الرسول([) جدته وزوجته مصرية أهلها من أحسن الناس أخلاقا وأدبا 350 صحابيا دخلوها ودفنوا تحت ترابها أبرز المعارك ضد اليهود قادها مصريون الشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن العريفي من أبرز علماء السعودية، وقد ألقي خطبة الجمعة بجامع البواردي بالرياض، وكل كلمة منها تنطق وتفيض بحب (أم الدنيا) بلد العلماء والمجاهدين والأبطال، وقد لاقت أصداء واسعة عندنا بسبب ذكاء سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدي الجامعة العربية الشيخ أحمد عبدالعزيز قطان، فلأنه يملك حسا سياسيا عاليا من ناحية، وتسكن مصر تحت جلده من ناحية أخري، حرص علي توزيع شريط هذه الخطبة علي الكُتاب والصحفيين ووسائل الإعلام لتكون درسا لكل المزايدين علي متانة العلاقات المصرية السعودية، وهأنذا أنشر أهم سطورها »بالنص«.. أيها الإخوة المسلمون: إنها اليوم شهادة في بلد الأنبياء، إنها شهادة في مسكن العلماء إنها رسالة إلي بلد العلم والجهاد، إنني أتحدث اليوم عن أم الدنيا، دعوني اليوم أتحدث عن مصر.. من شاهد الأرض وأقطارها والناس أنواعاً وأجناساً ولا رأي مصر ولا أهلها فما رأي الدنيا ولا الناس، هي أم البلاد وهي أم المجاهدين والعباد قهرت قاهرتها الأمم ووصلت بركاتها إلي العرب والعجم، هي بلاد كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة فكم لمصر وأهلها من فضائل، ومزايا، وكم لها من تاريخ في الإسلام وخفايا منذ أن وطئتها أقدام الأنبياء الطاهرين ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين . إذا ذكرت المصريين، ذكرت الدفاع عن فلسطين وذكرت الجهاد والمجاهدين فصلاح الدين أقام بمصر، وكثير من قواده منها وأبرز المعارك مع اليهود قادها مصريون .. إذا ذكرت المصريين ذكرت أمنا هاجر، ومارية القبطية، ذكرت أخوال رسولنا، وأصهار نبينا لا لن أشهد اليوم لمصر فما مثلي يشهد لمثلها بل سأخطب عن كوكبة العصر، وكتيبة النصر وديوان القصر، سأتكلم عن أمّ الحضارة وأمّ المهارة ومنطلق الجدارة.. نعم سأخطب عن أرض العزة وعن بلاد القطن.. ذكر الله تعالي مصر في القرآن وبين الله جلَّ وعلا اسمها صريحاً في أربعة مواضع في كتابه، تشريفاً لها وتكريماً، فقال الله جل وعلا "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ" "يوسف:21". وقال سبحانه "ادْخُلُواْ مِصْرَ إن شَاء اللّهُ آمِنِينَ". وقوله جلَّ وعلا: "قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إن هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ" إلي آخر هذه المواضع. إن مصر أيها المسلمون هي الأرض الطيبة التي قال الله تعالي عنها لما طهرها الله تعالي من فرعون وقومه مدح الله تعالي مصر فقال "كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ" إن مصر فيها خزائن الأرض بشهادة ربنا جلَّ وعلا لما قال عن يوسف عليه السلام "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَي خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ". ولم يذكر الله تعالي قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل قال جلَّ وعلا: »وَأَوْحَيْنَا إِلَي أُمِّ مُوسَي أن أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ" يعني في نيل مصر. نعم إنني أتكلم عن مصر وصي النبي صلي الله عليه وسلم الأمة كلها بمصر وبأهلها فقال بأبي هو وأمي "إذا فتحتم مصر فاستوصوا بمصر خيراً فإن لهم ذمة ورحماً، وفي لفظ قال: "فإن لهم ذمة وصهراً" رواه مسلم هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام وهي أم إسماعيل جد نبينا عليه الصلاة والسلام هي مصرية من القبط، ومارية سرية رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأم ولده إبراهيم هي مصرية أيضاً، ولذلك قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالي عنهما قال قبط مصر هم أخوال قريش مرتين، وقال النبي عليه الصلاة والسلام "إنكم ستفتحون مصر أحسنوا إلي أهلها فإن لهم ذمة ورحماً" رواه مسلم فهي وصية للأمة كلها لكل من تعامل مع المصريين أن يحسن إليهم وأن يكرمهم وأن يعرف قدرهم وأن يقف معهم عند حاجتهم وأن ينصرهم عندما يؤذون، الهدية إليهم من أفضل الهدايا، وأذيتهم من أعظم الرزايا، ولم يكتف نبينا صلي الله عليه وسلم بمدح مصر وأهلها بل أمر بالإحسان حتي إلي أقباطها فقال عليه الصلاة والسلام: "الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون عليكم عدة وعوناً في سبيل الله" رواه الطبراني وصححه الألباني. إننا لا نتحدث عن بلد عادي، إننا نتحدث عن بلد عظيم القدر جليل الجناب أشار الله تعالي لكبر مصر، وأشار لعظم مساحتها فقال جل وعلا "فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ " وهذا يدل علي كثرة مدنها ولعظم قدرة مصر .. أما أهل مصر فيكفيهم شرفاً وفخراً أن الله تعالي اختار منهم الأنبياء وجعل الله تعالي الأنبياء يسكنون بين ظهرانيهم، فهذا الخليل إبراهيم شيخ الموحدين، وأفضل المرسلين، وجد خاتم النبيين أتي مصر مع زوجه سارة وتزوج هاجر المصرية، وهذا يعقوب عليه السلام دخلها مع أبنائه الأنبياء فيها توفوا ودفنوا فيها، وهذا يوسف عليه السلام سكن مصر وحكم فيها وتوفي ودفن فيها، وهذان موسي وهارون -عليهما السلام - ولدا في مصر وعاشا فيها، وهذا يوشع ابن نون ولد في مصر وعاش فيها، وهذا الخضر، وهذا أيوب وأشعيا وأرميا -عليهم أفضل الصلاة والسلام- كلهم دخل مصر ومنهم من مات فيها. أما نساء مصر فيكفي المصريات فخراً وعزاً وشرفاً أن سيد الأنبياء محمدا- صلي الله عليه وسلم-كانت جدته هاجر مصرية وأم ولده مارية مصرية، ويكفي المصريات فخراً أن ماء زمزم تفجر إكراماً لامرأة مصرية ولابنها, ويكفي المصريات فخراً أن هاجر المصرية عندما سعت بين الصفا والمروة خلد الله تعالي فعلها، وأمر الأنبياء وسائر الأولياء والحجاج والمعتمرين بأن يسعوا كسعيها.. ويكفي المصريات فخراً أن أم موسي عليه السلام مصرية، وأن آسيا امرأة فرعون مصرية، التي قال الله عنها "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ". ويكفي المصريات فخراً أن المرأة الصالحة التي كانت ماشطة لبنت فرعون كانت مصرية, وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام: "لما كان الليلة التي أسري بي فيها أتت عليَّ رائحة طيبة قلت يا جبريل ما هذه الرائحة، قال: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها". إن أهل مصر هم من ألين الناس تعاملاً وأحسنهم أخلاقاً وأدباً، قال تاج الدين الفزاري "من أقام في مصر سنة واحدة وجد في أخلاقه رقة وحسناً". ولقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من صحابة سيدي - رسول الله صل الله عليه وسلم- حتي لما أحصي عدد الصحابة الذين دخلوا مصر، أو سكنوا فيها، أو زاروها أو حكموها أو دفنوا في ترابها فتعدوا أكثر من 350 صحابياً.