الأمن من الحاجات الأصلية للإنسان. .جعله الله سبحانه وتعالي من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ النفس. كما قرنه تعالي بالرزق باعتبارهما قرينان لا يفترقان. ولقد من الله سبحانه وتعالي علي قريش بهما فقال الله تبارك وتعالي:"الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" [قريش : 4] وأكد الرسول - صلي الله عليه وسلم - علي ذلك فقال: "من بات آمناً في سربه. معافاً في بدنه. عنده قوت يومه. فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها". والإرهاب بكافة صوره وأساليبه إعتداءعلي الحاجات الأصلية للإنسان مهما كانت عقيدته وجنسيته وعرقه. لأنه يسبب الرعب والخوف والفزع والقلق بين الناس. وهذه من الأمور التي نهي الشرع عنها باعتبارها من صور الإفساد في الأرض. وأوجب علي ولي الأمر محاربته بالوسائل والسبل المشروعة. فقد ورد في سورة المائدة قول الله تبارك وتعالي: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" [المائدة 33]. ومهما تعددت الرؤي والمفاهيم حول مدلول الإرهاب. فهو من المنظور الإسلامي: اعتداء غير مشروع علي الحاجات الأصلية للإنسان والتي أمر الشارع الحكيم بحفظها وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ومن آثاره السلبية: إثارة الخوف والرعب والفزع والقلق في الناس لتحقيق أغراض غير مشروعة ومنهي عنها في الكتاب والسنة وإجماع الفقهاء. وهذه الآثار لها أبعاد اقتصادية سلبية. ومن بين هذه الآثار الاعتداء علي الإنسان. الذي هو مناط التنمية. كما أنه اعتداء علي المال الذي هو قوام الحياة والتنمية.ويضاف إلي ما سبق فإنه اعتداء علي البنية الأساسية التي هي من مقومات التنمية. كما أنه اعتداء علي القواعد والمبادئ والأحكام والأسس التي تحكم وتضبط المعاملات وتحقق التنمية الشاملة للمجتمع. وتأسيساً علي ذلك فإن الإرهاب يسبب خسائر افتصادية تصيب الفرد والأسرة والمجتمع والدولة بالإضافة إلي الخسائر المعنوية. ولن تتحقق التنمية إلا من خلال نظام آمن. فالأمن والرزق مقترنان وهما من مقومات الحياة الكريمة للإنسان. وكان من أدعية سيدنا إبراهيم - عليه السلام "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فإمتعه قليلاً ثم أضطره إلي عذاب النار وبئس المصير" [البقرة: 126]. ولتحقيق الأمن والتنمية يحب الالتزام بشرع الله وشكر نعمه. وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالي: "وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنه مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" [النحل: 112]. ويستنبط من هذه الآيه أن من موجبات حماية المجتمع من الإرهاب والتخلف هو تجنب الكفر بنعم الله والالتزام بشريعته. ولا يتحقق الرخاء الاقتصادي إلا من خلال الأمن الاجتماعي. والرسول - صلي الله عليه وسلم - يؤكد علي قضية الأمن والتنمية وبيان حرمة الاعتداء عليها. فقال في خطبه الوداع "...... فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ...". كما أشار إلي أن الحياة الآمنة. والأمن الغذائي. والصحة والعافية من مطالب الإنسان وأساس حياته الكريمة. فقال - صلي الله عليه وسلم -: "من بات آمناً في سربه. معافاً في بدنه. عنده قوت يومه. فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها". وقوله - صلي الله عليه وسلم: "المؤمن من أمنه الناس علي أموالهم وأنفسهم". ولقد أكد علماء الاقتصاد الإسلامي أن من مسئولية ولي الأمر في الدولة الإسلامية تحقيق الأمن للناس وعدم ترويعهم. وكذلك توفير الحاجات الأصلية لهم. وترك أساليب وسبل ووسائل ذلك لكل زمان ومكان. وهذا من موجبات التنمية الاقتصادية. ونخلص من الأدلة السابقة أن الإسلام اهتم بتحقيق الأمن للناس جميعاً بصرف النظر عن اختلاف عقيدتهم وجنسياتهم. كما كفل لكل إنسان في ظل الدولة الإسلامية الحياة الرغدة. كما حرم كافة صور الاعتداء علي الدين والنفس والعقل والعرض والمال. وهذا كله من موجبات التنمية الاقتصادية وأن المساس بذلك يقود إلي التخلف. ويعتبر الإرهاب من وسائل ذلك التخلف. ويجمع علماء الاقتصاد بصفة عامة والاقتصاد الإسلامي بصفة خاصة إلي أن الإرهاب يؤدي إلي الخوف والفزع والقلق والخلل في آليات المعاملات الاقتصادية وهذا يقود إلي التخلف والحياة الضنك فعلي سبيل المثال إن الإنسان سواء كان عاملاً أو صاحب عمل وهو لا يأمن حياته وحريته وعقله يعمل في قلق وهذا يقود إلي ضعف الإنتاجية وقله الإنتاج. ورأس المال المهدد بواسطة الإرهاب الذي بطبيعته جبان وأشد خوفاً وقلقاً من العامل نجده يهرب إلي أماكن ومواطن وبلاد حيث الأمن والطمأنينة وهذا ما نشاهده بعد كل عملية إرهابية حيث نجد خللاً في أسواق النقد والمال والبورصات وارتفاع الأسعار وظهور السوق السوداء وهروب الاستثمار. إلي الخارج وهذه الآثار جميعاً تقود إلي خلل في آلية المعاملات الاقتصادية ومن ثم إلي إعاقة التنمية. والتخريب في البنية الأساسية والتي تعتبر من مقومات التنمية بسبب العمليات الإرهابية يعتبر تدميرا للاقتصاد وتتطلب اموالا باهظة لاعادة بنائها وتعميرها وهذا كله علي حساب الاستثمارات التنموية. كما أن التصدي للإرهاب ومحاربته تحتاج إلي نفقات وتكاليف باهظة كان من الممكن أن توجه إلي مشروعات تنموية فيما لو كانت الحياة آمنة مستقرة. كما أن انتشار الخوف والرعب والحذر والنقطة بين الناس بسبب توقع حدوث عمليات إرهابية يقلل من الأنتاج ويضعف الإنتاجية. وخلاصة القول أن الإرهاب يقود إلي التخلف والحياة الضنك. ولابد من تحقيق الأمن والطمأنينة للناس وللعاملين لرجال الأعمال وللمال وللبنية الأساسية حتي تتحقق الحياة الكريمة. وللإرهاب خسائر شتي: سياسية واجتماعية وسياحية وافتصادية ونحو ذلك. ومن أبرز تلك الخسائر وهي مناط هذه الدراسة: الخسائر الاقتصادية. والتي تتمثل بصفة أساسية في الخسائر المالية الناجمة من تدمير الأبنية والسيارات والفنادق والمحلات والمتاجر... بسبب العمليات الإرهابية وتكلفة إعادة إعمارها. ونقص في الموارد السياحية بسبب هروب السياح الناجم من العمليات الإرهابية. وتعتبر السياحة في معظم الأحيان مورداً رئيسياً للعملات الأجنبية التي تحتاج إليها الدولة في تمويل التنمية. كم من الأموال السياحية تفقد بسبب الإرهاب؟. وارتفاع تكلفة الأمن بسبب النفير العام لكافة أجهزة الدولة المعنية به والتي كان يمكن توجيهها إلي التنمية ولرفع مستوي دخول الأفراد. والخسائر المالية في المرافق الرئيسية التي أصيبت بسبب أحداث الإرهاب من طرق ومياه وكهرباء وتكلفة إعادة إعمارها أو إنشائها من جديد. وتكلفة علاج المصابين بسبب العمليات الإرهابية في المستشفيات وغيرها. والتي كان من الممكن توجيهها إلي تحسين الخدمات الطبية وإلي تنمية موارد الدولة. .يضاف إلي ما سبق الخسائر في الأنفس التي تعتبر أغلي وأعظم خلق الله والتي كرمها الله. وحرم الاعتداء عليه. وكدلك تكلفة الألم النفسي والمعنوي في قلوب الناس وهذا كله لا يمكن إلي مال. وخلاصة القول أن من مصائب الأرهاب الخسائر الاقتصادية والتي تسبب في معظم الأحيان خللاً في ميزانية الدولة وارتباكاً في المعاملات المالية والاستثمارية وتحدث التخلف ولا سيما في الدول الفقيرة. ويجب تحويل العواطف والآلام النفسية والتعبير عن الإدانة الشديدة للإرهاب وإلي أفعال وأعمال جادة صادقة ومخلصة للوطن حتي يمكن التصدي بحق للإرهاب بعزيمة قوية. وبتضحية عزيزة. وبجهاد حتي تنتصر عليه. ونزيل آثاره المختلفة ومنها الاقتصادية السابق بيانها. وهذه ليست مسئولية الحكومة فقط. بل مسئوليتة كل مواطن عنده ولاء وانتماء لبلده. فقد قال الرسول - صلي الله عليه وسلم -: "كلكم راع. وكلكم مسئول عن رعيته". ومن سبل إزالة الآثار الاقتصادية للإرهاب علي سبيل المثال. التبرع لأسر الشهداء. وهذا من الواجبات الدينية.