لغة الرمز وأساليب ونواحي استخدامها في الفن القبطي كلها من ابتكار الفنان المصري القديم متأثرا بأفكار ومعتقدات بيئية وكل الأشكال والمعاني لها دلالات ترتبط بالموروث الثقافي والفني للحضارة المصرية القديمة.. والعقيدة المسيحية وكلها عنيت بالعمارة والنحت والنسيج والفخار وارتبطت بالحياة الشعبية وتناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل. يتضح منهج الإنسان القديم فكرا وسلوكا وتأثيرا وتأثرا بالأسطورة وارتباطه بالرموز من بدء الحضارات اليونانية والرومانية والمصرية القديمة وكلها ذات طابع رمزي وإيحاء ديني تفسر مأثورات الناس حول العالم وما وراء الطبيعة من الإلهة والأبطال أو القصص الخيالية التي لها أصل شعبي تمثل فيها قوي الطبيعة بأشخاص يكون لأفعالهم ومغامراتهم معان رمزية مثل الأساطير الإغريقية التي تفسر حدوث ظواهر الكون والطبيعة بتأثير متعدد للإلهة.. ولقد اتسعت آراء مؤرخي الفنون لتاريخ زخارف المنسوجات المستخرجة من المقابر المصرية وأكد بعضهم أن أقدم منسوجات الفن المسيحي المصري ترجع إلي القرن الأول الميلادي حيث عثر علي منسوجات حريرية في مدينتي أخميم جنوب مصر وقرية الشيخ عبادة واختلفت آراء علماء الآثار في تحديد أماكن نسجها منهم من يؤكد أن الأقباط استخدموا الحرير في صناعة أكفان الموتي في آخر القرن الرابع الميلادي وينفيها بعض آخر ويرجعها إلي إيران أو العراق، ويبدو أن المنسوجات الحريرية لم تلق إقبالا كبيرا من أقباط مصر في ذلك العصر فكان استخدامهم لها نادرا لعدم ارتداء رجال الدين الحرير الذي يعد مظهرا من مظاهر الترف. وقد عثر علي عدد كبير من قطع النسيج في العصر المسيحي المصري بخامات مختلفة في أخميم وأرمنت وهوارة واللاهون وأدفو والبهنسا وكوم أوشيم والمتحف القبطي المصري به نماذج للنسيج وتدل علي أن زخرفتها بطريقة القباطي وهي تطلق علي النسيج المصري وكانت له شهرة كبيرة، وفي السنة العاشرة للحكم الحاكم 793ه 6011م تمت كسوة الكعبة بالقباطي التي ترجع أصولها للقرنين الثالث والرابع الميلادي وهي أولي المراحل في فن النسيج المصري.. وكانت أكثر رسوم الحيوان انتشارا، ما كان متعلقا بالصيد فرسم الحصان وقد امتطاه الفرسان والمحاربون والقناصة ورسمت الأسود منفردة والأرانب وهي بين أغصان الشجر وهي تقضم الفاكهة مع مجموعة كبيرة من الأشكال قد تكون لحيوانات أو طيور تداعبها صبية وتتخللها زخارف من الكروم وفروع العنب مع أشكال هندسية وأسماك ودرافيل بصفة خاصة لما لها من رموز تطرقنا إليها.. أما الكائنات الخرافية المستمدة من جسم الحيوان فلم يظهر منها مايطلق عليه الكنتور وهو مخلوق خرافي النصف العلوي منه إنسان علي جسد حصان وهو أحد الأساطير اليونانية ويمثل رمزا للدلالة علي الوحشية والشراسة. متحف موسكو في متحف موسكو وجدت قطعة نسيج مصري كما ذكرت الباحثة (مرجريت مجدي خله) في رسالتها لجامعة الإسكندرية لنيل الماجستير وعنوانها الرمزية في فن التصوير القبطي.. هي لنسيج مزخرف بسمكة باللون الأخضر متدرجة حتي ينتهي إلي الأصفر والزعانف ملونة باللون الأحمر ويبدو كما لو كانت تسبح في الماء معبرا عن حركة وحيوية بالتواء جسم.. ونادرا ما يجمع الفنان بين رسم الحيوان والطير وقد عالج الفنان المصري القديم أجسام الأشكال الحيوانية والطيور بل أيضا الرأس بما يتفق والتكوين العام والمساحة البيضاء.. أما رسوم الطيور فالطائر فيها عنصر أساسي في التصميم والعصافير هي الأكثر ظهورا في القطعة التي ترجع إلي القرن الرابع الميلادي وهي عبارة عن شريط اللون الأزرق الغامق وبرز شكل الطير فيها باللون الفاتح وهو مجرد من التفاصيل ولم يفقد الرشاقة ولا شكله المميز وعلي استعداد للطيران برأس ملتفتة إلي الوراء والعين مفتوحة وبقطعة رسم العصفور فيها بألوان زاهية علي خلفية داكنة والإكثار من رسم العصافير تعبير عن العزوف عن الماديات ورمز للروحانيات المستمدة من رسوم قدماء المصريين حيث كانوا يصورون الروح علي هيئة عصفور وطائر وكلها تتسم بارتفاع المستوي من الناحية التقنية بألوان تتميز بالانسجام. شجرة الحياة عمل الفنان القبطي بحرية علي اختيار الموضوع وتوظيفه لخدمة العقيدة والعمل الفني ونجحت عملية الإبداع الفني لأنها حققت ووظفت الأعمال القديمة والمبكرة برموزها وموضوعاتها وأساليبها الفنية في وظيفة جديدة وبرؤية فنية مختلفة لخدمة المجتمع بادماج عناصر ثلاثة هي الموروثات الحضارية والصنعة الفنية المتميزة والوعي الجمالي وكانت الموضوعات الدينية التي تراوحت بين القرنين السادس والسابع الميلادي هي مجال التعبير الأكبر ومن هذه الموضوعات قصة (سيدنا يوسف الصديق) بعد أن بدأت رسوم الحيوانات والطيور تختفي إلا إذا كان لها دور في تمثيل الموضوع وجاء فيها اتخاذ الخيل وما عليها من أشخاص في الوسط كأساس تلتف حوله العناصر الأخري للتعبير عن حياة يوسف الصديق مع وجود أربع أسماك في كل أركان المربع ولم تظهر علي النسيج مثلما ظهرت علي المنحوتات وقد يكون الفنان قاصدا بها وضع رمز يشير به إلي المسيح عيسي لأن الحروف الخمسة الأولي من اسم المسيح باللغة اليونانية تكون كلمة سمكة.. كما توجد مجموعة أعمال أخري في متحف بوشكين بروسيا وتوضح كيفية تمثيل العمل بأسلوب شعائري واضح التماثل بما يتشابه مع الأعمال في الشرق الأدني ومصر وتستخدم أيضا بشكل خاص في الفن المقدس كما في موضوع شجرة الحياة ويتضح التأثير الفارسي ليس في الفن وحده ولكن أيضا في المجال الديني وليس بغريب أن هذه الرموز الفارسية قد أخذت وعدلت حسب الحاجة أو الغرض والشكل أو العنصر الذي قد يكون صيادا مسلحا بحربة ودرع يهاجم أسدا وهذا يمثل التفكير العقلي في الصراع بين الخير والشر.. أما شجرة الحياة وتمثل آدم وحواء وهي ذات تأثير فارسي ولها أفرع استخدمته المسيحية رمز شجرة الحياة التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس وغالبا يستبدل برمز الصليب أو قد يكون المقصود بهذه الشجرة هو الجنة ولكن خروج آدم وحواء غير من استمرار وتعديل الرمز أو استخدام رموز جديدة ويبقي الموضوع كما هو باعتباره مستمدا من الشرق الأدني ولكن الأسلوب المتبع فيه يظهر سمات الفن القبطي من ناحية العلاقات اللونية والتسطيح الزخرفي والذي يجعلها تبدو كقطعة واحدة من الفن الرائع.