انتقد أساتذة وخبراء الإعلام تركيز وسائل الإعلام علي القضايا الخلافية الفقهية. وتعمد الإثارة حولها. مؤكدين أن في هذا السلوك خروجاً علي القيم المهنية ومخالفة صريحة لمواثيق الشرف الإعلامية. ووصفوا لجوء وسائل الإعلام إلي هذا المنهج بالخطأ المهني الفج. مطالبين بإعادة النظر في السياسات لجميع وسائل الإعلام. خاصة في الفترة الحرجة التي تمر بها مصر في الوقت الحالي. قالوا: إذا كانت الإثارة والتشويق عنصراً مهماً من عناصر العمل الإعلامي. إلا أن هذا يجب ألا يخالف قيم المجتمع. فللإعلام دور تربوي وتنويري مهم يجب أن يقوم به بعيداً عن الإثارة. أكد الدكتور سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات أن تركيز الإعلام علي الإثارة في القضايا الجدلية الدينية دون التحقق من حقيقة الفتوي خطأ مهني جسيم يقع فيه أغلب العاملين في مجال الإعلام معتبرين أن الإثارة والسبق قد يحقق الانتشار للوسائل الإعلامية. ورفض الشريف تناول وسائل الإعلام للفتاوي المثيرة التي قد تضر بالمجتمع. مشيراً إلي أن الدور التنويري والتربوي للإعلام من أهم الأدوار التي يجب أن يهتم بها الإعلام لذلك فيجب علي الإعلاميين عدم الانسياق وراء الإثارة خاصة إذا كان لها أثر سلبي علي المجتمع. القضايا المثيرة قال الشريف إن قضية الفتوي عبر وسائل الإعلام من القضايا شديدة الخطورة والحساسية. مشيراً إلي أنه مع انتشار وسائل الإعلام خاصة الفضائيات اتجهت إلي التركيز علي القضايا المثيرة للجدل لتحقيق مزيد من الكسب الإعلاني مستغلين ما يسمي بالدعاة الجدد أصحاب الجماهيرية. معتبراً أن الإفتاء علي الهواء يخالف صحيح اليدن خاصة أن الفتوي تحتاج إلي بحث ومراجعة للمصادر الأصلية لها لإصدار الحكم الشرعي الذي يناسب السؤال. يشاركه الرأي الدكتور جمال النجار عميد معهد الجزيرة العالي للإعلام وعلوم الاتصال في التأكيد علي الخطأ المهني الذي يقع فيه عدد من الإعلاميين بتركيزهم علي الجزء المثير من الفتوي. قائلاً: الفتوي ليست كغيرها من المواد الإعلامية. يجب أن تنقل بنصها دون حذف أو إضافة أو تحريف. لأن تغيير لفظ أو كلمة قد يغير مفهومها. ويحولها من الرأي الصحيح إلي رأي خطأ قد يثير جدلاً كبيراً بين العلماء. وانتقد النجار لجوء عدد من وسائل الإعلام إلي غير متخصصين في الفتوي الأمر الذي يؤثر سلباً علي متلقي الرسالة. مسترشداً بقوله تعالي "فاسألوا أهل الذكر". مؤكداً أن الفترة الحرجة التي تمر بها مصر حالياً تستلزم المصداقية عند نقل المعلومة عبر وسائل الإعلام. مشدداً علي تفعيل مواثيق الشرف الإعلامية ومراعاة المسئولية الاجتماعية. غياب المهنية أوضح الدكتور عيسي عبدالباقي أستاذ الإعلام بكلية الآداب بجامعة بني سويف أن الإعلام المصري عامة والفضائيات خاصة يعاني من غياب المهنية في التناول في مختلف القضايا. مما نتج عنه عدم الموضوعية وغياب المصداقية في جميع الأفكار المثارة وهذا أثر بشكل خاص علي التناول الإعلامي للقضايا الدينية الحساسة. مشيراً إلي تعمد وسائل الإعلام نقل تصريحات وآراء خاصة للعلماء في محافل عامة علي أنها فتاوي رسمية يعتد بها. مما يثير البلبلة والجدل حولها فتصدر ردود أو تعليقات حولها أو تكذيب من نفس المصدر. محذراً من تشويه صورة الرموز الدينية بسبب ما ينشر عنهم دون تحر للدقة. طالب عبدالباقي وسائل الإعلام بإعادة رسم سياستها الإعلامية الخاصة بتناول القضايا الدينية من خلال مراجعة هذه الرسالة الاتصالية الموجهة للمواطن بشكل يتفق مع القيم المهنية والضوابط الأخلاقية للعمل الإعلامي. وتقاليد المجتمع الذي تبث من خلاله هذه الرسالة. مشدداً علي ضرورة إعادة تأهيل القائمين بالاتصال وتأهيلهم وتدريبهم المهني الحرفي علي كيفية التعامل مع المادة الإعلامية التي يحصلون عليها بما يحفظ الحق في الخصوصية واحترام المصادر المنقول عنها. مع مراعاة الضوابط الأخلاقية في نشر المعلومة ومراعاة ظروف المجتمع. ودعا عبدالباقي وسائل الإعلام بمواثيق الشرف الإعلامية ووضع ضوابط أساسية لأخلاقيات النشر للمسائل والقضايا التي ربما تحدث جدلاً في المجتمع ولدي النخبة. مع إعادة تصحيح الصورة الذهنية للرموز الدينية بما يتلاءم مع مكانتهم في المجتمع. مع ضرورة التفرقة بين الفتاوي الرسمية التي تصدر عن العلماء وما بين الآراء التعليقات الخاصة في المنتديات أو اللقاءات أو المحافل العامة. وشدد عبدالباقي علي ضرورة الرجوع إلي مصدر الفتوي الرسمي خاصة في القضايا الخلافية وعدم النقل دون مصداقية والحد من نشر الخلافات التي تحدث بين العلماء مما يكرس صورة سلبية لهم عن العامة. الضوابط مع رفضه الإثارة في التناول الإعلامي للفتاوي قال الدكتور محمود يوسف السماسيري أستاذ الإعلام بجامعتي سوهاج واليرموك الأردنية أن حرية الصحافة ليست حرية الصحفي أو المسئول في الصحيفة في نشر أو عدم نشر ما يريد بدون ضوابط قانونية وأخلاقية. أضاف: إذا كان هناك ما ينص علي خطوط عريضة للنزاهة والموضوعية في العمل الصحفي إلا أن الضوابط الأخلاقية وانحياز الصحفي لشرف المهنة هي الأهم في ذلك وإذا كان الضمير المهني غائباً أو مغيباً فلا يمكن للقانون ضبط هذا العمل. وإذا كان من الصعوبة أن تبلغ النزاهة في العمل الصحفي حد المثالية لكن من غير اللائق ومن غير الأخلاقي قيام الصحفي أو المحرر بتزوير الحقائق عمداً. رافضاً أن تطويع الحقيقة لتناسب مصالح أو سياسة الوسيلة الإعلامية. وأشار إلي أن أسوأ أنواع الإعلام تعمد اختراع الأخبار وتلفيقها دون أي أساس من الصحة مما يؤثر سلباً علي المجتمع منتقداً تحوير الفتوي لتحقق هدف معين.