ورد إلي فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله السؤال التالي: رجلا كان محجورا عليه لمرض عقلي. وكان له مبلغ من المال. وقد أودع هذا المبلغ أحد البنوك باسمه. حتي وصل هذا المبلغ - مضافا إليه أرباحه السنوية - إلي مبلغ 3500 ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه. ونظرا لأن القيم لا يمكنه صرف أي مبلغ من البنك إلا بإذن المحكمة المختصة فلم يؤد زكاة هذا المال . وقد توفي المحجور عليه في يناير سنة 1979. ويسأل الطالب أولا ما حكم الشرع في موضوع الزكاة. هل تدفع من يوم وضع المبلغ في البنك. أم من يوم آل المبلغ إلي الورثة بعد وفاة المحجور عليه. ثانيا ما هي طريقة توزيع الزكاة. ثالثا هل يمكن توزيع جزء من زكاة هذا المال علي الفقراء والمحتاجين من أقارب المتوفي. أجاب رحمه الله بقوله: الزكاة ركن من أركان الإسلام. وفرض عين علي كل من توافرت في أمواله شروط الزكاة . ودليل فرضيتها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. من هذا قوله تعالي "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين" البقرة 43. وما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلي اليمن كان مما أوصاه بإبلاغه للناس "إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم. تؤخذ من أغنيائهم وترد إلي فقرائهم" متفق عليه واللفظ للبخاري. وقد أجمع المسلمون علي فريضة الزكاة. وأنها تجب في كل أنواع المال بشروط ومقادير محددة لكل نوع . وأهمها أن يبلغ المال النصاب الشرعي. وأن تكون ذمة مالكه خالية من الدين. وأن يكون فائضا عن حاجته المعيشية وحاجة من يعوله. وأن تمضي عليه سنة. والنصاب الشرعي - أي الحد الأدني للمال النقدي الذي تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقي الشروط - هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة "85" جراما من الذهب عيار "21" ويلزم مراعاة سعر الذهب وقت وجوب الزكاة وحين الوفاة لا السعر الحالي . فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر منه وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر أي 2.5% في المائة هذا وقد تحدث الفقهاء في شروط وجوب الزكاة وقالوا إن منها العقل. واختلفوا في وجوبها في مال المجنون. فقال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل . إنها تجب في ماله. ويجب علي الولي إخراجها من ماله - ويري الإمام أبو حنيفة أنها لا تجب في ماله ولا يطالب الولي بإخراجها. ونميل إلي الأخذ برأي الأئمة الثلاثة القائلين بإخراج الزكاة من المال لقوة أدلتهم. وفي واقعة السؤال.. إذا ما تحققت شروط زكاة المال وتوافر النصاب الشرعي في المبلغ المذكور وقت إيداعه البنك وتمام الحول عليه. يجب علي ولي هذا المحجور أن يخرج عنه زكاة رأس المال المودع مجردا عن الأرباح لأن الفوائد المحددة بسعر معين والتي يعطيها البنك مقابل الإيداع تعتبر من قبيل القرض بفائدة. ومن ثم تدخل هذه الفوائد في ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضي الكتاب والسنة والإجماع وتصرف جملة هذه الفوائد إلي الفقراء والمساكين. أما عن طريقة توزيع الزكاة فقد بينتها الآية الكريمة في قوله تعالي في سورة التوبة "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله" التوبة 60. وإذا كان لهذا المحجور عليه المتوفي أقارب فقراء محتاجون جاز إعطاؤهم من زكاة هذا المال. بل هو الأفضل. ولا يحتم استغراق جميع هذه الأصناف عند توزيع الزكاة وإنما يقدم المحتاج. والأولي مراعاة الترتيب الوارد في الآية. هذا والقيم هو المسئول أمام الله سبحانه عن زكاة أموال محجوره إذا استحقت عليها الزكاة. وعليه أن يعرض الأمر علي المحكمة المختصة للإذن بإخراج ما وجب من الزكاة قبل تقسيم التركة علي الورثة. والله سبحانه وتعالي أعلم.