رحل عن دنيانا في صمت منذ فترة قليلة العالم والأديب والناقد والمؤرخ الكبير الدكتور مصطفي الشكعة الذي قدم للمكتبة الإسلامية العديد من المؤلفات الهامة من أبرزها كتابه (إسلام بلا مذاهب) وكتابه عن سيف الدولة الحمداني، وكتابه (مصطفي صادق الرافعي) وغير ذلك من الكتب التي تعتبر علامة طريق في حياتنا الفكرية والثقافية. فهو يحدثنا في كتابه (إسلام بلا مذاهب) عن الإسلام وأمله أن يعود كما كان علي عهد الرسول الكريم، بجمع شمل كل المسلمين ، لأن الفرق الإسلامية عند نشأتها كانت أحزابا سياسية، وليست فرقا دينية، والاختلاف بينها لم يكن اختلافا في صلب العقيدة الإسلامية، وإنما كان خلافا في الرأي حول طريقة الحكم واختيار الحاكم ثم انقسمت كل فرقة إلي عدة فرق، ففي الشيعة بدأنا نسمع عن الزيدية والإسماعيلية والاثناعشرية والكيسانية والمختارية والكربية، والهاشمية والمنصورية والخطابية وغيرها، وفيهم الغلاة والرافضة والخارجون علي التوحيد، أولئك الذين ألهوا علي بن أبي طالب، كما أن فيهم أصحاب العقيدة السليمة والفكرة الصائبة، ويحدثنا الدكتور الشكعة في هذا الكتاب الهام عن انقسام الخوارج إلي فرق، كما نشأت فرق أخري في الإسلام كالأشاعرة والمعتزلة ، ويري أن أهل السنة أقربهم إلي الحيدة، وإلي فهم عقيدة الإسلام في غير ما عصبية أو تعسف ، ثم يشرح في كتابه هذا طبيعة هذه المذاهب ، ونشأتها ومحور عقيدة كل فرقة منها، والكتاب محاولة من المؤلف كما يقول الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت للم الشعث، وتأليف القلوب، وتوحيد الصف الإسلامي، وفي كتابه عن سيف الدولة الحمداني: مملكة السيف ودولة الأقلام يرجع بنا المؤلف إلي القرن الرابع الهجري، حيث بزغ نجم وبطولة أمير عربي هو سيف الدولة الحمداني الذي لعب دورا تاريخيا جيدا في حياة أمته الإسلامية. وفي كتابه »مصفي صادق الرافعي.. كاتبا عربيا ومفكرا إسلاميا« يحدثنا عن الدور العظيم الذي قام به هذا المفكر العظيم في حياتنا الثقافية والفكرية ويري أن أدبه هو أدب القوة والبناء، وهو أدب الصدق والسمو.. ويأخذنا في دراسته تلك فيلقي الضوء علي كتاباته الرائعة، ومعاركه الأدبية، وكتاباته الإسلامية، وتأثيره في أدباء عصره. و.. ما أكثر ما أسداه الدكتور مصطفي الشكعة للفكر الإسلامي والأدب العربي من مآثر ستذكر له علي الدوام، رحمه الله.