عقب إجماع القضاة علي رفض تعديل مشروع قانون السلطة القضائية باقتراح تعيين رؤساء الهيئات القضائية باختيار رئيس الجمهورية لواحد من بين ثلاثة قضاة وإلغاء مبدأ الأقدمية المعمول به منذ نشأة القضاء المصري، قرر مجلس النواب إرجاء مناقشة القانون إلي أجل غير مسمي لإجراء تعديلات عليه وإعادة صياغة القانون خلال الأيام القادمة، الأمر الذي خلق حالة من الترقب التي تحتمل إمكانية الرجوع عن تعديل المادة الخلافية أو الإصرار علي الإبقاء عليها دون تغيير أو الإبقاء عليها مع إدخال تعديلات بسيطة عليه، وهذا ما يوضحه رجال القضاء خلال التحقيق. مساعد وزير العدل: مجلس النواب لن يتجاهل جموع القضاة عضو ب"الأعلي للقضاء": تأجيل مُناقشة القانون خطوة للاستجابة لرأي القضاة يتوقف مقترح تعديل مشروع قانون السلطة القضائية عند نقطة محايدة فلم يؤخذ حتي الآن قرار حاسم حول التعامل مع رفض القضاة لقانون مجلس النواب، الذي جاء حسبما رأي القضاة أنه يخالف الأعراف القضائية المستقرة عند تعيين رؤساء الهيئات القضائية الأربعة في ثلاث نقاط أولها تعديل مبدأ الاختيار بالترشح، ثانيا تعديل عدد القضاة بثلاثة قضاة بدلا من قاضٍ واحد، ثالثا جري العرف القضائي علي أن تختار الجمعية العمومية للهيئة القضائية من بين أقدم نواب رئيس الهيئة فيما لا يشترط التعديل مبدأ الأقدمية المطلقة. وفي ظل إصرار كل من الطرفين علي الموقف الدستوري والقانوني فنجد علي الجانب الآخر النائب أحمد حلمي الشريف مقدم المشروع في تعديلاته أنه متمسك بمشروع القانون لأنه يضع آليات لاختيار الرؤساء عن طريق القانون وليس عن طريق العرف، فلابد أن يتم اختيار مناصب رفيعة بالدولة بشكل ينظمها القانون ولا يكتفي بالعرف وهذا يعد استحقاقا دستوريا من الأساس ولا يمس استقلال القضاء ورأي القضاة غير ملزم لكن الدستور يلزمني بأخذ رأيهم وتأجيل مناقشته ليس معناه إلغاءه أو التراجع عن مقترحات القانون ولكن لإجراء تعديلات بسيطة لإعادة صياغته. المستشار عادل الشوربجي النائب الأول لرئيس محكمة النقض، عضو مجلس القضاء الأعلي، يري أن المجلس رفض بإجماع آراء أعضائه السبعة، مشروع القانون المطروح من أحد أعضاء مجلس النواب الذي يتم بموجبه تعديل آلية اختيار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلي، ورؤساء الهيئات والجهات القضائية بدلا من قاعدة الأقدمية المطلقة المقررة في قانون السلطة القضائية وبناء عليه أنا أري أن تعامل مجلس النواب مع الخطابات المرسلة من الهيئات القضائية باتخاذه قرار تأجيل مناقشة مشروع القانون هو استجابة لآراء القضاة، ثانيا لإعادة صياغة القانون بما يتوافق مع آراء وطلبات القضاة مشددا علي أنه تم تغيير الأصل في تعيين رؤساء الهيئات القضائية ونحن نرتقب التغييرات التي أعلن عنها وبصدد إدخالها علي مشروع القانون بعد رفضه سواء كانت ستشمل تغيير المادة الخلافية 44 من القانون من عدمه لكننا لا نستبق الأحداث والقضاة قالوا رأيهم مشددا علي أن القضاة لن يلجأوا إلي التصعيد في حالة الإبقاء علي مقترح تعديل القانون كما لم نطالب بإلغاء مشروع القانون لكننا اكتفينا بإبداء آرائنا فيما عرض علينا. المستشار محمد عيد سالم نائب رئيس محكمة النقض مساعد أول وزير العدل، يقول إن قرار مجلس النواب بتأجيل مناقشة مشروع القانون ليس للتهدئة ولكن لنزع فتيل الخلاف وتغيير الاتجاه نظرا لظهور عائق أو مشكلة أثناء مناقشته وبالتالي عندما توجد مناقشة جدية سنتدخل وكل طرف يدلي برأيه في القانون ولا أعتقد أن مجلس النواب يمكن أن يستطيع تجاهل جموع القضاة ويقدر الموقف علي ضوء الظروف التي أمامه دون أن نضخم الأمور، من ناحية أخري مقدم المشروع لم يقدمه عبثا بل له وجهة نظر وتبرير في الاقتراح التي قد تكون صائبة أو العكس لكن عندما وجد خلافا قرر أن يرجئه لأمور قد تكون بعد ذلك أفضل أو أسوأ لأن تغيير الآراء يتم علي ضوء المعطيات الموجودة. المستشار عبد الستار إمام رئيس نادي المنوفية ورئيس المجلس الاستشاري لرؤساء أندية الأقاليم، قال إنه لا يثق في تقدير مجلس النواب لتحقيق المصلحة العامة وأن إرجاء مشروع القانون من أجل إعادة النظر فيه مرة أخري لأنه لا يحقق المبادئ الدستورية الخاصة باستقلال القضاء وكل جهة تقوم علي شئونها، أيضا رأي الجهات القضائية وإن كان رأيا استشاريا إلا أنه رأي لابد أن يكون محل تقدير وليس إجراء شكليا فقط واستجابة لرأي القضاة تحقيقا للمصلحة العامة وأن مجلس النواب يبتغي المصلحة العليا للوطن وأتمني إعادة النظر في المادة الخلافية كما وعد مقدم المشروع علي ضوء نظر رأي الجهات القضائية حرصا علي بناء دولة القانون واستقلال القضاء. وشدد علي أنه إذا لم تشمل التعديلات القادمة مادة الأقدمية فلن أقول هناك تحرك من القضاة ولكنا لدينا ثقة في كافة سلطات الدولة وتعمل للمصلحة العامة وستعلي المصالح العامة ، كما ستتمسك كل هذه الجهات بالثوابت الدستورية في دستور 2014. المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، قال إنه بناء علي ما قرره الدستور من استقلال السلطة القضائية وقوانين الهيئات القضائية بالنسبة لتنظيم عملية التعيينات وغيره فإن السلطة القضائية بفروعها المختلفة تتمتع بالاستقلال التام عن السلطة التشريعية والتنفيذية أيضا، وبالتالي فإن الاقتراح المقدم يعتبر تدخلا في استقلال السلطة القضائية ومخالفا لأحكام الدستور، كما أن العرف القضائي حدد معايير التعيينات وفقا للأقدمية والكفاءة والجدارة لذا فهو شأن من صميم شئون السلطة القضائية وليس التشريعية.