طوال تولي الدكتور علي لطفي رئاسة وزراء مصر في عهد الرئيس السابق، بل وبعد خروجه من السلطة وتركه رئاسة مجلس الشوري، ظل حتي السنوات القليلة الماضية يشيد بإنجازات حسني مبارك المتعددة، ويسجل بقلمه التحولات الجذرية التي تمت في عهده لصالح الفقراء ومحدودي الدخل، بل ويحلل الأبعاد الاقتصادية لخطاباته، لكن اليوم بعد خروج مبارك من المسرح السياسي يهاجم عصره.. وينتقد سياساته.. فما سر هذه المواقف (المتناقضة) للدكتور علي لطفي؟ لايختلف اثنان علي الرحلة العلمية المشرفة للاقتصادي الكبير المعروف الدكتور علي لطفي الذي كان الأول علي دفعته بكلية التجارة عام 1956، ثم حصوله علي بكالوريوس العلوم الاقتصادية من جامعة (لوزان) فحصوله علي الدكتوراه عام 1961، ثم تقلده لعدة مناصب رفيعة كرئيس لقسم الاقتصاد بتجارة عين شمس، فوزير للمالية عام 1978 ولمدة سنتين، فنائب لرئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لأحد البنوك التجارية، ثم رئيس للجنة الاقتصادية بالحزب الوطني، إلي أن تقلد منصبين رفيعين في عهد الرئيس السابق حسني مبارك: رئيسا للوزراء، ثم رئيس مجلس الشوري، ومجموع المناصب الحكومية التي تولاها بلغت 12 عاما! أما علي المستوي الشخصي والإنساني، فلا يختلف عليها اثنان أيضا: فالدكتور علي لطفي إنسان هادئ وودود وبسيط، ورغم أنه عالم في تخصصه فهو شديد التواضع، كما أنه يحظي بشعبية (علمية) طاغية في الأوساط الطلابية بين تلاميذه خريجي كليات التجارة (وأتشرف بأنني واحد منهم) وهو رجل طيب بمعني الكلمة، وتربطه بالأوساط الصحفية علاقات متميزة. إنطباعي عن »أستاذي« الدكتور علي لطفي أنه كان واحدا من أبرز أركان عهد مبارك وحتي أكون أمينا ومحايدا ومنصفا، فتشت في أوراقه، وتأملت تصريحاته، وحللت كتاباته التي تهيم عشقا وتأييدا لسياسة مبارك، وإن كان يختلف معي أحد علي ذلك فليعد لتصريحات الدكتور علي لطفي منذ سنوات محدودة (أثناء حكم مبارك)، والأستاذ خارج المنصب (وعلي لسانه طبعا): شهدت مصر خلال فترة حكم الرئيس محمد حسني مبارك تطورات مهمة وتحولات جذرية في مختلف مناحي الحياة، وبصفة خاصة الجانب الاقتصادي، وحقق الاقتصاد المصري إنجازات ضخمة في مختلف القطاعات ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي، وتنفيذ الاستثمارات، وفي مجالات الزراعة، والكهرباء، والبترول، والسياحة، والتنمية العمرانية، والإسكان، والإصلاح الاقتصادي، والإعلام! وقد لخصت تصريحات الدكتور علي لطفي حول (إنجازات مبارك) التي تحدث عنها بإسهاب وتفاصيل طويلة، ولم تقتصر مجاملات رئيس الوزراء الأسبق لمبارك، بل وصل الأمر إلي أنه قام بالتعليق علي خطاباته للشعب وتحليلها من ناحية أبعادها الاقتصادية والتي كان يصفها بأنها لمصلحة المستهلك المصري، والارتقاء بمستوي المعيشة، ومكافحة الفقر، ورعاية محدودي الدخل، وكأن الدكتور علي لطفي كان يعيش في كوكب وزمان آخر، ولم يكن يحس بتضور الجائعين، ولا آلام المرضي الباحثين عن علاج، ولا بطابور ملايين العاطلين الذين لايجدون وظيفة، ولا بشبابنا الذين فشلوا في الحصول علي مسكن صغير واستكمال نصف دينهم!! ومن حق الدكتور علي لطفي أن يشيد بإنجازات حسني مبارك (وهو في السلطة)، لكن ليس من حقه أبدا أن يغتال ذكاءنا وذاكرتنا، فبعد رحيل مبارك أصبح من أشد مهاجميه.. وبكل شراسة وضراوة، بل يصف عصره في أحاديث صحفية بأنه نظام استبدادي مخابراتي أمني.. ما الذي تقوله؟ هل نسيت.. أم ظننت أننا ننسي؟! وبمناسبة مرور عام علي تنحي مبارك أجري الزميل (البهاء حسين) الصحفي بالأهرام حوارا مع الدكتور علي لطفي وليسمح لي أستاذي بالتعقيب علي إجاباته وأسأله: ❊ ذكرت أنك أمهلت حسني مبارك (للموافقة) علي تكليفك بالوزارة 24 ساعة.. لكنه (مبارك) استعجل واتصل بعد 5 دقائق وكنت في أمريكا ولم يعطك فرصة للتفكير فقبلت ولم يكن أمامك غير الرضوخ، خصوصا كما فهمت أنه استعطفك: إنت كده بتخلي بيه وتسبني لوحدي!! ❊ كلامك هل يقبل الشك، خصوصا أنه معروف عنك (زهدك) المطلق للمناصب والسلطة؟ ❊ ذكرت أيضا في سياق الحديث عن أسباب خروجك من الوزارة أن مبارك لم يكن يطيق ظهور شخص إلي جواره، فكان أول ماكان حد (يقب).. وزير .. رئيس وزراء، علي طول (يديله) مطرقة.. هل تعتقد أنه كانت لك (شعبية) يا دكتور علي؟ ❊ لماذا لم تتقدم باستقالتك بعدما ذكرت أن مبارك لم يكن يترك أحدا يتخذ قرارا، حتي أنك كنت تعرف بلقاءاته مع وزرائك من (الجرايد) وبدون علمك؟ ❊ قلت عن علاقتك بزكريا عزمي أنها لم تكن حلوة أبدا، وكنت حاسس إنه هو اللي (مبوظ) مصر.. لماذا لم تكاشف الرئيس المخلوع بذلك وتنقذ البلد من (البوظان).. أم كنت تخشي من إقالتك في هذه الحالة؟! ❊ في إجابتك عن سؤال: ما الذي استفاده مبارك من أخطاء السادات؟.. أجبت حاجة واحدة بس.. أنه يحرص أزيد من اللازم عند رفع الأسعار والدعم!! وهل تنكر يا دكتور علي أن الأسعار في عهد الرئيس السابق زادت بشكل مخيف عن أي عهد مضي.. حتي أنها فاقت مثيلاتها في الدول البترولية الغنية؟ ❊ وما الذي أجبرك علي قبول رئاسة مجلس الشوري في عهد حسني مبارك، وهو بالمناسبة منصب كما يعبر عنه رجل الشارع البسيط لا (يهش .. ولا ينش) بعدما استدعاك وأنت رئيس وزراء فكتبت استقالتك أمامه؟ ❊ ولماذا قبلت الاستمرار معه، ورضيت بالعمل كما قلت في حجرة (حقيرة) عندما دخلت مجلس الشوري لأول مرة عام 6891 حتي أنك بكيت عندما صعبت عليك نفسك؟ ❊ هل تنكر انتعاش السوق السوداء للعملة الصعبة وأنت رئيس وزراء؟ ❊ لماذا فضلت إجراء جراحة للانزلاق الغضروفي علي نفقة الدولة في الخارج بمرافقين و»بدل سفر« في حين وجود ملايين المرضي بأمراض خطيرة في الداخل ولايجدون علاجا؟ ❊ هل رفضت طلبات العديد لإنشاء أحزاب جديدة وأنت رئيس لمجلس الشوري؟ ❊ هاجمت في حديثك عددا من رموز الحكم (الموتي كقولك: (عاطف صدقي كان بينحني لمبارك.. وصبحي عبد الحكيم كان بيمشي جنب الحيطة).. مين يكذبك؟!.. وهل سيادتك كنت بتمشي بعيدا عن (الحيطة)؟ ❊ معلوماتي أنك مازلت تتمتع بكل مزايا رئيس الوزراء رغم خروجك من المنصب: مخصصات.. وحراسة.. وسيارات حكومية.. أليس ذلك صحيحا؟!