حريم السلطان هو الاسم التجاري العربي، للمسلسل التركي الملحمي"قرن من العظمة"، الذي يستعرض حياة واحد من أهم سلاطين الدولة العثمانية، وهو سليمان القانوني ابن السلطان سليم الأول، الذي استمر حكمه أكثر من أربعين عاماً، وقد بدأ تولي الحكم وهو في السادسة والعشرين من عمره، وتوفي قبل أن يبلغ السبعين وخلال تلك الفترة، استطاعت جيوشه أن تغزو نصف العالم"عندما كان العالم ثلاث قارات فقط" آسيا وأوروبا وأفريقيا قبل اكتشاف أمريكا وأستراليا! ولُقب سليمان بأعظم سلاطين العالم، ذلك في القرن السادس عشر الميلادي، ولكنه كما كان حاكماً عظيما، جعل من دولة العثمانيين دوله يخشي بأسها وتهدد عروش ملوك أوروبا، إلا أنه كان يحمل كل عيوب الحاكم الفرد، الذي لاترد له كلمة، ويعتبر نفسه ظل الله علي الأرض، يدين له الجميع بالولاء والطاعة سواء أصاب أم أخطأ، وهذا المنهج المعوج في أسلوب الحكم، أدي بعد ذلك إلي انهيار الإمبراطورية العثمانية، حيث لم تتوافر لكثير من السلاطين الحكمة ورجاحة العقل التي كان عليها السلطان سليمان! تبدأ أحداث المسلسل في روسيا، عندما يقتحم التتار إحدي القري، ويقتلون الرجال والعجائز، ويخطفون النساء ليتم بيعهن لقصور السلاطين، أما الشخصية النسائية الأساسية في المسلسل فهي ألكسندرا"الممثله التركية الجميلة جدا ميريام أوزيرلي" وهي تشاهد بعينيها ذبح والديها علي أيدي التتار، ويزج بها مع ماري صديقتها، في إحدي السفن المتجهة الي القسطنطينية لتباع لقصر السلطان سليمان وتصبح واحدة بين جيش من الجواري، ولكن ألكسندرا، الفتاة المتمردة ترفض أن تعامل كجارية، وتقاوم محاولة ترويضها أو إخضاعها لنظام الحريم، وتسبب إزعاجاً لأغوات القصر وخدامه الذين يشرفون علي تجهيز الفتيات، قبل عرضهن علي السلطان ليختار من بينهن واحدة تنال شرف قضاء الليل في مخدعه، فإذا ماخرجت من عنده نساها تماماً، وسعيدة الحظ هي من يطلبها مرة أخري! نظام عبيد حقير، تُهان فيه المرأة وتصبح مجرد جسد يستمتع به الرجل، لبعض الوقت، وقد أدركت ألسكندرا أن سعيدة الحظ من الجواري، هي من تحمل طفلا من السلطان، فإذا جاء ذكرا، يبقي ياسعدها ياهناها، ففي هذه الحالة فقط يمكن أن تصبح سلطانة، ولذلك فقد عقدت العزم علي ألا تكون مجرد جارية تعبر في حياة السلطان دون أن يشعر بها، وقررت أن تلفت نظره ليختارها لتقضي معه ليلة، وحرصت في هذا اللقاء أن تبهره، ليس بجمالها الفتان فقط، ولكن بروحها المرحة، فقد راحت تقلد له أهم شخصيات القصر مما أثار ضحكاته، فأعجبته عشرتها وقرر أن يبقيها معه لليلة التالية، وهو ما تسبب في إثارة حقد وحسد بقية جواري القصر، وفوقهن السلطانة زوجة سليمان، وأم ابنه الوحيد مصطفي الذي كانت تعده ليصبح سلطان البلاد بعد أبيه، أما شخصية السلطان سليم كما كتبها السيناريست"ميرال أوكاي" فهي شخصية بديعة حقا، من الوجهة الدرامية ويؤديها الممثل الفذ"هاليت إيرجينيك"فهو يجمع كل المتناقضات، فهو عاشق للفنون يقرأ أدب الغرب خاصة الكوميديا الإلهية لدانتي، و سيرة وفلسفة أفلاطون، ويعشق صناعة المجوهرات بنفسه، ويهدي القطع الثمينة لمن يرضي عنها من حريمه، أما في إطار الغزوات فهو يتخذ من الإسكندر الأكبر مثلا أعلي، ويدفعه طموحه لأن يغزو العالم مثله ويخضعه لراية الدولة العثمانيه، وطبعا مثل معظم الغزوات فلابد لها من غطاء ديني، فهو يعتقد أن غزوه لدول العالم وسيلة لنشر الإسلام، كما كان يرفع الصليبيون رايات المسيحية، لإخفاء الغرض الأصلي وهو السيطرة علي كنوز الشرق، وثرواته، وهو كحاكم يمكن ان تعتبره حكيماً يتمتع بعقل راجح ، ولديه بعض المرونة، فقد دأب علي النزول للأسواق، مع وزيره الأول إبراهيم، دون أن يعلن عن نفسه، ليتعرف علي مشاكل التجار وشكواهم المستمرة من الغلوْ في فرض الضرائب، أما عيوبه القاتلة فهي غضبه الشديد الذي يدفعه لسل سيفه وجز عنق خصمه في لحظة خاطفة! أما في مجال تعامله مع النساء فهو يبدو في كثير من الأحيان حيواناً تحركه غرائزه، ولاتفرق عنده واحدة عن أخري، أما إذا أعرض عن واحدة، فيبقي "خلاص بقي"، لاتجدي معه رجاء ولاضعفا، وعلاقته بزوجته "ناهد توران"علاقة شديدة الغرابة، فقد "قفل منها " بدون مبرر، وهجرها في المضاجع، فلم يعد يطلبها في مخدعه، فإذا ذهبت إليه ترجوه وتتذل ليرضي عنها بالغ في بروده وردها خائبة، حتي ملأ قلبها الحقد والغل، علي ألسكندرا التي أصبحت الجارية المدللة للسلطان، حتي أنها فكرت في قتلها وتحريض وصيفتها لوضع السم في طعامها، أما الكسندرا فقد أعلنت إسلامها لتكون أكثر قربا من قلب السلطان، وزاد هذا القرب عندما أنجبت له ولدا، أطلق عليه اسم محمد، وأطلق عليها اسم هيام تعبيرا عن هيامه بها، وأغرقها بالهدايا الثمينة والمجوهرات التي تفنن في صناعتها بيديه، ومع ذلك ورغم هيامه بها وعشقه لها، فهذا لم يمنعه من هوايته في قضاء لياليه مع غيرها من الجواري، وهو مادعاها للتمرد عليه وإعلان العصيان، والتمنع عليه حتي يتخلص من الجواري ويتفرغ لحبها، خاصة بعد أن أنجبت له ثلاثة ذكور وفتاة، وقد كان لها ذلك، مما دفع كل من بالقصر لكراهيتها والحقد عليها، فقد اعتاد الجميع الخضوع لرغبات السلطان وعدم معارضته سواء كان مخطئاً أم علي صواب! إنها عادة العبيد أن يكرهوا من يتمرد علي العبوديه لأنه يشعرهم بمدي الهوان الذي يعيشونه! يقدم المسلسل مجموعة من المعارك الحربيه، بإستخدام المؤثرات البصرية والسمعية، وأحدث برامج الجرافيك التي سبق استخدامها في فيلم 300 إسبرطي"، ومسلسل سبارتاكوس، حيث تتطاير الرؤوس والدماء وتسمع اصوات السيوف وهي تجتز الرقاب من فوق صدور المحاربين، وأصوات زخات السهام وهي تنطلق لتملأ السماء حتي تصل الي صدور الاعداء، مع استخدام مجاميع جهنمية من الكومبارس، وبإستخدام الجرافيك تتضاعف أعدادهم الي عشرات الآلاف، الازياء مبهرة المجوهرات صممت وفق ماكانت عليه في هذا العصر، وتعد بحق تحفاً فنية،! الديكورات في المسلسل تمت بدراسة متقنه لايتعتمد علي الفخامة فحسب ولكن علي المصداقية الشديدة، قصر السلطان، مضافاً إليه ديكورات الأسواق في القسطنطينية عاصمة الدولة العثمانيه، واسواق القاهرة التي كانت في ذاك الوقت إحدي ولايات الامبراطورية العثمانيه، الحدائق الغناء للقصور الملكية، قصر بابا الفاتيكان، قصر ملك المجر، وغيرها. من الخطوط الأساسية في مسلسل حريم السلطان حرب الجواسيس، التي تقوم علي زرع عناصر تخريبية داخل أكثر الأماكن أمنا مثل قصور السلاطين، فبعد أن هزم السلطان سليمان ملك المجر والبندقية بعد معارك ضارية، لجأ هؤلاء وأتباعهم الي زرع إحدي الفتيات ضمن جواري السلطان، لتنقل أخبار القصر، وتقتل من يكشف أمرها، ثم تحاول في نهاية الجزء الأول أن تغتال السلطان نفسه! الحلقات تضم كل عناصر التشويق والتوتر بحيث تنتهي كل حلقه بموقف درامي معقد يجبرك علي انتظار الحلقة التالية، وهي الفكرة الأساسية من سرد حكاية ما في حلقات، فما جدوي أن تقدم موضوعاً اجتماعيا تقليدياً مليئا بالثرثرة، في حلقات طويلة، بحيث إذا فاتتك عدة حلقات لاتخسر شيئا ولايفوتك الكثير، الفن كما يقولون متعة وثقافة وصناعة، وهي عناصر تتوافر في مسلسل حريم السلطان، الذي قلب جميع الموازين، وأكد بحق أن الأتراك قادمون!