البنات يتعرضن للتحرش داخل وخارج المدارس انتشرت خلال الآونة الأخيرة ظاهرة العنف والبلطجة بالمجتمع بشكل غير مسبوق، فكثرت حالات البلطجة والاعتداءات والعنف وهو ما انعكس بدوره علي المنظومة التعليمية التي أصبحت نسخة مصغرة مما يحدث بالمجتمع من قتل وعنف وتحرش واغتصاب وسط غياب واضح من جانب المسئولين عن وضع الضوابط أو التصدي للمشكلة التي تهدد حياة التلاميذ والمنظومة التعليمية بالموت والانهيار . كشف تقرير جديد صادر عن المركز المصري لحقوق الإنسان تحت عنوان " المنظومة التعليمية في خطر" عن انهيار منظومة التعليم وسوء أوضاعها خلال ال 3 شهور الأخيرة لعام 2012 وأشار التقرير إلي انتشار ظاهرة العنف في المدارس بشكل كبير، حيث بلغت حالات القتل داخل وخارج المدارس المصرية إلي 82 حالة، كما أن هناك 10 حالات قتل لتلاميذ المدارس وأن الخطر يهدد تلاميذ المدارس في 4 مدارس بعقارب وثعابين وزواحف سامة، 4 حالات اغتصاب وتحرش وانحلال أخلاقي ضد التلميذات، ووجود 13 حالة بلطجة ضد الطلاب يهدد قدسية المنظومة التعليمية، و12 حالة عنف داخل المدارس المصرية تتراوح من عنف أولياء أمور ضد مدرسين، وعنف التلاميذ ضد زملائهم، ومدرسين ضدهم، كما رصد التقرير 38 حالة من الفوضي والسلبية في مواجهة وزارة التربية والتعليم مشيرا إلي أن 70٪ من معلمي المدارس الحكومية والخاصة غير تربويين. وذكرالتقرير وجود 10 سلبيات وإجراءات وزارية أثرت سلباً علي المنظومة التعليمية، و33 حالة عنف ناتجة من أحداث سياسية أثرت بالسلب علي المنظومة التعليمية، و13 حالة استغاثة من المواطنين لوزارة التربية والتعليم، و56 إجراء إيجابياً غير كاف من وزارة التربية والتعليم لمواجهة العنف والقتل داخل وخارج المدارس. وحذر التقرير وزارة التربية والتعليم من انتشار العنف بالمدارس ومدي سلبية انعكاس ذلك علي المجتمع حيث إن نسبة بلاغات العنف المدرسي في المرحلة الابتدائية وفقاً لمرصد خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة وصلت إلي 67٪، أما نسبة بلاغات العنف المدرسي في المرحلة الإعدادية فوصلت إلي 24٪ و7٪ نسبة بلاغات العنف المدرسي في المرحلة الثانوية، وأن 3٪ نسبة بلاغات العنف المدرسي في مرحلة رياض الأطفال، أما نسبة بلاغات العنف المدرسي من إجمالي البلاغات التي يتعرض لها الطفل أكثر من 50٪ أما عن الكوارث المدرسية فلقد رصد المركز بتقريره ازدياد الكوارث المدرسية مشيرا إلي أنه يوجد إصابة1000 تلميذ من المحول الكهربائي، هذا بالإضافة إلي حالات اغتصاب التلميذات من قبل المعلمين غير المؤهلين أو تعرضهم للتحرش من خلال الحلقات الصبيانية علي أبواب مدارس البنات. حيث كشف التقرير عن حدوث حالات تحرش داخل وخارج المدرسة محذرين مما يمكن أن تتعرض له الفتاة من أضرار نفسية نتيجة لذلك مما يؤثر بدوره سلبيا علي المجتمع . وأشار التقرير إلي أن الفترة الأخيرة انتشرت فيها عمليات البلطجة علي المدارس خاصة بعد ثورة 25 يناير فلقد انعكس الانفلات الأمني بعدها علي أوضاع المدارس، ولقد لاحظ المركز المصري علي مدار الأعوام السابقة وجود عدد من حالات الاعتداء المنفرد والجماعي من قبل البلطجية علي المدارس والمعلمين، ولقد رصد التقرير حالات متنوعة من اعتداء البلطجية علي المدارس والمعلمين أو الطلبة علي حد سواء.. وتبعا لذلك أصبح الذهاب إلي المدرسة طريقا للموت، بدلا عن كونه شيئا ساميا يسعي إليه الجميع للتطور والرقي حسبما تقول أمل أحمد تلميذة بالصف الأول الثانوي إنه غالبا ما تتعرض البنات إلي التحرش داخل وخارج المدرسة من قبل المدرسين أو الطلاب والمسجلين خطر الذين يتسكعون علي أبواب مدارس البنات ينتظرون خروجهن أو دخولهن لمعاكستهن والتحرش بهن دون تعرض أحدهم للمساءلة أو اهتمام المسئولين بتوفير الحماية اللازمة للتلميذات، أو العمل للقضاء علي هذه الظاهرة التي أصبحت كابوسا يؤرق الكثير من الفتيات بل أصبحت شيئا مخيفا يحول بينهن وبين الشعور بالأمان سواء داخل أو خارج المدرسة. وتضيف ابتسام مصطفي تلميذة بالصف الثالث الإعدادي إن البنات أصبحن لا يتعرضن للتحرش في الشارع فقط، ولكننا نتعرض له بالمدرسة أيضا ومن قبل المعلمين، من خلال الألفاظ التي يستعملها المعلم دون مراعاة للمكان أو للتلميذات، فالمعلمون غير مؤهلين للتعامل معنا، كما أنه لا أحد يوفر لنا الحماية مما نعانيه، فكثيرا ما تتردد حكايات تتضمن انحلالا أخلاقيا بين المدرس فلان والطالبة كذا وهذا كله لا يأتي من فراغ فهو نتيجة لانحلال تربوي وأخلاقي غائب عن المدارس المصرية. ويقص مصطفي عاطف تلميذ بالصف الثاني الإعدادي ما يحدث كل يوم أمام عينيه من حوادث عنف بين التلاميذ وبعضهم، وطريقة تعامل التلاميذ مع المعلمين التي لا تقل عنفاً عن تعاملهم مع بعضهم البعض، فغالباً ما ينتهي أي شجار بإصابة أحدهم، كذلك استخدام المعلمين العنف تجاههم بصور مبالغ بها في الكثير من الأحيان . وبالاستفسار عما يحدث داخل المدارس تقول إخصائية اجتماعية - بإحدي المدارس إن العنف أصبح مستوطنا داخل المدارس حيث إن معظم المعلمين يستخدمونه ضد التلاميذ الذين هم تحت عمر ال 12 فواحدة من الحوادث التي حدثت علي مدار الترم استخدام المعلمين العنف والضرب المبرح ضد التلاميذ لإجبارهم علي الدروس الخصوصية، علي حين يحدث العكس بالنسبة للتلاميذ الأكبر عمرا الذين ينعدم الاحترام بينهم وبين المعلم فلقد أصبحت المدارس ملجأ للعنف، في تجاهل من المعلمين لأسلوب الثواب والعقاب، كمكافأة الطالب عندما يحسن في أدائه ومعاقبته من خلال حرمانه من الفسحة خلال اليوم الدراسي مثلا أو "التذنيب في الفصل" أو استدعاء ولي أمره ولكن بدون أي إهانة نفسية أو جسدية وهو ما ينعكس بدوره علي أسلوب التلميذ فيما بعد. ذلك غير ما يحدث في الامتحانات وحالات البلطجة والتعدي علي المعلمين عند رصد حالات الغش كان آخرها حادث اعتداء أحد التلاميذ علي المعلم ومراقب الدور مستخدما سلاحا أبيض ولم يتم تسوية الوضع إلا بتدخل الشرطة كما استمر الوضع بعدها لعدة أيام نتيجة لتدخل الأهل والتعدي علي المعلمين والعاملين بالمدرسة فذلك نموذج لما يحدث الآن بمعظم المدارس لذلك لابد من الوقوف علي أول المشكلة لحلها فلابد من إعطاء المدرس حقوقه المالية والأدبية حتي يستطيع إعادة وضعه الاجتماعي من جديد واستكمال مسيرته في تعليم أجيال تظهر بعقلية متفتحة غير مقموعة بالعنف والإهانة. ومن جانبها تقول مي شهاب الدين أستاذ أصول الدين بالمركز القومي للبحوث التربوية - إن التعليم والمدرسة جزء لا يتجزأ من المجتمع ، وطالما هناك عنف متفش بالمجتمع، سيؤثر ذلك بدوره علي المنظومة التعليمية، كما أن التعليم له عدة أضلع من أهمها المعلم الذي يجب إعداده بطريقة صحيحة، والتخلي عن أصحاب التطرف منهم، فنحن لسنا في حاجة لأصحاب مثل تلك العقول، حيث يجب أن يكون المعلم غير متطرف دينيا أو سياسيا، أو متعصبا لعقيدته وفكره السياسي غير مبال بآراء الآخرين، لأن كل ذلك يؤثر علي التلميذ بطريقة مباشرة وعلي نمو العنف والتطرف بداخله، وهو ما ينتج عنه حالة من الغليان التي قد تتسبب في حدوث مثل تلك الحوادث بين التلميذ وزميله أو بين التلميذ والمعلم. وأكدت مي شهاب أن المسئولية تقع أولاً واخيراً علي عاتق المعلم في احتوائه للتلاميذ، وعلي أن يكون قدوة حسنة لهم، وامتصاص الغضب والعنف لديهم وضخها في أشياء إيجابية ،علي أن يكون هناك من قبل الوزارة برامج لإعداد المعلم، ويكون هناك اهتمام بالتربية الصحيحة، فالتلميذ الذي يقوم بقتل زميله أو الاعتداء عليه هذا ليس سوي نتاج لضعف التربية الفكرية والدينية التي انعدمت من معظم المدارس، واستنشاق الطلاب لروح العنف التي أصبحت سائدة في المجتمع، والبعد عن الأخلاق سواء في محيط الأسرة أو المدرسة، أما عن حالات البلطجة والاعتداء علي المدارس فتحمل شهاب مسئولية ذلك لمؤسسات الحكومة التي يجب أن تضع ذلك في عين الاعتبار وتوفر الأمن والحماية الكاملة للطلاب للخروج من تلك الأزمة في أسرع وقت. ويضيف محمد صادق خبير تربوي أن العنف المنتشر في المدارس نتيجة لانعدام الضوابط داخل المدارس، بالإضافة إلي المناخ المدرسي السيئ الخالي من الأنشطة ومساحات التعبير عن الرأي، فلابد من إعادة هيكلة الإدارات المدرسية وسياستهم المتبعة البعيدة عن الاهتمام بالتربية، ذلك غير العنف السائد بالمجتمع الذي يأتي التلميذ من جرائه محملا بالعنف والعدوانية، ويحولها إلي واقع بممارسته مع زملائه ومعلميه. وأرجع د. محمود الناقة خبير مناهج تربوية أعمال العنف بالمدارس والانفلات الأمني إلي الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد، وما تشهده من ترد في الأوضاع الاقتصادية والسياسية والفكرية، مشيراً إلي أن الجميع يجتهد من خلال المنظومة التعليمية لتفادي مثل هذه الأحداث، في هذا الوقت الاستثنائي، والمرحلة المضطربة غير المستقرة، لذلك انعكست هذه الأحداث علي الوضع بأكمله ، وتسببت في خلل بالنظام والقيم، فانتشرت أحداث البلطجة والاعتداء علي المدارس التي يجب أن ينتبه لها الأمن والشرطة لحماية المدارس والطلاب والحفاظ علي الوضع الأمني، ليعود الأمن وتستقر الأوضاع ونقضي علي ظاهرة البلطجة، فالثورة ليست انفلاتا وتكسير قيود وخروجا عن المألوف، والبلطجة والاعتداءات أمر طارئ لم نعتد عليه من قبل لذلك يجب أن ينتبه المسئولون له حتي نخرج من عنق الزجاجة للنهوض بالمنظومة التعليمية والبلاد مرة أخري .