فهل سيحكم مصر وشعبها بدستور 1971 الذي سيجعل من الحمل الوديع فرعونا آخر أم سيحكم وفقا للمادة 56 من الإعلان الدستوري غير الواضح المعالم والاختصاصات والتي تستمد نصوصها أيضا من دستور 1971 أم سيحكم وفقا لإعلان دستوري مكمل يحدد اختصاصات الرئيس الجديد. هذه السيناريوهات الثلاثة هي التي تم طرحها مؤخراً من قبل فقهاء القانون وأيضا المجلس العسكري والتي سرعان ما واجهت اعتراضات من قبل حزب الحرية والعدالة ووافق عليها النور . وطبقا للمادة 56 من الإعلان الدستوري فستكون اختصاصات الرئيس بناء علي الإعلان الدستوري المؤقت، ودستور 1971 المستمدة منه بنفس النصوص التي تحدثت عن صلاحيات رئيس الجمهورية، ووفقا لدستور 1971 الذي يتكون من 211 مادة في سبعة أبواب، نجد أن رئيس الجمهورية له 35 صلاحية تحدثت عنها 55 مادة من إجمالي مواد الدستور فهو رئيس الدولة، ورئيس السلطة التنفيذية، والقائد الأعلي للقوات المسلحة، ورئيس مجلس الدفاع الوطني، والرئيس الأعلي لمجلس القضاء، والرئيس الأعلي للشرطة، والرئيس الأعلي لكل الهيئات الرقابية، بما في ذلك الجهاز المركزي للمحاسبات، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وهيئة الرقابة الإدارية، وكذلك الحق في تعيين رئيس مجلس الوزراء وعزله، وتعيين الوزراء وعزلهم، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين، وتعيين عشرة أعضاء بمجلس الشعب، ودعوة البرلمان للانعقاد وفضه، وتعيين ثلث أعضاء مجلس الشوري، وحل البرلمان، وإصدار قرارات لها قوة القانون، وغيرها من الصلاحيات وبالنسبة للإعلان الدستوري،فقد أعطي نفس الصلاحيات المطلقة التي تحدث عنها دستور 1971وتضمنها الإعلان الدستوري لكي تكون للمجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد، وطبقًا للإعلان الدستوري الحالي فإن اختصاصات المجلس العسكري التي سوف تنتقل للرئيس المنتظر في الواحد والعشرين من يونيه القادم علي أقصي تقدير، وهي: التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها، وتعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشعب، ودعوة مجلسي الشعب والشوري لانعقاد دورتهما العادية وفضها والدعوة لاجتماع غير عادي وفضه، وحق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وتمثيل الدولة في الداخل والخارج وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية وتعتبر جزءا من النظام القانوني في الدولة، تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم علي الوجه المبين في القانون واعتماد ممثلي الدول الأجنبية السياسيين، والعفو عن العقوبة وتخفيفها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون، والسلطات والاختصاصات الأخري المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضي القوانين واللوائح. وكان المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس الأعلي للقوات المسلحة،تحت عنوان "المشهد السياسي خلال الفترة الانتقالية، طبقاً لخريطة الطريق التي حددها المجلس"، قال اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس، إن هناك ثلاثة سيناريوهات للخروج مما يسميه البعض الأزمة الدستورية، أسفرت عنها المناقشات التي أجراها المجلس مع جميع عمداء كلية الحقوق وخبراء القانون والفقهاء الدستوريين ورؤساء الهيئات القضائية. السيناريو الأول وهو السيناريو الأصلي الذي ورد في خريطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري، ويقضي بأن تنتهي الهيئة التأسيسية التي ينيط بها الإعلان الدستوري القائم مهمة كتابة الدستور، من مهمتها قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية، ليتم العمل به فوراً، ويمارس الرئيس الجديد وبقية سلطات الدولة مهامهم طبقاً لنصوصه. السيناريو الثاني: هو أن يصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة، إعلاناً دستورياً تكميلياً للإعلان الدستوري القائم والصادر في 30 مارس 2011يتضمن بعض المواد الإضافية، الخاصة بوضع الحكومة والبرلمان والرئيس الجديد، ويجري العمل به لفترة مؤقتة، إلي حين انتهاء الهيئة التأسيسية من كتابة الدستور الجديد، وبداية العمل به من اليوم التالي للاستفتاء عليه. السيناريو الثالث: وهو سناريو تبناه كما قال اللواء شاهين رجال القضاء ورؤساء الهيئات القضائية، ويقضي بإعادة العمل بدستور 1971 بشكل مؤقت، إلي حين انتهاء الهيئة التأسيسية من وضع الدستور الجديد. أما المؤكد، فهو أن السيناريو الأول الخاص بكتابة الدستور قبل انتخابات الرئاسة، أصبح من المستحيل، بعد أن تجاوزه الزمن، إذ لم يعد يفصل بيننا وبين تسمية الرئيس القادم سوي فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة وستة أسابيع لا تكفي لوضع الدستور، بل ربما لا تكفي لإنهاء الخلاف الذي لايزال دائراً منذ شهرين حول تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستضعه. وفي رد فعل مباشر،علي تصريحات اللواء شاهين، كانت هناك اعترضات وموافقات من قبل عدد من الأحزاب والقوي السياسية فجماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة اعترضوا علي السيناريو الثاني الخاص بإصدار إعلان دستوري تكميلي يحدد اختصاصات الرئيس، انطلاقاً من أن ذلك يعد في رأي الحزب والجماعة انقلاباً علي الشرعية البرلمانية التي أتت بها إرادة شعبية نقلت سلطة التشريع إلي مجلس الشعب، وإن المادة 56 من الإعلان الدستوري القائم، تحدد اختصاصات الرئيس، وإذا كان لابد من وضع نصوص دستورية تحدد صلاحيات هذا الرئيس فليضعها مجلس الشعب.. وليس المجلس العسكري. وفي حين اتفق حزب المصريين الأحرار مع الإخوان المسلمين في الاكتفاء بما تنص عليه المادة 56 من الإعلان الدستوري الحالي من اختصاصات للرئيس أيد حزبا النور والكرامة سيناريو إصدار الإعلان الدستوري التكميلي. وأعلن د محمود غزلان المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين بأن الإعلان الدستوري المكمل مرفوض رفضا تاما لأنه انقلاب علي الشرعية البرلمانية التي أتت بإرادة الشعب مشيرا الي أنه إذا لزم الأمر فمن حق مجلس الشعب أن يضع هذه الصلاحيات في صيغة قانونية سليمة تمكن الرئيس القادم من العمل بها لحين وضع الدستور وأكد ناصر الحافي نائب الحرية والعدالة أنه لا يجوز للمجلس العسكري إصدار أي إعلانات دستورية أخري سواء مكملة أو في أي صورة لأنه سلطة التشريع انتقلت الي مجلس الشعب وأن الرئيس القادم لا يحتاج لدستور مكمل يحدد صلاحياته لأن المادة 56 من الإعلان الدستوري الحالي تكفل ذلك ومن جانبه وافق النائب علاء البهائي عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفي علي وجود إعلان دستوري مكمل يحدد صلاحيات الرئيس القادم إذا لم يتم الانتهاء من وضع الدستور شريطة أن يضمن الإعلان المكمل عدم تدخل أو سيطرة من الرئيس القادم علي وضع الدستور القديم أو أن يترك وضعه للبرلمان واتفق معه في الرأي النائب أمين إسكندر أمين عام حزب الكرامة الذي أكد أن الوقت غير كاف لعمل دستور جديد ومن الأفضل وضع إعلان دستوري مكمل يحدد صلاحيات الرئيس القادم لحين وضع دستور شريطة أن يكون الإعلان المكمل بالاتفاق مع كل القوي السياسية . وكانت اللجنة العامة لمجلس الشعب قد قررت في اجتماعها الطارئ تشكيل لجنة من 10 نواب برئاسة د. سعد الكتاتني رئيس المجلس لعقد لقاء فوري مع المجلس العسكري لمناقشة عدة موضوعات من ضمنها وما يثار حول نية المجلس العسكري من إصدار إعلان دستوري، ووضع القوات المسلحة في الدستور الجديد، وأزمة التأسيسية . ومن جانبه أكد جورج إسحاق الناشط السياسي أن وجود رئيس جديد في ظل الإعلان الدستوري الحالي يثير تخوف القوي السياسية، موضحا أن اختصاصات رئيس الجمهورية يجب أن يتم تحديدها في إعلان دستوري آخر يحدد فيها جميع اختصاصاته من الناحية التنفيذية وذلك حتي يعلم الجميع اختصاصات الرئيس. وأوضح إسحاق أنه لا يوجد مشكلة في إجراء انتخابات الرئاسة وذلك في الوقت الذي يوضع فيه الإعلان الدستوري الخاص باختصاصات الرئيس، إضافة إلي الاتفاق علي اللجنة التأسيسية التي تضع دستور مصر القادم. مشيراً إلي أن الأمر يحتاج إلي التروي وليس من مصلحة مصر التسرع في وضع الدستور. وأوضح اسحاق أن الدستور الذي سيتم وضعه من المفترض أن يصلح لمدة لا تقل عن 50 عاما لذلك لابد من كتابته بعناية لأن أي تغييرات ستطرأ عليه بعد ذلك يجب أن تكون طبقا لمتغيرات محلية أو عالمية وليس لمبادئ حزبية أو قوي سياسية لها أكثرية في مدة معينة. ويري المستشار بهاء أبو شقة، نائب رئيس حزب الوفد، أننا بصدد مشكلات دستورية كثيرة، سنظل نعاني منها بسبب أننا أخطأنا الطريق الذي كان يتعين علينا أن نسير فيه من وضع الدستور أولاً، بحيث نكون أمام دستور يحدد شكل النظام السياسي للدولة، سواء كان رئاسيًا أم برلمانيًا أم مختلطًا، كذلك ينظم اختصاصات رئيس الجمهورية وعلاقته بالسلطات الثلاث، كل هذه المسائل تنظمها الدساتير في العالم كله، مضيفًا أنه لا يتصور من زاوية المنطق أن يتم انتخاب رئيس جمهورية ليس لديه علم واضح بحدود صلاحياته، متسائلاً علي أي أساس يجري استفتاء علي دستور يوضح صلاحيات الرئيس بعد انتخابه معتبرًا أن ذلك مصادرة علي حق الناخب، فضلاً عن المرشح، موضحًا أن الشخص الذي قد يصلح للنظام الرئاسي قد لا يصلح للنظام البرلماني أو المختلط، كذلك المسألة المتعلقة بنسبة ال50 ٪ من العمال والفلاحين، وغيرها من القضايا التي لم تحسم حتي الآن تجعل مجلسي الشعب والشوري مشوبين بعوار عدم الدستورية، وأضاف نائب رئيس حزب الوفد أن السير في الطريق العكسي الذي لا يتفق مع الأعراف والأصول الدستورية الثابتة والمعروفة علي مستوي العالم في كل الدول الديمقراطية سوف يفرز لنا إشكالية، أخري تتعلق بصلاحيات نائب الرئيس الذي من المنتظر أن يتم تعيينه خلال ستين يومًا من انتخاب الرئيس، ولذلك طالبنا بأن يكون انتخاب النائب مع انتخاب الرئيس، مثل الدستور الأمريكي، معتبرًا أن شخصية النائب يكون لها دور في تقييم الرئيس، كما أن وجودها بشكل منتخب يجنب البلاد الوقوع في فراغ دستوري، ولا نضطر لعمل انتخابات جديدة لرئاسة الجمهورية، كما حدث في أمريكا عقب اغتيال الرئيس كنيدي، فبمجرد اغتيال الرئيس كنيدي، أصبح نائبه جونسون رئيسًا للولايات المتحدةالأمريكية، وهو علي متن الطائرة التي تقل جثمانه، حيث قام بحلف اليمين أمام قاضيه، واصفًا ما يحدث الآن بإضاعة الوقت الثمين في لحظات فارقة في تاريخ الوطن لعمل تجارب كلها تبوء بالفشل الذريع. وكشف حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع أن الحل يتلخص في صدور إعلان دستوري جديد من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، يحل فيه مشكلة تأسيسية الدستور عن طريق تحديد ضوابط واضحة وصريحة لتشكيلها وطريقة عملها، مطالبًا بتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية لحين إعداد الدستور وإصداره بعد موافقة الشعب عليه، وبالتالي يتم انتخاب الرئيس بناء علي نظام سياسي واضح، وكذلك يعرف كل من المرشح والناخب حدود اختصاصات الرئيس، وعلاقته بالسلطات الأخري. وطالب الدكتور أحمد سعيد، عضو مجلس الشعب رئيس حزب المصريين الأحرار، بالإسراع في إجراء انتخابات الرئاسة قبل إعداد الدستور، تحقيقًا لمطلب الشارع المصري، وذلك لتقليص الفترة الانتقالية قدر الإمكان، وذكر عضو مجلس الشعب أنه قد تقدم بطلب إحاطة عاجل للبرلمان استجابة لمطالب الناس بتقليص الفترة الانتقالية، مطالبًا فيه بسرعة إجراء انتخاب الرئيس قبل البدء في وضع الدستور، لافتًا إلي أنه في ظل الظروف الملتهبة التي يمر بها الشارع المصري، فضلاً عن الوعي السياسي لدي الجماهير العريضة، فكل ذلك يقف حائلاً أمام أي رئيس يأتي بصلاحيات مطلقة، ورفض رئيس حزب المصريين الأحرار ما أسماه بسلق الدستور، مؤكدًا أنه ما دخل البرلمان إلا من أجل الدستور، الذي لابد أن يكون توافقيًا وتشارك فيه كل القوي والأطياف السياسية عن طريق التمثيل الحقيقي يمكنه من الدوام، رافضًا تمامًا أن تنفرد به الأغلبية، وتوقع سعيد حدوث خلافات جوهرية حول المبادئ العامة للدستور القادم، مؤكدًا أن الصدام الحقيقي هو صدام الدستور، رافضًا فكرة أن هناك اتفاقًا حول الثوابت العامة للدستور القادم. وحذر النائب باسل عادل عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار من الصلاحيات المطلقة للرئيس القادم التي خولها له الإعلان الدستوري في المادة 56 منه، موضحًا أنها نفس الصلاحيات المطلقة المستمدة من دستور 1971 وإذا استغلها فسوف (يقلب البلد رأسًا علي عقب)، منبهًا أن القوي الإسلامية تريد الاستحواذ والهيمنة علي الدستور القادم، متوقعًا أنه إذا كان الرئيس مدنيًا فسوف يجنحون لجعل النظام السياسي برلمانيًا، وإذا كان الرئيس إسلاميًا فسوف يكونون أميل إلي النظام الرئاسي، لتحقيق نوع من التوازن في الصلاحيات والمصالح. ونجد أنه لو لم يتم إصدار إعلان دستوري تكميلي وتم الاكتفاء بالمادة 56 من الإعلان الدستوري القائم سيكون هناك عدد من الأسئلة وقد أجاب عنها دستور1971ومنها هل يتوجب علي الرئيس أن يكلف الحزب أو الأحزاب الفائزة بالأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة أم لا؟ وهل من حق مجلس الشعب أن يطرح الثقة بالحكومة أم لا؟.. وما الإجراءات التي تتبع في حالة إذا ما قرر الرئيس إقالة الحكومة؟.. وهل من حقه أن يحل مجلس الشعب أم لا؟، وما الإجراءات التي تتبع في حال اعتراض الرئيس علي قانون أقره مجلس الشعب؟.. وما الاختصاصات التي يباشرها الرئيس بنفسه، وتلك التي لابد أن يحصل علي موافقة مجلس الوزراء عليها، وتلك التي لابد أن يأخذ فيها رأي المجلس؟.. وما الإجراءات التي تتخذ في حال استقالة الرئيس أو عجزه أو وفاته.