أجمع رجال الدين المسيحي علي أن إقرار مشروع قانون دور العبادة الموحد أمر في غاية الضرورة خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد والتي أوصلت مواطنيها إلي حالة من الاحتقان الطائفي الذي يجب أن نعترف بوجوده الآن. قال المفكرون المسيحيون إن هذا القانون الجديد يعد خطوة إيجابية علي الطريق الصحيح لإلزام المسلمين والمسيحيين بالبعد عن الأهواء الشخصية وما يتبعها من نزاعات واحتقانات عند بناء دار عبادة أو ترميمها أو إضافة ملحق لها. "عقيدتي" استطلعت آراء بعض المفكرين الأقباط حول مشروع القانون الجديد.. فكان هذا التحقيق. بداية يتضمن قانون دور العبادة الموحدة عدة مواد هي : أن يفوض المحافظون كل في نطاق محافظته بمباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو بإجراء تعديلات لها أو توسيعها أو ترميمها أو تدعيمها علي أن يبت في طلب الترخيص بعد الحصول علي رأي الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط وفقا للاشتراطات البنائية وقت الترخيص وذلك كله خلال 3 أشهر من تاريخ التقدم بالطلب ويعتبر فوات المدة المذكورة دون البت في الطلب بمثابة موافقة عليه ولا يجوز الرفض إلا بقرار مسبب. المادة الثانية وتنص علي ضرورة أن يراعي المحافظون عند إصدار التراخيص ببناء دور عبادة جديدة عدة شروط هي أن يقدم المشروع مشفوعا بموافقة وزارة الأوقاف أو من مسئولي الطائفة الدينية المختصة وأن يتناسب عدد دور العبادة لكل ديانة من الديانات في كل مركز داخل كل محافظة مع عدد وكثافة السكان المقيمين بالفعل في المركز التابع لتلك المحافظة والمنتمين للديانة المطلوب بناء دور العبادة فيها وبما يفي بحاجتهم الفعلية لممارسة شعائرهم الدينية. ويشترط أيضا ألا تقل المسافة بين المكان المطلوب بناء دور العبادة فيه وبين أقرب دار عبادة مماثل وقائم بالفعل عن 1000 متر وألا يتم بناء دور العبادة علي أرض زراعية ولا علي أرض متنازع علي ملكيتها وألا تقل مساحة دور العبادة عن ألف متر ويشترط كذلك بناء دور أرضي يخصص لمزاولة الأنشطة الخدمية ومحل إقامة لمقيمي الشعائر. وحظرت المادة الثانية أيضا إقامة دور العبادة اسفل العمارات السكنية أو فوقها أو شواطيء النيل أو الترع أو المناطق الأثرية. وتنص المادة الثالثة علي التزام المحافظين في كل نطاق اختصاصه خلال شهر من نشر مرسوم القانون بإصدار القرارات الإدارية المنظمة لكيفية تلقي طلبات الترخيص ببناء دور العبادة أو تدعيمها أو ترميمها أو توسيعها أو إحلالها أو تجديدها والإجراءات اللازمة لفحصها. وتنص المادة الرابعة علي ضرورة أن تقدم طلبات ترميم أو تدعيم أو توسعة أو إحلال وتجديد دور العبادة أو تعديلها من الجهة المشرفة علي دار العبادة أو مسئولي الطائفة الدينية المختصة إلي الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في كل محافظة. مشكلات السبعين عاما ويقول المفكر القبطي رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة: للأسف الشديد فإن المجتمع المصري تراكمت عليه مشكلات الفتنة الطائفية لأن هناك من يصر علي أن يسير مشروع بناء أي كنيسة وفق شروط وضعت قبل أكثر من سبعين عاما والذي وضع عشرة شروط لابد من استيفائها قبل التصريح ببناء كنيسة ومنذ مطلع القرن العشرين والأصوات تنادي بضرورة تحرير موضوع بناء الكنائس من تلك الشروط المجحفة ونحن بالفعل في انتظار إصدار تشريع جديد ينظم بناء الكنائس ويراعي زيادة أعداد المسيحيين خلال العقود الماضية. ويضيف حبيب: للأسف الشديد أيضا فإن الكثير من التقارير أشارت إلي أن كلا منا الكنيسة والأزهر لديهم ملاحظات واعتراضات كثيرة علي القانون الذي قدمته الحكومة لبناء دور العبادة كنائس كانت أو مساجد وأنا أطالب الطرفين بسرعة العمل علي تقديم ملاحظاتهما حتي يتسني للمجلس العسكري إقراره في أسرع وقت ممكن ولابد في هذا الإطار أن نعي أمرا في غاية الأهمية وهو أننا في حاجة ماسة لتغيير الخطاب الإعلامي المصري وجعله أكثر تواؤما مع حاجة مصر في هذه الظروف فللأسف الشديد هناك من وسائل الإعلام من يلعب دون أن يدري دورا سلبيا وقد يساهم في هذا الدور في أن يرفض الناس القانون مسلمين كانوا أو مسيحيين حتي ولو افتت عليه الكنيسة والأزهر كذلك لابد من تغيير الخطاب الديني. ومن هذا المنطلق فلابد من العمل علي وضع خطة استراتيجية من أجل أن نبعد المجتمع المصري عن أجواء التشدد والتطرف ولابد أن نتوقف عن استخدام أساليب التهدئة الوقتية التي لم تعد صالحة لحل مشكلاتنا خاصة المشكلات الحساسة مثل التي نحن بصددها اليوم. أما كمال زاخر المفكر القبطي المعروف فيقول إن الأقباط عانوا في الفترة الماضية معاناة شديدة مع ترميم أو بناء كل كنيسة جديدة لهذا لابد أن يراعي القانون الجديد المشكلات التي تعرض لها الأقباط حيال هذا الأمر وأنا شخصيا أري أن القانون بمواده التي أعلنت عبر مختلف وسائل الإعلام سيرفضه الكثير من الأقباط فمازالت القيود موجودة في القانون الجديد ومازالت الحكومة تتعامل مع بناء الكنيسة بالكثير من الشك والريبة في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بأن يتم التعامل مع بناء الكنيسة علي أنه قرار ترخيص طبيعي مثل قرار ترخيص بناء أي منشأة أخري لا يحمل في طياته أي خصوصية فلابد أن يتم التعامل مع بناء الكنائس دون إطالة أمد الإجراءات أو إضفاء الصعوبات علي إصدار الترخيص خاصة وأن القانون المقترح مازال يعطي المحافظ الحق في رفض إعطاء الترخيص وهو ما يدخلنا من جديد في مسألة تحكم الأهواء الشخصية في موضوع بناء الكنائس ولنا فيما حدث في أحداث كنيسة المريناب المثل في ذلك. ويضيف زاخر إننا لابد أن نعي أن أي مشروع قانون لبناء دور العبادة لابد أن يتوافق مع المادة رقم 40 من الدستور المعدل والتي نصت علي أن لكل فرد الحق في بناء دار عبادته دون داع لأي شروط مقيدة للبناء. الإجراءات التعسفية ويقول صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية: أثبتت الأحداث أننا بالفعل في حاجة لتحرير المسيحيين في مسألة بناء دور عبادتهم فنحن اليوم أمام وباء الفتنة الذي يهدد بالقضاء علي الأخضر واليابس في أرض مصر ومن هذا المنطلق فلابد أن يأتي قانون بناء دور العبادة بشكل مناسب حتي لا يكون مجالا للتنازع بدلا من أن يكون سببا للتوافق وإنهاء الخلافات فلابد أن يخلو القانون الجديد من أي إجراءات تعسفية وعلي سبيل المثال ففي القانون المقدم من رئاسة الوزراء هناك مادة تمنع قبول التبرعات من الخارج في بناء الكنائس وهذا أمر يثير الدهشة فماذا لو كانت التبرعات قادمة من الخارج ولكنها من المصريين الأقباط الذين يعملون في الخارج خاصة أننا نعلم أن هناك بعض المساجد تبني في مصر بتبرعات قادمة من الخارج كذلك لابد أن نعي أن هناك طوائف مسيحية تبني كنائسها وفق نظام معماري محدد قد لا تصل مساحته إلي ألف متر فلابد من معالجة هذا الأمر. يضيف البياضي إن الكنائس المصرية لديها اقتراحات علي القانون أهمها أن يتم التعامل مع بناء الكنيسة والمسجد كمبان عادية. وينهي البياضي حديثه قائلا: إن المشكلة الرئيسية ليست في دور العبادة فحسب فالمشكلة تكمن في تعصب البعض ولهذا لابد أن تمارس كل دور العبادة دورها الحقيقي في القضاء علي التعصب والتشدد بين الناس حتي لا يكون هذا القانون مجرد مسكن عندما يذهب تأثيره تعود الاحتقانات وأجواء الفتنة من جديد. رحمة القانون يرحب الأنبا يوحنا قلته نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك بمصر بمسألة إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة وسيزيد علي ذلك بأنه لابد من أن يتم إطلاق العنان في بناء دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس لأن رؤية المسجد أو الكنيسة هو أمر يثير الإعجاب في النفوس بل ومسألة حضارية فكلما زادت الكنائس أو المساجد في مصر كلما ازدهرت الحضارة المصرية. وحول رأي في مواد القانون يقول الأنبا قلته: أولا نريد أن يدرك المحافظ وهو يعطي رأيه في بناء الكنيسة أن الكنيسة ليست واقعة تحت رحمته بل يجب أن يعطي رأيه في البناء وفق أحكام القانون واللوائح المنظمة له بحيث لا يصبح بناء الكنائس تحت رحمة الزشخاص بل تحت مظلة القانون.