"هي ناقصة ... دي بقت فوضي" ... شعار يردده الشعب بعد الثورة ردا علي هوجة الأغنيات الشعبية التي ظهرت بشكل عشوائي ... فالعديد من الأغنيات ظهرت فجأة بدون أي مقدمات وكأن المطربين سارعوا للوقوف بجوار الشعب بعضهم لكي ينالوا صفة "مطرب الثورة«.. هناك أغنيات لاقت إقبالا من الجمهور مثل أغنية "ازاي" لمحمد منير و"يابلادي" لرامي جمال في حين انهالت التعليقات الساخرة علي أغنية "شهداء 25يناير" للمطرب حمادة هلال والتي فتحت الباب علي مصراعيه أمام الآراء التي اختلفت واتفقت مع اغاني الثورة فهناك من دافع عنها والرأي المناقض وصفها "بالأغاني المهلهلة" ... في البداية المؤلف »هاني عبدالكريم« قال: لا أري نفسي من الحكماء حتي أحكم علي أغنيات الثورة والمطربين الذين قدموا أفضل ما لديهم.. ويجب علينا جميعاً أن نوجه الشكر لكل من كان حريصاً علي طرح أغان يتفاعل بها مع أحداث الثورة التي نجحت في إسقاط النظام.. وليس معني ذلك أن نترك الساحة مشاعاً.. الكل يفعل ما يحلو له ونقول أغنية وطنية.. وتوقع »عبدالكريم« أن تطيح الثورة بالغناء الهابط وتختفي الأغاني التافهة والزائفة.. وأضاف: كل الثورات التي شهدتها مصر وحتي الحركات الاحتجاجية كان لها مطرب معبر عن آرائها وداعم لأهدافها وممجد لكل انتصاراتها ورموزها ولذلك لابد أن يتواجد صوت لهذه الثورة ليس فقط ليعبر عنها، ولكن ليؤرخ لها وهذا الصوت يجب أن يتمتع بالمصداقية وأن يقنع الجميع برسالته الفنية بعد أن سقطت كل الأسماء التي كانوا يطلقون علي أنفسهم: مطربي الشباب. المؤلف »عنتر هلال« كان أكثر سخونة وغضباً، وقال: أنا من أول الثائرين علي هذه الأغنيات ويجب أن نوقف مطربي »الزفة« عن الغناء لأن أغنياتهم »مسلوقة« ثم طهيها تحت الطلب بطريقة »الدليفري« بدون طعم أو رائحة.. وبعد هذا الكم من أغنيات الثورة لا نجد أغنية واحدة عليها القيمة تصلح للسماع ولكن معظمها عمرها قصير وستختفي مع انتهاء الثورة.. ويجب خروج جيل جديد من المطربين تستظرف الشعب المصري.. أوجه رسالة إلي المطربين المحترفين الذين تعاملوا مع فكر الثورة بأسلوب الأغنية العاطفية الرخوة بلا روح أو عصب وبنفس طريقة الألحان العاطفية البليدة الباردة وجعلوا الثورة مناحة ولطماً وأخص بالذكر حمادة هلال متعهد الدموع في الأغنية المصرية الذي نكد علي المصريين وحول ابتسامات الشعب بفرحة الثورة إلي حزن وكآبة وكان علينا أن نفرح بشهدائنا ولا نبكي عليهم. الشاعر والمطرب مصطفي كامل من أكثر المتحمسين للرأي القائل بأن القادم أفضل وخريطة النجوم سيعاد تشكيلها من جديد وترفع أسماء وتهبط أخري وسوف تختفي الأصوات الرديئة وينتهي عصر أغاني الميكروباص والتوك توك والظاهرة الغريبة التي يجب أن تختفي فوراً وهي المطرب الرقاص الذي يجلب معه أربعين »حاوي« يصرخون علي الصالة في وصلات تشبه فقرات الأراجوزات والمشي علي عصيان خشب وعيال بتتشقلب وناس بتعدي من النار.. وأضاف: الغناء في الآونة الأخيرة أصبح مهنة رخيصة أي شخص يستطيع أن يمتهنه وانهياره كان بسبب الدخلاء وأصوات السبوبة والنجوم الحقيقيون تركوا الساحة وجلسوا علي المقاهي.. الكل مصدق أن الشعب »عبيط« أي شخص يسمي نفسه مطرباً ولم يدر هؤلاء أن الناس لديها وعي ونضج وفاهمة. في حين قال الموسيقار »هاني شنودة«: إن أغنيات الثورة انقسمت إلي نوعين.. غناء محترفين أو غناء هواة وهؤلاء نضعهم في قائمة مطربي التعبير الذين حاولوا أن يعبروا عن أنفسهم.. ومن المنطقي أن نجد معظم الكلمات غير موزونة والألحان ساذجة وفلكلورية أو مسموعة من قبل.. وأضاف: لا أوافق أن نطلق كلمة »هابطة« علي أغاني الثورة ولا أري أي مانع في اتجاه المطربين الشباب إلي الغناء للوطن لأن كل إنسان يفكر ويغني علي طريقته؟ كما أن المجتمع يتقبل الأغنيات الوطنية بشرط أن تتوافر مواصفاتها ويشعر بها الشعب بجميع فئاته.. وتابع شنودة: حتي الآن لم نر علي الساحة الغنائية سوي الأغاني الوطنية وهي أغان بها حالة من الانفعال وتعتمد في كلماتها وموضوعاتها علي طريقة التفكير التي سبقت الثورة، كما أنها أغنيات معظمها مستحضر من أغان قديمة في عصور سابقة مثل يا أغلي اسم في الوجود ومصر هي أمي ومصر التي في خاطري. الموسيقار هاني مهني له رؤية مختلفة بعض الشيء يشرحها قائلاً: علي مدار تاريخ الثورات المصرية وهي تصنع تغييراً كبيراً علي المستوي الفني بشكل عام والغنائي بصفة خاصة، فمثلاً غيرت ثورة 1919شكل الغناء وأفرزت سيد درويش أما ثورة يوليو 1952 فحققت طفرة كبيرة في عالم الغناء وأنجبت عبدالحليم حافظ، ولكن ثورة 25 يناير شكل تاني ومختلفة عما سبقها لأن تلك الثورة شعبية.. ففي الثورات السابقة كان من السهل جداً أن ترضي القائد وتوجه غناء: ليدور في فلكه أما ثورة يناير فهي بدون قائد.. ووصف مهنا الحدث بالمسرحية التي تتكون من ثلاثة فصول الأول انتهي بنهاية النظام والثاني هو الإصلاحات والثالث الشكل الجديد الذي سيسير عليه ولم يظهر ملامحه بعد.. ومعظم الأغنيات كانت تعبر عن المشهد الأول فقط لذلك وجدناها غير معبرة ولم تكن شاملة للحدث ككل.. بمعني أن بعض الأغاني كان بها انفعال معين لمخاطبة الجمهور المؤيد للثورة بجانب أغنيات كانت موجودة من قبل وتم طرحها لأنها تعبر عن مرحلة الثورة ووجدنا عدة أغنيات تستحضر الأغاني الوطنية القديمة التي نشبهها بالوجبة الغذائية التي تم تحضيرها في مطبخ فني مناخه جيد.. وأضاف: معظم الأغنيات الوطنية المعاصرة باهتة ولا تعلق بالذاكرة وأغاني الثورة متسرعة ولم ترتق الكلمة واللحن إلي مستوي الحدث.