ارتبطت ثورة يناير بمسمي الائتلاف، وهي كلمة تعني اتحاد مجموعة من الناس تحت مظلة واحدة لتحقيق هدف معين ، وما إن بدأت الجماهير في النزول إلي ميدان التحرير بدأ تشكيل الائتلافات والكيانات لتتفق علي آلية واضحة في مواجهة النظام السابق، وتشكل ائتلاف شباب الثورة وتكون من 14 شخصية من حركات وأحزاب سياسية كانت قد دعت لمظاهرات يوم 25 يناير، وما إن نجحت الثورة يوم11 فبراير بدأت تتكون الائتلافات والحركات تباعا وبدأت في تزايد مستمر حتي وصل عددها إلي أكثر من 200 ائتلاف مع دعوة المجلس العسكري لشباب الثورة للحوار. وعلي الرغم من وحدة المصريين أثناء الثورة إلا أن مايحدث الآن علي الساحة لايدل علي ذلك، فشباب الثورة الذين اتحدوا في الميدان تفرقوا وشكلوا العديد من الائتلافات لاتختلف كثيرا في مضمونها، وظهرت جماعات جديدة علي الساحة قامت أيضا بتكوين ائتلافات للتعبير عنها مثل شباب السلفية فقاموا بتشكيل 17 ائتلافا عشية لقاء المجلس العسكري وكان هدفهم بالأساس تأييد المجلس العسكري ،أبرزها "ائتلاف شباب مصر الإسلامي" و"شباب حزب النور" و"شباب حزب الفضيلة" و"ائتلاف شباب الدعوة السلفية بالأقاليم" و"رابطة الشباب السلفي لثورة مصر" و"أئتلاف الشباب السلفي بجامعة القاهرة" و"ائتلاف الشباب السلفي بجامعة عين شمس" و"ائتلاف شباب الدعوة السلفية بالشرقية" و"اتحاد شباب السلف المحب لمصر" ، والجماعات الإسلامية أصبح لديها 8 ائتلافات أبرزها "ائتلاف شباب الجماعة الإسلامية" و5 ائتلافات للأقباط أبرزها"أئتلاف أقباط مصر"، ومثلهم لليساريين وشكلت جماعة الإخوان المسلمين 10 ائتلافات بعيدا عن شباب الإخوان، وأصبح هناك ائتلافات شبابية داخل المحافظات بل وداخل المراكز والقري والأحياء . ولم يخل الأمر من تشكيل بعض شباب الحزب الوطني المنحل ائتلافات دون أن يعلنوا عن هويتهم الحقيقية، ومنها " ائتلاف شباب الثورة الحر" و"ائتلاف شباب من أجل الثورة " و"ائتلاف مستقبلنا" و"ائتلاف ثورة 25 يناير " وكان لهذه الائتلافات دور في تخريب العديد من اللقاءات والمؤتمرات، والتي كانت بهدف التشاور علي طبيعية المرحلة الانتقالية وكيفية الخروج منها وهو ماحدث في مؤتمري الحوارالوطني والوفاق القومي . وكان هناك 6 كيانات رئيسية داعية للتظاهرات يوم 25 يناير وهي حركة كفاية و6 أبريل والجمعية الوطنية للتغيير وحملة دعم البرادعي وحزب الجبهة والحزب الشيوعي المصري، بحسب ماقاله محمد محمود فوزي- القيادي بحزب الجبهة وأحد شباب الثورة-، وكان اجتماع تلك الحركات عشية 25 يناير بمنزل إبراهيم نوار الأمين العام لحزب الجبهة للتنسيق فيمابينها علي كيفية التحرك. وتشكل ائتلاف شباب الثورة من قيادات تلك الكيانات، وبدأت تنتشر فكرة تشكيل الائتلافات عندما دعا النظام السابق إلي التفاوض بعد يوم 4 فبراير، وفي ذلك الوقت تم الإعلان عن عدة كيانات مختلفة منها من شارك في عمليه الحوار ومنها لم يشارك مثل" اتحاد شباب الثورة"، وبعد أن نجحت الثورة في خلع مبارك يوم 11 فبراير بدأت بعض التجمعات الشبابية تتكسب من مسمي ثورة 25 يناير وحاولوا أن يتحولوا من تأييدهم للنظام السابق إلي تأييد الثورة بإعلان أنفسهم ائتلافات أو اتحادات شبابية ثورية، مثل "ائتلاف مستقبلنا" والذي يضم عدداً من شباب الحزب الوطني. وظهر نوعان من الائتلافات في فترة مابعد الاستفتاء كان أولها كيانات تحاول القيام بدور تنسيقي مع أجهزة الدولة وأغلبها يضم في نخبته مجموعة مكتب شباب المستقبل التابع للمجلس القومي للشباب والمعروف بولائه للنظام السابق وكان ظاهرا بشدة في المحافظات، أما النوع الثاني فتمثل في ظهور مجموعات شبابية تمارس دورا يشبه جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية لتحاول أن تعزز ما اعتبرته انتصار التيار الإسلامي في الاستفتاء ومثال علي ذلك "ائتلاف المسلمين الجدد" ، وهو ماأثار العديد من المشاكل والفتن بين المسلمين والأقباط، كما أن هذه الجماعات حاولت أن تمرر بعض الأفكار والقيم والتي تعتقد أنها جزء من الشريعة الإسلامية بالقوة علي أفراد المجتمع وخاصة في الريف ومثال علي ذلك ماحدث من محاولة لانتهاك إحدي الاحتفالات الصوفية في القليوبية وماحدث من تحرشات في صعيد مصر .. وكان لقاء المجلس العسكري نقطة فارقة في تأسيس الائتلافات، فزحف العديد من الكيانات الوهمية وأخطأ المجلس العسكري عندما لم يحدد القوي الفاعلة علي الأرض حتي تكون هناك جدوي وفاعلية للحوار ولهذا السبب رفض العديد من القوي السياسية الثورية الدعوة. وكان الجانب الفني حاضرا في بدايات الثورة إلا انهم انقسموا بين مؤيد ومعارض ومتحول فالفنانة تيسير فهمي- وهي من أوائل المشاركين في الثورة- ليست ضد وجود ائتلافات شبابية للتعبير عن الثورة، فمشاركة الملايين من المصريين في الثورة لايمكن اختزاله في ائتلاف واحد فجميع أعضائها مصريون، كما أن هناك من كان ضد الثورة في بداية الأمر ولكن بعد خلع الرئيس السابق وظهور كمية الفساد الهائلة أدركوا أنها كانت علي حق، وهؤلاء لايمكن اعتبارهم متحولين فهم يريدون مصلحة البلد . وأخطر مايواجه الائتلافات الشبابية خلال الفترة الحالية اختراق فلول الحزب الوطني لها، وينادي الكثيرون بضرورة إصدار قانون يمنع هؤلاء الأشخاص من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات علي الأقل، وتكون هناك قائمة بأسمائهم حتي يعرفهم الجميع وهو دور ائتلافات الثورة في توعية المواطنين بضرورة عدم التعامل مع هؤلاء الأشخاص. فتكاتف الجميع وعمل قاعدة وجبهة قوية مطلوب في هذه الفترة في مواجهة التطرف من جانب السلفيين وبعض قيادات الإخوان، ولابد أن يكون هناك حوار بناء بين شباب الثورة وهؤلاء الأشخاص، بدلا من لغة التخوين وإقصاء الآخر .