تحولت الفضائيات الدينية إلي ساحة حرب بين الشيعة والسنة وبين الصوفية والسلفية فقنوات الكوثر وأهل البيت والأنوار الشيعية تهاجم أهل السنة وتشكك في الثوابت الدينية وتنتقد الصحابة وعائشة أم المؤمنين مثل الشيخ علي الكوراني في برنامجه "المهدي منا" والشيخ كمال الحيدري في برنامج "مطارحات من العقيدة".. هذه القنوات لا تكل ولا تمل من محاولات نشر المذهب الشيعي ليس لأهل السنة فقط ولكن لغير المسلمين أيضا.. رصدنا في هذا التحقيق أشهر القنوات الشيعية وما تقدمه للناس وناقشنا المختصين. يري خبراء الإعلام أن تأثيرهذه القنوات يكون وقعه قويا علي المشاهد ذي المستوي الفكري المحدود والذي يسهل أن يصدق كل مايقوله الدعاة حتي إن كان خاطئا لأنه لايملك آليات التمييز بين الخطأ والصواب. وهناك عشرات من القنوات المذهبية التي تروج لمذاهب الشيعة،وقد تصطدم مع قنوات أهل السنة والجماعة ومنهجهم.. ومن أشهرها والتي تحظي بنسب مشاهدة ليست بقليلة في أوساط الشيعة العرب: »أهل البيت« وهي أكثرهم انتشاراً وتبث من مدينة كربلاء بالعراق ومدعومة من آية الله السيد هادي المدرسي وهو من آيات الله المعروفين في العراق ولدي الشيعة عموما.. القناة تقدم برامجها بالعربية والإنجليزية والأوردية.. وتليها الأنوار 1 و 2 ومركز بثها الكويت.. الأولي متخصصة في الحوارات والدراسات المذهبية، والثانية تعمل علي نشر الطقوس الشيعية مثل اللطميات والأدعية والبكائيات وكلتاهما مملوكة لأحد النواب الكويتيين.. وكذلك قناة المنار اللبنانية المملوكة لحزب الله وهي ذات أبعاد سياسية من حيث الموضوعات والأهداف لكن هذا لايمنع بثها برامج دينية مذهبية بشكل مباشر.. وأيضا قناة المعارف وتُبث من البحرين ويمتلكها الشيخ حبيب الكاظمي، وهو ممن لهم انتشارهم الخاص في العديد من البلدان ذات الكثافة الشيعية مثل العراق وقُم ولبنان.. بجانب ذلك هناك العديد من القنوات الأخري مثل الزهراء وتبث من لندن علي القمرالأوروبي"الهوتبيرد" فقط، والفرات وتبث أيضاً من العراق وتابعة لمجلس الثورة الإسلامية بالعراق وقناة الكوثر وهي إيرانية ناطقة بالعربية و تتبع بشكل مباشرالحكومة الإيرانية. ويلاحظ - وفق دراسات لخبراء الإعلام - أن معظم تلك القنوات حديثة العهد فلم يتجاوز أقدمها "قناة أهل البيت"عام 2005 وأحدثها قناة "فورتين" إشارة إلي الأربعة عشر معصوماً "الإثنا عشر إماماً والنبي وفاطمة" فلم تتجاوز عدة أشهر.. وهذه القنوات تتنوع في أماكن البث وعلي عدة أقمار مايؤكد أن لها دورها في سياق الإعلام الديني والمذهبي وتشكل شبكة واسعة من المتلقين..بالإضافة إلي مواقعهاعلي شبكة المعلومات. وهذه القنوات لاتستهدف المعتنق للمذهب الشيعي فقط بل معتنقي المذاهب والديانات الأخري وهذا يتضح من مضمون ما تقدمه من موضوعات في سياق الدعوة المذهبية أوالتبشيرالمذهبي. ومن خلال المتابعة الراصدة لمضمون برامج تلك القنوات نجد أن بعضها يناقش القضايا المذهبية الخاصة فقط دون المساس المباشر بالمذاهب الأخري خاصة المذهب السني وتعبر مباشرة عن مذهب الأغلبية الشيعية وهو الإثنا عشري. دون الدخول في القضايا الخلافية بين المذهبين مثل (الأنوار) التي تميل للجانب الشعائري والمسائل الفقهية الشيعية خاصة قضايا الإمامة والولاية والمهدوية والأفكار المذهبية.. وتنحي معظم هذه القنوات الخلافات جانبا في محاولة صنع نوع من المصالحة مع القضايا الإشكالية داخل المذهب الشيعي. الشيعة والآخر وتتفق هذه القنوات في الإشارة للمذهب السني بكلمة الآخر بما يجعل التشيع في سياقه الفضائي يتعامل مع الديانات الأخري خاصة المسيحية بشكل أكثر رفقاً وحميمية من تعاملهم مع السنة والاتجاه الوهابي تحديداً. ومن القنوات التي تعالج الموقف من المذهب السني بهجوم مباشر"أهل البيت"حيث تستهدف في معظم برامجها عقد المقارنات المذهبية والإلحاح علي مناطق الخلاف بين المذهبين بشكل عام والوهابية المتشددة خاصة مثل قضايا العقيدة والموقف من الصحابة والأئمة علي الجانبين، معتنقي فكرة تقديس الصحابة لدي السنة.. فكما يرون أن لقب صحابي لا يطلق علي كل من شاهدالنبي لكن المناصرين فقط لآل البيت.. وفكرة ختم النبوة لدي السنة وامتداد العلم النبوي مع الأئمة في التشيع.. واعتبار أغلب الروايات السنية مأخوذة عن صحابة غير ثقاة ولايجوز الأخذ منهم مع وجود آل البيت.. والهجوم علي المذهب الحنبلي بوصفه بداية التشدد وتغييب العقل أمام النقل من وجهة نظرهم ومفتتحاً للوهابية بعد ذلك أمام الدفاع عن التصوف والحركات الصوفية بمختلف توجهاتها.. كما تروج القناة للمذهب بشكل تبشيري. باستضافة من تحول من السنة إلي التشيع أو المستبصرين وتدخل معهم في سجالات ضد المذهب السني.. أما خطابها باللغة الإنجليزية فيتعامل مع الآخر والمفترض أنه غير مسلم بشكل هادئ للغاية مع ترويج الحكايات الشيعية الخاصة بالأئمة بكثافة متزايدة والبعد عن أي خلاف مذهبي لتعطي انطباعا أن للإسلام وجها واحدا فقط. دمج السياسة بالدين وتعكس هذه القنوات طبيعة التشيع من الأساس الدمج بين ما هو سياسي وما هو ديني، خاصة مع وجود دولة إيرانية مذهبية مكتملة الأركان، وبالتالي تنعكس الأفكار السياسية علي الخطاب الشيعي المقدم في سياقها مثل ولاية الفقيه وضرورة قيادته للعالم الإسلامي، خاصة أن قضية الولاية المحدودة والمطلقة من الأفكار التي حققت وما تزال سجالات واسعة في الأوساط الشيعية السياسية والمذهبية. ولا تزال دولة المهدي هي العنصر الأصيل في كل مايقدم منبرا مما جعل القنوات الشيعية متصدرة فكرة أنها استكمال للمشروع المقدس المؤسس لانتظار المهدي ويظهر ذلك بوضوح في القنوات ذات السمة الإيرانية بشكل عام أو القنوات التي تعبر عن الجانب الحركي في التشيع مثل قناة المنار التي تُعيد صياغة الأفكار النظرية عن الدولة الدينية إلي تجسيدات حركية في موقف حزب الله من إسرائيل. حتي الأطفال والأخطر من ذلك أن هناك قناة جديدة للأطفال تسمي قناة طه بما يعني أن التفكير الشيعي لم يتوقف عند الكبار فقط وإنما أدركوا أهمية السيطرة علي عقول الأطفال أيضا بما أنهم أجيال المستقبل القادم غير أن الطفل يمكن تشكيل عقله بسهولة أكثر من الكبار لأن عقله لا يزال فارغا قابلا لاستقبال مؤثرات جديدة وخبرات حديثة تساهم في تشكيل وعيه وخبراته .. هذه القناة تدس السم في العسل فهي تعلم الأطفال التعاليم الدينية العامة التي لا يختلف عليها أحد وتعلمهم الصلاة والصوم والتحدث عن الأخلاق والأمانة والفضائل العامة والصداقة والحجاب والعفة والاحتشام وشرح لبعض المعلومات وتعليمهم شهور السنة الهجرية والأشهر الحرم وأشياء من هذا القبيل ثم تمرر إليهم وسط هذه الأشياء الفاضلة بعض الأفكار الشيعية التي تتناسب معهم فيستقبلونها كمسلمات عادية وسط المبادئ العامة .. حتي أن أولياء الأمور قد ينخدعون للوهلة الأولي فيها ولكن بالتدقيق في متابعتها يفطنون لذلك.. مما يعني أن الفكر الشيعي متغلغل في كل مايستطيعون تقديمه لكل الطبقات والفئات الممكنة وأنه خطر يجب الحذر منه. شاهد من أهلها ويقول د.أحمد راسم النفيس المفكر الشيعي: أنا لا أرتبط بأي شكل من الأشكال بهذه الفضائيات ولم أعمل بها ولكن كل يعرض بضاعته ويسوق مالديه وله الحق في ذلك ولكن هذه الفضائيات لا تقدم للمسلمين فقط لأن هناك الكثير من غير المسلمين يبحثون ويقرأون في الإسلام .. والانفتاح علي الثقافات الأخري حقيقة قائمة .. فقد كنت في العراق في مؤتمر السيدة الزهراء وكان ضمن المجموعة مسيحيون من لبنان يشاركون زيارة الإمام الحسين والإمام علي ولاينظرون بنظرة ضيقة كالتي ينظر بها بعض المنتسبين للاسلام .. فهناك كتاب مسيحيون كتبوا عن الإسلام والشخصيات الإسلامية كالإمام علي وقواعد الأديان تكاد تكون مشتركة فعلي سبيل المثال نسمي السيدة العذراء بالبتول وكذلك نسمي الزهراء بالبتول أيضا .. ولكن الملاحظ أن هناك عدم إنصاف في تسليط الضوء علي الصحابة وزوجات النبي فلماذا لا نشيد بدور أم سلمي العظيم ونكتفي بشخصية واحدة فقط؟ فمن واجبي أن أتحدث عن باقي الشخصيات، لأني كرجل مسلم فإن ديني يدعوني للعدل والإنصاف ونحن لا نكره الصحابة جميعا كما يقولون ولن نحاسب أحدا ولكننا نتحدث عن المناضلين أو المجاهدين والعظماء منهم.. وعلي العموم الفضائيات كثيرة وكل لديه الحق في أن يعرض ماعنده. تشكيك في الدين وأما الدكتورة ليلي قطب أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر تري أن البسطاء الذين لا يمتلكون ثقافة إسلامية يمكن أن يتأثروا بهذه القنوات وما أكثر الأمية عندنا فهؤلاء لا يميزون الصحيح من الخطأ .. أما من لديهم ثقافة قوية وواسعة لا يتأثرون ولكن مع ذلك من الأفضل عدم مشاهدتها لأن هذه القنوات تشكك في الصحابة والرسول([) وأنه كان يحب أصحابه ويعتز بهم.. كما قال ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنة رسوله)) وأصحاب الديانات الأخري عندما يجدون هذا السب في الصحابة الكرام وجحود دورهم العظيم والذين أثني عليهم النبي([) يصبح لديهم شك في الدين وبالتالي لايقبلون علي الدخول في الإسلام .. وكذلك نحن لا نسلط الضوء علي أحد دون الآخر سواء من الصحابة أو زوجات النبي فنحن نكرمهم جميعا ونذكرهم جميعا ولكن لانسب أحدا منهم.