في كل الأزمات والقلاقل التي تواجه مصر.. فتش عن جهاز المخابرات الإسرائيلي »الموساد« والقصة ليست جديدة بل قديمة بدأت منذ أوائل القرن الماضي واستمرت مع قيام ثورة يوليو 25 بفضيحة التجسس الأشهر في بدايات الخمسينات والمعروفة باسم فضيحة لاڤون واستمرت بكثافة في فترة الستينات وقبل حرب 7691 وانتهاء بحرب أكتوبر.. وفي كل قضايا التجسس الإسرائيلية ضد مصر استخدم الموساد كل الوسائل لهز الجبهة الداخلية.. وشق الصفوف وإشاعة الفوضي واستخدام مزدوجي الجنسية من الرجال والنساء دون مراعاة لخصوصية الأمن القومي لمصر أو حتي.. اتفاقية السلام! والحكاية لم تبدأ بإيلان جرابيل.. جاسوس الموساد الذي تم ضبطه مؤخرا ولكنها قديمة جدا.. وكانت مع قضايا وأشخاص بعينهم مثلوا بدايات جواسيس الموساد الذين تم زرعهم داخل مصر.. ومن هؤلاء الأشخاص »إيلي كوهين« الذي ولد في الإسكندرية عام 4291 وكان قد هاجر إليها مع أجداده اليهود في نفس العام.. وعندما بلغ العشرين من عمره انضم لمنظمة الشباب اليهودي الصهيوني ومع قيام حرب 8491 أخذ يدعو مع غيره من اليهود المصريين للهجرة للدولة العبرية الجديدة وبالفعل هاجر 3 من إخوته ووالديه العام التالي لإسرائيل بينما بقي هو في الإسكندرية ليعمل تحت إمرة إبراهام دار أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين في مصر والذي اتخذ اسما حركيا شهيرا وهو »جون دارلينج« وشكل مع العملاء اليهود شبكة للتجسس والقيام بأعمال تخريبية بالقاهرةوالإسكندرية لإفساد علاقة مصر بأمريكا.. وفي العام 4591 تم إلقاء القبض عليه وعلي شبكته منهم كوهين الذي اقنع المحققين ببراءته بالفعل، خرج من مصر عام 5591 ليلتحق بالموساد داخل إسرائيل قبل أن يعود مرة أخري لمصر والتي رصدت أجهزة مخابراتها تحركاته حتي تم إلقاء القبض عليه أثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام 6591 قبل أن يفرج عنه في العام التالي.. ليواصل نشاطه في سوريا وبلدان أخري.. حتي تم القبض عليه في سوريا عام 5691 ليتم إعدامه في ساحة المرجة وسط دمشق. وهناك »باروخ مزراحي« وكان ضابطا في الموساد تم إلقاء القبض عليه في السيتينات بعد عمليات متعددة في عدة بلدان عربية في الخمسينات من القرن الماضي.. وكان القبض عليه في اليمن بعد رصد تحركاته التجسسية في مضيق باب المندب.. ومن هناك تسلمته المخابرات المصرية ليتم تهريبه لمصر رغم تعقب الإسرائيليين له ومحاولتهم المستميتة لاستعادته.. وفي مصر تم اعتقاله وسجنه حتي تم الإفراج عنه بعد حرب أكتوبر ضمن صفقة لتبادل الأسري بين مصر واسرائيل.. وأغلب الأسماء حول هذا التاريخ في خمسينات وستينات القرن الماضي.. ارتبطت بصورة أو بأخري »بفضيحة لاڤون« وهي عملية سرية استخباراتية إسرائيلية كانت تعرف أيضا بعملية »سوزانا« وكان مسرحها داخل مصر عن طريق عدة انفجارات في الإسكندريةوالقاهرة ضد أهداف ومصالح أمريكية وبريطانية في صيف عام 4591 ولكن السلطات المصرية وضعت يدها علي أفرادها والمخططين لها.. وكان الاسم لاڤون نسبة ل »نجاس لاڤون« وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت والذي أشرف بنفسه علي العملية.. والعملية من أشهر العمليات التي قام بها جهاز المخابرات الإسرائيلي »الموساد« وكان اكتشافها المبكر إنذارا لخطط إسرائيل لزعزعة الأمن في مصر والمنطقة العربية كلها.. وبعد القبض علي أفرادها تم الحكم عليهم في نفس العام بعقوبات تراوحت مابين: الإعدام لشخصين هما: موسي ليتو وصمويل باخور والأشغال الشاقة المؤبدة لڤيكتور ليڤي وفيليب هرمان والأشغال الشاقة 51 عاما لڤيكتورين نينو وروبير نسيم والأشغال الشاقة 7 سنوات لمائير يوسف وماير صمويل. وفي بدايات الستينات من القرن الماضي.. ظهر »جاسوس الشمبانيا« كما أطلق علي تجربته بعد ذلك في كتاب شهير.. أما اسمه الحقيقي فهو »ڤولڤجانج لونز« ولد عام 1291 في ألمانيا وهو ابن لأم يهودية وبعد استيلاء النازيين علي حكم ألمانيا هربت والدته لفلسطين عام 3391 وهناك أصبح عضوا في منظمة الهجانا الشهيرة ثم انضم لجيش إسرائيل بعد قيام الدولة قبل أن يتم تعيينه ضابطا في الموساد.. أما حكايته مع مصر فبدأت عام 9391 وكانت مع القوات البريطانية المحتلة لمصر حيث كان يجيد اللغات: العربية والعبرية والإنجليزية والألمانية واستعانوا به في التحقيق مع أسري الألمان خلال الحرب العالمية الثانية. أما حكايته مع الموساد داخل مصر.. فبدأت عام 7591 وبعد العدوان الثلاثي علي مصر حيث كان يجمع المعلومات حول علاقة السوفيت بمصر. وفي عام 4691 أصدر عبدالناصر قراره بالقبض علي 03 عالما ألمانيا غربيا كانوا يقيمون بمصر ومنهم: لونز وعائلته وأثبتت التحقيقات قيامه بالتجسس لصالح الموساد وبالفعل تمت إدانته والحكم بسجنه مدي الحياة وب 3 سنوات لزوجته.. إلا أنه تم الإفراج عنهما بعد ذلك ب 3 سنوات وبمبادلتهما ب 005 ضابط مصري من الأسري خلال حرب 7691.. وبعد الإفراج عنه ذهب لونز لإسرائيل وهناك ألف كتابه الشهير جاسوس الشمبانيا والذي اعترف فيه بعمله لصالح الموساد الإسرائيلي إلي أن توفي في مدينة ميونيخ عام 3991 وتم نقله لإسرائيل ليدفن هناك. وهناك.. من الأسماء التي لاتنسي : هبة سليم أشهر جاسوسات الموساد في مصر والتي جسدت السينما قصتها في الفيلم الشهير »الصعود للهاوية«.. والتي تم اكتشاف أمرها والحكم عليها بالإعدام شنقا والطريف أن هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق حاول خلال لقائه مع الرئيس الراحل أنور السادات بعد حرب أكتوبر.. أن يجعله يخفف الحكم علي الجاسوسة وبتوجيه من رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة جولدا مائير وقتها.. ولكن السادات أكد له أنها قد أعدمت شنقا في أحد سجون القاهرة.. وبكت جولدا مائير علي موتها ووصفتها بأنها قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم لها زعماؤها.. أما خطيبها والذي تم إلقاء القبض عليه أيضا بتهمة التجسس للموساد فقد تم إعدامه رميا بالرصاص.. أما ديڤيد كيمحي.. فهو شخصية ذات طبيعة خاصة جدا في إسرائيل فهناك يصفونه بأنه رجل الحرب والسلام والمخابرات أيضا.. وولد عام 8291 وتوفي العام الماضي فقط.. وهو يهودي بريطاني من أصل سويسري وقد ارتبط اسمه بفضيحة لاڤون في مصر حيث طلب من بعض عملاء الموساد أن يقوموا بها ولكن تم اكتشافهم.. والغريب أنه كان المسئول عن العملية بأكملها ولكن تم إلقاء المسئولية وقتها علي وزير الدفاع بنحاس لاڤون.. وخرج كيمحي من القضية ليقود فريقا للتحقيق حول فشلها ويخلص للقول بان كل شيء مباح من أجل حماية أمن إسرائيل! وبأن أحد العملاء للموساد وكان وراء كشف عملية لاڤون وأنه أرشد عن أفرادها قبل أن يقوموا بعمليات التفجير في القاهرةوالإسكندرية وبسبب ذلك تمت محاكمة هذا العميل في إسرائيل بعد أن أطلقت السلطات المصرية سراحه. أما أشهر الجواسيس مؤخرا.. فكانوا: عزام عزام ومجموعته المصرية وهو درزي إسرائيلي تمت إدانته للتجسس داخل مصر لصالح الموساد وتجنيد عملاء له.. وبالفعل قضي 8 سنوات في السجن قبل إطلاق سراحه عام 4002 وكان يعمل تحت غطاء صناعة النسيج وتم اعتقاله عام 6991 وكان الحكم قد صدر عليه بالسجن 51 عاما وعلي شريكه المصري عماد عبدالحليم ب 52 عاما وبعد مفاوضات علي مستويات عليا وبتدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها أرييل شارون تمت مبادلته ب 6 طلاب مصريين تم اعتقالهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة والغريب أنه تم استقباله كبطل قومي بعد عودته لإسرائيل أما هو فأعاد فضل الإفراج عنه لشارون وقال له: إن لم أخرج في عهدك فما كنت سأخرج أبدا؟ وجاء عام1002 ليشهد ظهور الجاسوس شريف الفيلالي الذي أدين بالتجسس لصالح الموساد وبالسجن 51 عاما وكانت محكمة مصرية قد حكمت ببراءته في نفس العام ولكن الرئيس السابق بصفته الحاكم العسكري رفض التصديق علي الحكم وأعيدت المحاكمة ليحكم عليه بالحكم السابق عام 2002 وتوفي بعدها الفيلالي داخل سجنه منذ 4 سنوات وكان التشخيص للوفاة: هبوط حاد في الدورة التنفسية والدموية وتوقف لعضلة القلب.. ولا شبهة جنائية لوفاته.