وزير التعليم العالي يتفقد الأعمال التنفيذية بمشروعات جامعة كفر الشيخ    «أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    رئيس جهاز العبور يتابع سير العمل بمشروعات الطرق والمحاور    السيسي للحكومة والإعلام: اتكلموا مع الناس، هو أنا هتعذب لوحدي    جامعة القاهرة تحصل على منحة إضافية لإنشاء مركز التميز للزراعة والمياه    مخاوف من توقف محطة المياه عن العمل في غزة    بيان من الفصائل الفلسطينية بشأن قرار محكمة العدل الدولية    عبدالحليم قنديل: يكتب مصير «كامب ديفيد»    الزمالك يحصل على توقيع الجزار مدافع غزل المحلة    كاشيما ينتصر على كونسادول سابورو بالدوري الياباني    مدرس لغات بمدارس انترناشونال.. التجديد 15 يوم ل "سفاح التجمع"    «حجازي» يتفقد امتحانات الدبلومات الفنية.. ويشدد على التصدي لمحاولات الغش    ضبط 14 طن أقطان غير مطابقة للمواصفات بالقليوبية قبل ترويجها بالأسواق    حبس سفاح التجمع لاتهامه بقتل 3 سيدات ورمي جثثهم على الطريق الصحراوي    ضبط شخصين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بشبرا الخيمة    مهرجان جمعية الفيلم السنوي يكشف عن أفلام دورته ال 50    العوضي: ربنا نجاني من حادث السيارة بفيلم "هبوط اضطراري"    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع سفير اليونان    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    هل من حق الشاب منع خطيبته من الذهاب للكوافير يوم الزفاف؟ أمين الفتوى يرد    الصحة: إصدار 290 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت 1.7 مليار جنيه    توقيع 3 مذكرات في الري والثقافة والتجارة.. 22 مسؤولًا من أذربيجان يزورون مصر    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    تعرف على المحطة الخامسة لمعرض "رمسيس وذهب الفراعنة" في أوروبا    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    منافسة قوية بين الأهلي والترجي لتعزيز رقم تاريخي.. «غير اللقب»    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    محمد علي يوضح سنة مهجورة بعد الوتر    وفد لجنة الإدارة المحلية بالنواب يتوجه فى زيارة ميدانية لمحافظة البحر الأحمر    أستاذ زراعة: اهتمام غير مسبوق بالنشاط الزراعي في الجمهورية الجديدة وطفرة في الصادرات    عاجل.. صدمة مدوية للشناوي بسبب نجم الزمالك    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    4 صور جديدة تظهر رشاقة شيماء سيف بعد خسارة 50 كيلوجراما من وزنها    وزير الخارجية يقوم بزيارة الي بيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس    وزير الدفاع الأمريكي يستأنف عمله بعد خضوعه لإجراء طبي    "المقاومة الإسلامية بالعراق" تعلن قصف "هدف حيوي" بإيلات    الأهلى ضد الترجى.. بطل تونس يعلن جاهزية بن حميدة لمواجهة الليلة    للذكور والإناث.. بدء اختبارات القبول للدفعة العاشرة من معاوني الأمن (التفاصيل والشروط)    جامعة المنيا تنظم قافلة طبية لقرية دلجا    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    حيل ذكية لتبريد المنزل دون مكيف الهواء في الموجة الحارة.. وفر فلوسك    أسعار الذهب صباح اليوم السبت 25 مايو 2024    حبس سائق دهس شخصين في النزهة    صباحك أوروبي.. عهد جديد لصلاح.. صفقات "فليك" لبرشلونة.. وغموض موقف مبابي    إصابة 25 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق بنى سويف الفيوم    الصين تعلن انتهاء مناوراتها العسكرية حول تايوان    نصائح الدكتور شريف مختار للوقاية من أمراض القلب في مصر    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    Genesis Neolun| الكهربائية الفاخرة.. مفهوم يعبر عن الرفاهية    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    ليست الفضيحة الأولى.. «الشاباك» الإسرائيلي أخطأ مرتين في نشر صورة إعلامي مصري    إطلاق مئات الآلاف من البعوض المعدل وراثيا في الهواء    حظك اليوم| برج القوس 25 مايو.. تأثير في الحياة العاطفية والاجتماعية    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنهم يهدمون تراث مصر
مافيا العقارات تشوه شوارع مصر الجديدة
نشر في آخر ساعة يوم 01 - 05 - 2012


22 فيلا تراثية هدمت خلال العامين الماضيين
الأبنية القديمة جزء من تراث أي دولة، لذا يكون الحرص شديدا للحفاظ عليها وترميمها لتظل في بقائها وشموخها شاهدة علي التاريخ الحضاري وبراعة فن المعمار الذي لاتهزمه السنين، لكن يبدو أن الوضع في مصر مختلف تماما حيث تشهد القاهرة وتحديدا شوارع مصر الجديدة استهدافا غير مسبوق لتدمير هذا المنجز الحضاري المتمثل في القصور والفيلات والمباني التي تعرضت للهدم رغم تسجيلها ضمن لائحة التراث!!
أصابع الاتهام تشير إلي جهاز التنسيق الحضاري الذي يرفض الاتهام ويرمي بالكرة في ملعب القضاء الإداري بينما ملاك البيوت المسجلة في التراث يهمهم خروجها من لائحة التراث حتي تباع بالملايين، من خلال مافيا عصابات العقارات والحالمين بالثراء السريع، ويبقي السؤال: من المسئول عن هدم تراث مصر ومن الرابحون من وراء استبدال هذا الفن المعماري بأبراج خرسانية صماء في ظل الفوضي التي تجتاح البلاد منذ قيام الثورة؟!
البداية كانت عندما تم إطلاق مبادرة تراث مصر الجديدة بعد نجاح د.عمرو حمزاوي في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011 في ضوء شعار برنامجه الانتخابي "معا نصنع بداية جديدة لمصر جديدة".. وتهدف مبادرة تراث مصر الجديدة لخلق حياة أفضل لقاطني مصر الجديدة، من خلال تجمع خبراء متخصصين ومتطوعين في مختلف المجالات لخلق وتحقيق رؤية قصيرة وطويلة المدي تؤثر علي طريقة الحياة التي نريد أن نراها في مصر الجديدة، عن طريق العمل في ثلاثية تجمع المسئولين التنفيذيين، مع القطاع الخاص، مع المجتمع المدني حول رؤية واحدة.. ترتكز المبادرة علي 5 أعمدة رئيسية: حماية التراث العمراني والمعماري، تحسين استخدام الحدائق والمناطق الخضراء، الاهتمام بالتراث والأنشطة الثقافية، المرور والنقل والمواصلات، وتحديات إدارة النفايات والنظافة في مصر الجديدة. وذلك بالتوازي مع لجان أخري في مكتب د.حمزاوي في مصر الجديدة تركز علي التعليم والأمن، والقضايا الصحية، والعديد من المواضيع الأخري ذات الصلة لتحقيق البرنامج الانتخابي.
المهندسة داليا نبيل تعمل في ترميم الآثار جاءتني بمكتبي تحمل هموم شوارع مصر الجديدة وصورا مسلسلة لعبث الإهمال رأت أن مهمتها فضح مافيا العقارات .
❊❊ متي بدأت هذه المهمة ؟
قالت داليا هذه المبادرة بدأتها عام 2010 كنت أنزل في جولة شوارع مصر الجديدة أصور بكاميرتي الفيلات التي تهدم لكن بعد ثورة يناير أصبح الهدم عشوائيا.
❊❊ ماذا فعلت بعد ذلك ؟
اكتشفنا أن هناك هدما في كل أماكن مصر واستطعنا تكوين خلايا من الشباب والفتيات في كل المناطق التي تحتوي علي أبنية تراثية بالإضافة إلي أننا ضغطنا علي الجهات المختصة وعرضنا التعاون مع الجهات المسئولة وخاصة د.سمير غريب مدير التنسيق الحضاري الذي يعلم بوجودنا وتحركاتنا وقابلنا سهير حواس (مسئولة بالجهاز) وأبدت تعاطفها الشديد معنا ورحبت بالمبادرة لكننا اكتشفنا أن الجهاز مقيد بالقانون 119 وهو قانون البناء الموحد.
❊❊ ماذا فعل جهاز التنسيق الحضاري عندما علم بالتجاوزات ؟
اكتشفنا أن الجهاز ليست لديه صلاحيات تمكنه من اتخاذ إجراءات قانونية ضد أي تجاوز وقد أبلغتهم عن مبان كانت ضمن لائحة التراث وتم هدمها وقالوا لي اذهبي إلي المحافظة وهناك قابلني لواء ولم يفعل شيئا وهناك سلسلة من الإجراءات أو الروتين الذي لايسمن ولا يغني من جوع .
❊❊ ماذا اكتشفت خلال بحثك للحفاظ علي تراث مصر ؟
غياب الوعي التخطيطي للمدينة هو السبب فيما يحدث بالإضافة الي تخبط سياسة البلد جعل هناك شبكة من المصالح منحصرة بين شركات مقاولات وملاك عانوا طوال السنين الماضية من إيجارات هزيلة.
❊❊ هل هناك حلول أخري لمواجهة عمليات الهدم المتكررة ؟
نعم هناك حلول أخري غير الهدم وفي نفس الوقت نستطيع أن نحافظ علي الشكل المعماري للمكان بدون تدمير بأن تم إلغاء قانون البناء الوحد الذي ينص علي ضرورة ألا يتجاوز ارتفاع المبني مرة ونصف عرض الشارع الواقع فيه المبني، وأن يصدر المجلس العسكري قرارا بمنع هدم الفيلات القديمة والدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء كان ضد الهدم والآن هو الذي يصدر قرار الهدم وبالتالي هناك تخبط في السياسة أدي الي هذا الدمار بالإضافة إلي أن جهاز التنسيق الحضاري له دور فعال فتعاطف الجهاز معنا ليس كافيا .
وتحكي داليا عن العقار رقم 3 بشارع ماسبيرو في مصر الجديدة: حاولت مقابلة محافظ القاهرة وكالعادة قابلني اللواء كاظم وكان البلاغ بأن هذا العقار مسجل ضمن لائحة التراث وتم هدمه. صرخ في وجهي وقال حرام عليك الرجل هيروح في داهية. قلت له البيت مسجل والمحافظة مسئولة عن حمايته وأخذ البلاغ ولم يفعل شيئا وفي النهاية كل العملية سبوبة وبيزنس والكل مستفيد .
❊❊ قمت بعمل حصر للفيلات التي هدمت كم وصل عددها ؟
تقول داليا أنا قمت بعملية توثيق للمباني التي هدمت خلال الفترة من 2010 وحتي 2102هذه مجرد عينة للذي يحدث في ربوع مصر.. وفي خلال توثيقي لعمليات الهدم للبيوت والفيلات التي كانت ضمن اللائحة أو خارجها وتم هدمها وصلت إلي 22 فيلا وبيتا، أما المباني المهددة بالهدم والتدمير من بداية عام 2010 فوصلت 27 بيتا وفيلا معظمه خارج لائحة التراث وكان من المفترض أن تدخل هذه البيوت ضمن لائحة التراث في التنسيق الحضاري.
- ويقول المحاسب محمد إمام من الشباب الذين ينادون بالحفاظ علي تاريخ مصر إن هذا التناقض الغريب السبب فيه في المقام الأول هو الفساد المنتفع منه مافيا العقارات والجهات التشريعية والحكومية بالدولة التي تعمدت إصدار قوانين وقرارات متضاربة لتحريك عجلة البيزينس لكل من المرتشين والجشعين من القائمين علي أمور الدولة والمرتزقة من رجال الأعمال. فبعد إلغاء القرار العسكري الذي كان يمنع هدم الفيلات والبيوت الأصلية بالمدينة، تم تفصيل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 بما يتضمنه من التخطيط العمراني والتنسيق الحضاري وتنظيم أعمال البناء والحفاظ علي الثروة العقارية، وبما يتضمنه أيضاً من ثغرات قانونية مفتعلة لتجعله في النهاية أداة لتدمير الثروة العقارية لا للحفاظ عليها.. قانون البناء الموحد هو جريمة مع سبق الإصرار والترصد لإبادة المدينة لصالح شريحة معينة من حيتان العقارات الذين يترصدون في كل لحظة للمناطق ذات المعمار الفريد بالمدينة مستغلين عوز ملاك العقارات القديمة للمادة ومعاناة معظمهم من قانون الإيجار القديم الذي منع الكثير من الملاك من الاستفادة من ممتلكاتهم العقارية بما يتيح لهم فرصا للاستثمار لدر دخل مجز دونما الحاجة إلي التخلص منها لكونها ثروة مجمدة لا تعود عليهم بأي ربح يسد احتياجاتهم.
وبينما يتم وضع اشتراطات صارمة للمناطق المخططة حديثاً كما في منطقة التجمع وغيرها، تلغي اشتراطات البناء الأصلية لمصر الجديدة ويطبق عليها - رغم كونها منطقة تراثية لعمارة القرن العشرين بمصر - قانون البناء الموحد الذي تسبب في هدم مئات البيوت الأصلية بالمنطقة دون النظر إلي أهميتها التاريخية والمعمارية والعمرانية والبيئية.
يضيف إمام: أين المسئولون والجهات الرقابية من كل ما يحدث؟ أين المحافظة والجهاز القومي للتنسيق الحضاري المعنيين بوضع الاشتراطات للمناطق العمرانية الفريدة والمعنيين أيضاً بحمايتها؟؟ أين مجلس الوزراء المعني بالحفاظ علي ثروتنا التراثية واتخاذ الإجراءات اللازمة لهذا؟ لماذا يتجاهلون دورهم وواجبهم وكأن المسألة لا تخصهم؟ ما هذا التجاهل المتعمد وكأننا نتحدث إلي أنفسنا؟؟ قد أثبت هذا الأسلوب العقيم من التجاهل ورمي المسئولية علي الغير فشله الذريع، وعلي هؤلاء القيام بدورهم كما ينبغي أن يكون، لأننا سنحاسبهم علي تخاذلهم بل وتواطؤهم في حقنا وحق تراثنا وحق مدينتنا.
مبان لها تاريخ
مسجد جمال الدين الأفغاني هو أول مبني ديني بني في مصر الجديدة سنة 1911 كما أكد المهندس أحمد منصور، وعليه فقد سمي الميدان الذي يطل عليه الجامع بميدان الجامع. تتم الآن عملية شاملة لتدميرالجامع بحجة تعليته ثلاثة أدوار إضافية للتوسعة، مما أدي إلي تخريبه من الداخل والخارج ، ورغم إبلاغ الجهات المختصة بما يحدث بالجامع، إلا أن هذا لم يحرك ساكناً لدي المسئولين. بدءاً من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري ووزارة الآثار اللذين تهاونا في تسجيل المسجد كتراث ومنع التعامل معه بهذه الطريقة المدمرة، وبالرغم من تجاوز عمر الجامع المائة عام وهو سبب كاف لاعتبار الجامع أثراً طبقاً لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 إلا أن هذا لم يحفز أياً منهما علي تسجيل الجامع كأثر. كما أن جهاز التنسيق الحضاري من مسئوليته أيضاً منع أعمال تعلية المسجد لما يترتب علي ذلك من تشويه العلاقة بين كتلة الجامع المبنية والفراغ العمراني بميدان الجامع طبقاً لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2006 في باب التنسيق الحضاري.
أما الحي فقد نفي إصدار أي ترخيص بتعلية الجامع بإضافة أدوار جديدة، ووعد بوقف ما يحدث بالجامع من أعمال، لكن دون جدوي حيث إن أعمال التدمير مستمرة حتي هذه اللحظة. فإحقاقاً للحق الجهات المختصة عن منع هذا التخريب البيّن هم أيضاً مشاركون في هذه الجريمة لتباطؤهم في الاستجابة وعدم جديتهم في اتخاذ اللازم من الإجراءات لإيقاف هذه الجرائم.
تم تدمير العمارة الداخلية للمسجد تماماً بعد أن أضيف ميزان حديدي ليقسم الارتفاع الداخلي بأروقة المسجد إلي دورين بدلاً من دور واحد بحجة إتاحة عدد أكبرمن المصلين للصلاة داخل المسجد. كما صبت قواعد خرسانية تحت الأعمدة علي أن يضاف أربعة خوازيق من الخرسانة المسلحة حول كل عمود لتتوحد كل أربعة خوازيق بعد اختراقها سقف الجامع وتصب لعمل عمود من الخرسانة المسلحة لتحمل الأدوار الثلاث المراد إضافتها فوق مبني الجامع. بالإضافة إلي ذلك أزيلت كل الآثار الأصلية من تيجان وقواعد الأعمدة وأرضيات والحوائط والمحراب والشبابيك، وأصبح الجامع من الداخل علي المحارة وذلك ضمن خطة تجديد المسجد. وقد أدي هذا التدخل الإنشائي السافر إلي تدمير الفراغ الداخلي الأصلي للجامع مما يعرضه لخطر انهيار المبني بأكمله إذا تم بالفعل تعليته ثلاثة أدوار إضافية. أما واجهات الجامع من الخارج فقد شوّهت بعدد من القمصان التي أضيفت أيضاً تهيئة لتعلية الجامع، هذا بالإضافة إلي تغيير التصميم الأصلي للواجهات وللشبابيك الأصلية من النحاس والجص واستبدالها بشرائح جبس رديئة المصنعية تخفي خلفها فتحات الشبابيك الأصلية.
والسؤال هنا ألم يكن من الأحري لوزارة الأوقاف أن تصرف هذه الثروة الطائلة من أموال الزكاة والتبرعات علي الفقراء والمحتاجين بدلاً من إهدارها علي تدمير الجامع الأثري؟ وإن كانت الحاجة ملحة لمكان إضافي للصلاة لهذه الدرجة، ألم يكن الأجدي بناء مسجد جديد في مكان آخر بالمنطقة بدلاً من تحميل الجامع ما هو فوق طاقته وتعريض أرواح المواطنين للخطر لو انهار الجامع بأكمله؟ إن هذه الحملة التخريبية علي جامع جمال الدين الأفغاني هي نموذج حقيقي لإهدار المال العام وتحقير تراثنا الديني بل وتواطؤ أجهزة الدولة لتغاضيهم عن تخريب الجامع وإهمالهم في القيام بدورهم الرقابي والتنفيذي لمنع هذا الدمار الواقع بالجامع.
- فيلا رقم 34 شارع الثورة :لم يكتف الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بتباطئه وتهاونه في تصميم حدود واشتراطات المناطق التراثية وذات الطابع العمراني والمعماري المتميز في جميع أنحاء الجمهورية – فحتي الآن لم يتم تطبيق ذلك إلا في ثلاث مناطق فقط علي مستوي الجمهورية هي القاهرة التاريخية، القاهرة الخديوية والمعادي – بل شرع في حذف مبان وفيلات قد تم ضمها بالفعل إلي قوائم الحصر من قبل لجنة الحصر، أحدها هي فيللا 34 شارع الثورة بمصر الجديدة والتي أكد مصدر موثوق من الحي أن سمير غريب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري هو شخصياً من حذف الفيلا من قائمة الحصر بناءاً علي تظلم المالك، رغم أهمية الفيلا معمارياً وعمرانياً، فهي تنتمي لمدرسة عمارة الحداثة لفترة الأربعينيات والخمسينيات للقرن العشرين، هي فترة مميزة لتاريخ مصر الجديدة والتي شهدت الكثير من الإبداعات المعمارية. كما أن الفيلا تعتبر جزءا أساسيا من النسيج العمراني لشارع الثورة والذي يتباهي بالعديد من المباني بالغة الأهمية من فيلات وقصور مثل قصر السلطانة ملك الأثري وجامع الثورة الأثري. فحذف الفيلا من قائمة الحصر ينبئ ببيعها وإصدار ترخيص هدم لها في القريب العاجل لإقامة المزيد من الأبراج العالية دون النظر لما يتسبب ذلك في فقد موروث معماري فريد وفي تشويه للنسيج العمراني بالمنطقة وفي تدمير للبنية التحتية للمدينة، بالإضافة إلي التسبب في أزمات مرورية في شارع هو بالفعل متأزم مرورياً.
والسؤال هنا ما هي المعايير العلمية والتقنية والفنية التي تستند عليها لجنة التظلمات بالتنسيق الحضاري لإزاحة أي مبني من قوائم الحصر وبالأخص في حالة فيلا 34 بشارع الثورة؟ من الواضح افتقار هذه اللجنة إلي أدني إحساس بالمسئولية تجاه المناطق التراثية بالمدينة ودورهم في حمايتها. هذا بالإضافة إلي أن حذف هذه الفيلا وغيرها من المباني التراثية من قوائم الحصر هو دليل قاطع علي افتقاراللجنة للخبرة العلمية والعملية في التعامل مع النسيج العمراني للمناطق التراثية خاصة وللمدينة عامة فأحكامهم وقراراتهم سطحية وغير مبررة مما يترتب عليه تدمير محقق لمدننا.
5 شارع رشيد بمصر الجديدة: تكمن أهمية البيت في كونه يجمع مجموعة من القيم التي تكاد تندثر في مدينتنا؛ قيمة تاريخية حيث يعد من أوائل المباني التي بنيت في مصر الجديدة في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، أي في العصر الذهبي لمصر الجديدة، من قبل الشركة المؤسسة لمصر الجديدة. قيمة معمارية فالبيت يمثل مدرسة الArt Deco في العمارة وهو طراز معماري مميز انتشر في أوائل القرن العشرين وكان له تأثير بالغ في تطور العمارة الحديثة في العالم.وتعتبرعمارة مصر الجديدة رائدة الطرز المعمارية المختلفة للعمارة الحديثة بمصر وبالأخص الArt Deco قيمة عمرانية تتمثل في تناسق البيت مع البيئة المحيطة به، فالبيت عضو أساسي في منظومة عمرانية فريدة ومترابطة، حيث تتوسط حديقة عامة النسيج العمراني تحيط بها المباني من الأربع جهات. وقد روعي في المباني المقامة حول الحديقة الالتزام بنسب متناسقة مع الشوارع المحيطة وفراغ الحديقة قيمة بيئية تتمثل في طبيعة التصميم الأصلي لمباني مصر الجديدة التي ينتمي إليها البيت علي أن تخصص مساحات خضراء من المساحة الكلية لقطعة الأرض كحديقة خاصة بالمبني وهي ميزة أساسية بمصر الجديدة أضفت لها طابعها الخاص وجمال بيئتها ونقاء جوّها. فالفكرة الأصلية لمصر الجديدة كانت خلق واحة خضراء وسط الصحراء بعيداً عن صخب المدينة المزدحمة وتلوثها.
وترجع خطورة هدم البيت 5 شارع رشيد ليس فقط لإفناء طابع معماري تاريخي فريد وتدمير النسيج العمراني المتماسك بالمنطقة، بل أيضاً تدمير البنية التحتية بالحي وللمدينة بأكملها مع هدم بيت تلو الآخر وذلك بزيادة الحمل علي مرافق وخدمات الحي بما لا تطيقه ولا يتناسب مع سعة استيعابها، هذا بالإضافة إلي ازدياد التكدس المروري والتلوث مما أدي إلي التدهور البيئي الذي يتسبب في تفاقم الأمراض المزمنة والخبيثة لسكان المدينة. فقد تم تدمير الحديقة الخاصة بالبيت وقطّعت أشجارها القديمة بمنتهي الوحشية، وبدأ الاستعداد للهدم ليبني محله كتلة خرسانية مرعبة تقام علي المساحة الكلية للأرض طبقاً للصلاحيات التي أهداها قانون البناء الموحد لمافيا العقارات أو بتعبيرٍ أدق "حانوتية المدينة."
البداية كانت عندما تم إطلاق مبادرة تراث مصر الجديدة بعد نجاح د.عمرو حمزاوي في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011 في ضوء شعار برنامجه الانتخابي "معا نصنع بداية جديدة لمصر جديدة".. وتهدف مبادرة تراث مصر الجديدة لخلق حياة أفضل لقاطني مصر الجديدة، من خلال تجمع خبراء متخصصين ومتطوعين في مختلف المجالات لخلق وتحقيق رؤية قصيرة وطويلة المدي تؤثر علي طريقة الحياة التي نريد أن نراها في مصر الجديدة، عن طريق العمل في ثلاثية تجمع المسئولين التنفيذيين، مع القطاع الخاص، مع المجتمع المدني حول رؤية واحدة.. ترتكز المبادرة علي 5 أعمدة رئيسية: حماية التراث العمراني والمعماري، تحسين استخدام الحدائق والمناطق الخضراء، الاهتمام بالتراث والأنشطة الثقافية، المرور والنقل والمواصلات، وتحديات إدارة النفايات والنظافة في مصر الجديدة. وذلك بالتوازي مع لجان أخري في مكتب د.حمزاوي في مصر الجديدة تركز علي التعليم والأمن، والقضايا الصحية، والعديد من المواضيع الأخري ذات الصلة لتحقيق البرنامج الانتخابي.
المهندسة داليا نبيل تعمل في ترميم الآثار جاءتني بمكتبي تحمل هموم شوارع مصر الجديدة وصورا مسلسلة لعبث الإهمال رأت أن مهمتها فضح مافيا العقارات .
❊❊ متي بدأت هذه المهمة ؟
قالت داليا هذه المبادرة بدأتها عام 2010 كنت أنزل في جولة شوارع مصر الجديدة أصور بكاميرتي الفيلات التي تهدم لكن بعد ثورة يناير أصبح الهدم عشوائيا.
❊❊ ماذا فعلت بعد ذلك ؟
اكتشفنا أن هناك هدما في كل أماكن مصر واستطعنا تكوين خلايا من الشباب والفتيات في كل المناطق التي تحتوي علي أبنية تراثية بالإضافة إلي أننا ضغطنا علي الجهات المختصة وعرضنا التعاون مع الجهات المسئولة وخاصة د.سمير غريب مدير التنسيق الحضاري الذي يعلم بوجودنا وتحركاتنا وقابلنا سهير حواس (مسئولة بالجهاز) وأبدت تعاطفها الشديد معنا ورحبت بالمبادرة لكننا اكتشفنا أن الجهاز مقيد بالقانون 119 وهو قانون البناء الموحد.
❊❊ ماذا فعل جهاز التنسيق الحضاري عندما علم بالتجاوزات ؟
اكتشفنا أن الجهاز ليست لديه صلاحيات تمكنه من اتخاذ إجراءات قانونية ضد أي تجاوز وقد أبلغتهم عن مبان كانت ضمن لائحة التراث وتم هدمها وقالوا لي اذهبي إلي المحافظة وهناك قابلني لواء ولم يفعل شيئا وهناك سلسلة من الإجراءات أو الروتين الذي لايسمن ولا يغني من جوع .
❊❊ ماذا اكتشفت خلال بحثك للحفاظ علي تراث مصر ؟
غياب الوعي التخطيطي للمدينة هو السبب فيما يحدث بالإضافة الي تخبط سياسة البلد جعل هناك شبكة من المصالح منحصرة بين شركات مقاولات وملاك عانوا طوال السنين الماضية من إيجارات هزيلة.
❊❊ هل هناك حلول أخري لمواجهة عمليات الهدم المتكررة ؟
نعم هناك حلول أخري غير الهدم وفي نفس الوقت نستطيع أن نحافظ علي الشكل المعماري للمكان بدون تدمير بأن تم إلغاء قانون البناء الوحد الذي ينص علي ضرورة ألا يتجاوز ارتفاع المبني مرة ونصف عرض الشارع الواقع فيه المبني، وأن يصدر المجلس العسكري قرارا بمنع هدم الفيلات القديمة والدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء كان ضد الهدم والآن هو الذي يصدر قرار الهدم وبالتالي هناك تخبط في السياسة أدي الي هذا الدمار بالإضافة إلي أن جهاز التنسيق الحضاري له دور فعال فتعاطف الجهاز معنا ليس كافيا .
وتحكي داليا عن العقار رقم 3 بشارع ماسبيرو في مصر الجديدة: حاولت مقابلة محافظ القاهرة وكالعادة قابلني اللواء كاظم وكان البلاغ بأن هذا العقار مسجل ضمن لائحة التراث وتم هدمه. صرخ في وجهي وقال حرام عليك الرجل هيروح في داهية. قلت له البيت مسجل والمحافظة مسئولة عن حمايته وأخذ البلاغ ولم يفعل شيئا وفي النهاية كل العملية سبوبة وبيزنس والكل مستفيد .
❊❊ قمت بعمل حصر للفيلات التي هدمت كم وصل عددها ؟
تقول داليا أنا قمت بعملية توثيق للمباني التي هدمت خلال الفترة من 2010 وحتي 2102هذه مجرد عينة للذي يحدث في ربوع مصر.. وفي خلال توثيقي لعمليات الهدم للبيوت والفيلات التي كانت ضمن اللائحة أو خارجها وتم هدمها وصلت إلي 22 فيلا وبيتا، أما المباني المهددة بالهدم والتدمير من بداية عام 2010 فوصلت 27 بيتا وفيلا معظمه خارج لائحة التراث وكان من المفترض أن تدخل هذه البيوت ضمن لائحة التراث في التنسيق الحضاري.
- ويقول المحاسب محمد إمام من الشباب الذين ينادون بالحفاظ علي تاريخ مصر إن هذا التناقض الغريب السبب فيه في المقام الأول هو الفساد المنتفع منه مافيا العقارات والجهات التشريعية والحكومية بالدولة التي تعمدت إصدار قوانين وقرارات متضاربة لتحريك عجلة البيزينس لكل من المرتشين والجشعين من القائمين علي أمور الدولة والمرتزقة من رجال الأعمال. فبعد إلغاء القرار العسكري الذي كان يمنع هدم الفيلات والبيوت الأصلية بالمدينة، تم تفصيل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 بما يتضمنه من التخطيط العمراني والتنسيق الحضاري وتنظيم أعمال البناء والحفاظ علي الثروة العقارية، وبما يتضمنه أيضاً من ثغرات قانونية مفتعلة لتجعله في النهاية أداة لتدمير الثروة العقارية لا للحفاظ عليها.. قانون البناء الموحد هو جريمة مع سبق الإصرار والترصد لإبادة المدينة لصالح شريحة معينة من حيتان العقارات الذين يترصدون في كل لحظة للمناطق ذات المعمار الفريد بالمدينة مستغلين عوز ملاك العقارات القديمة للمادة ومعاناة معظمهم من قانون الإيجار القديم الذي منع الكثير من الملاك من الاستفادة من ممتلكاتهم العقارية بما يتيح لهم فرصا للاستثمار لدر دخل مجز دونما الحاجة إلي التخلص منها لكونها ثروة مجمدة لا تعود عليهم بأي ربح يسد احتياجاتهم.
وبينما يتم وضع اشتراطات صارمة للمناطق المخططة حديثاً كما في منطقة التجمع وغيرها، تلغي اشتراطات البناء الأصلية لمصر الجديدة ويطبق عليها - رغم كونها منطقة تراثية لعمارة القرن العشرين بمصر - قانون البناء الموحد الذي تسبب في هدم مئات البيوت الأصلية بالمنطقة دون النظر إلي أهميتها التاريخية والمعمارية والعمرانية والبيئية.
يضيف إمام: أين المسئولون والجهات الرقابية من كل ما يحدث؟ أين المحافظة والجهاز القومي للتنسيق الحضاري المعنيين بوضع الاشتراطات للمناطق العمرانية الفريدة والمعنيين أيضاً بحمايتها؟؟ أين مجلس الوزراء المعني بالحفاظ علي ثروتنا التراثية واتخاذ الإجراءات اللازمة لهذا؟ لماذا يتجاهلون دورهم وواجبهم وكأن المسألة لا تخصهم؟ ما هذا التجاهل المتعمد وكأننا نتحدث إلي أنفسنا؟؟ قد أثبت هذا الأسلوب العقيم من التجاهل ورمي المسئولية علي الغير فشله الذريع، وعلي هؤلاء القيام بدورهم كما ينبغي أن يكون، لأننا سنحاسبهم علي تخاذلهم بل وتواطؤهم في حقنا وحق تراثنا وحق مدينتنا.
مبان لها تاريخ
مسجد جمال الدين الأفغاني هو أول مبني ديني بني في مصر الجديدة سنة 1911 كما أكد المهندس أحمد منصور، وعليه فقد سمي الميدان الذي يطل عليه الجامع بميدان الجامع. تتم الآن عملية شاملة لتدميرالجامع بحجة تعليته ثلاثة أدوار إضافية للتوسعة، مما أدي إلي تخريبه من الداخل والخارج ، ورغم إبلاغ الجهات المختصة بما يحدث بالجامع، إلا أن هذا لم يحرك ساكناً لدي المسئولين. بدءاً من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري ووزارة الآثار اللذين تهاونا في تسجيل المسجد كتراث ومنع التعامل معه بهذه الطريقة المدمرة، وبالرغم من تجاوز عمر الجامع المائة عام وهو سبب كاف لاعتبار الجامع أثراً طبقاً لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 إلا أن هذا لم يحفز أياً منهما علي تسجيل الجامع كأثر. كما أن جهاز التنسيق الحضاري من مسئوليته أيضاً منع أعمال تعلية المسجد لما يترتب علي ذلك من تشويه العلاقة بين كتلة الجامع المبنية والفراغ العمراني بميدان الجامع طبقاً لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2006 في باب التنسيق الحضاري.
أما الحي فقد نفي إصدار أي ترخيص بتعلية الجامع بإضافة أدوار جديدة، ووعد بوقف ما يحدث بالجامع من أعمال، لكن دون جدوي حيث إن أعمال التدمير مستمرة حتي هذه اللحظة. فإحقاقاً للحق الجهات المختصة عن منع هذا التخريب البيّن هم أيضاً مشاركون في هذه الجريمة لتباطؤهم في الاستجابة وعدم جديتهم في اتخاذ اللازم من الإجراءات لإيقاف هذه الجرائم.
تم تدمير العمارة الداخلية للمسجد تماماً بعد أن أضيف ميزان حديدي ليقسم الارتفاع الداخلي بأروقة المسجد إلي دورين بدلاً من دور واحد بحجة إتاحة عدد أكبرمن المصلين للصلاة داخل المسجد. كما صبت قواعد خرسانية تحت الأعمدة علي أن يضاف أربعة خوازيق من الخرسانة المسلحة حول كل عمود لتتوحد كل أربعة خوازيق بعد اختراقها سقف الجامع وتصب لعمل عمود من الخرسانة المسلحة لتحمل الأدوار الثلاث المراد إضافتها فوق مبني الجامع. بالإضافة إلي ذلك أزيلت كل الآثار الأصلية من تيجان وقواعد الأعمدة وأرضيات والحوائط والمحراب والشبابيك، وأصبح الجامع من الداخل علي المحارة وذلك ضمن خطة تجديد المسجد. وقد أدي هذا التدخل الإنشائي السافر إلي تدمير الفراغ الداخلي الأصلي للجامع مما يعرضه لخطر انهيار المبني بأكمله إذا تم بالفعل تعليته ثلاثة أدوار إضافية. أما واجهات الجامع من الخارج فقد شوّهت بعدد من القمصان التي أضيفت أيضاً تهيئة لتعلية الجامع، هذا بالإضافة إلي تغيير التصميم الأصلي للواجهات وللشبابيك الأصلية من النحاس والجص واستبدالها بشرائح جبس رديئة المصنعية تخفي خلفها فتحات الشبابيك الأصلية.
والسؤال هنا ألم يكن من الأحري لوزارة الأوقاف أن تصرف هذه الثروة الطائلة من أموال الزكاة والتبرعات علي الفقراء والمحتاجين بدلاً من إهدارها علي تدمير الجامع الأثري؟ وإن كانت الحاجة ملحة لمكان إضافي للصلاة لهذه الدرجة، ألم يكن الأجدي بناء مسجد جديد في مكان آخر بالمنطقة بدلاً من تحميل الجامع ما هو فوق طاقته وتعريض أرواح المواطنين للخطر لو انهار الجامع بأكمله؟ إن هذه الحملة التخريبية علي جامع جمال الدين الأفغاني هي نموذج حقيقي لإهدار المال العام وتحقير تراثنا الديني بل وتواطؤ أجهزة الدولة لتغاضيهم عن تخريب الجامع وإهمالهم في القيام بدورهم الرقابي والتنفيذي لمنع هذا الدمار الواقع بالجامع.
- فيلا رقم 34 شارع الثورة :لم يكتف الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بتباطئه وتهاونه في تصميم حدود واشتراطات المناطق التراثية وذات الطابع العمراني والمعماري المتميز في جميع أنحاء الجمهورية – فحتي الآن لم يتم تطبيق ذلك إلا في ثلاث مناطق فقط علي مستوي الجمهورية هي القاهرة التاريخية، القاهرة الخديوية والمعادي – بل شرع في حذف مبان وفيلات قد تم ضمها بالفعل إلي قوائم الحصر من قبل لجنة الحصر، أحدها هي فيللا 34 شارع الثورة بمصر الجديدة والتي أكد مصدر موثوق من الحي أن سمير غريب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري هو شخصياً من حذف الفيلا من قائمة الحصر بناءاً علي تظلم المالك، رغم أهمية الفيلا معمارياً وعمرانياً، فهي تنتمي لمدرسة عمارة الحداثة لفترة الأربعينيات والخمسينيات للقرن العشرين، هي فترة مميزة لتاريخ مصر الجديدة والتي شهدت الكثير من الإبداعات المعمارية. كما أن الفيلا تعتبر جزءا أساسيا من النسيج العمراني لشارع الثورة والذي يتباهي بالعديد من المباني بالغة الأهمية من فيلات وقصور مثل قصر السلطانة ملك الأثري وجامع الثورة الأثري. فحذف الفيلا من قائمة الحصر ينبئ ببيعها وإصدار ترخيص هدم لها في القريب العاجل لإقامة المزيد من الأبراج العالية دون النظر لما يتسبب ذلك في فقد موروث معماري فريد وفي تشويه للنسيج العمراني بالمنطقة وفي تدمير للبنية التحتية للمدينة، بالإضافة إلي التسبب في أزمات مرورية في شارع هو بالفعل متأزم مرورياً.
والسؤال هنا ما هي المعايير العلمية والتقنية والفنية التي تستند عليها لجنة التظلمات بالتنسيق الحضاري لإزاحة أي مبني من قوائم الحصر وبالأخص في حالة فيلا 34 بشارع الثورة؟ من الواضح افتقار هذه اللجنة إلي أدني إحساس بالمسئولية تجاه المناطق التراثية بالمدينة ودورهم في حمايتها. هذا بالإضافة إلي أن حذف هذه الفيلا وغيرها من المباني التراثية من قوائم الحصر هو دليل قاطع علي افتقاراللجنة للخبرة العلمية والعملية في التعامل مع النسيج العمراني للمناطق التراثية خاصة وللمدينة عامة فأحكامهم وقراراتهم سطحية وغير مبررة مما يترتب عليه تدمير محقق لمدننا.
5 شارع رشيد بمصر الجديدة: تكمن أهمية البيت في كونه يجمع مجموعة من القيم التي تكاد تندثر في مدينتنا؛ قيمة تاريخية حيث يعد من أوائل المباني التي بنيت في مصر الجديدة في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، أي في العصر الذهبي لمصر الجديدة، من قبل الشركة المؤسسة لمصر الجديدة. قيمة معمارية فالبيت يمثل مدرسة الArt Deco في العمارة وهو طراز معماري مميز انتشر في أوائل القرن العشرين وكان له تأثير بالغ في تطور العمارة الحديثة في العالم.وتعتبرعمارة مصر الجديدة رائدة الطرز المعمارية المختلفة للعمارة الحديثة بمصر وبالأخص الArt Deco قيمة عمرانية تتمثل في تناسق البيت مع البيئة المحيطة به، فالبيت عضو أساسي في منظومة عمرانية فريدة ومترابطة، حيث تتوسط حديقة عامة النسيج العمراني تحيط بها المباني من الأربع جهات. وقد روعي في المباني المقامة حول الحديقة الالتزام بنسب متناسقة مع الشوارع المحيطة وفراغ الحديقة قيمة بيئية تتمثل في طبيعة التصميم الأصلي لمباني مصر الجديدة التي ينتمي إليها البيت علي أن تخصص مساحات خضراء من المساحة الكلية لقطعة الأرض كحديقة خاصة بالمبني وهي ميزة أساسية بمصر الجديدة أضفت لها طابعها الخاص وجمال بيئتها ونقاء جوّها. فالفكرة الأصلية لمصر الجديدة كانت خلق واحة خضراء وسط الصحراء بعيداً عن صخب المدينة المزدحمة وتلوثها.
وترجع خطورة هدم البيت 5 شارع رشيد ليس فقط لإفناء طابع معماري تاريخي فريد وتدمير النسيج العمراني المتماسك بالمنطقة، بل أيضاً تدمير البنية التحتية بالحي وللمدينة بأكملها مع هدم بيت تلو الآخر وذلك بزيادة الحمل علي مرافق وخدمات الحي بما لا تطيقه ولا يتناسب مع سعة استيعابها، هذا بالإضافة إلي ازدياد التكدس المروري والتلوث مما أدي إلي التدهور البيئي الذي يتسبب في تفاقم الأمراض المزمنة والخبيثة لسكان المدينة. فقد تم تدمير الحديقة الخاصة بالبيت وقطّعت أشجارها القديمة بمنتهي الوحشية، وبدأ الاستعداد للهدم ليبني محله كتلة خرسانية مرعبة تقام علي المساحة الكلية للأرض طبقاً للصلاحيات التي أهداها قانون البناء الموحد لمافيا العقارات أو بتعبيرٍ أدق "حانوتية المدينة."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.