أول تعليق من رئيس البرلمان على استقالة الحكومة    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    محافظ المنوفية: مواصلة جهود التغيير والبناء الشامل في شتى القطاعات الخدمية    وزيرة التخطيط: نقدر القلق من الديون ونجري دراسات جدوى    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    إسرائيل: إلقاء قنبلة حارقة على سفارتنا في رومانيا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    عقبة واحدة تمنع الزمالك من استعادة " الفيراري "    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس بعثة الحج: الحالة الصحية للحجاج المصريين جيدة.. ولم تظهر أية أمراض وبائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الليلة.. «المغارة المسحورة» في ختام عروض مسرح الطفل بالإسكندرية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    قبل عقد قرانهما.. من هو عريس جميلة عوض؟    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    نتنياهو: يمكن بدء تنفيذ خطة التهدئة فى غزة قبل الاتفاق على الشروط بشكل كامل    أحمد ماهر: "بكيت بشدة في مشهد إيذاء أبو لهب للنبي"    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    أمانة الشباب ب"حماة الوطن" تنظم ندوة بعنوان "موقفنا ثابت للقضية الفلسطينية"    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي لطفي ل الأهرام‏ :‏ مبارك كان يريد سكرتيرا وليس رئيسا للوزراء‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 02 - 2012

مازالت ذاكرته حية ومتوقدة تبث إشارات وتلتقط أخري كأنها محطة رصد عفية‏,‏ وبرغم ما مر عليه من تقلبات خلال السنوات العجاف التي مرت بها مصر, فلا يمكن أن تلمح علي وجهه علامات للدهشة, بل يبدو عفويا جدا في سرد الأحداث بسهولة ويسر وكأنها وقعت بالأمس القريب. إنه الدكتور علي لطفي الذي يقدم لنا شهادته علي عصرين في تاريخ مصر, ويغوص بنا في أعماق ثمانينيات القرن الماضي, حيث تولي الوزارة رغما عنه وتركها أيضا رغما.
التفاصيل القادمة تعرض لنا ملامح مرحلة مهمة في تاريخ مصر عبر د. لطفي الذي يري المستقبل مشرقا برغم كل شئ.
بحكم اقترابك من مبارك, نائبا ورئيسا, كيف تصفه. ما مفتاح شخصيته ؟
- سأروي لك بعض الوقائع وفتش أنت عن مفاتيحه. مرة اتصل بي الدكتور أسامة الباز وطلب أن يقابلني في البيت. كنت أسكن وقتها في الزمالك, وجاء. قال لي: يا ريت تعرض كل حاجة علي الرئيس. وفهمت أن الرئيس, لأنه يؤمن بالمركزية, يريد أن يمسك بكل الخيوط في يده. يريد أن يكون صاحب القرار وحده فقط لا غير, وأنا مجرد سكرتير عنده. وهذا أحد أسباب الخلافات بيني وبينه, وربما كان دافعا لأن أترك موقعي مبكرا. المهم أنني قلت للدكتور أسامة إن هذا الوضع غير مقبول. الرئيس يريد أن يتحكم في كل كبيرة وصغيرة, وهذا يبطل صلاحياتي كرئيس للوزراء, لكن الباز حاول أن يحتويني وانتهي اللقاء.
ومرة طلب مني أن أعرض علي الرئيس جدول أعمال مجلس الوزراء, فقلت له: الحكاية زادت عن حدها يا دكتور أسامة. حتي جدول الأعمال! ثم إن الجدول مجرد عناوين, أما التفاصيل فلا نعرف مسبقا ما هي. عادة ما تكون هناك تقارير يعرضها الوزراء كل في مجاله, ونناقشها داخل المجلس. لكن الباز قال لي: معلهش.. معلهش, هو عايز يعرف كل حاجة, علشان يقولك دي تتناقش ولا لأ. هذه هي شخصيته.. يريد أن يهيمن علي كل شيء, علي اعتبار أن رئيس الوزراء, في رأيه, يجب أن يكون مجرد سكرتير خاص له. ولهذا تركت منصبي ورحلت.
لم أتيت رئيسا للوزراء ولماذا تركت المنصب؟
- لم أكن في مصر, حين وقع اختياره علي, كنت في أمريكا أدرس ببعض الجامعات, وفجأة اتصل بي السفير المصري هناك, سألني: إنت فين؟ إحنا قالبين الدنيا عليك. وبعدها ب5 دقائق وجدت الرئيس علي التليفون. خير يا ريس ؟ قال لي تعال فورا. لكنني كنت أريد أن أعرف فيم يريدني, فكررت: خير يا ريس ؟ قال لي: هناك منصب كبير في انتظارك, ولم يقل أكثر من ذلك, فسألته عن المنصب: ما هو ؟ قال لي: إنت هتبقي رئيس وزارة, فاعتذرت.
معقول يادكتور ؟!
- أي والله, وأسقط في يده. لم يكن يتوقع مني ذلك. وهو حي يرزق يستطيع أن يكذبني. كانت هذه أول مرة يعتذر فيها شخص عن تشكيل الوزارة في مصر.
ولماذا اعتذرت ؟
- لم أكن أتطلع لهذا المنصب, ولم يكن في نيتي أن أسرق, ثم إنني أستاذ جامعة جرب الوزارة ولا يريد أكثر مما أخذ. وكنت أعرف حجم المشكلات الموجودة وقتها وأن التعامل مع الرئيس غير سهل. المهم طلب مني الرئيس أن أفكر في الأمر. استمهلته24 ساعة, قلت له: بكرة اتصل بي أكون فكرت. فقالت لي زوجتي, رحمها الله, إنت إزاي بتعامل الرئيس بالشكل ده ؟ كان تصرفي غريبا بعض الشيء, لكنه قال لي: ها أكلمك بكره, وفوجئت به يتصل بعد5 دقائق, ويقول لي: هيه فكرت خلاص؟
( ضحك خفيف مشترك قلت بعده: ال24 ساعة خلصت, واستأنف لطفي بحثه, بأثر رجعي, عن مبارك, قال:)
-.. لم يعطني أية فرصة للتفكير, فقبلت.
تقصد إنه لم يكن يأخذ رأيك. بل قرر, ولم يكن أمامك غير الرضوخ ؟
- أنت, في النهاية, تكلم رئيس الجمهورية. وقد قال لي: إنت كده بتخلي بيه, وتسيبني لوحدي.. إلي آخر هذا الكلام. فقلت له: تحت أمرك يا ريس. لكنه طلب مني ألا أخبر أحدا, حتي أقرب الناس إلي. هذا جزء من شخصيته.. السرية والتكتم. وفعلا لم أخبر أحدا, وعدت إلي مصر وحلفت اليمين.
ومضت الأيام لكنه كان يريد أن يكون.onemanshow( رجل واحد يستأثر بالعرض كله), وعلي الجمهور أن يصفق. نظام حاضر يا أفندم. علي غرار حكومة الدكتور عاطف صدقي, الله يرحمه,
هل كنت تراه حين يسلم عليه ؟
كان بيسلم عليه كده( أحني لطفي رأسه مثل علامة استفهام) وأردف: أما أنا فلم أكن أقف أمامه هكذا. ودي تفرق كتير, حاجات زي دي بتقول له إن ده رئيس وزراء مش موظف عندك.
وعاصفة الأمن المركزي, فبراير.1986 كيف تم ترويضها, والعلاقة بينكما متوترة هكذا ؟
- في هذه الأحداث تم عمل حظر تجول وأعلنا الأحكام العرفية. كنت وقتها نائب الحاكم العسكري, قلت سنعلن هذه الأحكام يوما أو يومين, لكن الرئيس اتصل بي وطلب أن أدلي ببيان.
وأنت بدورك اتصلت ب أحمد رشدي, وزير الداخلية, وطلبت منه عمل بيان بالليل, فرفض ؟
- آه. المهم عملت البيان ورتبت مع التليفزيون, لتسجيله, فإذا بالرئيس يتصل بي مجددا ويقول لي: معلهش أنا إللي هاعمل البيان! يبدو أن أحدهم أقنعه أنني سأسرق منه الأضواء, وأنه من الضروري أن يلقي البيان بنفسه. بالمناسبة أنا لا أطعن فيه, لأنه الآن في هذا الظرف, فك الله سجنه, أنا أقول شهادتي للتاريخ. المهم إنه كان عايز ياخد الcredit( الاعتراف بالفضل).
وأتذكر واقعة اخري تدلك علي شخصية الرئيس. مرة كلمني موسي صبري, رحمه الله, وكان من المقربين منه, لكي يأخذ مني معلومات يضمنها خطاب الرئيس في إحدي المناسبات, وبالفعل واعدته علي اليوم التالي, كنت وقتها رئيس وزراء, لكني فوجئت بالرئيس يتصل بي ويسألني: إنت مزعل موسي ليه ؟ فقلت له: يا أفندم أنا مزعلتوش ولا حاجة, ده طلب مني معاد وقلت له نتقابل بكره. فقال الرئيس: لأ.. النهارده! أشياء غريبة كهذه كانت تحصل دائما.. المهم أن واقعة بيان الأمن المركزي ضايقتني إلي أبعد حد. ما الفارق بين أن ألقي البيان أو يلقيه الرئيس ؟
في هذه المشكلة.. شعرت أن الرئيس دس أنفه بنفسه في عمقها, أم اعتمد في حلها علي الآخرين ؟
- هو لم يكن يترك أحدا يتخذ قرارا, هو يعبد القرار. لكن في هذه الأزمة أنا عملت كل حاجة.. اجتمعت بمجلس الوزراء وأخدنا قرار حظر التجول والأحكام العرفية ونزول القوات المسلحة, والرئيس ألقي البيان
ومن غيره, من الوزراء, كان يتصل بالرئيس, من خلف ظهرك ؟
- صفوت الشريف هو الأساس, وقطعا كان وزراء الداخلية والخارجية والدفاع علي اتصال مباشر به. هذا يحدث في كل الحكومات.
ألم يكن أحدهم يطلعك علي فحوي اللقاءات, رفعا حتي للعتب ؟
- للأسف كنت أعرف بهذه اللقاءات من الجرايد.. استقبل الرئيس أمس وزير الدفاع وفلان الفلاني من الوزراء!
كان يتم ذلك دون علمك ؟
- دون علمي, وهذا خطأ وقد قلت له مرة: كيف أعمل يا ريس مع هذا الوزير؟ ثم ما العمل إذا أعطيته توجيها مخالفا لتوجيهك ؟ قال لي: ما فيهاش حاجة, دي وزارات سيادية. كان يريد, كما يحدث في مسرح العرايس, أن يمسك بكل الخيوط.
ومن هو الوزير الذي كنت تشعر أنه يهدد استمرارك أو يلعب دورا لإفشالك ؟
- صفوت الشريف.
حدث أن طلب منك مبارك تمرير شيء علي سبيل الاستثناء ؟
- لا لم يحدث هذا طوال عملي معه. لم يطلب مني شيئا له أو لأولاده أو لأي أحد. لم يحدث علي الإطلاق, ولا سمعت عن أي فساد يمسه في ذلك الوقت.
متي تغير إذن ؟
- لا أعرف.
وهل سمعت, بعد أن تركت موقعك, بأية وقائع فساد ؟
- ما شعرت به.. أن زوجته وأولاده وفتحي سرور وزكريا عزمي وصفوت الشريف, هذه الشلة هي التي ضيعته. لكن مبارك كان كويس, إلي أن تركت موقعي كرئيس لمجلس الشوري عام.1989 أعتقد أن هذه الانحرافات وقعت في منتصف التسعينيات.
أعود إلي سؤال أجبتني عن نصفه.. لما تركت الوزارة ؟
-( بعد ضحكة ساخرة).. مرة كان موسي صبري ضيفي علي العشاء, وكنت قد تركت الوزارة للتو, فسألته زوجتي: هل تعرف يأستاذ موسي وأنت من أقرب المقربين للرئيس, علي مشي من الوزارة ليه ؟ فقال لها كلمة واحدة, بعد فترة صمت. بسبب( الشعبية). لم يكن الرئيس يطيق ظهور شخص إلي جواره, أول ما كان حد يقب, وزير, رئيس وزرا..إلخ, علطول يديله مطرقة.
وما ملابسات إقالتك ؟
- أنا شخصيا كنت أريد ترك الوزارة, قلت له ذلك عدة مرات, فكان يقولي لي: طيب حاضر, طيب حاضر, وفي الآخر طلب مني الذهاب إليه ولما ذهبت قال لي: إنت ها تبقي رئيس مجلس شوري. فقلت له: لا, أنا كنت وزيرا ورئيس وزراء ولا أريد شيئا آخر. لا شوري ولا بوري, فقال: لا. ما تسيبنيش. وفهمت. كتبت الاستقالة وقدمتها له.
كنت تشعر أن علاقته بأمريكا قائمة علي الخنوع ؟
- لم أشعر بهذا إلا في موضوع المحطة النووية. كان وزير الكهرباء ماهر أباظة, رحمه الله, من المؤمنين معي بضرورة أن يكون لدينا طاقة نووية, فطلبت منه عمل محطة, بأسرع ما يمكن, ووقع الاختيار علي الضبعة. أحسن مكان في مصر, يصلح ل3 أو4 محطات علي الأقل. هو إللي خربوه دلوقت.
قدرت الخسائر ب مليار جنيه ؟
-( بانفعال) ولا40 مليار, علي مسئوليتي. ده خراب, لو كانت هناك حكومة قوية, ما كان لأحد أن يدخل المحطة. لو أنني رئيس وزارة لأعطيتهم بالكرباج وأخرجتهم في نفس اليوم. المهم: جاء ماهر أباظة بعلماء الطاقة الذرية, ومنهم علي الصعيدي رئيس هيئة الطاقة الذرية الذي أصبح وزيرا للصناعة فيما بعد, وهو حي يرزق. وذهبنا جميعا للرئيس. جلسنا معه4 ساعات, بدلا من ساعة. قال بعدها: أنا معجب بكم, ما كنتش أعرف إنه عندنا علماء بالشكل ده وبارك لنا علي المحطة, وبدأنا في وضع المواصفات, لكن لسوء الحظ وقعت حادثة تشيرنوبيل(1986), فكلمني الرئيس في التليفون, وقال لي: مش قلت لك يا دكتور.. الأمان النووي. فقلت له: يا أفندم دي محطة قديمة من الحرب العالمية الثانية, وما حدث كان خطأ بشريا, العيب ليس في الفكرة, لكنه طلب مني تأجيل الموضوع. هل تم هذا بضغط من أمريكا, أم أنه قراره, وكان يبحث عن حجة. لكن هل تجعله هذه الحادثة يؤجل الموضوع من86 إلي2010 ؟! لماذا لم يفعلها ؟ لا أعرف!
وإسرائيل, ألم تكن لها يد في التأجيل ؟
- قلت لك كل ما أعرف.
وتصدير الغاز.. هل كان له مقدمات أو إرهاصات علي أيامك ؟
- لا, لم يكن عندنا غاز أصلا وقتها. هذه قضية من أخطر ما يمكن. الغاز أولا يستخدم كمصدر للطاقة ومادة خام لبعض الصناعات مثل البتروكيماويات, فهل أصدره ولدي بطالة3 أو4 ملايين شاب, بدلا من عمل مصانع لهذا الغرض وتشغيل هؤلاء فيها. القيمة المضافة لأي غاز تصدره تساوي1 علي10 مما يمكن أن أستخدمه.. بمعني أنني لو استخدمت هذا الغاز هنا ستكون لدينا قيم مضافة10 مرات أمثاله, فكيف أصدره, وأصدره لإسرائيل, وبهذا الثمن البخس. أنا لا أعرف كيف حصل هذا ؟
وحسين سالم.. متي بدأ يظهر علي المسرح؟
- لم يظهر علي أيامي. شرم الشيخ نفسها لم تكن علي الخريطة.
أرجع بك لآخر العواصف.. تنظيم ثورة مصر, محمود نور الدين وخالد عبالناصر...؟
-( مقاطعا).. ما عنديش فكرة عنه.
ماذا كان مبارك يفعل إذا وضعته الظروف في موقف الاختيار ؟
- لا أتذكر شيئا بهذا الخصوص.
وخضوعه للإملاءات ؟
- لا. كان عنيدا.
حتي لو تعلق الأمر بأمريكا ؟
- ليست لدي واقعة تتصل بأمريكا وعاند فيها.
وصندوق النقد الدولي ؟
- كان يسميه صندوق النكد الدولي, لم يكن يحبه.
ما مدي صبره علي التفاصيل ؟
- في بعض الاجتماعات كان من الممكن أن يقعد ساعتين أو ثلاثة ويسمع.
والموضوعات التي كان يلفظ التفكير فيها من حيث المبدأ ؟
- لا أذكر موضوعات بعينها.
ما العادات التي ظل مبارك يحتفظ بها من أيام العسكرية ؟
- الانضباط في المواعيد, الاستيقاظ المبكر, الاهتمام بالرياضة.
ومن هم المقربون إليه ؟
- زكريا عزمي, صفوت الشريف, وفي الآخر كان يحب أحمد عز.
هل كان يظهر محبته لهؤلاء في المحافل العامة ؟
- طبعا, طريقة المعاملة والكلام.. أيوه يا صفوت, كأنهم أصحاب.
وماذا عن مشاعر الكره ؟
- آه, كان يتعامل مع من يكرهه بجفاء.
وماذا عن قاموس زكي بدر؟
- زكي بدر كان يتلفظ بأشياء رهيبة, منذ أن كان محافظا لأسيوط, ومرة جاءني أعضاء مجلس الشعب عن أسيوط, واشتكوا لي من سبه لهم, والواقعة الشهيرة التي شتم فيها فؤاد سراج الدين في مؤتمر جاهيري.
ألم تحاول لفت نظره ؟
- لم أتدخل في هذه المسألة, لكني طلبت من الرئيس أن يلزم زكي بدر بمسك لسانه, لأنه عضو في حكومتي ويسيء إلي, فقال لي: ها أشوف الموضوع ده, لكنه لم يكلمه.
والسداح مداح, كيف تفسره ؟
- ما حدث أن اقتصادك كان مغلقا. يقوم علي المركزية والقطاع العام.. إلخ. وبعد حرب أكتوبر كانت العولمة قد بدأت تهب, من هنا كان لابد لك من أن تنفتح علي العالم. لم يعد مقبولا أن تأتي بروشتة العلاج من الخارج, وعليه جاء قانون الاسثمار وقامت الصناعة.. القانون رقم43 لسنة74, بعد الحرب مباشرة, عمله السادات والمصانع, بلا حصر, أقيمت في عهده وبداية عهد مبارك.
ألم يوصلنا الانفتاح للخصخصة ؟
- الخصخصة ليست عيبا ولا خطأ, وقد أعلن الدكتور الجنزوري وفايزة أبو النجا أن الخصخصة مستمرة, العيب في تطبيق الخصخصة, العيب فيمن أخذوا العمولة من تحت الترابيزة.
من المسئول. حدد لي أسماء ؟
- كل من شارك في التقييم, وكل من وقع علي تقييم خاطيء يتحمل المسئولية.
والجنزوري, ما مسئوليته ؟
- لا أعرف, قلت لك: كل من وافق وشوف إنت, طبق
أعود إلي مبارك.. ما الشيء الذي كنت تشعر أنه خبير فيه ؟
- الطيران
هل بدا لك أنه مثقف ؟
- لم أشعر أنه مثقف, لم تأت الفرصة لاختبار ذلك, لكني قلت له مرة: لماذا يا ريس, عندما تتكلم, تقرأ من الورقة ؟ لم لا تحاول مخاطبة الناس بعفوية, ليشعروا بأنك تكلمهم من القلب, دون تحضير. فقال لي: لا لا أنا أحب أقرا من الورق! هذا دليل علي الضعف, عدم ثقة في النفس.
حدث أن نويت اتخاذ قرار, ووجدت الرئيس يسبقك إليه ؟
- لا.
( ثم رجع د. لطفي مرة أخري لمقعد السائل, قال لي فجأة: من غيري أدلي لك بشهادته ؟ ورحت أعدد له الأسماء, ولما وصلت ل فاروق حسني قال: لكن فاروق حسني كان مع الرئيس100%, ولو قال لك شيئا آخر يبقي غلطان.. يوم ما الريس وقع في مجلس الشعب, وأنا كنت هناك, أول ما شدوه بعيد عن القاعة, اعتقد فاروق حسني إنه مات, ساعتها انفعل جدا وحاول أن يلحق به فشاط الكرسي إللي قدامه لمسافة5 متر. فاروق كان يعبد مبارك, هل أخبرك بذلك ؟ قل لي: هل انقلب عليه ؟ وأجبته: إنه مثل غيره يحاول أن يتكيف مع العصر الجديد.
وعدت أسأل لطفي عن علاقة مبارك بإسرائيل, فقال..
.. شوف, نحن وقعنا اتفاقية السلام, وأنا كنت عضوا في الوفد الذي رافق السادات, وأشهد بأن السادات كان يتمسك بكل كبيرة وصغيرة من أجل مصر. الشيء الآخر.. أنه في حدود ما أعرف لا توجد اتفاقيات سرية, كلها معلنة.
ألم تكن بنود كامب ديفيد مجحفة لمصر ؟
- اضرب لي أمثلة ؟
حين توافق علي جعل سيناء منطقة منزوعة السلاح, فأنت تجعلها منطقة منزوعة السيادة. وحين توقع علي عدم التحالف مع دولة في حالة حرب مع إسرائيل فأنت تفقد دورك العربي. وهكذا تم الاستفراد بلبنان وغزة ؟
- شوف: حين تعمل اتفاقية سلام, هذا يعني أنك لا تنوي الدخول في حرب. ووجود جيش هناك يتنافي مع نيتك في السلام. لأن وجود جيش معناه أن أيا من الطرفين يستطيع دخول الحدود في ثانية. كي يكون هناك سلام حقيقي, كان لابد من وجود منطقة شبه معزولة. ولهذا قسمت سيناء إلي3 أقسام: أ, ب, ج. علي أن يكون في هذه المناطق وجود عسكري يتدرج من القوة الكبيرة إلي حرس الحدود. وهذا يضمن إمكانية الرد علي أي تحرك. ونفس الوضع يسري علي إسرائيل. أما مسألة الاتفاق المنفرد مع إسرائيل فهي غير صحيحة. قبل التوقيع علي الاتفاقية قلنا لدول المواجهة إننا بصدد التوقيع علي اتفاقية ملخصها..الأرض مقابل السلام, لكنهم لم يحضروا. ومع ذلك رفعنا علم فلسطين علي مقعدها الشاغر في ميناهاوس. لدرجة ان إسرائيل اشترطت إنزال هذا العلم, أولا, لكي تحضر. فقال لهم السادات, نصا, ملعون أبوكم, إن شا الله عنكم ما جيتو, أنا سألغي العملية, فجاءت إسرائيل, لتفوت الفرصة علي الاخرين, كي تبدو أمام العالم داعية سلام والعرب دعاة حرب. نحن لم نتخل عن العرب.
ما أخطاء السادات يا دكتور علي ؟
- قرارات18 و19 يناير1977 التي أحدثت ثورة, وسماها السادات انتفاضة حرامية, وأكبر خطأ اقترفه السادات هو قرارات سبتمبر التي اعتقل فيها1536 شخصية من مختلف الأطياف
هل استفاد مبارك من أخطاء السادات ؟
-( بعد تنهيدة جارحة) استفاد حاجة واحدة بس.. أن يحرص أزيد من اللازم عند رفع الأسعار والدعم وما شابه.
وماذا عن العلاقة مع زكريا عزمي ؟
- مش حلوة أبدا, عمرنا ما حبينا بعض, وكنت حاسس إنه هو إللي مبوظ مصر.
دبر لك مقالب ؟
-100%, لكني لا أذكر شيئا بعينه.
ومجلس الشوري, أعتقد أنه قطعة ديكور, ليس أكثر ؟
- عندما دخلت مجلس الشوري, كرئيس له في أواخر1986, بكيت. وأنا أبكي بصعوبة. كانت تلك من المرات القليلة التي انهمرت فيها دموعي.
لماذا ؟
- لأن نفسي صعبت علي, بعد ما كنت رئيسا لوزراء مصر كان علي أن أرضي بالحجرة الحقيرة التي دخلتها في مجلس الشوري.... و قبلت هذا الوضع تحت الضغط, كما حدث في رئاسة الوزراء. ما تسبنيش لوحدي, وخليك معايا والكلام ده. لم أدخل هذه الحجرة من قبل. كان رئيس المجلس هو صبحي عبدالحكيم, رحمه الله, وده راجل كان ماشي جنب الحيط. عندما أنشيء المجلس عام1980, لم يكن له مكان فاقترحوا أن يقام علي المكان الذي استولي عليه مجلس الشعب, كان إسطبل تقريبا, المهم أن الدكتور صبحي عبدالحكيم لم يغير شيئا. أنا أول ما جيت, وبدون تكلفة.. بعمال المجلس, طورت المبني, وبعد ذلك تفرغت لتطوير دوره. كان, كما تقول, قطعة ديكور, لكني اتصلت بالرئيس, قلت له: يا أفندم نص الدستور يقول إن المجلس ينظر في مشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية, فأرجو من سيادتك أن ترسل لنا كل القوانين, لندرسها. وبالفعل بدأ يرسل لنا هذه القوانين. ثانيا: طلبت من صفوت الشريف أن يخصص للمجلس نفس الوقت الذي يخصص لمجلس الشعب في التليفزيون. واختلفنا فحتكمنا للرئيس فقال له: إدي له. الشاهد أني نجحت في صنع اسم للمجلس. وفي ظني أننا بحاجة للمجلسين معا.. الشعب والشوري.
ما القرار الذي اتخذته, وأنت رئيس للحكومة, ولامك عليه الرئيس السابق ؟
- حاجات كتير. لكن ما فيش حاجة معينة تحضرني الآن. أنا عامة لم أكن أرجع إليه, لأتخذ قرارتي, إلا بعد أن نبهني أسامة الباز. بدأت ساعتها آخذ رأيه في بعض الأشياء.
ما تحفظاتك علي وزارة عاطف صدقي ؟
- عاطف صدقي, رحمه الله, لم يستكمل الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته وظل من1986 إلي1991 بدون أي إصلاح. ولما بدأ الاقتصاد في الغرق اضطرته الظروف للإسراع في الاتصال بصندوق النقد, قال لهم: معلهش إحنا توبنا وهنمضي معاكم وخفضوا لنا الديون.. إلخ. ضيع4 أو5 سنين من86 إلي91.
ووزارة الجنزوري ؟
- عيبها المشروعات الكبري, مثل توشكي وغيرها, صرفت مليارات في هذه المشروعات ولا نعرف مصيرها
وعاطف عبيد ؟
- سرعة الخصخصة دون دراسة جادة أو تقييم جاد.
أحمد نظيف ؟
- هو عمل حاجة. مش عارف أقيمه بإيه, أو أقول إيه
( وحين سألته عن أحمد شفيق رجع مجددأ لنظيف, قال)..
أحمد نظيف ترك الحبل علي الغارب في استخدام أرض مصر.
ثم نسي كلانا أحمد شفيق, وسألته عن عصام شرف ؟
- مشكلته الاستجابة السريعة للمطالب الفئوية دون دراسة, أعطي انطباعا بأن الحكومة ضعيفة, واستغل الجميع ذلك
هل يسلم المجلس العسكري السلطة, كما قال, في موعده ؟
- أكيد,100%, وربما قبل ذلك
ألم تكن لك علاقة بالقصر الرئاسي أثناء الثورة ؟
- لا, كنت بعيدا.
والمشير طنطاوي ؟
- يعرف بعضنا البعض جيدا
قرأت وسمعت أن مبارك يغار من عبدالحليم أبو غزالة ؟
- كان يخاف منه. ولو استمر أبو غزالة أكثر من ذلك, في رأي مبارك, كان سينقلب عليه.
قل لي: هل وجود مبارك ورجاله وراء القفص يشعرك بأن عصرا بكامله يلقي جزاءه ؟
- بأمانة لم يكن هناك, كما قلت لك, هذا الفساد حين عملت معه. وإذا ثبتت عليه التهم فهو يستحق.
بحدسك: هل تشعر أنه متورط ؟
- في مثل هذه المواقف, من الظلم أن نحكم بالإحساس. لنترك هذا للقضاء
هل أنت متفائل, رغم كل ما يحدث الآن في مصر؟
- جدا. أنا أعرف إمكانيات مصر, ولو أحسنا استغلالها سنكون في مصاف الدول العشر الكبري في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.