قبل ثورة 25 يناير، مارس النظام السابق الوصاية علي الشعب، يختار له رؤساءه ونوابه في البرلمان من خلال استفتاءات وانتخابات صورية، أخرجت الناس من الحساب تماما، وأصبح رجال النظام وكأنهم الحاكمون بأمرهم، يستمدون السلطة من أنفسهم، أي أنهم لا يحكمون لأن الناس اختاروهم، بل لأنهم هم الأقدر والأنسب والأفضل، من وجهة نظرهم هم، وليس باختيار الناس لهم، وليس لأحد آخر أن ينافسهم، ورغم أنهم كانوا يروجون كذبا بأنهم نظام ديمقراطي، إلا أنهم نسوا أن الديمقراطية تعني ببساطة أن يأتي حزب معارض إلي السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة، واليوم وبعد أن أزاح الشعب بنفسه النظام من جذوره، ها هي نفس الأفكار ونفس الممارسات، ونفس الثقافة، الأغلبية تمارس الوصاية علي الشعب، بإصدار قوانين تمنع البعض من الترشح وتستبعد أناسا بعينهم من ممارسة حقوقهم السياسية، رغم أن هذه الأغلبية جاءت عبر صناديق الانتخاب ومن خلال ممارسة حرة ونزيهة، وبإقبال غير مسبوق شهد به العالم كله، جاء الشعب من خلال انتخابات حرة بأول برلمان بعد الثورة، خسر رموز من الحزب الوطني، أو ما يطلق عليهم الفلول، الناخبون هم الذين أقصوا هؤلاء، الناخبون هم الذين مارسوا حقهم بحرية في اختيار من يشاءون، دون وصاية من أحد، لماذا لم نعد ندرك أن صندوق الانتخاب أصبح بعد ثورتنا المجيدة، هو الفيصل وهو الوحيد في تحديد من يأتي إلي كرسي البرلمان أو كرسي الرئاسة، وكلاهما محدد المدة، يعرف من يصل إليهما ضرورة أن يواصل دعوته في صفوف الناس، وأن يقدم باستمرار أعمالا إيجابية تجمع حوله الأنصار، حتي يجيء زمن الانتخابات التالية فيعاد انتخابه من جديد، أو إقصاؤه إن رأي الناخبون ذلك، لماذا لم يدرك القائمون علي مقدرات البلاد، أن الشعب تحرر، وأصبح حر نفسه يختار من يشاء، ويقصي من يشاء، لماذا لم نعد ندرك أن حاجز الخوف سقط إلي غير رجعة، وأن أي إصلاح حقيقي، لن يتم إلا بتغيير يدركه ويلمسه الناس بأيديهم وحواسهم، وذلك بمحو كل رواسب الماضي، وكفانا وصاية علي الشعب.