يمر العديد من الأسر المصرية كل عام بمشكلة عند نهاية كل عام دراسي، حيث تبدأ في التفكير بالتقديم لمرحلة تعليمية جديدة، أو دخول أبنائها السلم التعليمي الذي يبدأ من مرحلة رياض الأطفال، وتكون هناك مشكلات كبيرة تتراوح ما بين ارتفاع الكثافات في فصول المدارس الحكومية، وسوء أوضاع العملية التعليمية فيها، وبين التقديم في المدارس التجريبية التي أصبح دخولها أشبه بالمعجزة لكثرة الإقبال عليها، أو اللجوء إلي المدارس الخاصة والدولية، التي تضاعفت مصروفاتها منذ قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016.. وتتفاقم هذا العام مشكلات الالتحاق بالمدارس، في وقت تشير فيه إحصاءات وزارة التربية والتعليم إلي زيادة أعداد المتقدمين إلي مرحلة رياض الأطفال بنسبة سنوية تصل إلي 6٪ وهي النسبة التي لا يقابلها زيادة في أعداد المدارس، والفصول لاستيعابهم، ومن ثم فإن دخول الأطفال المدارس الحكومية العادية أصبح أمرا صعبا، ما تسبب في عدد من المشكلات التي رصدتها »آخرساعة» أثناء عمليات التقديم، وهو أمر لم يقتصر علي التعليم الحكومي فقط بل وصل إلي التعليم الخاص والدولي أيضا. الوزارة تفشل في مواجهة زيادة أعداد الطلاب و26 ألف مدرسة بدون بنايات خاصة أولياء أمور: المدارس الحكومية تقبل أعداداً كبيرة خشية تزايد مشكلات »التسرب» زيادة مراحل التنسيق تفوت علي التلاميذ دخول المستوي الأول من رياض الأطفال البداية كانت من مركز أبوحماد بمحافظة الشرقية، فمع بدء فتح تقديم الطلاب إلي المدارس الحكومية بداية الشهر الجاري واجه أولياء الأمور هناك مشكلات متعددة أولها، وبحسب ما أكد أحمد عطوة، أحد المعلمين وولي أمر أحد الطلاب هناك، فإن المدارس طلبت شهادة صحية للطلاب الجدد، وكان لزاما عليهم أن يحصلوا عليها من أحد المكاتب الملحقة بمكتب وزارة الصحة هناك، وهو مكتب يعمل يوما واحدا فقط خلال الشهر، فحدث تدافع كبير بين أولياء الأمور للحصول عليها، وفشل عدد كبير منهم في استخراجها ما سبب أزمة لهم في عملية التقديم لم يتم حلها إلي الآن. وأضاف أن المدارس الحكومية في النهاية تضطر لقبول الطلاب من داخل المناطق السكنية التي يتبعون لها حتي لا تتفاقم مشكلات التسرب من التعليم، لكن هذا يؤدي إلي أن بعض الفصول يتراوح عدد الطلاب فيها ما بين 70 و80 طالبا في الفصل الواحد وهذه الأرقام توجد تحديدا في فصول المرحلة الابتدائية، قبل أن يبدأ تسرب بعض الطلاب من المدارس، أو دخولهم إلي التعليم المهني بداية من المرحلة الإعدادية. وأشار إلي أن هذه المشكلات تتعلق بالمدارس الحكومية العادية أما بالنسبة للمدارس التجريبية ففي مركز أبوحماد الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من نصف مليون مواطن يوجد مدرسة تجريبية واحدة، وبالتالي فإن دخولها يكون بالواسطة فقط، أو انتظار الطلاب للوصول إلي أعمار سنية مرتفعة تصل في كثير من الأحيان إلي 5 سنوات و11 شهرا، أي ما يقارب 6 سنوات لدخول المستوي الأول من رياض الأطفال وبالتالي فإن دخوله الصف الأول الابتدائي يكون علي سن 8 سنوات في حين أن السن الحكومي الرسمي يكون 6 سنوات. وبحسب قوانين وزارة التربية والتعليم فإن كل محافظة تضع القوانين التي تراها مناسبة لإعداد المدارس التجريبية لقبول الطلاب، إلا أن غالبية المدارس تفتح باب السن للتقدم إلي المستوي الأول من رياض الأطفال من (4 سنوات إلي 5 سنوات 11 شهرا 29 يوما)، علي أن يكون التسجيل ببطاقة الرقم القومي لولي الأمر داخل المحافظة التي تتبع لها المدرسة، ويكون التسجيل علي الموقع الإلكتروني لمديرية التربية والتعليم. وتعد المعاناة الأكبر لدخول المدارس التجريبية داخل محافظتي القاهرة الكبري والجيزة، وتشير أرقام مديرية التربية والتعليم بالجيزة العام الماضي إلي أن هناك 70 ألف طالب تقدم للدخول إلي مرحلة رياض الأطفال فقط داخل المدارس التجريبية وهو ما أدي إلي زيادة معدلات القبول لتصل إلي خمس سنوات و11 شهرا كما كان الحال في إدارتي الدقي والعمرانية. وأكد حسام إبراهيم، أحد أولياء الأمور بمحافظة الجيزة أن هناك معوقات كبيرة تواجههم أثناء التقديم لتنسيق المدارس التجريبية، وتكمن المشكلة الأولي في زيادة مراحل التنسيق الذي يصل في بعض الأحيان إلي الفصل الدراسي الثاني لإيجاد حلول لمشكلات قبول الأطفال وبالتالي فإن الطالب تفوته الدراسة في المستوي الأول في كثير من الأحيان، كما أنه في الغالب لا يتم الالتزام بالرغبات التي يتم تسجيلها بسبب مشكلات الكثافة ويتم توزيع الطلاب حال قبولهم في مدارس بعيدة خارج نطاق مربعهم السكني. وأضاف أن عدم قبول الطلاب في أي من المدارس يضع ولي الأمر في أزمة كبيرة قرب نهاية العام الدراسي ويكون أمام خيارين إما إدخاله مدرسة حكومية عادية وهو أمر ليس بالسهل بسبب ارتفاع الكثافات وعدم قبول طلاب في الفصل الدراسي الثاني، أو إرجاء دخول الطلاب عام آخر وفي بعض الأحيان يكون الطالب قد تخطي سنه 6 سنوات وبالتالي لا يتم قبوله في مرحلة رياض الأطفال ويتم إلحاقه بإحدي المدارس الحكومية بالصف الأول الابتدائي مباشرة، وهنا يواجه الطلاب مشكلات أخري في تحصيل الدروس. وعلي الجانب الآخر فإن مديري المدارس التجريبية يواجهون مشكلات أخري تتعلق بعدم استطاعتهم زيادة الكثافات بالفصول عن 36 تلميذا في الفصل الواحد إضافة إلي النسبة المخصصة من المحافظة لتصل إلي 40 تلميذا بالفصل الواحد والأزمة في وجود تحويلات كثيرة بين المحافظات ولا يمكن بأي حال مخالفة القواعد الموضوعة وزيادة عدد التلاميذ.. بالإضافة إلي مشكلات المربع السكني التابع له التلميذ وضرورة الالتزام به ولجأت بعض المديريات إلي تقسيم المديرية إلي قطاعات بحيث يكون هناك مرونة في قبول التلاميذ دون الالتزام بالمربع لسكني إذا ما تم توافر أماكن بهذه الإدارات كما لجأت المديرية إلي فتح قاعات جديدة واستغلال الحجرات المغلقة بالمدارس لاستيعاب الإقبال المتزايد من التلاميذ. أما النوع الثالث من التعليم المصري فيتعلق بالتعليم الخاص أو الدولي والذي يواجه هذا العام مشكلات متفاقمة سواء أثرت سلبا علي أولياء الأمور الذين فوجئوا بمضاعفة أسعار المصروفات دون وجود رقابة من قبل وزارة التربية والتعليم، وكذلك فإنها أثرت سلبا علي أصحاب المدارس الذين يؤكدون مرارا وتكرارا أن نسب الربح قلت مع تعويم سعر الجنيه، وعدم استطاعتهم تعويض انخفاض قيمة الجنيه بنفس نسبة زيادة المصروفات. ومن إطلاق عبارة »الهجرة من المدارس الدولية والخاصة» كعنوان عريض للعام الدراسي الحالي بعد أن حصلت »آخر ساعة» علي العديد من الشكاوي الإنسانية لأولياء أمور اضطروا إلي تحويل أبنائهم من تلك المدارس إلي مدارس تجريبية متميزة أو عادية لعدم استطاعتهم دفع المصروفات، كما أنهم قد لا يتمكنون من إلحاق أبنائهم في تلك المدارس حال عدم قبولهم في التنسيق الإلكتروني أو حال عدم وجود كثافات تسمح باستقبالهم وبالتالي سيكون لزاما عليهم تحويلهم إلي مدارس حكومية عادية. وتشير إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلي أن عدد التلاميذ بمراحل التعليم قبل الجامعي وصل إلي 21.9 مليون تلميذ للعام الدراسي 2015 / 2016 يقوم بالتدريس لهم 1.16 مليون مدرس، فيما تؤكد بيانات وزارة التربية أن عدد التلاميذ في المرحلة الابتدائية بالمدارس الحكومية جعل هناك زيادة في نسبة الكثافة تصل في العام الواحد إلي 42.85 ٪، وتقع سوهاج علي رأس القائمة ب351 منطقة بلا مدارس، تليها محافظة قنا ب303 مناطق محرومة من المدارس، بين قري ونجوع وكفور، فيما تحتل المنيا المرتبة الثالثة ب 291 منطقة، ما يعكس مؤشرات لزيادة مخاوف الأسر المصرية من زيادة المناطق المحرومة من التعليم نتيجة كثافة الأعداد المتقدمة سنوياً للمدارس. وأكد طارق نور الدين، معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، أن السبب وراء كل هذه المشكلات يرجع إلي عدم وجود بنايات تعليمية تستطيع أن تستوعب أعداد الطلاب ففي مصر يوجد 27 ألف بناية تعليمية، بها 53 ألف مدرسة وبالتالي فإننا بحاجة إلي ضعف عدد هذه البنايات، كما أن خطط الوزارة في التوسع لإنشاء المدارس الحكومية لا تشير إلي قرب انتهاء الأزمة بل إن الأمر قد يمتد لسنوات طويلة. وأضاف أن المشكلة الأخري أن هناك حلولا واستراتيجيات موضوعة داخل وزارة التربية والتعليم لحل مشكلة الكثافات غير أن كثرة تغيير الوزراء وعدم الالتزام بالخطط الاستراتيجية الموضوعة علي المدي البعيد يزيد الأزمة تعقيدا، إذ إن خطة تطوير التعليم 2014 2030 التي وضعها الوزير الأسبق محمود أبو النصر تضع خطوات محددة للتعامل مع المشكلة من خلال التوسع رأسيا لبناء فصول جديدة داخل المدارس الموجودة حاليا، وكذلك استغلال الأماكن الفارغة داخل المدرسة لبناء الفصول، وكذلك التوجه نحو الصحراء لبناء مدارس حكومية جديدة. فيما اعترف الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم بالبرلمان، بوجود أزمة هذا العام في قبول الطلاب بالمدارس، مشيرا إلي أن لجنة التعليم تلقت عددا هائلا من الشكاوي هذا العام بعد استطاعتهم إدخال أبنائهم المدارس التي يرغبون فيها، ومن ثم فإنه سيكون هناك اجتماعات عاجلة مع قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم عقب انتهاء امتحانات الثانوية العامة وانتهاء إجارة العيد للتعامل مع الموقف.