من المسئول عن هتك عرض فتيات الثورة.. سؤال يطرح نفسه منذ أكثر من عامين علي الثورة فبداية من كشوف العذرية التي كان ضحيتها بعض الفتيات اللواتي شاركن في الثورة وكانت تحت رعاية المجلس العسكري ومروراّ بحوادث التحرش المتفرقة في تظاهرات القوي المدنية ضد الإخوان وتحديدا في تظاهرات شهر نوفمبر 2102 وانتهاء بما حدث في الذكري الثانية لثورة يناير وماحدث يوم الجمعة الماضية من اغتصاب إحدي مراسلات القنوات الفضائية قرب ميدان سيمون بوليفار. واجهت الفتيات المشاركات في الذكري الثانية للثورة موجة عنيفة من الاعتداء الجنسي والجسدي بدأت هذه الموجة العنيفة للتحرش الجماعي الممنهج من يوم الجمعة الموافق 25 يناير 2013 وما زالت حلقاته مستمرة تحت سمع وبصر الجميع. وأشارت مجموعة "قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي" إلي تلقيها 91 بلاغًا بخصوص اعتداءات جنسية جماعية في محيط ميدان التحرير وصل بعضها إلي محاولات قتل أو تسبب في عاهات مستديمة وقامت المجموعة بالتدخل في خمس عشرة حالة منها بإخراج السيدات من دوائر الاعتداءات وإيصالهن لأماكن آمنة أو لمستشفيات لتلقي الخدمة الطبية اللازمة. وأعربت المجموعة والتي تضم عددًا من منظمات المجتمع المدني عن خيبة أملها من موقف القوي الثورية والأحزاب والحركات الداعية للمسيرات والفعاليات السياسية في الذكري الثانية لثورة 52 يناير. ورأت المجموعة أن هذه الاعتداءات والتحرشات الجماعية لا تنفصل علي الرغم من مشاركة بعض المارة والمتواجدين في الميدان فيها بأساليب قمعية تطول الثورة والثوار عمومًا. وتابعت أنه في الوقت الذي أصبح فيه مجرد نزول النساء إلي ميدان التحرير بخطورة التوجه إلي الصفوف الأمامية للمعركة يأتي إصرار هذه الثائرات علي عدم ترك الميدان والمظاهرات والمشاركة السياسية علي الرغم من أن الأخطار الجسيمة التي يتعرضن لها جديرة بالاحترام والإعجاب والتشجيع بينما معظم القوي الثورية والسياسية تميل إلي تهميش إصابات النساء علي أرض المعركة أو اعتبارها عارًا أو أمرًا يستدعي الشفقة والإحسان. وأدانت المنظمات التعامل الإعلامي مع القضية قائلة إنه خلا من أي التزام بآداب المهنة أو احترام لخصوصية النساء المتعرضات للعنف حيث أصرت بعض وسائل الإعلام وخاصة الصحف، علي نشر تفاصيل شخصية عن بعض من تعرضن لاعتداءات في احتفالات الذكري الثانية للثورة ضاربة عرض الحائط بحساسية الموضوع وأهمية الحفاظ علي الخصوصية والسلامة النفسية للمعتدي عليهن ما هدد بتدهور حالتهن بسبب الضغط النفسي الناجم عن الملاحقة الإعلامية ونشر الكثير من التفاصيل التي لا تشكل أي أهمية لسياق الخبر الصحفي. فيما أكد مركز "سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز" تلقيه ما يزيد علي 32 حالة اغتصاب جماعي شهدها ميدان التحرير خلال الذكري الثانية من ثورة الخامس والعشرين من يناير حتي الآن في مشهد يسيء لثورة 52يناير ويخرجها عن مسارها السلمي الذي أشاد به العالم. وأوضح المركز أن تلك جريمة أخلاقية وقانونية وإنسانية تتناقض تماما مع مبادئ وقيم الشعب المصري الذي ظل صامدًا في ميدان التحرير لمدة 81 يومًا لم نشهد خلالها حالة اغتصاب أو تحرش واحدة مؤكدا أن تلك الجريمة لا تضر فقط بمسار الثورة المصرية المباركة وإنما تضر كذلك بسمعة ومكانة مصر ما بعد الثورة فالشعب المصري معروف بتدينه وحفاظه علي القيم والأعراف والتقاليد الدينية. وتشير أغلب شهادات المعتدي عليهن والمتطوعين والأنماط التي رصدتها المجموعة والمنظمات النسائية إلي منهجة التحرش من حيث أسلوب الاستهداف والاعتداء وتوقيتهما وأماكن حدوثهما بما يؤكد أن هناك درجة من التنظيم والتعمد تهدف في النهاية لإرهاب النساء المشاركات وإقصائهن من الفعاليات الثورية. ومن جانبها أكدت الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح أن ظاهرة التحرش الجماعي في ميدان التحرير هي أداة سياسية وسلاح لترهيب الفتيات والسيدات المشاركات في المظاهرة لا تقل عن استخدام الغازات المسيلة للدموع وإطلاق الخرطوش علي المتظاهرين. وقالت إن هذه الظاهرة تقوم بها جماعات منظمة بدليل ظهورها عقب كل مليونية موضحة أن هذا السلاح ضد الفتيات يظهر كعنصر طارد للفتيات من المظاهرات وفي نفس الوقت يهدف إلي تشويه ميدان التحرير. أضافت أن المنظمات النسائية تقوم برصد الظاهرة وتعقبها من خلال بلاغات من الفتيات اللائي تم الاعتداء عليهن للتأكيد علي معلومات أنها منظمة ومدفوعة من جهة ما لإفساد الأجواء في التحرير. وأشارت إلي أن هذه الظاهرة تستهدف النساء بصفة عامة خاصة الناشطات السياسيات مدللة علي ذلك بأن أحداث الاحتفال بالذكري الثانية للثورة بمجرد دخول مسيرة نسائية من سيدات كبيرات في السن لم يسلمن من التحرش والاعتداء عليهن. وبدورها أوضحت الناشطة السياسية والحقوقية ندا القصاص أن ظاهرة التحرش بالفتيات في ميدان التحرير تظهر عقب المليونيات التي لا يشارك فيها التيار الإسلامي بنفس الظروف والآليات. وقالت القصاص من غير الطبيعي أن تتكرر الصدفة بما يؤكد أن هذه الظاهرة مقصودة لإرهاب المشاركات في المظاهرات مطالبة بعلاج أسباب المشكلة وليس أعراضها وذلك بالتدخل الأمني لإحكام السيطرة علي المتحرشين وبالعلاج النفسي والاقتصادي لطبيعة المتحرش والذي عادة ما ينتقم من المجتمع من خلال نسائه باعتبار أن المرأة تمثل شرف المجتمع. وروت إحدي الفتيات واقعة تحرش تعرضت لها أثناء مشاركتها في إحدي تظاهرات ميدان التحرير مؤكدة أن حالة من الفوضي تسيطر علي ميدان التحرير خاصة مع تزايد الأعداد بالميدان. وأضافت الفتاة خلال حوارها في إحدي القنوات أن مجموعة كبيرة من البلطجية تحرشوا بها بكل عنف وسط تزاحم الأعداد، مضيفة: "أيديهم وصوابعهم وصلت لكل حتة في جسمي، ووصلت المستشفي بدون بنطلون". وقالت الدكتورة راندا حافظ مسئولة برنامج المرأة بالمعهد السويدي بالإسكندرية إن منظمات نسائية استطاعت توثيق 91 حالة اغتصاب جماعي بحق نساء وفتيات في ميدان التحرير خلال إحياء الذكري الثانية للثورة. وأشارت إلي أن المجموعات الميدانية التي تعمل لحماية النساء أثناء الاحتجاجات تلقت عشرات البلاغات بشأن تعرض فتيات ونساء للتحرش والاغتصاب الجماعي في ميدان التحرير. نبهت حافظ إلي أن حالات الاعتداء الجنسي تقع في أطراف ميدان التحرير فالجناة عادة ما يشكلون حلقة حول الضحية ويبدأون عملية التحرش بها واستدراجها خارج الميدان بعد أن يقسموا الأدوار فيما بينهم. وأضافت يتولي البعض عملية استدراج الضحية والانقضاض عليها بينما تتولي مجموعة أخري منهم عملية خداع الجماهير أو من يحاول إنقاذ الضحية عبر إيهامهم بأن تلك الفتاة من الفلول وأنها تشتم شباب الثورة أو أنها سارقة أو أنها تبيع المخدرات أو تحمل حول وسطها حزاما ناسفا فينفض الناس من حولها ولا يستمعون إلي استغاثاتها وفي حالة إصرار بعض الشباب علي إنقاذها، يتم التعدي عليهم بالأسلحة البيضاء". وأوضحت: لقد استطعنا توثيق حالتين هما الأقسي والأبشع علي الإطلاق الحالة الأولي لفتاة تعرضت للاغتصاب بوحشية ثم طعنها الجناة بسكين في فتحة المهبل ليخرج نصل السكين من فتحة الشرج والفتاة تصارع الموت في أحد المستشفيات. أما الحالة الثانية فهي لفتاة تعرضت للاغتصاب بوحشية أيضًا علي أيدي العديد من الأشخاص وتركوها في حالة غيبوبة. وقالت حافظ إن تلك الفتاة خضعت لعملية جراحية لاستئصال رحمها وهي ترقد في أحد المستشفيات أيضًا في حالة سيئة للغاية. وأضافت إن حالات الاعتداء الجنسي الجماعي ليست وليدة الذكري الثانية للثورة في 52 يناير الماضي فالظاهرة موجودة منذ شهر (نوفمبر) 2102 لكنها استفحلت أخيرًا بشكل غير مسبوق والحالات التي تم الإبلاغ عنها أو توثيقها لا تمثل جميع الوقائع بل هناك حالات كثيرة فضلت عدم الإبلاغ أو الكشف عما تعرضت له. وأشارت إلي أن النساء يدفعن ثمنًا باهظًا مقابل الحرية التي يطالبن بها محمّلة السلطة الرسمية والأحزاب السياسية المسؤولية عن ارتفاع معدلات تلك الجريمة واتخاذها أشكالا بشعة ومتهمة الجميع بالتخاذل. وانتشرت صباح الجمعة الماضية دعوات علي صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" تنادي بشراء كل فتاة تعتزم النزول إلي الميادين والشوارع المصرية في "جمعة الخلاص" صفارة كي تلفت النظر لمكانها عند محاولة التحرش بها. وفي نفس السياق قالت مني عزت عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والناشطة الحقوقية إن عددًا كبيرًا من الأحزاب والحركات السياسية والمدنية اتفقت علي تشكيل مجموعة من الفتيات باسم "ضد التحرش" ومجموعة أخري باسم "شفت تحرش" حيث تهدف المجموعتان بالتعاون مع حركة تحرير "بودي جارد" وأعضاء الأحزاب السياسية إلي كشف محاولات التحرش بالمتظاهرات في ميدان التحرير خاصة بالقرب من مجمع التحرير وعدد من المناطق التي يتم رصد حالات التحرش الموجودة في باقي المحافظات. وشهد ميدان التحرير يوم الجمعة الماضية إقدام عدد من المتظاهرين الموجودين علي كورنيش النيل علي الاعتداء علي مراسلة لإحدي القنوات الفضائية وتناوبوا التحرش بها جنسيا وقاموا بتمزيق ملابسها.. وتمكن رجال الإسعاف من تخليص المراسلة من هؤلاء المتظاهرين وهي في حالة إغماء وتم نقلها الي كنيسة قصر الدوبارة القريبة من الكورنيش. وقد ناشدت المنصة الرئيسية في ميدان التحرير الفتيات بالابتعاد عن ميدان سيمون بوليفار وكورنيش النيل بسبب زيادة وقوع حالات التحرش في تلك الأماكن وطالبتهن بالابتعاد عن تجمعات الشباب المنعزلة في جوانب الميدان.