أسأل عن" باب الحرس" في الطريق العرضي "يسمونه شارع الحرب " بين قرية شطا ودمياط بمسافة 3 كم هو ميدان القتال بين المقداد بن الأسود ومعه شطا ابن حاكم مدينة دمياط ضد حاكم تينيس (21 ه) واستشهد ودفن شطا في مقامه ومسجده وقريته الآن.. علي الجانبين تمتدعمارات عصرية أسفلها ورش ومحلات ومعارض الموبيليا أمامها الصنايعية منهمكين صامتين لولا خفة دم صبي يبيع الأسماك علي الناصية دلني إلي اليمين ثم اليسار ليلمح علبة السجائر فيطلب واحدة يتناولها بحرص عن أصابعه برائحتهاتقطر بمياه كملابسه والأرض حوله وقد لكزني بها في قميصي وانتظرني أشعلها له فجاوبته" ما فيش حاجه ببلاش عند الدمايطة ؟ "فيصيح ملوحا بذراعيه "الدمايطة طول عمرهم نزهة ، مش عاوز سمك طازة يا فندي ". وأفلت ممن يصر علي زيارتي معرض للموبيليا يغري المدام والعروسة الصغيرة ولا ييأس فيعطيني كارت العنوان. أستفسر عن معني باب الحرس قالوا بوابة حرس أسوار دمياط قديما ومنطقة تجنيد عهد محمد علي وللحرس الوطني بعد ثورة 1952 وافقني رأيهم بصبغته العسكرية في أن مسجد عمرو قد أقيم مثل مسجد الفسطاط في معسكرالجند في شرق دمياط وبنفس المساحة 750 م و تصميم مسجد الرسول في المدينةالمنورة في مستطيل بسقف من الجريد مقام علي جذوع النخيل وإيوان للقبلة وفناء مكشوف وقد استخدمت بعد ذلك في بنائه أعمدة رومانية وسمي جامع الفتح وبذلك قد يكون ثاني مسجد أقيم في افريقيا. علي اليسار جبانة دمياط الكبري تتوسط العمارات الشاهقة والطرق المرصوفة جنوبهايقف المسجد جديدا تلاصقه الأضرحة بشواهد الحجرية وألوان الأبيض والأزرق عليها أسماء عائلات كبيرة ومشايخ وصالحين لا يفصله إلا سوره الحديدي البراق وعرض متر واحد لطريق ترابي متعرج في شرقه يخترق الجبانة أنشأته لجنة حفظ الآثار العربية منذ 100 عام لوقف الزحف إلي أرض المسجد بسبب خرابه الكامل لولا تدخل المسئولين في السنوات الأخيرة ولا ينسون فضل د.زاهي حواس وزير الآثار وابن دمياط ودوره في إعادة الحياة للمسجد بعد اكثر من 100 عام من الخراب الكامل. يكاد المسجد يشابه مسجد الفسطاط في هندسته وواجهته وسوره الخارجي وتقسيمه الداخلي مع فارق المساحة في دمياط 300 متر و الفسطاط 13000متر بأكثر من 4 أضعافه ،لكنه علي العكس يرتفع عن منسوب الأرض بثلاث درجات ومدخله الرئيسي من الجنوب وليس من الغرب ويؤدي إلي أروقة المسجد التي في شكل مستطيل يحيط بصحن تتوسطه نافورة خشبية مفتوحة للسماء وعلي اليمين يقع المحراب الأصلي وعلي يمينه منبر خشبي حديث وفي يمينه محراب صغير بلون ومادة الجدران "الكريمة " قالوا كان هناك 3 محاريب أخري صغيرة لم تنفذ في التجديد قد تكون للأروقة الفاطمية للمذاهب الأربعة وعلي يسار المنبر تقع غرفة خاصة للكهرباء يواجهها في الجنوب غرفتان للإمام وخدام المسجد. علي يسار الداخل تمتد مساحة لصلاة النساء كانت قديما للدراويش سميت مسجد الشيخ بدفن الشيخ الشريف بها ولم أجد له ضريحا ولا عرف العاملون عنه شيئا وفي مقابله غرفة مسجد النساء الخالية الآن وبينهما من ناحية الواجهة الغرب الأصلية ترتفع بشموخ المئذنة الأثرية إلي كذا متراً والتي قالوا إنها يوما كانت دليل الصيادين في البحر قبل بناء الفنار وهي علي الطراز الفاطمي وقد سقطت قمتها المملوكية بالزمن وهي من عدة أدوار بالطوب الأحمر وتراكمت حولها الرمال الناعمة الرمادية من خليط الرمال السوداء من فرع دمياط في فيضانات ما قبل بناء السد العالي ومحاطة بسور حديدي في شرقه يهبط سلم خشبي لنحو مترين تم تفريغها ويكشف قاعدتها المطمورة بها غرفة سيدي أبو المعاطي وله مقام ومسجد علي بعد مترين في شرق المسجد ولذا سمي مسجد عمرو باسم مسجد أبو المعاطي في فترة تاريخية سابقة. لم أدرك جسامة خراب المسجد إلا من صوره قبل عام 2004م فقد اسودت وتآكلت الأعمدة والجدران من رطوبة البحر والمياه الجوفية بارتفاع مترين والأمطار الشتوية مما أضعف أعمدته الرخامية الرومانية القديمة عن حمل السقف الجديد فأزيلت وتم تصنيع أعمدة مماثلة من نفس الخامة والمقاسات ونقلت الأصلية الي مخازن الآثار بالقاهرة وأقاموا لعدد منها معرضا مفتوحا في شمال المسجد وكذا تغيير أخشابه وتنفيذه علي الطراز الفاطمي الذي يوافق الجزء المتبقي من المئذنة. الشارع يقودك إلي مقام ومسجد سيدي أبو المعاطي ومساحته 100 م له خمس درجات ترفعه عن منسوب المقابر ومسجد عمرو أيضا وقد جدد عام 1985 ولا يميزه إلاضريح لايزيد عن مترين مربعين جدرانه الثلاثة من بناء قديم و له حاجز خشبي أعلاه شباك وممر طولي متعامد معه يمتد من الشرق إلي الغرب يكاد لا يكفي صلاة فرد واحد وعلي اليسار شباك قروي قديم مرتفع بقاعدة حجرية عليه قلل مياه فخارية مدهونة بطلاء ذهبي مكتوب عليها بالأحمر أسماء أطفال وتاريخ ميلادهم نذر للولي من الأمهات فيها حميدة من عام2000 وأحمد من عام2011 م وأوضح لي خادم المسجد أن القلل تبقي لسنوات طويلة ولا تزال إلا إذا تكسرت من تراكم أعدادها ويبدو أنها من بقايا سبيل الشرب القديم للعابرين لتملأ بالمياه وتوضع علي الشباك كصدقة وقد تغير الزمن فهناك مياه الحنفية ومبرد مياه كهربائي كبير موضوع كسبيل أيضا بينه وبين جامع عمرو. والمسجد خال رغم نظافته الملحوظة وصوت التلاوة من إذاعة القرآن الكريم فكما عرفت من الشيخ محمد سلامة مدير أوقاف دمياط فإن تجديدات مسجد عمرو جذبت المصلين إليه خاصة مع تجاور المسجدين حتي صلاة الجمعة أصبحت في الجديد ورغم ذلك فللمقام مولد سنوي يقام في منتصف شعبان ويأتيه حشد كبير. قال أحدهم إن هناك في مدينة المنزلة علي بعد 40 كم مقام المقدام بن الأسود وقد يكون مقام رؤية. في القرن السادس الهجري تم تجديد شامل للمسجد وأضيف له رواق رابع لتدريس المذاهب الأربعة وذلك في عهد السلطان الآمر بأحكام الله الفاطمي 521ه 1127م وماتزال هناك لوحة تذكارية بذلك هناك علي مدخل المسجد كما تم تجديده في العصر الفاطمي 1106 م. في 682 ه وكان المسجد قد تعرض للإهمال الشديد قدم إلي دمياط رجل صالح أسمه فاتح بن عثمان التكروري" سيدي أبو المعاطي" توفي 695 ه وأقام في مصر 12 سنة في تينيس علي بحيرة المنزلة ثم دمياط وهناك أقام في حجرة أسفل منبر المسجد ثم تولي عملية تنظيف المسجد وإصلاح سقفه الذي تأثر بالأمطار وقام بتبليط أرضيته بالبلاط الحجري وذلك في عهد الظاهر بيبرس البندقداري وقد سمي المسجد آنذاك باسم جامع فاتح نسبة إليه وكان المسجد لا يفتح إلا يوم الجمعة فأصبح في كل الأوقات. في عام 771 ه في عصر المماليك قام الأمير محمد بن قيران الحسامي بتصحيح المحراب الفاطمي وأقام جدارا جنوبيا لذلك. وفي العصر الأيوبي تم ترميم وتوسعة المسجد. وفي العصر العثماني تم تجديد المسجد في عمارة أمير اللواء فتم تدعيم الجدران الخارجية والأعمدة والدعامات وفي عصر محمد علي تم ترميم الجزء الغربي من المسجد. وفي عام 1898 وحتي عام 1946 قامت لجنة حفظ الآثار العربية بإنشاء الجدار الجنوبي وعمل نوافذ به وعمل خندق حول المسجد وقد انخفض منسوب أرضيته بمقدار 1.5 عن منسوب العصر الفاطمي ونفذت سلماً هابطاً له وشقت طريقا في جانبه الشرقي وسط المقابر. وقد سجل في آثار دمياط الإسلامية عام 521ه 1127 باسم جامع أبوالمعاطي. في عام 1951 كأثر يقع في الجبانة الكبري أقصي شرق المدينة التي كانت قد خربت في العصر المملوكي والعثماني في الحروب الصليبية فتحولت البيوت حوله إلي خرائب ثم اتخذت المنطقة جبانة فقد أمر المماليك عام 1250 بتدمير المدينة لكنهم لم يستطيعوا تدمير المسجد. في 238 ه 853 م غزا البيزنطيون دمياط وحولوا المسجد الي كنيسة باسم كنيسة العذراء ثم دمروا المسجد عند خروجهم منها في العام التالي فأمر الخليفة المتوكل ببناء حصن دمياط وإعادة بناء المسجد وزيادة مساحته فأصبحت 56 *45 مترا وتم إعادة بناء مئذنة المسجد وتقوية الأعمدة والجدران في عام 1219 استولي جان دي برين علي دمياط فجعل المسجد كنيسة وعندما خرج الصليبيون بعد 3 سنوات عاد المسجد الي طبيعته. في عام 1249 م استولي لويس التاسع علي المدينة فجعل المسجد كاتدرائية وعمد فيها طفله الجديد وأقام فيها احتفالات كبيرة ونهب الجنود الفرنسيون المصاحف التي كانت به وأرسلوها الي فرنسا كما فككوا المنبر الأبانوس واحتفظ كل واحد منهم بجزء كتذكار لنصرهم آنذاك وبعد خروجهم قام المماليك بتجديد الجامع وإكمال المئذنة علي الطراز المملوكي. وأضيف للمسجد زاويتان إحداهما علي اليمين للدراويش ثم سميت زاوية الشيخ بعد دفن الشيخ عبد الله الشريف بها وزاوية أخري علي اليسار للنساء المقعدات والعجائز عرفت باسم جامع النساء. في عام 1889م رأت لجنة حفظ الآثار الإسلامية إخراج المسجد من تسجيله كأثر. وتعرض المسجد بعد ذلك لإهمال شديد وارتفع منسوب المياه الجوفية وانهارت دورات المياه وتخرم سقفه حتي تم إيقاف الصلاة به لمدة 100سنة. وقام المجلس الأعلي للآثار بعمل عملية تطوير للمسجد من عام 2004 م تكلفت 35 مليون جنيه وتم اتخاذ الأصل الفاطمي ورفع منسوب المسجد لمستوي الشارع وتجديد شامل للمباني وافتتح للصلاة عام 2009 م.