مازال حديثنا موصولا عن ذكر بقية آراء العلماء في الصوفية, فنقول وبالله التوفيق: 1- قال المفسر الكبير فخر الدين الرازي في كتابه "اعتقادات فرق المسلمين والمشركين" ج 2 الباب الثامن في أحوال الصوفية: "والمتصوّفة قوم يشغلون بالفكر وتجرّد النفس عن العلائق الجسمانية. ويجتهدون ألا يخلو سرّهم وبالهم عن ذكر الله تعالي في سائر تصرّفاتهم وأعمالهم. منطبعون علي كمال الأدب مع الله تعالي. وهؤلاء هم خير فرق الآدميين". والإمام فخر الرازي هو من تعرف الأمّة مكانته العلميّة وفقهه ومؤلّفاته وعقيدته الإسلامية الصحيحة. 2- وجاء في كتاب "نور التحقيق" للشيخ حامد صقر ص 96: قال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام رضي الله تعالي عنه: "قعد القوم من الصوفية علي قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنياً وأخري. وقعد غيرهم علي الرسوم". والعز بن عبد السلام هو العالم العظيم والمجاهد الكبير والفقيه المعروف. وقد شهد له جُلّ علماء الإسلام بأنه سلطان العلماء. 3- وقال الشيخ تاج الدين السبكي عالم الأصول في كتابه "مفيد النعم ومبين النقم" ص 119 متحدثاً عن الصوفية: "والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين تُرتجي الرحمة بذكرهم. ويستنزل الغيث بدعائهم. فرضي الله عنهم وعنا بهم". والإمام السبكي من كبار الفقهاء وعلماء الأصول المدافعين عن السنة بإجماع كثير من العلماء. 4- وقال الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه "تأييد الحقيقة العليّة" ص 57: "وقد تأملت الأمور التي أنكرها أهل الشرع علي الصوفية فلم أر صوفيا محقّقا يقول بشيء منها. وإنما يقول بها أهل البدع والغلاة الذين ادّعوا أنهم صوفيّة وليسوا منها". والإمام السيوطي هو المحدّث والمفسّر والفقيه وعالم القراءات والحافظ الذي شهد له الجميع. 5- ويقول الشيخ "محمد أبو زهرة" في مجلة لواء الإسلام العدد 12 سنة 1960 ص 758: "ولذلك أوجب أن نتجه إلي الصوفية كعلاج أخير لوقاية الشباب من الفساد. ولا أعتبر أن هناك علاجاً أجدي منها". والشيخ أبو زهرة من الفقهاء المعاصرين المشهورين بالحيدة والإنصاف. 6- وقال الإمام النووي شارح صحيح مسلم وصاحب كتاب رياض الصالحين: "أصول طريق التصوف خمسة: تقوي الله في السر والعلن. واتباع السنة في الأقوال والأفعال. والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار. والرضي عن الله في القليل والكثير. والرجوع إلي الله في السراء والضراء" وذلك في كتابه "المقاصد في التوحيد والعبادة وأصول التصوف" ص 20. والإمام النووي هو علامة عصره وحجة كبري في الفقه الشافعي وعلم الحديث. ولن نكتفي بهذه الآراء وإنما سنعرض لموقف أئمة السلفية من الصوفية أيضاً حتي تتضح الأمور أكثر وأكثر, وهذا ما سنعرفه في العدد القادم إن شاء الله تعالي.