نجحت المسلسلات والدراما التركية في الوصول بالرسالة المستهدفة إلي معظم شعوب منطقة الشرق الأوسط والأقصي بعد أن استعذب المشاهدون تذوقها خاصة هذا الجو العاطفي المشحون بالرومانسية، سيما أن الدوبلاج كان متميزا كتابة وأداء. ولكن ماهي الرسالة؟ أظن أن صناع الدراما والسينما في تركيا لايبتعدون كثيرا عن صناع القرار السياسي، فعملوا علي تقريب وجهات النظر، وإبراز المشتركات الإنسانية والنفسية والحضارية والدينية بين تركيا والعالمين العربي والإسلامي أولا، والشعوب الأخري ثانيا بما يعني في رسالتهم أن النموذج التركي هو أقرب النماذج الحضارية التي يمكن للأمة أن تستفيد منه في مشروعها الحضاري إن أرادت ..ثمة ظلال لصورة أخري في رسالة الدراما التركية، هي الترويج السياحي لكنوز تركيا الأثرية وهي غنية باعتبارها حاضرة الخلافة الإسلامية قبل انهيارها، لذا حرص الكتاب والمخرجون علي تصوير المشاهد في أماكن طبيعية لتبدو الآثار ساحرة خلابة تستهوي السائحين وتدعوهم للاستمتاع بها، وأظنهم نجحوا بالفعل فقد قفزت أعداد السياح إلي تركيا إلي نحو 40 مليون سائح سنويا ! مع استقرار أحوال البلاد بالطبع، في مصر الأمر سيئ مختلف فالدراما والسينما المصرية خطيئة كبري غير معنية ببناء أي روابط إنسانية أو حضارية مع العالم وهي كثيرة جدا، فقط تنقل واقعا اجتماعيا سيئا كان ينبعي للكاتب والمخرج أن يتنبه أنها حالة عارضة وواقع فرضه نظام فاسد مستبد 30 سنة ولا يعبر عن حقيقة ومعدن الشعب المصري وثقافته وحضارته، فكان " أولاد الشوارع " و "حين ميسرة" خطيئة الدراما والسينما المصرية حملت رسالة خطأ في توقيت خطأ وقدمت للشامتين في دول الجوار مبررا لشماتتهم! ولسبب غير مفهوم ربما ضغط النفقات – قام المخرجون بتصوير أعمالهم الدرامية بمدينة الإنتاج وهي ديكورات فقيرة لاتحاكي الواقع الساحر لطبيعة مصر وآثارها الغنية بالكنوز، ففقدت السياحة المصرية نافذة قوية ومهمة للترويج لها، ولو تنبه أهل الفن لهذه الرسالة لكانت الدراما خير سفير لحضارة مصر وشعبها العظيم وآثارها الغنية وطبيعتها الساحرة ونيلها الخلاب، أضف إلي ذلك هذه الرسائل الإعلامية التي تبثها القنوات كل لحظة عن العنف والبلطجة والسرقة والتظاهر وسفك الدماء بدءا من موقعة الجمل حتي ميدان العباسية، فامتنع السائحون، وتهيبوا المشهد، فتضررت السياحة ومازالت تنزف خسائرها بالمليارات.. مصر في حاجة إلي عقلاء !