبس والسمت الخليجي بدلا من "العمامة". وتحريم المسبحة وجهاز "التليفزيون" و"الدش" وما أشبه! والعمل بالمصارف "البنوك" والسياحة. وبعض مظاهر الحضارة الحديثة في المأكل والمشرب...الخ. يقدم هذا الخلط علي أنه "سنة" و"منهج السلف الصالح". افتراء من جهة المدعي من جهة. واجتراء من مخالفيهم ومن مدعي "الحداثة" و"العقلانية" و"التنوير" من جهة أخري! بسوء الظن بالسلف الصالح والمدعي علي السواء! آن الأوان للمؤسسات الدعوية والعلمية المنوط بها حماية الثقافة الإسلامية من بذل الجهود لإنقاذ الإسلام والدين من تعصيب المذهب. وإبعاد اكدار العصبية. والتبصرة للتمييز بين الأصيل والدخيل بعمل علمي لا يعرف الكلل ولا الملل ولا يعطي حسابات للذهب ولا لعوادي السياسة ولا لمقولة اتجاه اخف من اتجاه.. مصلحة الإسلام العليا فوق كل اعتبار.