في حين تشهد محافظة بورسعيد حالة من العصيان المدني منذ أكثر من أسبوع علي خلفية الأحداث الأخيرة التي سقط فيها نحو 60 من أبنائها ومئات المصابين، أصدر الرئيس محمد مرسي قرارا بعودة المنطقة الحرة إلي المحافظة، لكن القرار الذي وافق عليه مجلس الشوري، قوبل بردود فعل متباينة فبينما عبرت القوي الشعبية عن رفضها للقرار باعتباره جاء لامتصاص غضب الشارع البورسعيدي، أكدت دراسة اقتصادية أن المنطقة الحرة ساهمت في تدمير صناعة الغزل والنسيج في مصر، واعتبر خبراء اقتصاد أن المنطقة الحرة تحولت إلي منطقة لتهريب البضائع . مزيد من التفاصيل حول وجهات النظر المتبانية بشأن عودة المنطقة الحرة في بورسعيد ترصدها آخر ساعة في سياق التحقيق التالي.. أثار قرار الرئيس محمد مرسي بإعادة عمل المنطقة الحرة مرة أخري ببورسعيد بعد تقديمه كمقترح لمجلس الشوري وموافقة الأخير عليه جدلا واسعا وردود فعل متباينة وذلك بعد توقف المنطقة الحرة لأكثر من 10 سنوات منذ إصدار قرار القانون رقم 5 لسنة 2002 الذي يلغي العمل بنظام تحويل مدينة بورسعيد إلي منطقة حرة. يرجع تاريخ إنشاء المنطقة الحرة إلي فترة رئاسة الرئيس محمد أنور السادات حيث تم إنشاء المنطقة الحرة بمحافظة بورسعيد في 1 يناير 1976 والتي نصت علي حق الامتياز في المعاملة الجمركية، وهو ماتسبب في انتعاش اقتصادي بالمدينة. وما بين إنشاء المنطقة الحرة وإلغاء العمل بها يأتي قرار الرئيس محمد مرسي بعودة المنطقة الحرة في بورسعيد، وتخصيص 400 مليون جنيه سنويا من عائد قناة السويس لتطوير مدن القناة، حيث تقدم الرئيس بمشروع قانون لمجلس الشوري، بشأن إعادة فتح المنطقة الحرة ببورسعيد . ومن جانبه صرح حسين زايد النائب بمجلس الشوري أنه تقدم للمجلس بمقترح لمشروع قانون لإلغاء القانون رقم 5 لسنة 2002 والذي يلغي العمل لقانون ونظام تحويل مدينة بورسعيد إلي منطقة حرة. مؤكدا أن الهدف من مشروع القانون هو أن تتحول بورسعيد إلي منطقة صناعية في الشرق الأوسط، إلي جانب كونها منطقة حرة تجارية، مؤكدا أنه مطلب شعبي منذ سنوات طويلة، مطالبا بإلغاء رسم الوارد لكي يقضي علي عمليات التهريب . كما أعفي الاقتراح جميع السلع والبضائع من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم علي أن يمنح الزائر الواحد لبورسعيد إعفاء جمركيا لبضائع وسلع في حدود 500 جنيه مرة واحدة سنويا، فضلا عن إنشاء منطقة حرة صناعية، ومنطقة خدمات لوجستية بمنطقة شرق التفريعة، تتولي المحافظة ووزارة المالية متمثلة في الجمارك تحديد حدودها الجمركية. واختلف خبراء الإقتصاد ما بين مؤيد ومعارض لقرار إعادة المنطقة الحرة ومن جانبه يري الخبير الاقتصادي مختار الشريف، أن قرار عودة المنطقة الحرة لبورسعيد، جاء كنوع من الترضية وإدخال البهجة علي أبناء بورسعيد، بعد أزمة مبارة الأهلي والمصري ومجزرة الألتراس، وما تسببته من عزلة لأهالي بورسعيد، وتعويضا لهم عن القرارات الأخيرة الخاصة بمدن القناة، التي أعطت إحساسا لدي أهالي القناة بانفصالها عن الوطن، كما أن القرار سيفتح الباب الخلفي للتهريب الجمركي، موضحا أن القرار الذي اتخذ، بإلغاء المنطقة الحرة في بورسعيد،في حكم الرئيس السابق بإغلاق المنطقة الحرة جاء بعد تخفيض الضريبة الجمركية علي البلاد حينها. مؤكدا أن المنطقة الحرة ببورسعيد تحولت لمنطقة تهريب إلي داخل مصر، وفقدت دورها المعول عليه في جذب الاستثمارات، في ظل الأنظمة الفاسدة، واستغلال بعض رجال الأعمال نفوذهم في جعلها منطقة تهريب. وأضاف مختار أن المناطق الحرة تعتبر من المناطق الجاذبة للاستثمار ودائما تخصص للتصدير، وتعد مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية في كل بلاد العالم المتقدمة، داعيا إلي إنشاء مناطق حرة علي الحدود الليبية والسودانية وفي سيناء. ويتفق معه في الرأي د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي حيث يري أن غياب الأمن وانتشار البلطجة والحكومة الضعيفة لن يجعل من عودة المنطقة الحرة قرارا له قيمة كبيرة علي الاقتصاد المصري. وأن الحكومة ستحرم من المليارات بسبب غياب الرقابة علي المنافذ خاصة أن مصر تستورد 06٪ من احتياجاتها من المواد الغذائية ويكفي أن نرصد أن خسائر الاقتصاد المصري من تهريب البضائع يتجاوز المليارات بسبب تكدس منتجات الشركات وتأثرها الشديد بسبب منافسة المنتجات التي تدخل البلاد عبر التهريب. وأكد أن محاولة الحكومة والرئاسة لتهدئة الأوضاع داخل بورسعيد من خلال إلغاء القانون 5 لسنة 2002 غير كافية، حيث إنه لابد من حلول سياسية أيضا فهناك قاعدة مهمة تقول: إن الاقتصاد والسياسة عملة واحدة ويؤثر كل منهما في الآخر. يوضح د. فرج عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن القرار ينم عن حالة من التأخر وعدم مواكبة تطور الأحداث، ويشير إلي أنه يجب دراسة القرار جيدا حيث إن الاقتصاد يمثل الدرجة الأولي من استقرار الأوضاع ، فالموضوع أكبر بكثير من مجرد محاولة لشراء غضب بورسعيد من خلال عودة العمل بالمنقطة الحرة دون علاج الأسباب الحقيقية وراء غضب الأهالي. وأشار إلي أنه لابد من الاهتمام بمدينة بورسعيد وذلك نظرا إلي أهمية المدينة والمكاسب المادية التي يمكن تحقيقها من استثمار موقعها المتميز وانعكاس ذلك علي الناتج المحلي، مطالبا بضرورة الاهتمام بالنشاط التجاري والخدمي بالمدينة وإنشاء مشروع خاص لتمويل الأنشطة السياحية والخدمية خاصة أن بورسعيد تعد ميناء محوريا ومن الممكن تشغيل النقل متعدد الوسائط خاصة لو تم تحديث وتطوير مطار بورسعيد الجوي بحيث تكون هناك شبكة متكاملة من النقل الجوي والبحري والبري مشيرا إلي أن الغاء قرار المدينة الحرة يعد بمثابة ضربة قاضية للمدينة، هدم استثماراتها، لذلك يجب امتصاص هذا الغضب، حيث يوجد غضب عارم داخل بورسعيد بسبب إهمال المحافظة وعدم الاهتمام بها وعدم الاستماع لمشاكل الشباب. والغياب الأمني وزيادة معدلات التهريب حيث يتم تهريب الحاويات الكبيرة القادمة من ليبيا إلي بورسعيد مقابل 60 ألف جنيه وتسبب هذا في ضياع ملايين الجنيهات علي الدولة. ومن جانبه يري الدكتور عبد الخالق فاروق، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن قرار الرئيس يكشف عن عقلية تجارية وليست عقلية اقتصادية وصناعية وهي من وجهة نظره تمثل الحقيقة حيث إن معظم رجال أعمال الإخوان هم من التجار وليسوا من الصناع، مشيراً إلي أنه كان من الأفضل علي الرئيس أن يتخذ خطوات فعلية لتنمية مدن القناة والعمل علي تحويلها إلي محور تنمية صناعية وخدمية وليس إلي منطقة تجارية حرة لا تضيف قيمة مضافة إلي الاقتصاد ويغلب عليها نشاط التهريب. وأوضح فاروق أن قرار تخصيص 400 مليون جنيه لتنمية مدن القناة الثلاث ليس بجديد حيث أن جزءا من إيرادات القناة كان يخصص لصالح المجالس المحلية في المدن الثلاث، وبالتالي هو قرار شكلي ولا يستهدف سوي تهدئة الأجواء السياسية المضطربة. فيما أكد فاروق أن القرار وعودة المنطقة الحرة سيكون ليس له تأثير في استمرار التهريب ونقل البضائع إلي المحافظات الأخري ولن يجعل أحدا يأتي إلي بورسعيد طالما أن السلع متوافرة في كل مكان وفي الأسواق المختلفة. علي الجانب الآخر تري د. عالية المهدي أستاذ الاقتصاد أن إحالة القانون رقم 5 لسنة 2002 إلي مجلس الشوري من أجل إلغائه يعد بادرة طيبة يتزامن مع تشكيل لجنة وزارية تضم وزراء الاستثمار والصناعة والتجارة والتنمية المحلية والاسكان لبحث ملف التنمية داخل المحافظة ووجود حلول للمشاكل التي تعاني منها المدينة منذ سنوات ومنها زيادة معدلات البطالة والتهريب والغياب الأمني. وأن عودة العمل بنظام المنطقة الحرة لن يكون له تأثير كبير في ظل غياب التنمية. كما أنه لا يعقل أن تكون هناك منطقة خدمات بميناء جبل علي بالإمارات وسنغافورة ويغيب هذا عن ميناء بورسعيد وعندما يتحقق هذا سيتيح توفير آلاف فرص العمل للشباب ويحدث تطور اقتصادي كبير في جميع المحافظات. وأشارت إلي أنه لا يجب التقليل من إلغاء قانون 5 لسنة 2002حيث إن هذا سيترتب عليه إحداث تنمية شاملة وعودة النشاط التجاري البور سعيدي مرة أخري مما يترتب عليه جذب المستثمرين والازدهار الاقتصاد المصري. ويعلق الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي قائلا إنه بمراجعة بسيطة لملاحظات هيئة الاستثمار وللقضايا التي تم ضبطها بمعرفه قضايا التهرب الضريبي والجمركي خلال الخمس سنوات الماضية فقط نجد أن حجم التهرب بلغ حوالي 150 مليار جنيه يستحق عليهم ضرائب ومبيعات وضرائب عامه ورسوم جمركية مالايقل عن 26 مليار جنيه هذا بالإضافة إلي استعادة هذه المصانع من رسوم دعم صندوق الصادرات وبلغت حوالي 600 مليون جنيه خلال خمس سنوات.